مواضيع اليوم

الإسلام في المشهد الديني السويسري

ممدوح الشيخ

2009-11-11 15:16:56

0


القبة... المعبد... المئذنة: الوجه الجديد لسويسرا

من قاعة البرلمان إلى قاعات البحث:
دراسة تتناول الإسلام في المشهد الديني السويسري

بقلم/ ممدوح الشيخ

فيما النقاش دائر حول بناء المآذن وعلى إيقاع تصاعد غير مسبوق في وتيرة الجدل حول الإسلام في المجتمع السويسري انتقل الاهتمام من الشاشة الفضية، حيث الصورة النمطية المشوهة للإسلام، وخرج من البرلمان حيث صيحات اليمين الديني تتوعد المسلمين، إلى قاعات البحث العلمي ليكون موضوع دراسة جادة ومهمة تحاول معرفة السبب في قدرة دين دون آخر على أن يحقق اندماجا أكثر.
الدراسة أجراها باحثون بجامعة لوتسرن مع التركيز على قضية بناء المعابد كمؤشر على تفاوت درجة القبول. وبالتالي انصب اهتمام الباحثين على تشييد المباني الدينية الجديدة، وتحليل رموزها في المجال العام، والتوترات التي يمكن أن تنشأ بسببها. وشكلت النتائج التي توصلوا إليها أساسا لتنظيم معرض متجول خاص بعنوان: "القبة، المعبد، المئذنة: الوجه الجديد لسويسرا".
معرض يوثق ظهور 18 من المباني الدينية الجديدة في سويسرا منذ عام 1945: السيخ الفخـم
"غوردفارا" بنمطه المعماري التقليدي لونه الأبيض وزخارفه وقمته الذهبية. وافتتح في سبتمبر 2006 دون معارضة بل كان موضع ترحيب اليمين المتشدد.

وعلى بعد كيلومترين فقط، يقع مركز لانغنتال الإسلامي ذي المظهر المتحفظ جدا: مبنى
رمادي متواضع بدون أية زينة خارجية. ومع ذلك، فإن مكان صلاة المسلمين في كل من
لانغنتال وفانغن (بالقرب من أولتن بكانتون لوتسرن) كان في صميم الجدل على الصعيدين
المحلي والوطني إثر الكشف عن مخططات لبناء مئذنتين صغيرتيـن.

وسيصوت المواطنون السويسريون يوم 29 نوفمبر 2009 على اقتراح تقدمت به أوساط من
التيار اليميني الوطني المحافظ بهدف حظر بناء المآذن في البلاد. وقد قوبل نص هذه
المبادرة الشعبية برفض مُبكر واستثنائي من قبل الحكومة الفدرالية، وبمعارضة معظم
الأحزاب السياسية والمجموعات الدينية في سويسرا. غير أن المبادرة ستُعرض مع ذلك على
الناخبين بعد أن نجحت في تجميع أكثر من التوقيعات المائة ألف اللازمة.

أندرياس تونغر - زانيتي، من مركز بحوث الأديان في جامعة لوتسرن ومنسق المعرض
المتنقل، يقول: "نحن نشهد هذا في نفس المدينة حيث لا تحظى ديانتان بنفس المعاملة".

وينوه هذا الباحث إلى أن دراية الجمهور محدودة جدا بواقع طائفة السيخ الصغيرة في
سويسرا، في حين أن وسائل الإعلام مليئة بقصص الإرهاب الإسلامي التي تجهل المسلمين
هدفا سهلا للسياسيين.
مسألة القـبول...
حالة لانغنتال تؤكد التحولات العميقة الجارية في الساحة الدينية السويسرية. ففي
مقابل التراجع الكبير المُسجل على مستوى حضور الطقوس الدينية بالكنيسة في صفوف أبرز
الديانات التقليدية المُنظمة، ارتفع عدد أتباع الديانات الأقل شهرة (في البلاد)
جراء حركات الهجرة.

الإحصاء الفدرالي لعام 2000 كشف أن غالبية السكان (75%) تنتمي إما إلى العقيدة
الكاثوليكية أو البروتستانتية، بينما يوجد أكثر من 310000 مسلما، و132000 من أتباع
الكنيسة الأورثودوكسية، و18000 يهوديا و21000 بوذيا، و28000 هندوسيا. وتشير
التقديرات الحالية إلى ارتفاع عدد المسلمين إلى زهاء 400000 والهندوسيين إلى حوالي
50000.

ويقول الباحثون إن قبول الجمهور لمبنى ديني جديد يقوم على مجموعة من العوامل، مثل
السياق السياسي، والـمناخ السائد في وسائل الإعلام، ونوعية الديانة المعنية (جديدة
أو معترف بها قانونيا).

