ماهر حسين .
تمر مصر بواحدة من أصعب المراحل التي مرت بهــــا في تاريخهـــا الحديث والبارحة كان واحدا" من أصعب الأيام حيث شاهدت بحزن شديد القنوات الإخبارية المصرية و العربية والعالمية وهي تتناقل الأخبار المحزنة والمخزية عن الاشتباكات المؤسفة بين الجيش المصري والأقباط المصريين .
شعور بالحزن الشديد رافقني خلال متابعة الأحداث وكم شعرت بالحزن وأنا أرى أحدى مدرعات الجيش المصري تحترق على أرض مصر بأيدي مصريين مخلصين ... وبالمقابل كم شعرت بالأسى وأنا أرى المصريين يتقاتلوا ..قذف الحجارة وإحراق السيارات وإطلاق النار أدى إلى إصابات وشهداء في فتنة يسعدُ فيها كل من يكره مصـــر ويكره أن يكون للمصري انتماء" للوطن بغض النظر عن الدين .
خطر الفتنة يهدد مصر ...فتنة بين الجيش والشعب ...فتنة بين المسلمين والأقباط ...فتنة بين الثورة والثوار ...فتنة بين الثوار والشعب ...إنها الفتن التي تلاحق مصر وعلى المصريين الحذر منها ومحاولة فهم ما يحصل ومكافحته وبسرعة حتى لا تنزلق الدولة المصرية بما لا يُحمــــدُ عُقباه وبما لا يحتملهُ المواطن المصري وبما لا تحتملهُ امة العرب.
ومنذ أيام مرت ذكرى أكتوبر وكنت ممن تابع الصحف التي أشادت ببطولات الأبطــــال من رجال القوات المسلحة حيث أن تغطية هذا العام للذكرى جاءت بطريقه مختلفة عن السنوات السابقة والتي كانت تعتبر نصر أكتوبر هو(الضربة الجوية ) فهذا العام قرأنا عن بطولات شملت كافة قطاعات الجيش المصري البطل ....وقبل ذكرى البطولة والنصر في أكتوبر وبأيام فُجِِع أبناء مصر والأمة العربية بوفاة المرحـــوم خالد جمال عبدالنــــاصر .
خالد جمال عبدالناصر .....الابن البكر للزعيم جمال عبدالناصر .....لم يكن خالد عبدالناصر سياسي هام في مصر ولم يكن عسكري ذو رتبة رفيعة بالجيش ..ولم يرتبط كثيرا" بالعمل السياسي سوى ما ذُكِر عن ارتباطه بتنظيم (ثورة مصر )الذي كان بقيادة ضابط المخابرات المصري محمود نور الدين حيث عمل هذا التنظيم على ضرب ومطاردة دبلوماسي ورجال مخابرات إسرائيل ..وعندما تم كشف التنظيم .....غادر خالد عبدالناصر مصر مُطاردا" ومطلوبا" للدولة ..في تلك الفترة و للمرة الأولى في حياتي وعبر شريط فيديو ..شاهدت خالد جمال عبدالناصر ...حيث كنا نشاهد شريط فيديو عن المجلس الوطني الفلسطيني المنعقد بالجزائر عام 1987 ... شاهدنا يومها شابا" نحيلا" يصفق له كل من بالقاعة وقوفا" ويسارع القائد الرمز أبو عمار لاحتضانه وتقبيله والترحيب به بطريقة تٌعبر عن حب واحترام شديدين .....كان ذلك الشـــاب الذي أستقبله الحضور تصفيقا" وسارع أبو عمار لاحتضانه رافعا" علامة النصر هو خالد جمال عبدالناصر .... يومها صدحت القاعة بالتصفيق لخالد وصدحت القاعة بالتصفيق لذكرىجمال عبدالناصر ..كان التصفيق للأب وللابن سر أبيه ...منذ ذلك اليوم عرفنا خالد جمال عبدالناصر ومنذ ذلك اليوم غابت أخباره عنــــــــــا ...حتى شاهدت المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومعه رئيس الأركان سامي عنان في مقدمة مشيعي المرحوم خالد جمال عبدالناصر...فبِمشـــاركة المشير طنطاوي والفريق عنان يكون قد شارك في تشيع خالد جمال عبدالناصر قمة هرم الدولة المصرية وقمة هرم الجيش المصري وهذا مؤشر على ما يمثله خالد جمال عبدالناصر من احترام وتقدير في الجيش والدولة المصرية حيث من المعروف بأن المرحوم عاش حياته متواضعا" بعيدا" عن منازعات النفوذ المالي والسياسي .
