مواضيع اليوم

الإخوان المسلمون والبرادعي

Hatem Dawoud

2010-03-25 10:43:45

0

مبارك والبرادعي والإخوان المسلمون


الملخص التنفيذي /
- منذ منتصف التسعينات انتقل أسلوب تعامل الدولة المصرية مع الإخوان المسلمين من المستوى السياسي إلى المستوى الأمني.
- تاريخ العلاقة بين الإخوان المسلمين والدولة المصرية هو بلا شك تاريخ حافل وقد انتقل من مستوى إلى آخر ومن دائرة إلى أخرى أكثر من مرة.
- لكن تحول الأسلوب الرسمي تجاه الإخوان في فترة التسعينات كان لافت وهام وذو تأثير طويل.
التفاصيل والتحليل /
- أسباب أهمية قضية الإخوان بالنسبة للنظام السياسي:
1- السبب الأول
وهوأن قضية الإخوان المسلمين الشركاء الشرعيين للضباط في الثورة المصرية وفي التحول المصيري إلى النظام الجمهوري شغلت الدولة الجمهورية منذ عهد الرئيس عبد الناصر وحتى الآن.
• فترة جمال عبد الناصر :
- من صدام 1954 إلى ملف التنظيم القطبي في 1965 لم يوجد ملف داخلي تقدم على الملف الإخواني ولم يكن هناك ملف أشد مرارة و مأسي من ملف الخصومة العميقة بين الإخوان ونظام الرئيس عبد الناصر.
- خلاف عبد الناصر مع اليسار المصري الشيوعي كان أكبر بكثير من خلافه مع الإخوان المسلمين ولكن عبد الناصر سرعان ما وجد طريقة ما لتجميد الخلاف مع قوى اليسار واحتواء قطاع واسع منها في جسم النظام.
- في حالة الإخوان استمرت الخصومة وتكاليفها الباهظة حتى وفاة الرئيس عبد الناصر .
• فترة السادات :
- لأن أحد أبعاد حكم الرئيس السادات كان تحقيق انقلاب جزئي على المشروع الناصري ولأن السادات في فترة ما بعد حرب أكتوبر 1973 اعتقد أن الحرب وفرت له فرصة كبرى لوضع بصماته على تاريخ مصر الجمهورية ولأنه فوق ذلك رأى أن الملف الإخواني كان الأثقل بين الملفات التي ورثها عن الرئيس عبد الناصر فقد اختار السادات أسلوب جديد للتعامل مع الإخوان المسلمين.
- تم الإفراج المتبقي من الإخوان في السجون والمعتقلات . وبالرغم من أن النظام رفض إعادة الشرعية للإخوان فقد غض النظر عن نشاطهم التنظيمي والدعوي بما في ذلك إعادة بناء التنظيم الإخواني من القمة إلى القاعدة.
- في المقابل ساند الإخوان سياسة السادات المناهضة للنفوذ الشيوعي في مصر والمشرق ككل كما ساندوا سياسته في الإطلاق المحدود للحريات السياسية والاقتصادية.
- عندما أقر السادات نظام التعددية الحزبية وجد الإخوان أن بالإمكان التقدم لإلغاء الحظر الجمهوري على وجودهم ونشاطهم.
- هناك الآن من الأدلة ما يكفي للتوكيد على أن السادات كان على استعداد لأن يستعيد الإخوان وجودهم كجمعية دينية بدون أن يتمتعوا بحق العمل السياسي.
- رفض الإخوان مثل هذه الشرعية المحدودة وفاتت بالتالي فرصة الاستعادة الجزئية للشرعية.
- لكن الصحيح أيضاً أنه حتى بعد أن رفض السادات عودة الإخوان في إطار ديني وسياسي لم يتعرض لنشاطاتهم السياسية والتنظيمية بالقمع الأمني.
- بطريقة ما قبل السادات ضمنياً بوجود الإخوان الديني/ السياسي المزدوج بل أنه لم يجد أي مشكلة عندما تعلق الأمر بسياسات يؤيدها مثل الموقف من الاحتلال السوفيتي لأفغانستان في تشجيع الإخوان على الانخراط في العمل السياسي.
