الاسلاماوية واللبرالية وجهان لسياسي واحد!
في عام 1979م قام الاتحاد السوفيتي (بغزو) افغانستان (المسلمة) او هكذا قيل لنا مع ان هذا (الغزو) جاءت بطلب من حكومتها (الشرعية) .
كانت الارضية مهياة منذ الستينات عبر خطة وضعتها الاستخبارات الامريكية باسم
(الحزام المحمدي) لمواجهة المد الشيوعي في المناطق والاقاليم(الاوطان) التي ورثتها
من بريطانيا وفرنسا التي تقاسمتهما في معاهدة سايس-بيكو بعد سقوط العثمانيين !
وكانت خطة (الحزام المحمدي) تعتمد على نشر (صحوة اسلامية) بالمال السعودي
وفلول (الاخوان المسلمين) - التي اعتقد ان اساس فكرتهم هي نفس فكرة سبق تطبيقها واثبتت نجاعتها ابان التمدد (السعودي) على ماتبقى من مناطق تخضع للحكم العثماني وربما نوقشت فكرتها في مكة الذي زارها الشاب المدرس باحد مدارس الاسماعيلية المتوثب الطموح الشيخ حسن البنا والذي ربما توسموا فيه ماتوسموه في مؤسس الوهابية الشيخ محمد بن عبد الوهاب ابان دراسته بالبصرة!!
وقد اسهم الاخوان المسلمين وبعد نجاحهم في ازاحة حكم ابناء (محمد علي) من خلال ضباط الجيش المصري....
ولكن جمال عبد الناصر انقلب عليهم وقضى عليهم في مصر مما جعل المملكة والخليج تستقطبهم بايعاز من امريكا وتمنحهم كافة التسهيلات لنشر (الصحوة الاولى ) وسُخرت لها جميع الامكانات
بل ورُهن المجتمع باكملة لتحقيق هذا الهدف من خلال مؤسسات التوجية (التوعوي)
للمجتمع من مساجد ومدارس ومعاهد دينية وجامعات واعلام بكل انواعة ....
..كان الملك فيصل له طموحة الخاص انذاك كان يهدف اولا لدعم هذه الصحوة للوقوف امام
المد القومي الناصري المدعوم من الشيوعية! بعدما اقُنع بخطورتها على الحكم السعودي
وبعد ان فشل الغرب باقناع الملك سعود بتبنيها الذي كان قد ادرك اللعبة او انه اراد ان يلتفت
للتنمية في بلده وتطويرها والتي هي ربما من محظورات شركات النفط الامريكية في المملكة!
وعندما لم يجدوا فيه مبتغاهم تم تدبير ذلك الانقلاب عليه من الاسرة الحاكمة التي اقتنعت بخطورة عبد الناصر على حكمهم وربما دبرت الاستخبارات الامريكية بعض الامور مع
بعض حماقات عبد الناصر لتقنع بها الملك فيصل بالقيام بما قام به ..
وعندما انكفأ المد القومي ابان هزيمة حزيران عام67م سقط المبرر في نظر الفيصل (العقلاني)
مما ولد عنده فكرة استثمار فكرة الاسلامية التي يدعو اليه بتحقيق اهدافه وطموحة كزعيم للعالم الاسلامي وتوحيده.. فاتجه الى القدس في خطاباته بدلا من الشيوعية
التي كانت تملاء خطبه وخطاباته...كهدف لتحقيق غايته لعلمه ان من يصل الى القدس عبر التاريخ هو من يسيطر على العالم الاسلامي ويتزعمه !
وقد ادرك الامريكان طموح الفيصل فعاجله (القدر)واغتيل على يد ابن اخيه!!ولا ادري هل كان ابن اخية يعمل وحده او ان هناك قوى خارجيةو داخلية ساعدته ووجهته !؟
واعود لحرب افغانستان فلم يكن هناك تناسبا بين قوة الحكومة وجيش الاتحاد السوفيتي وبين (المجاهدين) بكل مقاييس الواقع والمنطق والعقل ولا حتى العاطفة الا ان (اعلامنا) بكل مكوناته وتكويناته وتوجهاته كانت تنادي وتتنادى بالجهاد ضد الشيوعية (الملحدة!)دون الاخذ
بالمنطق التي تنادي به الان في ( غزة حماس) !
ولم يكتفى اعلامنا بالدعم المعنوي بل وشجعت الشباب للالتحاق بالجهاد وقد افهم ان يقوم الاسلاماويون بذلك ولكن الدعوة جاءت من الرموز اللبرالية او على الاقل ممن لم يتهموا يوما انهم (اسلاماويين) او في مربعهم وعلى رأسهم رؤساء الصحف الذين مازالوا في جزيرة الديناصورات تلك الجزيرة التي في جفن التاريخ وهو نائم!
