مواضيع اليوم

الإزدواحية تجاه زنا الذكر وزنا الأنثى

مصعب المشرّف

2010-09-05 12:41:37

0


الإزدواجية تجاه زنا الذكر وزنا الأنثى

 

طرحت جهالات مسلسل العار التلفزيوني المصري تساؤلا مهما وهو: لماذا زنا الذكر مفخرة وزنا الأنثى فضيحة في مجتمعاتنا؟ .. لماذا هذا الإنفصام والإزدواجية في المعايير؟
بعيدا عن غضب أهل المغرب المشروع ورفضهم لمحاولة مسلسل العار التلفزيوني المصري إلصاق مهنة الدعارة بجميع فتياتهم ونسائهم على نحو إنطباعي غير موفق أو صحيح ، وحيث إستهجن كافة أصحاب الضمير من الكتاب العرب مثل هذه التوجهات الخرقاء التي يحاول فيها بعض أنصاف المتعلمين والمعقدين جنسيا ومن على رأسهم بطحة من مؤلفي ومخرجي المسلسلات والأفلام الضحلة دق أسافين بين الشعوب العربية والإسلامية . فإن الملفت للنظر هو هذا الإفتخار السافل الجاهل بفحولة الذكر في مجتمعاتنا العربية على نحو خاص . بل وإحتفاء الأسرة والأبوين وحتى العائلة والقبيلة بفحولة إبنائهم من الذكور في مواجهة ضحاياهم من إناث العائلات والقبائل الأخرى ....
... بل وحين يشتكي أهل فتاة إلى أهل ذكر من أن إبنهم يعاكس ويغوي إبنتهم سرعان ما يكون الرد على شاكلة :
"تيسنا مطلوق أربطوا غنمكم".

 

 

لمــن العـــار؟
......................