ويقدم هؤلاء الباحثون في معرض "القبة، المعبد، المئذنة: الوجه الجديد لسويسرا" مثال
"كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة" - الكنيسة المورمونية - التي واجهت
مقاومة أولية في عقد الخمسينات عند بناء معبدها الضخم قرب تسوليكوفن، إحدى ضواحي
العاصمة الفدرالية برن.

ويقول المتحدث باسم الكنيسة بيتر غيسلير: "في ذلك الوقت، لم يكن يتجاوز عدد أعضاء
الكنيسة 1,2 مليون في جميع أنحاء العالم. والكثير من الناس يعتقدون بأنها "طائفة
غريبة"... لكن هذه المخاوف لم تستمر لوقت طويل".
يقع مسجد محمود التابع للطائفة الأحمدية في زيورخ يقع قرب مبنى كنيسة بالغريست
الإصلاحية ... ومسألة الإدراك
وتعتبر نظرة الجمهور العامة لهذه الديانة أو تلك مسألة مهمة وفقا للباحث تونغر –
زانيتي الذي يقول: "إن (الجالية) البوذية تواجه نسبة أقل من الأحكام المسبقة مقارنة
مع الجاليات المسلمة، وخصوصا منذ (أحداث) 11 سبتمبر (2001)، لكن لا يمكن القول إن
البوذيين في حد ذاتهم مسالمون أزيد بكثير من المسلمين".

وأضاف أن بناء مسجد في مدينة كبيرة، مثل جنيف أو زيورخ، أسهل من تشييده في مكان
صغير، كما أن القيام بحملة اتصالات سليمة ومبكرة والتوفر على الأموال الكافية
والدعم المحلي عوامل تساعد (على إنجاز مثل هذه المشاريع).

وكان هذا الحال بالنسبة لأول دير تبتتي في أوروبا، الذي شـُيِّد في ريكون شرق زيورخ
على أرض تملكها شركة " Kuhn Rikon " للمعادن.

ويذكر أن أكثر من 100000 شخص فروا من إقليم التبت في عام 1959؛ وكانت سويسرا أول
بلد أوروبي استقبل 1000 لاجئ تبتي، بعضهم مُنح منزلا وعملا في معمل كون ريكون. وفي
عام 1967، بدأت أشغال بناء معبدهم الخاص. وقال جاك كون الذي ساعد على إنجاز
المشروع: "كانت (ردود فعل) القرية إيجابية جدا، بل كاد السكان أن يستقبلوهم
بالورود".
"عملية طبيعية"
ويظل تونغر – زانيتي مقتنعا بأن الخلافات الحالية بشأن المآذن في سويسرا أو غيرها
من الرموز الدينية هي جزء من "عملية طبيعية ضرورية" تحدث في كل مجتمع عندما تجري
فيه مساعي إدماج الأجانب.

الفرق في سويسرا يـكمن في الديمقراطية المباشرة التي تعني بأن الناخبين يُدعوون إلى
التصويت على مقترحات مثل المبادرة الشعبية الداعية إلى حظر بناء المآذن.

"لكن الميزة هي أن المجتمع السويسري يؤدي إلى النقاش"، حسب تونغر – زانيتي الذي
يضيف أنه "من المرجح أن يخلص (النقاش) إلى أنه بالإمكان التعامل مع هذا التنوع
والتعدد والصاعدين بنفس الطريقة التي تعامل بها المجتمع مع مشاكل مماثلة في الماضي،
مثل (المواجهات) بين الكاثوليك والبروتستانت".

وبعد الإشارة إلى "إن الناس يميلون إلى نسيان التاريخ"، ذكـّر بأن الكنيسة
الكاثوليكية الفالنتينية التي بُنيت عام 1832 في مدينة لوزان ذات الأغلبية
البروتستانتية، لم يُسمح لها بالتوفر على برج الجرس إلا في عقد الثلاثينات من القرن
الماضي.

واستكمل الباحث ملاحظته قائلا: "وفي نهاية المطاف، شُيدت (الكنيسة) ولم ينهر مجتمع
لوزان. والآن، يعيش الكاثوليك والبروتستانت جنبا إلى جنب ويمكن أن يتوقع منا نفس
الشيء لنعيش إلى جانب الهندوس والسيخ والمسلمين في غضون عشرين عاما".
سايمون برادلي - بيل/بيين، swissinfo.ch
(ترجمته من الإنجـليزية وعالجته: إصلاح بخات)




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !