الإبتكار الفنّي التّشكيلي لشعار أمل
بقلم: حسين أحمد سليم
مُذ وعيتُ وعرفتُ, عقلنتي القلبيّة, وقلبنتي العقليّة, وفلسفتي الوجدانيّة, وإختلاجاتي التّشاغفيّة, وموسقات قلبي الفنّيّة, العازفة عفقاً على أوتار شراييني التّشكيليّة... فغالبا ما كانت تتعاطف نبلا مع رؤى خيالاتي حروفيّات منظومة أبجديّة الضّاد, فتنقاد عناصر تكوينات الحروف مطواعة, تنساب ليونة مع لطافة حركة أناملي النّحيلة وهي تُمسّد سنّ القلم حيناً, وطرف المشق أحياناً, وخيوط الحرائر المغمّسة بمداد الحبر الأسود والأزرق والأحمر والأخضر... أرسم وأخطُّ الحروف والأرقام المختارة, عربيّة أم هنديّة أم أجنبيّة, وأشكّلها فلسفة فنّيّةً كما يحلو لي خربشتها العشوائيّة, فأبتكر من بعضها شحبراتٍ رسوميّةٍ ما ترفل له العين, وهي تكتحل بمسحة من مكوّنات جمالها, وما يتفكّر لأشكالها العقل, وما يتراءى للوجدان من أثيريّأت خيالاتها, محاولا سبر غور ما تطلسم على بصري ببصيرتي, من خلال مشهديّات تكويناتها على الحال التي تنتهي إليه...
في ومضة من طرف ناعس الأحداق, تتّشح سحرا حروف الألف والميم واللام, من عقد منظومة أبجديّة الضّاد المُشرّفة بكتاب الله, تتموسق بمسحة من جمال, تترنّم في دندنات على أوتار الإيمان, ترفل لها العين المكحولة, بغباريّات الكحل العربي الحجري, وامضة في اهتزازات مُقدّرة, لتستقبل توالد الإشعاعات النّورانيّة, المُنبثقة من قلب الكوكب الوضّاء, المشغول من نسائج طرحة عروس بيضاء ناصعة نقيّة زاهية, تتماهى عنفوانا تاريخيّا في امتدادات جغرافيا الحياة...
محاكاة البعد في الوجدان, رؤى الأمل المرتجى, الملتمع في الإمتدادات, يتراءى للبصيرة الكامنة في كينونة الذّات, فتتحفّذ النّفس متوثّبة بكلّ طاقاتها, التي أودع الله سرّها في نسمة الرّوح, لتنطلق محلّقة في الفضاءات, بحثا وتنقيبا عن الحقيقة, في رحلة العودة من عالم كثافة مادّة التّراب, إلى عالم شفافيّة أثيريّة الرّوح... تمتطي صهوة أمواج البحار, ثورة مستدامة لا تهدأ, حتّى لا تنتهي, تضطرد قدرا, كلّما خبا فعل الرّفض للظّلم والجور والبهتان... أمانة موروثة, وديعة مؤتمن عليها حامل الأمانة من صاحب الأمانة, تتوارثها الأجيال من أمين صادق الوعد, إلى أمين ثابت العهد, إنّ العهد كان مسؤولا...
تشكيلا فنّيّا في الإمتدادات اللامحدودة, تتراءى لي النّقطة المجرّدة دائرة عظمى مطلقة, تمتدّ تناميا مستداما في اللانهايات وتتّسع, بشعاع فضّيّ وضّاء ينبثق من محوريّة السّمت لا نهاية له, ذلك هو الوجود الذي شاء له الله الكينونة فكان, لا نحيط بمكنونه المقدّر, لتتراءى لنا عظمة الله في عظمة الخلق, وتتجسّد أمامنا وحدة الله في وحدة الخلق...
