ثورات الربيع العربي تمر بنكسات ستؤدي بها لعودة الشعوب الثائرة إلى أنظمة تشبه الأنظمة الدكتاتورية السابقة بشئ من التجميل ووجوه جديدة وتمديد الفترة الأنتقالية لأعطاء مزيد من الوقت لبلورة الرجوع الى العهد القديم مع مراعاة شعور الثوار الذين دفعوا من أجل هذا التغيير أرواحهم ثمنا له . نلاحظ أن المسئولين التي تولوا الحكم بعد سقوط الرؤساء الدكتاتوريين الذين قامت ضدهم الثورات بأعتبارهم مصدر الفساد والحكم القمعي هم من المحسوبين على الأنظمة السابقة ولهذا فهم لا يختلقون عن رؤسائهم في أرائهم ونظرتهم إلى الحكم كمصدر للأغتناء والرفاهية ومزرعة لهم ولأولادهم . وإذا نظرنا إلى مصر وليبيا وتونس في بداية ثورتها نجد أن من سير الأمور فيها هم من جماعة بن علي و القذافي ومبارك وصالح . ففي تونس تولي الحكم فيها رؤساء حكومات ووزراء سابقين ، وفي مصر تولى جنرالات الجيش الحكم وهم من زملاء وتلاميذ مبارك وشركائه في الفساد والأغتناء ، وفي اليمن لا زال أولاد صالح وعائلتة مسيطرين على حكم البلاد . وفي ليبيا وزيرعدل القذافي يوم الثورة ولمدة أكثر من اربع سنوات قبلها وفريق إبنه سيف الأسلام ومستشاروه الموزعين في المجلس الأنتقالي والحكومة الانتقالية ومناصب الدولة . فهل هذا تم بالصدفة أوهو نتيجة تخطيط خارجي لأسباب أمنية نظرا لتورط الدول الغربية مع القذافي في سياسته القمعية والشئون الأمنية خدمة لمصالحهم الأقتصادية . وقد وجد الثوار أنفسهم بعد تخلصهم من الرؤساء الدكتاتوريين إنهم ما زالوا في قبضة ازلام الرؤساء السابقسن في كرسي القيادة . وكان طبيعيا أن يحاول هؤلاء أزلام الأمس وحكام اليوم تمييع نتائج الثورات الشعبية بالتعاون مع القوى الغربية التي ساعدت بدورها في سقوط الحكام الدكتاتوريين تقربا من الشعوب وتجاوبا مع الرأي العام الغربي قي عدم التعامل مغ الحكام الدكتاتوريين حماية لحقوق الأنسان . إن ملاحظة ما يجري يجعل الانسان خارج الحلقة الضيقة للحكم في حيرة . هل المعاملة الرحيمة لمبارك وأولاده وأزلامه المقربين وهم يعيشون في مستوى مرفه كما تعودوا ومعطمهم هربوا للخارج تحت علم ومساعدة السلطات الرسمية . وتغطية كل هذا بإقامة المحاكمات الصورية والسجن لأستهلاك المحلي للشعب والثوار، هل هذا عمل ثوري ؟ وهل السماح لبن على وعائلته وأزلامه في تونس للهرب والتقاعس عن المتابعة بل شكرت الجكومة التونسية السعودية والحكومات الاخرى تحت الطاولة على إستضافة بن على وأزلامه . وهل هذا عمل ثوري ؟. وهل سماح المجلس الأنتقالي الليبي والحكومات الأنتقالية لعائلة القذافي وأزلامه بالهروب بعضهم بعد القبض عليهم والتقاعس عن متابعتهم وإستجلابهم للمحاكمة عمل ثوري ؟ وهل معاملة سيف الأسلام الكريمة وعدم الأسراع في محاكمته مع نشر الأشاعات بالصعوبات والشك في الرغبة في محاكمته معاملة ثورية لأعداء الثورة ؟ وهل ترك أزلام القدافي يسيطرون على مجرى الأمر في الحكومة الليبية عمل ثوري ؟ هل كل هذه المعاملات بالقفازات الحريرية عملا ثوريا ؟ الشئ الذي لازلنا لا نعرف تفاصيله هو دور الحكومات الغربية وراء كل هذه التصرفات المشبوهة مع أعداء الشعب لحماية الدكتاتوريين وعائلاتهم وأزلامهم المقربين ومساعدتهم على الهرب والحياة في الخارج ببلايينهم التي نهبوها من دم شعوبهم . وهذه المساعي الخفبة مع الحكومات المنبثقة عن الثورة للتحكم في توجهات السياسات الجديدة بما يخدم مصالح الدول الغربية ، والمباحثات السرية التي تجري بين الأخوان المسلمين والحكومات الأمريكية والغربية لعدم معارضتها توليهم الحكم بالتعهد بعدم إحداث أي تغيير في سياسة دول الربيع العربي نحو إسرائيل وعدم المساس بالأتفاقيات معها التي قيدت حركة الكفاح العربي ضد الأحتلال الأسرائيلي لفلسطين وقمع الفلسطنيين ، هل كل هذا عمل ثوري ؟. هل الدعوة إلى الفدرالية في ليبيا والدعوة لأقامة أنظمة الخلافة الأسلامية وحكم ولي الامر في دول الربيع العربي إسوة بالسعودية ودول الخليج العربي عمل ثوري ؟ هل الحكم الأستبدادي في السعودية ودول الخليج مثلنا الأعلى في الحريات والديمقراطية التي نحلم بها ، وهل هذا عمل ثوري ؟ إن كل ما يجري في الخفاء والتفسيرات العلميةلأجراءات السلطات الحاكمة من وراء ستار لقمع الثورات العربية التي حققتها الشعوب العربية بدمائها الغالية يثير الشكوك ويقف حجر عثرة في نجاح حركة التغييرالكامل للحكم القمعي الفاسد ، وإقامة أنظمة مدنية ديمقراطية يتمتع فيها المواطنون بكل حرياتهم وحقوقهم الأنسانية لتحقيق رفاهيتهم ورقيهم أسوة بغيرهم من شعوب العالم المتمدن . إنني أصبحت متخوفا لا من الفوضى التي تركتها السلطات الجديدة بأسم الثورة تلتهم الأخضر واليابس وتعرقل حركة المسيرة الثورية ولكني أخشي ما يجري في الخفاء وما يدبر بليل وما يرسم لمستقبل الدول العربية بعد ربيعها العربي لأعادة عجلة السيطرة الغربية من تحت الطاولة،وعودة حكم الفساد والقمع كما كنا في عهود بن علي ومبارك والقذافي وصالح بوجوه جديدة ومباركة من الغرب ودول الخليج . هل كل هذا هو الهدف الذي قامت من أجله الثورات العربية ؟ الجواب لا زال في أيدي الشعوب العربية قبل فوات الأوان .
التعليقات (0)