مع ان تشابة (المجاهدون ) بين افغانستان (والمغامرون) في غزة يكاد يكون متطابقا ايديولوجيا ان لم تكن حماس (وهابية) اكثر وايدينا واضحة في انتاجها ودعمها!! بالاضافة
الى ان غزة واقعة تحت (احتلال) ولم تكن افغانستان واقعة تحت احتلال! وغزة وقع عليها الحرب ,والحصار جزء لايتجزاء من الحرب !!منذ اكثر من سنتين
ولم يحدث هذا الفرق بين دعمنا للجهاد هناك والجهاد في غزة (حماس) الا ان حماس تدعمها
ايران (الشيعية)العدوة اللدودة لامريكا ! كما كانت الشيوعية كذلك لهم !وكان من الواضح ايادي امريكا الخفية في قذف حماس مع علمها انها في ايديولوجية مختلفة ان لم تكن معاكسة في احضان ايران لانها لو لم تفعل ذلك- عبر (الضغط)على السعودية بالتخلي عن حماس -فسوف تتورط في اقناع السعودية بعدم دعمها وهي التي دعمتها سابقا عندما كان الهدف هو فتح !! وعندها ستجد السعودية مبررا لعدم دعمها, لان ايران تدعمها!!
بربكم ماذا تفعل حماس او أي حركة في العالم تجد ايادي حلفائها تقصر عنها اليس من الطبيعي
ان تتوجه لاي (شيطان) حتى تستمر بالبقاء والدفاع عن فكرتها التي تاسست من اجلها؟؟!!
وهل كانت مدركة السياسة الخارجية السعودية _التي تمنى ومنذ سنوات بهزائم على الأرض_
هذه الخدعة الامريكية بالتخلي عن حماس ام انها عن سبق واصرار حول (مجاراة) السياسة الامريكية ؟
وقد اتفهم التحالف مع امريكا ابان قوتها وسطوتها وقدرتها على فرض رؤاها في العالم عامة والمنطقة العربية خاصة ولكني لا افهم ابدا الانجرار ورئها الان وهي تفقد
شيئا فشيئا هيبتها ووحدانية قطبها امام الهزائم العسكرية والمشاكل الاقتصادية وبروز
لاعبين جدد على الساحة الدولية وايضا الساحة الاقليمية ...
ولم نكن طيلة هذا التشكل في خارطة العالم الا وكلاء عن تنفيذ او دعم السياسات الامريكية
دون أي نظرة استراتيجية او ارادة وطنية ففقدنا الكثير سواء في العراق او افغانستان
او لبنان وها نحن نفقد غزة وقد دفعنا الكثيروفقدنا الاكثر ودفع غيرنا القليل وحصلوا
على ثمرة جهودنا ودعمنا وكل يوم يكسبوا ارضا ونخسر ارضا وسمعة كقادة للعالم الاسلامي
والعربي!فلا نحن طيلة هذه السنوات انشأنا قوة تحمي ارادتنا اوربما لم تكن لنا ارادة !
ولا نحن وفرنا هذا الجهد نحو تنمية حقيقية لا في الانسان ولا في الوطن...!!
فما الذي جعل غزة (حماس)تقع تحت هذا الهجوم اللبرالي ؟
اليس من حق حماس هذه الحرية والمساواة وحق تقرير المصير والتي هي مايقول
اللبراليون انها هي قيمها ومبادئها؟!!
ويحاولون اللبراليون السعوديون عبر (صحفهم) ومنتدياتهم وقنوانتهم ان يوصلوا لمحيطنا العربي والاسلامي ان هذه هي وجهة نظر المواطنين (بالمملكة السعودية ) بل ويستهجنوا كل صوت يدافع عن فكرة غرستها الحكومة بالوقوف مع (العرب والمسلمين ) ومع الحق اينما كان !!
وهم بذلك يجارون الاسلاماويين المتهمين من قبلهم باختطاف المجتمع
و تخنق كل وجهة نظر لاتتطابق مع وجهة نظرهم ومصادرة الرأي الاخر....
ومع يقيني- ومن خلال النتائج والتاريخ- ان الاسلاماوية كانت منتج سياسي بامتياز
فان اللبرالية ايضا ومن خلال المعطيات هي منتج سياسي بعيدة كل البعد عن ميادئها
وقيمها التي سوقت لرسوخها تماما كالاسلاماوية الا ان خطورةاللبرالية في حقيقتها
انها منتج استعماري راس مالي مجال قيمه الحيوية هي في مساحة المال والاقتصاد وليس الانسان وهي فكرة اقتصادية في الاصل حاولوا تسويقها انسانيا لدى الشعوب التي ترزخ تحت نير (الدين ورجالة).... وهي فكرة خطيرة جدا على الشعوب التي ليس لديها وعي بمعنى الحرية او مؤسسات دستورية او موسسات مجتمع مدني
وليس بها حتى فصل للسلطات التشريعية و قضائية وتنفيذية ان وجدت !و هيئات
رقابية تراقب تطبيق نظام القوة!
شعوب مازال التعليم فيها لايعني اكثر من ان تعرف ان تقراء تاريخ مضى او يوم بعيد لم يأتي!
لتتحول بهذه الظروف وعند تصديرها لشعوبنا الى نوع من الايديولوجيا واحد ادوات الاستعمار
لتقبله. والغاء الهوية وتوطين فكرة الاقليمية والمناطقية والقبلية والمذهبية .. وتهميش قيم الانسانية والوحدة والتنمية .