أبتكر من شعاع ثابت المحور في سمت الحقيقة, عند الطّرف الآخر المُتحرّر من كلّ القيود, يمتدّ ويمتدّ ويمتدّ ثابتا من محور سمت نقطة مُطلقة في الزّمان والمكان, يتحرّك نور الشّعاع فيتدوّر الخطّ الحرّ مُنتظما, مُكوّنا رؤى محيط نصف دائرة, على شكل هلال يتلألأ بالنّور, ليتشكّل ما يتطابق والألف تشغل الإطار الأيمن, من دائرة أمل الأمل الحبّ... يحتضن الخطّ الدّائريّ المُبتكر هلالا بنُبل عاطفته, مودّة ورحمة, وعلى شاكلته وليدا آخر, يتراءى وكأنّه نصف دائرة قائمة القطر عاموديّا, تتسامت محوريّا في قلب محور انبعاث الشّعاع المطلق, لتتكوّن عناصر حرف الميم مشرقة الضّوء, بعينه التي تتّخذ نصف دائرة عاموديّة القطر شكلا, ليتّصل الميم امتداد انسيابات هلاله عند طرف الإرتكاز الأيسر عشق قداسة أبديّة لا فصام لها, باللام المنتصبة الألف اللا مهموز تُحاكي تماسّا طرفيّ الهلال الأكبر, ينساب ذيل ألف اللام منتظم التّكوير إلتفافا مع منظومة هلال الألف, تماسّا مع مساحة ربع الدّائرة الثّالث يسارا, ليتكامل رأس الذّيل مع امتدادات هامة اللام... فيكتمل التّكوين في أتمّ الأشكال الهندسيّة على الإطلاق, دائرة منتظمة متكاملة متماسكة متعاضدة متشابكة الحروفيّات الثّلاث: الألف والميم واللام لتتماهى "أمل" بهالة من أطياف طهارة الدّماء, رمز البذل والعطاء والتّضحية والجهاد بالنّفوس والأرواح والأجساد, إحياءا وتوكيدا وتجسيدا للحقّ وإعلاءا لكلمة الله والتي هي العليا أبدا, تتنامى وتتعاظم وتتوالد وتمتد اخضرارا باخضرار, تجرف أمامها كلّ مظاهر الجهل والتّخلّف والفقر والحرمان والظّلم...
حروف عربيّة ضاديّة ثلاثة, إختصار كلمات عربيّة ضاديّة هادفة ثلاث, الألف من أفواج, والميم من المقاومة, واللام من اللبنانيّة, عنوان يدلّ على محتواه, منه إبتكرت منظومة شكل الشّعار المأمول العام الدّائري, بالخطّ الهندسي المعماري الدّائري, وأعطيتها اللون الطّيفي الأبيض النّاصع بالنّور, المنبثق من خلفيّة اللون الأخضر, لون الحياة والإستمرار والتّوالد والنّماء المستدام... ووُلدت أشكال المحارف العربيّة الثّلاثة, الألف والميم واللام على ما هي عليه, ككتلة واحدة متماسكة ومتراصّة فيما بينها, تمتدّ برقعة مساحة على شكل دائرة هندسيّة تسطيحيّة متكاملة... تفتّق بها وجداني بما تناهى له من إمتدادات الخيال الفنّي التّشكيلي, التي إمتطى صهوتها تفكّري الفلسفيّ, المُنبثق من رحم عقلي المُقلبن, والتي تشاغفت بها موسقات حناياي, المتفتّقة من عفقات شرايين قلبي المُعقلن... ورسمت عناصر الشّعار الثّلاثيّ المحارف التّكوينيّة أناملي النّحيلة المُفترّة بالدّفء, ونمنمتها وزخرفتها ورصّعتها من أبعاد وأعماق ثنايا تفكّري الفنّي التّشكيلي...
