مواضيع اليوم

الإستبداد السياسي و خطره على مستقبل مجتمعاتنا العربية ؟

mohamed benamor

2010-08-22 16:50:14

0

تتولد عن ظاهرة الإستبداد السياسي ، أمراض عديدة و مدمرة، وهي على كثرتها شديدة الفتك بالفرد و بالمجتمع عميقة الأثر في انحطاطه، والسير به نحو الضعف والتهلهل، مما يجعله في نهاية المطاف مرشحا للوقوع في براثن الإستعمار الخارجي خضوعا لسنن الكون و الإنسان والحياة.
فعندما تنتشر العلاقات الإستبدادية الظالمة في المجتمع وتمنع الذات من تفجير فعاليتها الإجتماعية وصناعة الواقع التاريخي، فإنها تنفجر غرائزها وتتفتح الشهوة بدون أن تعرف حدودا أو إمكانية للإشباع أو الإرتواء، فالإنسان الذي يعيش وسط جحيم الخوف و الإرهاب والجهل وانتشار العلاقات الإنتهازية الظالمة ينكفئ على ذاته، ويضيع حزمه ويفقد مقدرته وثقته بنفسه، فتتقلص تبعا لذلك اهتماماته العلمية والروحية، وتتعطل طاقاته الإبداعية، وتقتل حوافزه وطموحاته، وتطغى على نفسه اللامبالاة، ومن ثم يتسع اغترابه _ كل يوم _ عن ذاته و مجتمعه .. وهذا ما يجعل أسير الإستبداد يعيش "خاملا خامدا ضائع القصد، حائرا لا يدري كيف يميت ساعاته وأوقاته، ويدرج أيامه وأعوامه كأنه حريص على بلوغ أجله ليستتر تحت التراب".
إن تقلص اهتمامات الإنسان وفعاليته الإجتماعية يقابلها اهتمام متزايد بشهوات البطن والجنس، وبذلك يصبح المأكل والمشرب والزينة المبالغة فيها والجنس المحموم وتزجية الوقت في اللهو والعبث.. شغل الإنسان الشاغل. وتتولد لديه رغبة شهوانية جامحة لا تعرف الشبع أو الإرتواء .. بل إن الحياة الجنسية ذاتها تصبح "تعاش كأحد مجالات التسلط وساحة من ساحات القهر و الإستبداد.. فيحاول الرجل أن يؤكد فحولته بكثرة اتصالاته الجنسية وتكرار الجماع في اليوم الواحد" وكأن ليس له وظيفة في الحياة سوى " مشاركة الوحوش الضارية في جعلها بطونها مقابر للحيوانات ومزابل للنباتات، واستفراغ الشهوة حتى لكأن جسمه خلق دملا على أديم الأرض وظيفته توليد الصديد ودفعه".
وهكذا تغيب الفكرة، ويعلو الصنم، صنم البطن والجنس وعبادة الذات..!. إنه تصوير رائع وجميل، لأنه يكشف لنا سبب العطالة التي يعيشها أبناء الدول المتخلفة اليوم/ دول العالم الثالث وكل دول العالم الإسلامي .!! ويبرز لنا سببا هاما من أسباب عدم قدرة هذه الدول على تحقيق اكتفائها الذاتي حتى في الحاجات الضرورية كالمواد الغذائية وهو ما ينطبق على المجتمع العربي الذي لا يزال يعتمد على الغرب من الإبرة إلى الصاروخ...‘ فيذهب محمد الغزالي إلى القول بأننا لو قلنا لكل شيء ارجع مكانك لبقينا حفاة عراة...!؟ إن العرب لا يزالون يستهلكون أكثر مما ينتجون رغم امتلاكهم لأحسن الأراضي الفلاحية في العالم..! بالإضافة إلى مواردهم المتنوعة الهائلة كالنفط و الغاز والحديد والمناجم الكثيرة التي تنتج مختلف المواد الأولية وطاقاتهم البشرية المتعددة... ولا خير في مجتمع يموت من الفقر أفراده ويعتمد في بقائه على ما يأتيه من وراء البحار..!!؟
