إن الناظر إلى المشهد " العملياتي " السائد في الوطن العربي من محيطه إلى خليجه ، لا شك سيعتريه مزيج متناقض أو غير متجانس على الأقل ، من مشاعر الدهشة والمفاجأة والغضب والحزن والفرح والزهو الأجوف والانكسار والانزعاج والحسرة والتألم والإحباط .......
ولعل نفس النظرة لذات المشهد قبل بضعة أشهر ، لم تكن تحمل كل تلك المشاعر المتناقضة ، وإن كان يغلب عليها كل شيء ما عدا الفرح ..
إنها الأشهر التي يمكن أن يكون لنتائجها تأثير كبير على المنطقة وربما على العالم ، ولسنوات طويلة قادمة ...
وكان منتصف القرن الماضي مرحلة حقق فيها العرب استقلالهم الوطني من الاستعمار المباشر ، وتحررهم من كثير من القيود الاقتصادية والاجتماعية ، وفجروا ثورات وطنية استطاعت في مرحلتها أن تستقطب الشارع السياسي العربي وجماهيره ، مدعومة من منظومة الدول الاشتراكية في حينه ..
فهل ستكون هذه الأشهر القادمة وما سيأتي بعدها مفصلا جديدا في صراعات أو وئام دول المنطقة ؟؟
وهل سيكون لتلك المفاصل تأثير مباشر على حركة قضايا العرب الكبرى ، وعلى رأسها قضية فلسطين ؟؟
ألم يتغير سلم الأولويات وترتيب القضايا الكبرى بفعل التحولات الجارية ؟؟
أليست كل تلك التحولات تستهدف ـ في الشكل والمضمون ـ إعادة ترتيب سلم الأولويات ؟
وما هي الآفاق المرتقبة للثورات العربية ، وما هي المحركات التي ساهمت في تأجيجها وتسعيرها ؟؟
وهل لعب الإعلام ـ عموما ـ دوره الحقيقي في استلام زمام المبادرة ، وقيادة الدفة ؟؟
وإذا كان الإعلام الغربي منحازا بامتياز لأعدائنا ، فلا يمكن أن يكون نزيها ولا بريئا ولا حياديا في تعاطيه لقضايانا ، فما مدى مساحة النزاهة والحيادية والبراءة التي تمتع بها الإعلام العربي تحديدا ؟؟
ولماذا كان التفاوت كبيرا في التعاطي مع " الثورات والبؤر الملتهبة " ؟؟
هل المحطات الفضائية جمعيات خيرية أو مؤسسات للنفع العام ؟؟
فإذا كانت كذلك ، لماذا تفاوت نفعها ودعمها ؟؟
وإذا لم تكن كذلك ، ما الذي وراء أكماتها ؟
وما هي الأهداف المتوخاة ؟ ومن المستفيدون ؟ ولمصلحة من ؟ وما المشاريع التي تروج لها ؟؟
وهنا تصير التساؤلات التالية مشروعة :
ما دامت معظم تلك القنوات مملوكة لأشخاص ومستثمرين ، فهل أصحاب رأس مالها بعيدون عن سياستها وتوجهاتها ؟؟
فإذا لم يكونوا بعيدين ، فلماذا تحولت قنواتهم إلى سبطانات مدفعية موجهة لتصدير مقذوفات محشوة بالفتن والتحريض والتأليب و" الثورات " حسب الطلب ؟؟
أليس المُمَوِّلُ شريكا كاملا في الجرائم التي ترتكب باستخدام رأس ماله حسب كل القوانين الوضعية والشرائع السماوية ؟؟
لماذا تنطلق دعواتهم من أمكنة وبلدان هي أبعد ما يكون عن مضمونها ومحتواها ؟؟
لماذا يحاولون مداواة الناس بوصفاتٍ ، هم وأوطانهم أكثر الناس حاجة لها ؟؟
إنهم كـ " الطبيب الذي يداوي الناس وهو عليل " ..
لماذا يتلاعبون ويتراقصون على دماء إخوتهم في الدول الأخرى ، تحت عناوين براقة خلبية مزيفة : كالحرية والديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان ، وكلها كلمات حق ، يراد بها الباطل ، والباطل فقط ، وهم ودولهم ومجتمعاتهم منها براء براء براء ؟؟
أليس " الإسكافي حافي والعرجا لابسة قبقاب " ..
لماذا لا ينسجم هؤلاء مع أنفسهم ، فيتذوقوا الكأس التي يحاولون سكب محتواها السّامّ والمرّ والمقزّز في حلوقنا ؟؟!!
وقد قيل :
يا مَنْ بوصاله يداوي الكبدا ما تفعله اليوم ، تلقاه غدا
الثلاثاء ـ 03/05/2011
التعليقات (0)