نسيج منظومة شعار أمل بمحارفه الثّلاثة على الشّكل الهندسي المعماري الدّائري, شغلت تفكّري الفنّي طويلاً, وأخذت من إهتماماتي التّشكيليّة كثيراً, بحيث عكفت ردحاً زمنيّاً على إستقراء تحليلي فلسفي فنّي تشكيلي, لخفايا وأبعاد عناصر وأجزاء تكوينات الشّعار الشّكليّة, والتي إستطعت بخبراتي الفنّيّة المديدة, وممارساتي التّشكيليّة المنتظمة يوميّاً, ومن خلال إمتهاني التّطبيقي لفنون الرٍّسم الهندسي, يدويّاً ورقميّاً, بإعتماد آلات الحواسيب الشّخصيّة وبرمجياتها التّشغيليّة والهندسيّة والفنّيّة... إستطعتُ التّوصّل إلى عمليّات خلقٍ, وحركات إبداع, وأفعال إبتكارات متواصلة, توالدت من رحم هذا التّكوين الهندسي المعماري الدّائري, الذي تمخّض فكانت جميع محارف منظومة الأبجديّة العربيّة كاملة, بأشكال تعبيريّة وترميزيّة وتجريديّة وسورياليّة ومفاهيميّة وحداثيّة وهندسيّة فنّيّة وتشكيليّة... ومثلها كانت منظومة محارف الأبجديّة الأجنبيّة, وكذلك منظومة الأرقام العربيّة, ومنظومة الأعداد الهنديّة, وأشكال وصور تجريديّة وسورياليّة متنوّعة لأطوار القمر, وسفينة النّجاة, وقبّة المسجد, وقرص الشّمس, والأهمّ من ذلك كلّه, أنّ الشّعار هذا يكتنز بإسم الجلالة, وشهادة لا إله إلاّ الله, وتكبيرة الإحرام, وأسماء وأشكال ورموز وتعابير كثيرة ومتنوّعة, بما لا نهاية لها...
أمل هالة نور لعشّاق النّور... تتهادى وتتماهى وتتحدّى عولمة حبّ وعشق وإيمان بالله وأنبيائه ورسله وكتبه الدّاعية لربوبيّته وتوحيده في عولمة هذا العصر... أمل... كانت وتبقى وستبقى أبدا, رمزا وشعارا وعروسا, تهفو إليها قلوب الذين أتمّ الله عليهم النّعمة مودّة ورحمة وارتضى الإسلام لهم دينا, فركبوا سفينة نجاة الأمّة ولم يتخلّفو عنها, تلبية لنداء سليل أهل بيت الرّسول الأكرم الإمام القائد السّيّد موسى الصّدر, تعاضدا وتفاعلا وأخوّة مع حامل الأمانة من صاحب الأمانة...
أمل... في رونق سحرها الأخّاذ, تشعّ من ثنايا أردانها, أطياف النّور في سيّالات وضّاءة, تتشظّى انبعاثا كوكبيّا, كما قرص الشّمس نهارا, يسطع في كبد السّماء, بين فعل الشّروق وفعل الغروب, تهتدي بنوره الخلائق كلّ الخلائق, وتتوالد من دفء أشعتّه معالم الحياة في كينونة الحياة... وكما وجه البدر ليلا, يتألّق راقصا بين وصيفات متوهّجات بالنّور, كأنّه القنديل السّحريّ المعلّق في قبّة الفضاء, منارة هدي ورشاد للهّائمين في متاهات الفلوات... وطريق استقامة وصلاح امتداد خطّ الرّسل والأنبياء والأولياء والأوصياء والأئمّة, تمهيدا لقيامة صرح حضارة المنتظر مهديّ الزّمان...
"حسين أحمد سليم آل الحاج يونس, كاتب خواطري, باحث فنّي, مُدوّن نثري, مُصمّم مبتكر, ومخترع عربي لبناني... فنّان تشكيلي متمرّس قدير, ورسّام هندسي فنّي خبير, من شمال بقاع لبنان, شريط بلدات غربي مدينة بعلبك, قمّة حدث الوليّ الطّائع, هضبة بلدة النّبي رشادة, معقل النّسر العربي المحلّق"
تم التنفيذ في بدايات ربيع العام ألف وتسعماية وواحد وثمانين للميلاد, بإيعاز وتكليف من مسؤول قياديّ بارز يومها, كان يشغل مهامّ, نائب الرّئيس والنّاطق الرّسمي, السّيّد حسين الموسوي, النّائب الحالي في البرلمان اللبناني, بحضور قياديين آخرين, ومنهم نائب الرّئيس السّيّد حسن هاشم, والشّيخ حسن المصري, والحاج حسين عبيد, والحاج علي عمّار, والحاج حسين الخليل, وزكريّا حمزة, وعقل حميّة, وخضر الموسوي...
التعليقات (0)