إن غياب الفكرة عن أمة ما، يسهل استبلاهها، وتوجيه اهتمامات أفرادها إلى توافه الأمور: كمواكبة أحدث أنواع التقليعات في المأكل والملبس والزينة وتسقط أخبار الفنانين ولاعبي كرة القدم..!، لأن انغلاق السبل أمام إفراغ طاقات الإنسان فيما يفيد، تجعله يفرغ هذه الطاقات فيما لا يفيد، ولهذا السبب تكثر بين أفراد المجتمعات المتعطلة والمتخلفة الأحقاد التي يحملون، والمكائد التي يضمرون والقيل والقال، التي يتقنون.. و الأمراض المزمنة التي يعانون.. فأينما تولى وجهك، تجد حقدا دفينا توشك أن تتقد ناره، ومكائد تحاك ضد هذا وذاك..وإذا نشط أحد ليعبر عن ذاته ويبدع في ميدانه.. لاحقته الإشاعات وهدته الإنتقادات، وفي مثل هذا المجتمع يسهل تمرير سياسة الإستبداد والفقر والظلم و حكم الطواغيت المتألهين.!!؟ فإذا ما أراد المستبد خوض حرب اقتضاها عناده واستكباره ومصالحه وغروره يغرر بالأمة تحت اسم منفعتها، ويوهمها انه يريد نصرة الدين وصيانة شوكة الشعب وقوته..! ويسرف بالملايين في ملذاته وملذات صنائعه باسم حفظ شرف الأمة وأبهة حاكمها. فالحاكم المستبد تسره غفلة الشعب لأنه يتمكن بغفلتهم من الصولة عليهم و استغلالهم والتنكيل بأعداء إستبداده وظلمه..!
-الإستبداد الإجتماعي:
إن غياب الفكرة عن الإنسان وخضوعه لهيمنة رغبات البطن والجنس والعادات الفاسدة تخلق منه إنسانا شريرا، يجنح إلى الجريمة والنهب وينتهج كافة السبل ويستعمل كل الوسائل الممكنة لإشباع حاجياته العضوية ورغبته الجنسية الضاغطة عليه والتي لا تعرف الشبع أو الإرتواء أبدا. وتنقلب مفاهيم العدالة في ذهنه رأسا على عقب، فالمجتمع الذي يحكمه الإستبداد السياسي ينتهي به الأمر إلى تطبع غالبية العلاقات التي تتم داخله بطابع التسلط والقهر وإن الإنسان المقهور الذي يشعر بالعجز إزاء قاهره لا يمكن له أن يحس إلا بتبخيس الذات وتحقيرها، ولن يسترجع بعضا من توازنه النفسي إلا بالثأر لذاته المهانة بالإستعلاء على طرف آخر اضعف منه لأن الإنسان المقهور ينتهي باستبطان صورة قاهره وهو ما يجعل "الحكومة المستبدة مستبدة في كل فروعها، من المستبد الأعظم إلى الشرطي إلى الفراش إلى كناس الشوارع".!؟
يسعى الإستبداد السياسي إلى تقسيم الأمة شيعا.. متبعا ديدن الطغاة والمستكبرين على مرّ التاريخ وهو سياسة "فرق تسد".
كما يعمد المستبد إلى تقسيم ثروات البلاد بطريقة جائرة، لينقسم المجتمع بدوره إلى "طبقتين" متناقضتين في مصالحهما، متحاربتين، طبقة تعاني ويلات الفقر والحرمان، تنتج ولا تستثمر وهي عادة تتكون من أولئك الكادحين في ميادين الصناعة والزراعة، فهذه الطبقة هي التي يسلط عليها ظلم الإستبداد واستغلاله .. وهي رغم قيامها بالعمل الشاق والمنتج في المجتمع إلا أنها لا تتمتع بثمار سواعدها.
وتقابل هذه الطبقة المكدودة المستغلة طبقة المستكرشين و المستكبرين وهي تمثل "القسم المضر" حسب تعبير الكواكبي.. وتظم هذه الطبقة رجال السياسة والأديان ونساء المدن... وهؤلاء هم المستمتعون الحقيقيون بثروات الأمة وخيراتها، وينفردون بحظ عظيم من مال الدولة و عطاياها.. رغم أن عددهم لا يتجاوز الواحد في المائة (1%)

http://islamonegod.elaphblog.com/posts.aspx?U=4373&A=55264

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !