تتطلع الأعين وتهفو القلوب أكثر فأكثر إلى إفريقيا في أقصى طرفها الجنوبي ·· حيث العالم على وقع التظاهرة الرياضية الأكثر جلبا للإهتمام، وإن كان لهذه الدورة نكهتها الخاصة··

إنها إفريقيا الغامضة المتوحّشة ·· العصية الحنونة·· الممهدة براريها لقطعان الوحوش تنطلق في التضاريس الوعرة، الفاتحة خرائطها للمغامرين يطاردون العاج والجلود الثّمينة وقلوب الغزلان ·· هكذا كانت إفريقيا أرض الإنسان الأول في خيالات الإنسان الأبيض، الذي عليه أن يغتنم الفرصة ليكتشفها مرة أخرى على أنها أرض اللعب من أجل المتعة والإبداع والمنافسة المحمومة التي تنتهي بالمصافحات وتبادل القمصان بينما العرق يجف على العشب ·· وريقُ المعلّق يجفّ في حلقه··

كرة القدم·· إنتهت المباراة·· إنطلقت المباراة ·· وفي كل مرة حماس جديد·

اللعب في إفريقيا متاح وهو وسيلة للدعاية عبر هذا الحدث الكبير (كأس العالم لكرة القدم 2010)، حتى حيوانات القارة السمراء تلعب ·· الغزلان تلعب وأفراس النهر كذلك، الفيلة، الأسود والقرود والصقور في السماء جميعها تتقاذف الكرة وتبدع في تمريرها، هذا ما صوره شريط فيديو أُعد خصيصا لإحراز الهدف الدعائي الذي تبناه أبناء نيلسون مانديلا، وهو تغيير نظرة الآخر لإفريقيا ·· إفريقيا الحالمة المختلطة الأعراق والديانات الراقصة على طبول الحب في المدرجات بدل طبول الحرب على إسفلت الشوارع··

الصراع قدر إفريقيا، لهذا فإن عشق الوحوش جزء من خصوصياتها، فأنصار الأندية والمنتخبات في هذه القارة يطلقون أسماء الحيوانات الشرسة على فرقهم المفضلة تعبيرا عن القوة والبأْس وليزرعوا الخوف والتردد في قلوب الخصوم باعتبارهم فرائس أثناء المباراة، وهذا ليس تعبيرا عن العدوانية بالضرورة، إنه جزء من طبيعة اللعب، رغم ذلك إنتبه المنتخب الجنوب إفريقي لهذه الظاهرة (الولع بالوحشية) واختار لقب بافانا بافانا، ليبلّغ رسالة مختلفة، ترى ما وراء هذه الكلمة؟

عاد الجنوب أفريقيون إلى المشاركة في المنافسات الدولية تحت مظلة الـ(فيفا) بعد حظر اللعب عليهم بسبب ممارسات حكومتهم العنصرية سابقاً، وكان لا بد من إطلاق لقب على منتخب بلدهم على غرار جميع منتخبات القارة يُراعى فيه أبناء جنوب أفريقيا خصوصيات وضعهم الجديد ·· لقد كان هذا البلد يعاني مشاكل عصيبة وعاد منتخبهم إلى اللعب لكن بلا كنية يرددها المشجعون الذين سيرون منتخبهم يواجه زيمبابوي في مباراته الدولية الأولى عقب الإيقاف واجتهد المجتهدون لكن سيبوسيسو ميسليكو الصحفي الرياضي في صحيفة سو ويتان إهتدى إلى لقب بفانا بفانا ومعناها باللغة السواحلية (الأولاد) ليكون بمثابة الكنية الرسمية لجنوب أفريقيا· فـ ميسليكو يريد أن ينسي العالم تاريخ الدولة العنصرية ويفتح بهذا اللقب تاريخا جديدا تتقرب به جنوب أفريقيا للمجتمع الدولي وتكسب الثقة والمحبة من الجميع ذلك أن الأولاد محببون للجميع وهم بحاجة للرعاية والتشجيع·

الجزائر نيوز - الأربعاء , 16 يونيو 2010 18:16

meghazi.a@gmail.comهذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته

بقلم: علي مغازي

المقال في المصدر:

http://www.djazairnews.info/analyse/38-2009-03-26-18-28-54/15856-2010-06-15-17-18-53.html