وهي فكرة –بعد خروجها من موطنها- تفكيكية لكل وحدة لا على مستوى الامة فحسب بل على مستوى المجتمع الواحد
وهي كأي منتج استعماري غربي رأس مالي لايمكن باي شكل من الاشكال الا ان تُسخر لهيمنتها وسيطرتها ومصالحها التي تتعارض كليا مع حق الشعوب في ادارة مصالحها
وحق تقرير مصيرها ووحدتها وتنميتها والعيش بسلام ..
وهم حين يسوقونها لنا لانستطيع بغير عقل ان نميز مغلفها المحلّى (بالحرية والمساواة)
وبين منتجها عبر التاريخ القريب والمتوسط الذي مات فيه اكثر من ثلاثين مليون من الهنود ابان الاستعمار البريطاني والملاليين في جنوب افريقيا ابان الاستعمار الغربي وقبلهم اربعين مليون من الهنود الحمر وفلسطين منذ ثمان واربعين وحتى اليوم في غزة وانتم ترون قتل الاطفال والنساء والشيوخ وهدم الجامعات ودور العبادة وقبلها الحصار ومنع الخبز والدواء لاكثر من مليون ونصف , مرورا بافغانستان (الارهاب) وليس افغانستان (الجهاد) !!والعراق وحصاره لاكثر من عشر سنوات والذي مات فيه بسبب الحصار اكثر من مليون طفل
والكثير من منتج اللبرالية في مجال التطبيق والابداع اللا متناهي في صناعة الاسلحة التدميرية الرهيبة للانسان .
فمنتج اللبرالية هو من انتتج القنبلة الذرية والقاها على المدنيين غير المحاربين
وهي التي صنعت القنابل المخضبة باليورانيوم والقنابل الفسفورية والصواريخ العابرة للقارات
وغيرها....
وقد يقال انها ايضا هي من انتجت وسائل الموصلات والاتصلات وتقدم في جميع العلوم الانسانية اقول نعم!هذا هو الخبر الجيد.!
اما الخبر السيء هو ان اغلب مانتمتع به من مخترعات (اللبرالية) كانت افكارا عسكرية واخترعت من اجل الجيوش...من بدء من السيارة والطيارة مرورا بالاقمار الصناعية حتى
الكمبيوتر ....
وفي مجال التنظير
(من لم يكن معي فهو ضدي)= تكفير
الفوضى الخلاقة= التدمير
فهل انخدع اللبراليون –غير الموظفين!_بهذه (الصحوة) كما انخدع الاسلاماويين بتلك
( الصحوة)؟
ويحققوا للغرب اهدافه في ان تعيش هذه الامة مشتتة ومشرذمة ومجزاءة فمفتتة تتصارع فيما بينها .....
وفهل يدرك اللبراليون حجم المأساة التي ستقع بهذه الامة من خلال تبنيهم لهذه الفكرة ؟
كما لم يدركها (الاسلاماويين) التي لم تفعل صحوتهم شيئا على صعيد اولويات المجتمع ! واهدرت ثلاثين سنة من عمر الامة في قضايا وامور لم يكن المجتمع بحاجتها وورطته في قضايا وصراعات وحروب وارهاب هو أغنى مايكون عنها ....
وكما قامت الصحوة الاولى بتوجيه سياسي غبي برموز(مُرمّرته) كان وقودها الشباب وصغار السن الذي من الطبيعي ان تكون العاطفة ومدخلاتها هي ماتوجههم وتلهب حماسهم.
هاهي اللبرالية تستخدمهم واللاعب الرئيسي واحد في كلا الصحوتين!!
علما ان مصطلح الارهاب قد اوجد في دوائر الاسخبارات الامريكية عام 1975م ويتحدثون عنه كمصطلح جديد سيظهر ابتداء من عام 2000م !!
كسلاح استباقي لضرب الصحوة عندما تستنفذ منها اهدافهم !ومن يعرف جلب العفريت يعرف كيفيت يصرفة!
ولم يعدموا غباء في رؤس الصحوة الاولى التي من اهم شروط الالتحاق بها عدم استخدام
العقل المنتح للوعي ...
ولن يعدموا اغبياء في الصحوة(الثانية) لتحقيق اهدافهم ....
ومما يدعو الى اليقين بهذه الشكوك التي اتبناها والتي سأدخل -حتما –في نظر الكثير من (المثقفين )!تحت نظرية (عقدة المؤامرة) والتي اصبحت بنظري (مؤامرة العقدة)
اقول ان ما يدعو للشك بهذا الطرح ان الطريقة او الباعث (السياسي) واحد لم يتغيرلانظريا ولا سلوكيا في كلاالصحوتين
فهل نتوقع من ذات الشجرة ثمرة مختلفة.؟
فهل من حقنا ان نتبنى هذه الشكوك (باللبرالية) لتكون سببا مقنعا على الاقل في التفكيرفي الطريق الاسلم للتغيير ؟
تعددت الصحوات والعقل نائم!
عبد الرحمن العضيب
من منتدى محاور
التعليقات (0)