بعد أن وقف مراقبو جامعة الدول العربية طوال أسابيع يتابعون ويؤدون مهامهم في سوريا وهم لا يحملون سوى أقلامهم، من المنتظر أن يصدروا تقريرهم الثاني ليتم مناقشته بعد غد السبت من قبل اللجنة الوزارية العربية المعنية بالأزمة السورية وفي اليوم التالي سيجتمع مجلس الوزراء العرب الذي سيتخذ القرار النهائي بشأن بعثة المراقبين العرب في سوريا،وسيتعين على الجامعة العربية على المدى القصير أن تقرر مصير بعثة المراقبين التي ينتهي عملها اليوم الخميس.وهناك ثلاثة احتمالات إما إلغاء مهمتها أو تمديدها أو تعزيزها لتشمل المزيد من المراقبين.وعلى المدى الأطول سيكون على الدول العربية أن تحدد أي نوع من الجزاء هي مستعدة لتنفيذه ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد.وأكثر هذه الاحتمالات رجحانا في ظل المعطيات المتوفرة على الساحة السورية المحلية والعربية والدولية هو تمديد عمل البعثة وهذا الاحتمال يتزامن مع إعلان الأمم المتحدة بدأها بتدريب مراقبين عرب للعمل في سوريا. من جهتها طرحت موسكو مشروع قرار جديد بخصوص سوريا في مجلس الأمن،وتأتي هذه الخطوة من اجل استباق أي إجراء دولي تجاه سوريا وقد يتضمن هذا القرار تضمين الجماعات الإرهابية المسلحة المسؤولة عن العنف بعدما اغفل التقرير الأولي لرئيس بعثة المراقبين إلى سوريا الفريق محمد الدابي هذا الأمر،وأيضا من اجل الحيلولة دون فرض عقوبات دولية من مجلس الأمن تجاه سوريا،وتأتي هذه الخطوة في إطار اتهام الغرب لموسكو بالانحياز إلى نظام الأسد. وعلى أرض الواقع فإن اتخاذ نظام العقوبات الشاملة الذي يُفرض عن طريق مجلس الأمن الدولي يهدف إلى تغيير سلوك الدولة المستهدفة،عن طريق عزلها دبلوماسياً واقتصادياً ويهدف بدايةً للسيطرة على اقتصاد الدولة المستهدفة من الخارج. وقد نجم عن نظام العقوبات الشاملة التي فُرضت على العراق ما قبل الاحتلال الأمريكي معاناةٍ إنسانيةٍ وموت الآلاف من العراقيين وتدمير البنية التحتية للعراق،بينما لم تسفر هذه العقوبات عن التغيير الذي رغبت به القوى العظمى في سلوك النظام العراقي السابق.وعليه عندما لم تنجح العقوبات الشاملة في تحقيق أهدافها،ونتيجة للقلق الذي أثارته العقوبات الدولية الاقتصادية الشاملة لدى المنظمات الإنسانية،برز مصطلح العقوبات الذكية والذي طُبق على إيران وتشمل العقوبات الذكية فرض حظر تجاري على الأسلحة،وتجميد أصول الأموال،ومنع الطيران لأعضاء النظام،وفرض عزلة دولية للنظام المستهدف ذات عدة أوجه، سياسية واقتصادية في المجمل. ويهدف نظام العقوبات الذكية إلى تخفيف الآثار المترتبة على تطبيق العقوبات الشاملة بمعنى اخر تركيز العقوبات على الرموز السياسية للدولة المستهدفة من اجل ان تغير سلوكها السياسي،وإلى تقليل حجم المعاناة الإنسانية.فقد قام الاتحاد الأوروبي بتشديد العقوبات على قطاع النفط السوري،مدرجاً شركات حكومية تشرف على تسويق وتجارة النفط ومشروعات التنقيب،في إطار جهودٍ منسقةٍ بين أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية والجامعة العربية لتكثيف الضغط على القيادة السورية، وكان من بين الشركات التي أوقفت نشاطها في سورية شركة شل الأوروبية.وفي أيلول الماضي اتفقت أوروبا على إيقاف استيراد النفط السوري ولكنها أرجأت التطبيق الكامل لهذه الإجراءات إلى منتصف تشرين الثاني استجابةً لضغط إيطاليا التي تعتمد بشكلٍ كبيرٍ على الإمدادات السورية. وفي وقت سابق صرح رئيس الوزراء الأردني عون الخصاونة في مقابلة مع مسؤول بارز في الإدارة الأمريكية،حضر لتدريب عواصم المنطقة على كيفية المشاركة الفعالة في نظام العقوبات الأخير المقترح على سورية،بأن الأردن ستلجأ ببساطة إلى المادة 50 من ميثاق الأمم المتحدة في حال فرضت عقوبات جديدة صارمة بموجب الفصل السابع والتي تعطي الدول المجاورة التي تتضرّر جداً من أي عقوبات دولية الحق في الاستثناء وعدم المشاركة في هذه العقوبات. وينطبق هذا الحال على الدول المجاورة الأخرى مثل لبنان والعراق. وقادت قطر التي كانت واحدة من الدول العربية المشاركة في الحرب ضد القذافي في ليبيا جهود انتقاد للأسد.كما أنه من بين الدول التي تتخذ موقفا المملكة العربية السعودية الراغبة بشدة في إضعاف إيران من خلال عزل الأسد الحليف الرئيس لطهران بين الدول العربية.ويمكن لقطر والسعودية في العادة أن تعتمد على تأييد من دول أخرى بمنطقة الخليج. لكن مصدرا في الجامعة العربية قال إن عمان والبحرين بدأتا في "إعادة النظر في موقفيهما" في ضوء احتجاجات في الداخل.وأضاف مصدر آخر الكويت إلى قائمة دول الخليج التي بدت غير متحمسة. وفي وقت سابق اقترحت قطر إرسال قوات عربية إلى سوريا حيث يعتبر هذا الاقتراح واحدا من أجرأ الخطوات التي تتخذها الجامعة العربية طوال تاريخها الممتد 67 عاما،غير إن حشد التأييد لمثل هذه الخطوة ربما يكون صعبا نظرا لأنه سيواجه مقاومة من حكام عرب متحالفين مع دمشق أو قلقين من الاضطرابات الداخلية ومنهم العراق ولبنان والجزائر. وإذا لم تتفق الجامعة العربية على إجراء تتخذه هي فستتعرض الدول العربية لضغط متزايد للموافقة على إجراءات دولية أوسع نطاقا.لكن الغرب لم يبد رغبة تذكر في نوع التدخل الذي قام به في العام الماضي للمساعدة على الإطاحة بالزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.وسيكون أول قرار يتعين على الدول العربية أن تتخذه هو ما إذا كانت ستمدد تفويض بعثة المراقبة لما بعد يوم19 كانون الثاني الحالي. مركز بلادي للدراسات والابحاث السترتجية
http://www.beladitoday.com/index.php?aa=news&id22=1292
التعليقات (0)