كان حضور رأس هرم الدولة في مصر لتشييع خالد ابن المرحوم جمال عبدالناصر له معنى خــــاص يعبر عن ما يمثله أبو خالد للدولة المصرية وللجيش المصري ... فجمال عبدالناصر هو إبن الجيش المصري وهو الذي قاد ثورة يوليو مع الجيش لتدخل مصر حقبة جديدة عمل فيها الجيش والحكومة معا" من أجل المواطن المصري الفقير والمغلوب على أمره ...وبالطبع نجح عبدالناصر ورفاقه في ثورتهم بإعادة الاعتبار لجيش مصر بالإضافة أنه أعاد الانتماء لكل قيم العروبة مما جعل كل مواطن مصري عربي يشعر بالفخر للانتماء لأمة العرب وبغض النظر عن أي ملاحظة من هنا أو هناك تتناول مسيرة الثورة في مصر إلا أن الجميع يتفق على إلتصـــــاق عبدالناصر وثورته بالفقراء وكما أن الجميع مُتفق على إخلاص عبدالناصر وثورته للشعب والأمة وما زال عبدالناصر يمثل نموذجـــا للحاكم والرئيس الشريف الأمين المخلص ...فلم نسمع عن أموال بسويسرا ولا عن نهب وسمسرة ...فلقد غادر عبدالناصر الدنيــــــــــا ورئاسة مصر تاركا" لأسرته ومحبيه مجموعة قيم خالدة ...فلم يترك المـــال ولا القصور بل ترك قيم الشرف التي حفِظت له محبة الناس ...وهنا أدعوكم للاطلاع على مذكرات السيدة الفاضلة تحية كــــاظم . ..زوجة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ..حيث أنك تجد وبكل صدق وبساطة ....كيف عاش الرجل وأسرته وكيف كان يهتم بغرس القيم بأسرته بما لا يجعلهم فريسة للمـــال ولشهوة الحكم .
في الجنـــازة كان حضور المشير حسين طنطاوي والفريق سامي عنـــان تكريما لخالد ولجمـــال عبدالناصر ...هو تكريم لقيم الشرف ...هو تكريم للجيش الذي لا ينسى رجاله وأسرهم ...ولكن وفي جنازة المرحوم خالد جمال عبدالناصر لم يكن التكريم مقتصرا" على تكريم الجيش المصري والدولة المصرية للمرحوم ولوالده ....فلقد حضرت شخصيات وحضرت أحزاب وحضر أصدقاء ...ولكن التكريم ومع كل الحضور تجاوز تكريم الدولة والجيش والأحزاب والشخصيات ...فلقد حضر العديد من أبناء الشعب المصري ..حضر الفقراء والبسطــــــــاء ...من أحبهم عبدالناصر وعاش معهم خالد ...حضر المواطن المصري (X) ..المواطن المصري الذي بكى و هتف بشعارات يجب أن يتوقف عندها كل إنسان ينظر إلى خاتمته وما تمثله للناس ...
سأبدأ هنـــا بالتذكير بلحظة وفاة الراحل الكبير جمال عبدالناصر رمز أمة العرب حيث سارع ملايين المصريين للمشاركة بتشييع جثمانه في منظر غير مسبوق بتاريخ امتنا العربية كلها ..فخرج الشعب المصري ..من أحبهم عبدالناصر ليقولوا له وداعا" وهتفت الجماهير (يا خالد قول لأبوك ..ميت مليون بيودعوك) فوفاة عبدالناصر لم يكن حدثا" عاديا " ...فرح به فقط أعداء أمة العرب وأتباعِهم وحزِن له كل عربي .. ولقد تحدثت إلى العديد ممن عاش ذلك اليــــوم ... حيث أجمع كل من تحدثت إليه على انه كان يوما" حزينا" للمواطن العادي ...ففي بلدتي الصغيرة ..قريتي ... بفلسطين بذلك الوقت ..خرج الشبان حاملين نعشــــا" متظاهرين ..تعبيرا" عن تضامنهم وحزنهم لوفاة عبدالناصر ...هي حالة حزن عامة تكررت لدى الفقراء والمخلصين بمظاهر أقل وبحشد أقل وبحزن كبير عند وفاة خالد جمال عبد الناصر ..حيث عاد للأذهـــــــــان ذلك اليوم الحزين...قبل 41 عاما" يوم رحيل الأب ومن الغريب أن يتوافق رحيل الأب والابن في نفس الشهر (سبتمبر ) فهتف المشيعين من أبناء مصر (الشرفاء يرحلوا معا")وبل أن رحيل خالد توافق مع ذكرى رحيل رفيقه محمود نور الدين قائد تنظيم ثورة مصر ..هتفت الجماهير فكررت النداء لتقول (يا خالد قول لأبوك الملايين بيحبوك) وهذا هو الحب الفطري البعيد عن المصلحة والمرتبط بكرامة الوطن والأمة وهتفت الجماهير في وصف الابن والأب فقالت (الشريف ابن الشريف )والشرف صفة نادرة بزمن التوريث والمال السياسي ...وأخيرا" فإنه من الطبيعي اختلاف البعض على مرحلة مـــا ولكن ما لا يمكن الاختلاف عليه هو أن جمال عبدالناصر قيمــــة كبرى وهامة عاليه لمصر و لامة العرب و مما لا شك فيه أن الابن سر أبيه ...رحم الله خالد وجمال ......
التعليقات (0)