عجائب وغرائب العهر السياسي الذي دق ناقوسه منطق سياسي الصف الأول في العالم ( الإسلامي ) العربي من خلال قراءاتهم ذات المكيالين أو أكثر حيث لاتحمكها أي معايير تذكر , وكذلك التطاول, على المنهج العقائدي للمسلمين ودستورهم الواحد الموحد ( لسنا هنا بصدد مناقشة الوضع العام) للأمة
بل نطرح زاوية واحدة فقط, والتي هي جزء من القضية الكبرى للأمة, إخترناها مثلا نضربه حتى نستفيد مما في داخل طياتها من ترهات وخزعبلات, يسوقها المتسلطون على معائش الناس ومقدراتهم في ذلك المحور .
أقطار المغرب الإسلامي العربي ( هنا قدمنا العقيدة على العرق ) ...على إعتبار ومن خلال قراءتنا للتأريخ ومجرياته وجدنا, ان العقيدة هي التي تتحكم بسلوك وتصرفات الإنسان, بعيدا عن التنابز والعرقية .ونتيجة الإختلاط مع اجناس أخرى, إنتابتها نوبات وتقلبات كثيرة من التأرجح ما بين إنتمائها الديني والعرقي, وأيهما ينبغي أن يكون في المقام الأول , وهل ينبغي التمسك بالدين أم العرق, ومن يقود من, وكيف نؤسس لنظام أو منظومة تؤمن لها الإستقرار والأمن الاهلي, وتجعلها ان تكون على أقل التقادير تتبادل المصالح المشتركة, وتبني أقطارها على أساس إلتقاء المصالح, التي من خلالها تتمكن من إرساء دعائم الأخوة بكل أشكالها العقائدية والوطنية والإقليمية , ياترى هل عقيدتها فيها من النصوص مايمكن معها بعد إستنطاقها, أن تقدم لها مشاريع تهم الإنسان ومتطلباته, وتحقق طموحاته في الحاضر والمستقبل , والكثير من الأسئلة في حينها كانت تطرح .
هذه المشاعر العامة أخترقت من قبل أصحاب القوة التي سيطرت على تلك الأقطار, وقد مزقتها جغرافيا ووضعت لها مسميات جديدة, ولعبت على ثقافة التفرقة والعنصرية والمذهبية , وفعلا ومع الأسف تمكن ونجح هؤلاء الدخلاء الأشرار, الى حد ما في هذا الأمر, وخلقوا حالة من الوعي لدى العامة, على أنه امر واقع, ولابد أن تتعاطى مع الحالة الطارئة والمستحدثة, وهو ماجعلها تتأرجح بشكل عام .
لكن, ولإنتباهة البعض وبعد فحص دقيق وتمحيص لما يطرح من مشاريع, تصدى هذا البعض من داخل هذه الأقطار, لوضع وصياغة مشروع ثقافي عقائدي, يقف بوجه الأخطار الجديدة المحدقة بهم, ومن كل الجوانب, لدرءها وإبعاد شبح إنتشارها, فإنبروا الى إشاعة النصوص الدينية وتسخيرها ومن ثم تفعيلها لكي تكون هي المشروع الناجز والمناهض للعديد من المشاريع المطروحة على الساحة , نعم لقد نجحت الى حد كبير في فرملة تلك المشاريع مما حدى بأصحابها لإستبدالها بأخرى مع توفير الدعم الكامل وعلى كافة المستويات .
هنا بدا التسابق المحموم بين المشروع الإسلامي من جهة, وبقية تلك المشاريع من جهة اخرى, والتي يطرحها الآخرين, آخذين بنظر الإعتبار كل جديد, وخاصة تلك التحولات السريعة في المعارف والمفاهيم لدى سكان تلك الأقطار, والتي كانت تتأثر بمحيطها العام .
لكن بقي المشروع الإسلامي في مد وجزر ( هناك أسباب عديدة أهمها سقوط الأندلس وما نتج عنها في إندحار للمشروع الإسلامي خارج حاضنته الطبيعية , والحال ينطبق على ماعند الطرف الآخر من طروحات أي أن الإثنين لم يستقرا على منهجية واحدة) المشاريع المعادية لم تستطع ان تقدم مشروعا واضح المعالم من أجل أن تستقطب كافة الفعاليات القومية التي تتعايش على تلك الأقطار, والسبب هو بالذات الطرح الديني الذي إنتشر, ولكن بصورة جديدة, وهذا ناتج عن مراقبة وترقب من قبل الطرفين , الطرف المعادي يتحين الفرص للإنقضاض على كل ما من شأنه أن يوحد القيمة العقائدية والوطنية لسكان المنطقة, وهذا من المؤكد كان يتصاعد طرديا مع كل طرح جديد يؤدي الى نتائج إيجابية بإتجاه الوحدة والتوحد .
الشئ الوحيد والذي لايمكن لمتتبع منصف أن ينكره هو ذلك الذي سجله التأريخ الإسلامي ( والعروبي ) وهو أن المشروع الإسلامي, إستطاع أن يستجمع كل القوى والفعاليات -رغم تباينها - في ظل راية مقارعة ومقاتلة تلك القوى المتمثلة ببعض الدول التي تواجدت مشاريعها على مختلف أشكالها سواء المباشرة أو نحو ذلك , والمباشر نقصد به هو( الوجود العسكري) وهو عادة مانطلق نحن عليه وهو الحقيقة ( إستحمار ) وكذلك الوجود الآيديولوجي الديني, من خلال زمر التبشير, وهذا وعلى أساسه ومن خلاله نتج عنه الكثير من الرؤى والتصورات الأخرى, والتي تصب في نهاية الأمر الى شرذمة المشروع الإسلامي ,لكن نقول أنه نجح الى حد كبير في بلورة مفاهيم دينية مرتبطة بالشعور الوطني, مما زاد في إلتصاق تلك الفعاليات بقادتها آن ذاك وقد أفضى الى العديد من الثورات العارمة ضد الوجود الأجنبي المشار إليه اعلاه, وثم طرده, لكن مع الأسف شكليا, والسبب يعود الى أن العاملين على المشروع الإسلامي ( صحيح أن أدى الى الكثير من الإيجابية ) لكن لم يكن عندهم القدر الكافي من النضج والوعي الديني الكامل, من اجل أن يستعملوا النصوص العقائدية, وتطويعها من أجل خدمة الإنسان, طبعا هناك أسباب عديدة أدت الى هذا العيب الواضح , وهذا أيضا كان مدعاة لأن تكون تلك القوى المتحكمة نوعا ما, أن تمتلك أسباب الخرق والتمركز داخل بؤر مختارة من زوايا القائمين على إستنهاض الهمم وقيادة الناس بما يتلائم ورؤيتهم الدينية .
هنا وبعد الإستقلال الذي نطلق نحن عليه (الإحتقلال ) وتقسيم مناطق المغرب الإسلامي العربي الى مايسمى بدول المغرب العربي, وقد منحوها أسماءا مستقلة, وكان إحتقلالها في أزمان مختلفة حتى الى مابعد ذلك الى عينوا يوما للإحتفال مايسمى بالعيد الوطني لكل دولة على حدة, بعيدا عن البقية وهذا كان خطوة إستباقية لعنونة ذلك التقسيم وتلك التجزئة, وبالتالي فهم نجحوا في تكريس تلك المفاهيم, وأخذت تتجذر في عقول الناس أيضا من خلال تابعية هذه الدول الى تلك القوى التي كانت على ارضها , وهذا أيضا جعل الناس تشعر, أن لها إنتماءا ليس من حيث الهوية, إنما من حيث الثقافة العامة التي إستحكمت عقولهم عنوة , وأصبح الأمر فعلا واقعا لامناص لنا إلا التعامل معه .