على ذات النسق ذهبت أحداث الحلقة رقم (14) من مسلسل العار بوجه خاص سواء في طريقة العرض أو ردود الأفعال ...
فتاة مومس تجلس مع ذكر من "عربي مشرقي ثري" ...... هذا مفخرة للرجل العربي رغم أنه هنا "زاني" ليس إلا...... والدليل على ذلك أن لا أحد من شعبه قد حرك ساكنا .
نفس الفتاة أعلاه يتقدم نحوها "ذكر" مصري فيطلب منها ممارسة الزنا معه ..... فينتشي المجتمع المصري وتنتفخ الأوداج فخرا بفحولة المصري الزاني البطل !!....
ثم يتضح من خلال الحوار بين الذكر الزاني المصري والمومس أن هذه الفتاة مغربية الجنسية .. وهنا تقوم القيامة ولا يكاد الشعب المغربي يهدأ له بال أو ينام !!
ترى لو حدث العكس في كافة الأحوال التي حاول مسلسل العار في حلقته رقم (14) تكريسها وكان مكان الأنثى المغربية أنثى مصرية أو من دولة عربية أخرى . وكان مكان الذكر "العربي" والآخر المصري ذكور مغاربة .. كيف كانت ستكون ردود الأفعال في المقابل؟
لربما خرج المغاربة يرقصون ويقرعون الطبول في الشارع والساحات العامة ويتبادلون الأنخاب حتى الفجر ، ودخل أبناء مصر وأهل "العربية" بيوتهم ينعون ويبكون ويلطمون الخدود ويشقون الجيوب والعار يكسوهم .
................
أمر غريب يستدعي النظر والبحث والتأمل أنه وعندما يزني الذكر من افراد الأسرة ، لا يرى أبويه وإخوته الذكور والإناث على حد سواء وعائلته أجمع في ذلك منقصة أو عيبا أو عارا يمس كرامتهم وكيانهم الإجتماعي أو يعيب إبنهم ... بل على العكس من ذلك ربما يرون فيه "أم المفاخر" وإثبات للذات والنصر المبين ......
وعلى النقيض من ذلك يكون الحال حين تزني الفتاة . فالعار العار وغليان الدم في العروق والإحساس بالذل والهوان والهزيمة النكراء وإنغماس الكرامة في الوحل . وفي أغلب الأحوال تتجنب الأسرة إبلاغ الشرطة أو اللجوء إلى القضاء خوفا من (الفضيحة) .
وإذا تصادف وحملت الفتاة سفاحا من الشاب الذي عشقته وسلمته نفسها عن طيب خاطر ، فلن يحكم القضاء بشرعية الجنين الذي تحمله في أحشائها فهو في نظر الشرع "إبن حرام" ......
ومن جهة أخرى فإنه إذا "تنازل" الشاب الزاني وأبدى "شهامة" وتزوج من هذه الفتاة . فإن أسرته وعائلته بنحو عام تشنع على أسرة وعائلة الفتاة وتذيع على الملأ أسباب هذا الزواج . وتعلن برءاتها منه . وتجعل من زوجة إبنهم وأسرتها مضغة في الأفواه وعبيد لسان.
ولهذه الأسباب نلاحظ أن بعض الزناة من الذكور العرب سادرين في غيهم ، ولا همّ لهم سوى صيد الفتيات البريئات والإيقاع بهن ضحايا لنزواتهم وإشباعا لغرورهم وساديتهم ؛ ثم نفض الأيدي عنهن وتركهن للمصير المجهول ، بعد أن تلوك الألسنة سيرتهن سلبا دون أن تتعرض لسيرة الذكر بسوء . وبعد أن تتوارى أسرة الأنثى خجلا ولا تتوارى أسرة الذكر. وبعد أن تدفع الأنثى أحيانا كثيرة حياتها حين تنتحر أو تهرب من بيت أسرتها وتهيم على وجهها فتتلقفها عصابات الدعارة والإتجار بالبشر . أو يذبحها أهلها في الخفاء . في الوقت الذي لا تمتد يد القصاص إلى شريكها الذكر الفحل المهيب.
ومن ثم فإن التساؤل الذي يفرض نفسه هو لماذا هذا التباين الشنيع بين قناعات المجتمع المسلم وغير المسلم وبين تعاليم الدين في مواجهة طرفي جريمة الزنا ؟
لماذا لا نرضى سوى بأن نظل على جاهليتنا الأولى رغم أننا نحمل في صدورنا وفي أيدينا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؟ .... لماذا هذه الإزدواجية العمياء والذكر إبننا والأنثى بنتنا كذلك؟
إذا كان الدين الإسلامي وكتاب القرآن العظيم والسنة النبوية المطهرة جميعها قد وحّدت العقوبة الدنيوية التي يواجهها الزاني والزانية في حالة إنكشاف أمرهما وإقامة الدليل الشرعي القاطع وفق ما هو معروف من ثلاثة أحوال:
1) إعتراف أحدهما أو كلاهما بإرتكاب جريمة الزنا وطلب العقوبة من ولي الأمر خوفا من عقوبة الآخرة الأشد.
2) ظهور الحمل في الأنثى دون زواج.
3) وجود أربعة شهود عدول تتطابق أقوالهم جميعا.
فإذا كانت الشريعة الإسلامية قد وحّدت العقوبة في مواجهة الذكر والأنثى. فلماذا ينكص المجتمع ويظل على تمسك بأن زنا الذكر ليس كزنا الأنثى ؟ وينطبق ذلك حتى على بنود القوانين الوضعية ؟
...
إن على الجميع أن يعي أن جريمة الزنا وقعها واحد لكلا الذكر والأنثى .. وحيث يقول الله عز وجل مخاطبا الجنسين : [ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً] الإسراء آية 32
وأن على رجال الفكر والإعلام والدين نشر التوعية لتصحيح ردود أفعال المجمتع العربي فيما يتعلق بشأن النظرة الإجتماعية والقانونية لطرفي جريمة الزنا ؛ توافقا وإتساقا مع ما جاء في كتاب الله الكريم ومحكم تنزيله ....[الزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلده ولا يأخذكم بهما رأفة فى دين الله ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر وليشهد عذابهما طائفه من المؤمنين] سورة النور آية(2)
والمؤسف هنا أيضا أن البعض المتحزلقين يحاول الحط من قدر الأنثى حين يسعى لتشديد المسئولية عليها بزعم أن لفظ [الزانية] قد ورد أولا قبل لفظ [الزاني] في هذه الآية. .. وهو دليل آخر على هذه الإزدواجية الإجتماعية المتلازمة التي يعاني منها البشر.... والواقع أن الذكر هو الذي يسعى للزنا ويخدع الأنثى بمعسول الكلام وبذل الوعود الوردية الكاذبة.
.................
كذلك تواتر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حكم برجم الزاني والزانية المحصنين .
وقد روي عبد الله بن عباس عن عمر بن الخطاب أنه قال، وهو جالس على منبر رسول الله : "إن الله قد بعث محمدا بالحق. وأنزل عليه الكتاب. فكان مما أنزل عليه آية الرجم. قرأناها ووعيناها وعقلناها. فرجم رسول الله ورجمنا بعده. فأخشى، إن طال بالناس زمان، أن يقول قائل : ما نجد الرجم في كتاب الله. فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله. وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن، من الرجال والنساء، إذا قامت البينة، أو كان الحبل أو الاعتراف."
وقيل أن آية الرجم كانت ضمن آيات سورة الأحزاب لكنها نسخت لفظا وبقيت حكما. واختلف الفقهاء في حكمة نسخها لفظا.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (إن اليهود جاءوا إلى رسول الله، فذكروا له أن امرأة منهم ورجلاً زنيا، فقال لهم رسول الله : [ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟] فقالوا: نفضحهم، ويجلدون، قال عبد الله بن سلام : كذبتم ؛ إن فيها آية الرجم ، فأتوا بالتوراة فنشروها، فوضع أحدهم يده على آية الرجم، فقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال له عبد الله بن سلام: ارفع يدك ، فرفع يده فإذا فيها آية الرجم، فقال: صدق يا محمد، فأمر بهما النبي فرجما.
.................
وللحض على عدم تفاخر المجتمع بزنا الذكر فقد قال الله عز وجل في محكم تنزيلة من سورة النور الآية (3) : [الزَّانِي لا يَنكِحُ إلاّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلاّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ].
..............
فهل بعد كل هذا يفتخر الذكر العربي بالزنا . ويفتخر معه عامة مجتمعه وأدباؤه وكتابه ومفكروه وفلاسفته . وحتى النساء العرب يفتخرن بزنا الذكر من أفراد الأسرة والعائلة والقبيلة . ويجعلون من الفتى الزاني طاؤوسا نافش الريش مطلق السراح؟
لماذا هذا الإنفصام ؟ ... ثم ألا يدرك هؤلاء البلهاء أن زنا الذكر من عائلتهم بفتاة غريبة سيقابله حتما ذات يوم زنا ذكر من عائلة أخرى بفتاة منهم؟
إن الفاحشة وجريمة الزنا عندما تسري وتعم المجتمع فإنها تدخل كل البيوت وتصبح عادة وتقليد إجتماعي يطال الجنسين كالحريق دون تفريق... أو كما يقول المثل "يوما لك ويوم عليك" .. و"كما تدين تدان".




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات