الإخوان يطوفون بالبيت الأبيض للحصول على "صك الغفران"..علاقة الجماعة بواشنطن بدأت باجتماعات "السفارة" وتطورت لزيارة رسمية
آ سبب دخول الإخوان لأمريكا بعد حرمان طويل
بعد الإطاحة بالرئيس المصري السابق حسني مبارك سيطرت التيارات الإسلامية على الساحة السياسية المصرية خاصة جماعة الإخوان المسلمون بعد حصولها على الأغلبية البرلمانية بمجلسي الشعب والشورى، وسيطرت معها المخاوف على الدول الغربية تحديداً الولايات المتحدة الأمريكية بسبب قلقها على مصالحها وعلى شكل علاقة القيادة المصرية الجديدة بإسرائيل، بعد تصاعد الأصوات المطالبة بإلغاء اتفاقية السلام والتعامل معها بندية.
بعد حصول حزب الحرية والعدالة على أغلبية برلمانية عُقد اجتماع بالسفارة الأمريكية بالقاهرة بين عدد من قيادات الإخوان ودبلوماسيين أمريكيين قالت عنه صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إنه كان "لجس نبض" الجماعة التي لم تقم معها واشنطن علاقة قط من قريب أو من بعيد لصالح نظام مبارك.
وبعد إعلان الإخوان ترشيح خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية سافر وفد من الجماعة إلى واشنطن لطمأنة الإدارة الأمريكية على وضع الأقباط والليبراليين وكذلك المرأة في المجتمع المصري إذا وصلوا للرئاسة، فضلا عن علاقتهم بإسرائيل واستمرار معاهدة السلام.
واجتمع الوفد بأعضاء من الكونجرس الأمريكي ومسئولين بالبيت الأبيض في واشنطن في زيارة هى الأولى من نوعها في التاريخ منذ أن تمت الإطاحة بالرئيس السابق محمد حسنى مبارك، كما قام الوفد الإخواني بزيارة جامعة جورج تاون ومؤسسة كارنيجي الدولية للسلام.
وفي السياق ذاته، قالت مجلة "نيوزويك" الأمريكية عن الزيارة "في السابق كان الإسلاميون يحرمون من دخول الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت واشنطن تتجنب الأحزاب الإسلامية العربية، وترفض انتصاراتهم الانتخابية، ولكن الزمن يتغير"، وفقا للمجلة.
وأشارت المجلة إلى أن الوفد الإخواني المصري في واشنطن صار على خطى من سبقوه من إسلاميي تونس وليبيا والمغرب في زيارتهم لواشنطن في وقت سابق من الأسبوع الجاري".
وأكدت المجلة ان مصر مصدر قلق كبير بالنسبة لواشنطن وخاصة فيما يتعلق بالالتزام بالإتفاقيات القديمة وعلى رأسها اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل، ومختلف المواثيق العسكرية والتجارية مع الولايات المتحدة، والتي قد تكون مهددة من نظام إسلامي وملف الحريات والأقليات، مضيفة أنه على واشنطن تغيير نظرتها لمصر وجدول الأعمال الذي وضعه الرئيس الأمريكي السابق "جورج بوش" الابن للتعامل مع ملف الحريات والإسلاميين في ظل الواقع الجديد، على حد تعبير المجلة.
فيما أشارت صحيفة واشنطن بوست الأميركية أن الزيارة جاءت من أجل تهدئة المخاوف الأميركية إزاء التحولات السياسية عقب الثورة الشعبية وصعود الإسلاميين.
وقالت الصحيفة إن الثورة الشعبية التي أطاحت بالرئيس المصري المخلوع حسني مبارك حولت بشكل سريع الإخوان في مصر من جماعة معارضة ظلت محظورة رسميا إلى قوة سياسية وصفتها بالماحقة، والتي تسيطر على نصف مقاعد البرلمان المنتخب حديثا.
وأضافت أنه مع صعود الإخوان في مصر فإن مخاوف أخذت تتزايد من جانب العلمانيين في مصر ومن جانب المسؤولين في الولايات المتحدة بدعوى أن الحركة الإسلامية تهدد حقوق المرأة وحقوق الأقليات الدينية في البلاد.
وأوضحت أن المخاوف تزايدت في ظل ترشيح الإخوان لأحد قياداتها البارزين المهندس خيرت الشاطر لخوض انتخابات الرئاسة في البلاد، وذلك رغم تعهداتها السابقة بعدم عزمها تقديم مرشح رئاسي.
وتتوقع الصحيفة أن يقوم الوفد الزائر بمحاولة تحسين صورة الجماعة أمام مسؤولي الإدارة الأميركية وإبرازها حركة معتدلة ذات وعي اجتماعي، وأنها تخوض العملية السياسية من أجل صالح المصريين جميعهم بشكل عام.
وأضافت الصحيفة أن الوفد الإسلامي الزائر إلى واشنطن يسعى أيضا إلى تحسين العلاقات المصرية الأميركية عقب التوتر الذي شابها إثر قضية المنظمات الأهلية في مصر وأدت بأعضاء في الكونجرس الأميركي إلى مطالبة الرئيس الأميركي باراك أوباما بضرورة وقف المساعدات العسكرية الأميركية إلى مصر والبالغة 1.3 مليار دولار.
وأشارت الصحيفة إلى أن أعضاء الوفد اختيروا لأنهم يجيدون اللغة الإنجليزية ومطلعون على الثقافة الأميركية، وتساءلت عن مدى تطابق آرائهم مع تلك التي للقيادة الإسلامية البارزة لدى إخوان مصر، وسط غموض في إجابات الوفد بشأن أسئلة تتعلق بعلاقة الجماعة مع الجيش المصري وبرأيها بالمساعدات الأميركية لجيش البلاد.
وفي السياق ذاته، دعا مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية إدارة الرئيس باراك أوباما إلى تجنب أخطاء الماضى فى التعامل مع مصر، بتركيز اهتمامه على الإخوان المسلمين، مثلما فعلت مع النظام السابق بدعم مبارك والحزب الوطنى فقط وإهمال المعارضة.
وحذر المجلس واشنطن بدعمها للإخوان تخاطر بإشعال عداء جديد لها من جانب القوى العلمانية والليبرالية، ويذكرها بأن الذين احتشدوا فى ميدان التحرير فى يناير 2011 بإمكانهم أن يحتشدوا من جديد، ولم يكونوا معادين لأمريكا فى المرة الماضية، لكن يمكن أن يصبحوا كذلك فى المستقبل، ولتجنب هذا الاحتمال، يجب على إدارة باراك أوباما أن تسعى إلى عقد اجتماعات عامة فى السفارة الأمريكية مع كل المشاركين الديمقراطيين فى السياسة المصرية، مشيراً إلى أن الحكومة الأمريكية قادرة على التواصل بشكل أكبر مع القوى السياسية المتعددة فى مصر.
داخلياً، وصف النائب عماد جاد عضو الكتلة البرلمانية لحزب المصرى الديمقراطى، زيارة وفد من جماعة الإخوان المسلمين إلى واشنطن بأنها "عديمة الفائدة"، مشيرا إلى أن الإدارة الأمريكية لا تكترث بحقوق الأقليات والمرأة أو مبادئ الديمقراطية.
وقال جاد إن كل ما يشغل اهتمام الإدارة الأمريكية يتمثل في طبيعة علاقة جماعة الإخوان مع دول الخليج العربي وإسرائيل، لافتا إلى أن الولايات المتحدة لاتزال تتبع نفس السياسة التي كانت تنتهجها في عهد النظام السابق بالتركيز على الفصيل السياسي الرئيسي في مصر وتوطيد علاقتها به لضمان حماية مصالحها.
وحول رد فعل الكتلة الليبرالية بالبرلمان على زيارة الوفد الإخواني لواشنطن،قال عماد جاد إن هذه الزيارة ستستغلها القوى الليبرالية ضد الإخوان في "الوقت المناسب"، واصفا الطريقة التي تتعامل بها القوى الإسلامية مع الليبراليين واليساريين بـ"الكيل بمكيالين"، مشيرا إلى أنه حال قيام وفد برلماني من الليبراليين بزيارة مماثلة إلى واشنطن، فإن التيارات الإسلامية ستتهمها بالعمالة والسعي لتنفيذ مخططات أمريكية لزعزعة أمن واستقرار البلاد.
التعليقات (0)