ثم عمدت تلك القوى المتسلطة, الى تفتيت بقية الأقطار الى أجزاء متناحرة, حتى تسهل عملية السيطرة عليها , لكن في الوقت نفسه, بذلت وتبذل أقصى مايمكن لها, هي ان تتوحد وتجعل لها دستورا وعلما وعملة ,لأنهم يعرفوا أن في الإتحاد قوة, وفي الفرقة ضعف , وقد بدا لاحقا ان هناك مخططا ناجزا كان مطلوب من هذه القوى تفعيله على الأرض, وهذا المخطط عرف لاحقا بمشروع ( إقامة وطن لليهود)وكان لهم ذلك .
لكن ومن سياق الأحداث, هل فعلا إعترف كل العالم بهذا الكيان, وهم يعرفون حيثيات إقامته ؟ طبعا لا , لأن العالم لم يكن ناضجا لهكذا موضوع, وخصوصا بعد إنتهاء حرب الأعداء ( الحرب العالمية الثانية ) لأن الفكرة التي كانت سائدة وقتها هي الإستقلال والحرية للشعوب, ولحد الآن هناك الكثير لم تعترف بهذا الكيان, وحتى الذين إعترفوا به, إفتضح لهم أمر تأسيسه, فصار مدعاة للسخرية والتندر, وبعد أن رأت الدول الراعية لهذا الكيان, أنه لم يعد وجوده مقبولا , دأبت على إنتهاج سياسة جديدة, وهي اللعب على وتر التعايش السلمي, وتحويله الى تعايش تحكمه القبلية والدينية والمذهبية والطائفية والقومية, وذلك من اجل تقسيمها الى كيانات وكونتونات صغيرة, يتناسب حجمها مع حجم الكيان الصهيوني اللقيط أو أقل .
وطبعا إتخذت لها أدوات تنفيذية لهكذا مشروع شيطاني شرير, فكان لها أن قسمت كل الأمم بل حتى العائلة الواحدة نراها مقسمة, وذلك بفعل الآلة الإعلامية ذات التوجهات المتنوعة , وخصوصا ماتنشره من إدعاءات باطلة كالديمقراطية وحرية الرأي والرأي الاخر, وحرية المجتمع والمرأة وحقوق الإنسان ووووووووووووو....الخ , من خزعبلات وترهات لاتمت للواقع الطبيعي بصلة .
الآن وصلنا الى مبنى بحثنا هذا, وهو مشروع الإتحاد المغاربي, الذي سمعنا عنه الكثير, لكن دون جدوى, ولم نر أي تقدم بهذا الإتجاه ولو خطوة واحدة , فلماذا ياترى, وما هي العقبات التي تعترض الطريق ؟!من المؤكد ماسقناه في بداية البحث, يكفي كإجابة لهذا التساؤل , ولكي نوضح الصورة أكثر, نريد أن نعرج على ماطرحه ( رئيس الوزراء الجزائري ) في مقابلة مع تلفزيون الجزيرة قبل أيام, والذي يدعي أن دولتين أو اكثر, هما العائق بوجه مشروع الوحدة المغاربية ؟!
ونسأل : إذا كانت ثمة مطالب لتلك الدولتين, وخصوصا إذا كانت مشروعة لماذا لايصار الى طاولة حوار, وتوضع النقاط على الحروف وينتهي الأمر الى الخير ؟! لاادري إذا كانت للجزائر مشاكل مع تونس أو ليبيا مثلا ؟ لكن حتما ومن المؤكد, أن للجزائر مع المغرب مشاكل عويصة ومعقدة لأرتباطهما بالحس الوطني لكلا البلدين, مع ان هذا الأمر لايتناسب مع الروح العقائدية لكليهما .
نرجع قليلا الى موضوعة الكيانات الصغيرة, لنذكر بها فقط , كتيمور الشرقية, والجبل الأسود, وتايوان واذربيجان, وكوسوفو, ( وكل كيانات الخليج المستحمرة علنا وبلا خجل ), وقبرص, ولبنان, والأردن والشيشان .....الخ , من الكيانات التي هي أصغر مساحة وأقل عددا من الكيان الصهيوني .
نعتقد إن موضوعة الصحراء الغربية, وتشجيع الجزائر لها ودعمها ( هو دعم للمشروع الصهيوني ) ماتقدم من بحثنا هو دليلنا على ذلك , ونعتقد هو سبب المشكل الرئيس بين المغرب والجزائر, والذي حال دون الوصول الى الحد الأدنى من التوافق على أي صيغة أو إتفاقية تدعم مشروع الوحدة المغاربية , نسأل مرة اخرى السيد عبد العزيز بلخادم :: كيف تستقيم الدعوة الى مشروع وحدوي متكامل, مع مشروع تجزيئي إنفصالي, ينخر جسد الأمة والذي هو اصلا متهالك , وهل تعتقد أن في إستقلال الصحراء الغربية, عن المغرب هو إنتهاء مشاكل العالم, أو هو السبيل الوحيد لإذابة الجليد في العلاقات بين أقطار المغرب العربي, أو هي الطريق الوحيد الى سلوك منهج الوحدة , وهل تعتقد أن كل المشاكل ستنتهي تماما ولايعود مايهدد تلك الأقطار , ثم الا تفكر بموضوعة ( القبائل الكبرى والصغرى ) والتي هي الآن على كف عفريت, بل أعتقد أكثر او غيرها وهي تطالب بالإنفصال, مثلما حصل للعراق وشماله , وإذا دعمت المغرب أو أي قطر مغربي آخر أي من هذه التوجهات الإنفصالية عندكم, فما هي الجزائر فاعلة حين ذاك .؟!!!!! .
ياسيد عبد العزيز , إن الله يقول ( إن هذه أمتكم أمة واحدة فأعبدون ) , أقول لك, أن هناك مشاريع تجزئة ناجزة وجاهزة, وهي الآن في عهدة من هم مستعدون لإطلاقها, وهي أيضا من ضمن المشروع والمخطط الكبير للصهيونية العالمية, قد بدأ بشمال العراق وسيمر على جنوب السودان وسيذهب الى كشمير وإقليم التبت في الصين والباكستان والمملكة العربية السعودية وأندونيسيا , واليمن ومصر مرشحتان لهذا المشروع , ياسيادة الوزير الأول , إن الله سائلكم يوم لاينفع مال ولا بنون ولا كراسي ولا مناصب وإن الله إستخلفكم على رعيته وخلقه فلا تخونوا الأمانة وتفرقوا الأمة , قوتكم بوحدتكم تكاملكم الإقتصادي كفيل بالوقوف بوجه المارد المخفي وهو الجوع , سلمكم الأهلي هو بإتفاقياتكم الأمنية , أمنكم وأمانكم وأستقراركم الداخلي, منوط بما تقدموه من خدمات الى رعيتكم وكل هذا لايمكن له إلا حينما تصفى القلوب, وتذهب الضغائن وتغلق الأبواب بوجه الرياح الصفراء, أما قرأتم كتاب الله ( ولا تفرقوا ) يعني تجمعوا لكي تعدوا القوة لأعدائكم والمتربصين بكم الدوائر , فلا تدعموا أي جهة إنفصالية, ولا تكونوا حصان طروادة لتنفيذ مشاريع الفرقة لأن التأريخ لايرحم .
نطالبكم : بإسم الله والدين بإسم العقيدة بإسم المواطنة الإسلامية, أن ترفعوا أيديكم عن كل إنفصالي يريد أن يستأثر بالثروة والكرسي , مهما كان النظام في المغرب لكنه يبقى أفضل من ان نتفرق , لابأس بأن تقدموا خبرتكم السياسية وإبداء النصيحة المقرونة بنفس الأخوة الى أي مسؤول في رقعتكم الجغرافية من اجل المحافظة على أصالتكم الإسلامية والعربية والوطنية .
كفانا فرقة وتجزئة وتشرذم وتسكع , بالله عليك ألا يكفي وجود هذه الغدة السرطانية في جسد الأمة الإسلامية وهو الكيان الصهيوني ؟! لماذا تريدون أن تخلقوا غددا أخرى وفي مناطق متفرقة من هذا الجسد الهزيل , أتريدوا أن تنهوا دور الأمة التي سماها الله خير الأمم .......
علي المطيري
13 -5 - 200
التعليقات (0)