- الأرجح أن السادات الذي لم يكن ديمقراطياً بالتأكيد ظن أن الوجود الديني والسياسي للإخوان سيخضع له في النهاية ربما عندما يصبح نظامه من القوة ما يؤهله لتحمل عواقب مثل هذا الوجود.
- خلال الشهور الأخيرة من حكمه وعلى خلفية من معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية وتسارع عجلة التحالف المصري الأمريكي تصاعد التوتر في مصر بدرجة غير مسبوقة.
- بالرغم من أنه أنهى عهده بحملة اعتقالات واسعة النطاق طالت قيادات الإخوان كما غيرهم فالأرجح أن السادات كان يقصد بالحملة تعزيز صورته كحاكم مسيطر على شأن البلاد وقدرها ولم يكن يستهدف بالضرورة إعادة بناء الدولة البوليسية.
• فترة حكم مبارك :
- بوفاة السادات كان هدف الرئيس مبارك الأول تخفيف حالة الاحتقان والتوتر الداخلية وإعادة بناء شرعية النظام. وهذا ما دفعه إلى توسيع هامش الحريات في البلاد بما في ذلك مواصلة سياسة غض النظر عن الإخوان المسلمين التي التزمها السادات من قبل.
- بخلاف السادات ترك مبارك مسافة باردة بين حكمه والإخوان المسلمين ولكن الصحيح أيضاً أن مبارك في بداية حكمه لم يلجأ إلى أساليب القمع المعهودة لتحجيم النمو والانتشار الإخوانيين المتزايدين.
- بمعنى آخر تعامل مبارك مثل السادات مع الإخوان المسلمين باعتبارهم تحدي سياسي غير مرحب به يتطلب سد الفجوات القانونية التي تتيح للإخوان التوسع في النقابات والاتحادات النقابية والطلابية ومحاولة إيجاد منافسين جديين لهم في الجانبين النقابي والسياسي.
- الوسيلة الأخرى لتحجيم الانتشار الإخواني كانت المحافظة على تقاليد التزييف الانتخابي العميقة الجذور.
- منذ بداية التسعينيات أخذت مصر في مواجهة موجة عنف إسلامي واسعة وباهظة التكاليف سواء على مستوي الطبقة الحاكمة والأجهزة الأمنية والشعب المصري ككل أو على صورة مصر أمام الخارج الغربي والإسرائيلي.
- في شدة المواجهة بين الدولة وقوى العنف إسلامية التوجه ظهر قلق رسمي متعاظم من توسع نفوذ وانتشار الإخوان المسلمين مع ظهور وجهة نظر قوية ومؤثرة في أوساط قيادة الدولة تقول بأن عدم تورط الإخوان في العنف لا يعفيهم من المسؤولية عنه وبالتالي تم التعامل مع الإخوان المسلمين عل أنهم مسألة أمنية بحتة.
- منذ ذلك الحين وحتى الآن والإخوان يتعرضون لحملة أمنية من الاعتقالات المستمرة. وبالرغم من توفر أدلة كافية على أن الإخوان المسلمين هم القوة السياسية الرئيسية في البلاد وأن الساحة السياسية المصرية تكاد تنقسم بين الإخوان والحزب الوطني الحاكم فمن الواضح وجود إصرار على استمرار التعامل الأمني مع الإخوان.
2- السبب الثاني
وهو أن انتقال المقاربة الرسمية لملف الإخوان المسلمين إلى المستوى الأمني قد تزامن مع تضييق مساحة الحرية والعمل السياسي في البلاد.
- والمقصود هنا ليس الترخيص لأحزاب جديدة فهذا يحدث بالفعل وإن كانت هذه الأحزاب لا تتمتع بأية قاعدة شعبية تذكر ولا المقصود هو التراجع في مجال الحريات الصحفية والإعلامية فالحقيقة أن مصر تتمتع بقدر ملموس من حرية الصحافة والإعلام.
- المقصود أن الحكم وصل من الترسخ والثقة بالنفس وعدم الاهتمام معاً ما يجعله ضعيف الاستجابة للرأي العام ولا رأي الصحافة ولا النخبة ولا الأجيال الشابة ولا القاعدة الشعبية.
