الإسلام انتشر ... فلماذا الخوف .؟
رغم أن تزايد عدد المسلمين وانتشار الإسلام أصبح هو العقيدة الثابتة عند معظم المسلمين وعلى رأسهم العاملين في مجال الدعوة والإرشاد للدين السني والسلفي الوهابي في العالم الإسلامي ، ورغم أن هؤلاء جميعا يؤمنون ويتفقون أن عدد من يدخلون في الإسلام يتزايد كل يوم ، وأن الإسلام قادم وأن دولة الخلافة على الأبواب ، إلا أنهم جميعا يتناقضون مع أنفسهم ومع عقيدتهم تلك ، ويظهر هذا التناقض جليا حين يقال رأي أو اجتهاد أو فتوى تخالف ما وجدنا عليه آباءنا ، أو تخالف ثقافتهم الدينية وما توارثوه وما اعتنقوه أباً عن جدٍ.
فهم يؤمنون أنهم على عقيدة دينية ثابتة وقوية لا يمكن زعزعتها ، ولا يمكن أن تتأثر بفكر فلان أو علان ، كما يؤمنون أنهم يدافعون عن الله نفسه وعن دينه ، وقد توهموا أن الله جل وعلا قد أوكل إليهم حراسة هذا الدين وحمايته من كل رأي أو اجتهاد ، ويحسبون أنفسهم الدرع الواقي للإسلام ضد الغرب وأمريكا باعتبارهم أعداء الإسلام.
و لمزيد من التوضيح يمكن تقسيم هؤلاء لحزبين:
أحدهما: حزب يدعي الدفاع عن الإسلام بالكلمة بجميع أنواعها.
وهذه النوعية من الدعاة ومن على شاكلتهم لم يسألوا أنفسهم مرة واحدة أن الله جل وعلا قد تكفل بحفظ قرآنه ودينه إلى قيام الساعة ، ناهيك عن هذا ، ألم يسألوا أنفسهم كيف تم نقل كتب الحديث وحفظها وتدوينها من جيل إلى جيل على مدى التاريخ ، لدرجة جعلت هذه الكتب التي تناقض كلام الله عقيدة راسخة في عقول معظم المسلمين ، وبالرغم من محدودية طرق النقل ووسائل الكتابة والطباعة عندما نشأت هذه العلوم علوم الرواية والحديث إلا أنه كتب لها البقاء كل هذه المدة ، ليس هذا فحسب ، فقد بقيت هذه الكتب بين أيدينا وأخذت مكانة كبيرة في عقيدة معظم المسلمين ، وبالغ معظم المسلمين في تقديس كتب الحديث تلك لدرجة جعلت بعضهم يطلق على أحدها أنه أصح كتاب بعد القرآن ، ويقول آخر أنه لا يمكن الاستغناء عنها في أمور التشريع ، ويقول ثالث: أن السنة أو الأحاديث بها 90% من تشريعات الإسلام ، كل هذا لم يلفت نظر هؤلاء المدافعين عن السنة والحديث.
لكن القرآن الكريم كلام الله في خطر ، لم يفكر أحدهم أنه من الصعوبة بل من المستحيل لأي بشر مهما كان أن يحرف كلام الله جل وعلا ، ولن يستطيع أي بشر أن يبدل فيه حرف واحد ، ولن يتمكن أي بشر مهما كان علمه وفهمه أن ينكر القرآن كلام الله جلا وعلا ، والسبب البسيط جدا أن القرآن الكريم كلام الله وكتاب الله وشرع الله ، وقد تكفل الله جل وعلا بحفظه والله هو خالق كل هذا الكون ورازق كل من فيه ، ألم يفكر أحد هؤلاء أن يقدر الله حق قدره ويقدر القرآن الكريم حق قدره ، ويقول لنفسه أن ـ كتاب صحيح البخاري ـ بواسطة البشر تم حفظه ونقله وإعادة طباعته آلاف المرات ولا يزال موجود بين أيدينا إلى الآن ، ولا يزال يحظي بالتقديس عند معظم المسلمين ، فهل من الصعب أن يحظى القرآن الكريم بنفس الاحترام ونفس التقدير والتقديس من هؤلاء وتنتهي عند هؤلاء حالة الخوف والهلع الغير مبرر على القرآن الكريم الذي تحفظه وترعاه العناية الإلهية ، وبدلا من قيامهم كل حين باتهام من يحاول توضيح حقائق الإسلام من خلال القرآن الكريم بأنه ينكر السنة كخطوة أولية لإنكار القرآن الكريم ، وإنكار الإسلام ذاته ، وكأن هؤلاء يتكلمون مع مجانين أو معتوهين فمن يصدق أكاذيبهم فليتحمل مسئولية نفسه أمام الله جل وعلا .
ثانيهما: حزب الإرهاب والتطرف والعنف والقتل والعمليات الإرهابية والطرود التفجيرية ، وهذا الحزب الذي يتزعمه بن لادن والظواهري وتنظيم القاعدة يعتمد في تمويله على جهات عديدة منها العربي المسلم ومنها الغربي والأمريكي ، فهؤلاء هم أعدى أعداء الإسلام ، لأنهم رغم إيمانهم واعتقادهم الثابت الراسخ أنهم يدافعون عن الإسلام ويرفعون رايته ، وأنهم حزب الله وجند الله في أرضه إلا أنهم أكثر خطراً على الإسلام والمسلمين.
وبالتعاون الغير مقصود بين الحزبين تم تهميش المسلمين وعدم مشاركتهم فيما يدور حولهم من التطور التكنولوجي والإنجازات العلمية وحالة الحراك العلمي الدائرة بسرعة البرق في العالم ، وكل ما يقومون به هو دور المتفرج والمستهلك لتلك التكنولوجيا ، ولو لم تتغير ثقافة المسلمين الدينية واعترافهم بأن الدين لله وحده وأن الدين حرية وكل إنسان حر فيما يؤمن وفي من يعتقد ، لن يتحركوا خطوة واحدة للإمام ، لأن هذه الحالة وهذه الثقافة ليست وليدة اللحظة بل هي ثقافة سنوات طويلة خالية من التطور والإنجاز والتفكير في مستقبل أفضل وهي ثقافة تدير الشعوب ..
التعليقات (0)