- بهذا لم يعد للحياة السياسية المصرية معنى يذكر.
3- السبب الثالث :
يتعلق بتاريخ النهج الأمني في التعامل مع الإخوان المسلمين.
- الإخوان سواء لسلوكيات استبدادية لدى الطبقة الحاكمة أو لأخطاء ارتكبوها أصبحوا هدفاً لحملات قمع أمنية منذ نهاية 1948، عندما وقع حلهم الأول.
- لكن مثل هذاالأسلوب لم ينفع لا في القضاء على الإخوان ولا في تحجيم أثرهم ونفوذهم المجتمعي.
- بالمقارنة بحزب الوفد الذي ولد قبل الإخوان المسلمين بعشرة سنوات وتعرض مثلهم لمنع شامل طوال أكثر من 20 عام من عمر الجمهورية المصرية أثبت الإخوان أنهم قادرون على التجدد وإعادة بناء الذات مهما كانت العقبات بينما يبدو حزب الوفد اليوم وكأنه خرج نهائياً من الخريطة السياسية المصرية.
• مرحلة محمد البرادعي
- جميع هذه العوامل السابقة ونظام الحكم يواجهون واحد من أكثر التحديات جدية وهو ذلك المتعلق بعزم د. محمد البرادعي الرئيس السابق لوكالة الطاقة النووية التابعة للأمم المتحدة الترشح لمنصب رئيس الجمهورية.
- قد يكون هناك الكثير في سجل البرادعي الوظيفي مما يثير الشكوك في مؤهلاته لاحتلال منصب رئاسة الجمهورية وإن أخذت الشروط الدستورية الحالية في الاعتبار فإن العقبات في طريق ترشيح البرادعي تبدو صعبة الحل.
- هذا بجانب خبرة أجهزة الدولة الطويلة في إدارة الماكينة الانتخابية وإيقاع الهزيمة بمن تريد.
- لكن ذلك كله لا يجب أن يقلل من حجم التحدي الذي يواجهه النظام في مشروع البرادعي الرئاسي.
- توجد فترة عامين يفصلان بين عودة البرادعي المثيرة لبلاده منذ أسابيع قليلة ماضية و انتخابات الرئاسة المصرية القادمة في نهاية 2011.
- خلال هذين العامين ليس من الصعب تصور اتساع نطاق المؤيدين للبرادعي من آلاف المرحبين بعودته إلى مئات الآلاف وربما الملايين ومن أوساط النشطاء السياسيين الجدد والنخب المصرية إلى القاعدة الشعبية.
- ليس من الخفي أن البرادعي لا يثير قلقاً كبيراً في الدوائر الدولية والأمريكية التي تهتم اهتماماً خاصاً بمصير مصر. وبالرغم من أن القوى السياسية المصرية التقليدية بما في ذلك الإخوان لم تعلن موقفاً واضحاً من مسألة ترشح البرادعي فليس من الصعب تصور قيام البرادعي بتقديم تطمينات كافية لهذه القوى.
• الخاتمة /
- ضعف الحياة السياسية المصرية خلال العشرين عام الماضية قد يجعل القوي السياسة الحالية ومنها الإخوان تقبل بأي بديل عن حكم الرئيس مبارك أو حكم رئيس آخر يعتبر امتداداً له.
- من المبكر بالطبع توفر إجابات يقينية على جملة الأسئلة التي يثيرها التحدي السياسي الذي يمثله البرادعي.
- المهم أن هذا التحدي إن ظل البرادعي على تصميمه على خوض الصراع يعيد الآن رسم الخارطة السياسية المصرية.
- فالنظام الحاكم يواجه تحدي جديد بعد أن ظن طويلاً أن الإخوان هم مصدر التهديد الوحيد له.
- مع تدهور الحالة الصحية للرئيس مبارك وإجراءة لعملية جراحية له منذ أيام من المتوقع إلتفاف المزيد من المعارضة والإخوان خلف البرادعي في الفترة القادمة.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !