الفتيات في الريف تحولن الي مشروع استثماري لإعالة الاسرة الفقيرة
كشفت دراسة حديثة صادرة عن وزارة الأسرة والسكان أن هناك ثلاثة مراكز بمحافظة السادس من أكتوبر وهي إحدي محافظات مصر أن نسبة زواج القاصرات بتلك المراكز بلغت 74% كما كشفت دراسة أخري قامت بها وزارة التضامن الاجتماعي بالتعاون مع منظمة اليونيسيف أن زواج القاصرات في مصر بلغ حوالي 15% كما تضمن التقرير والدراسة أن مصر أصبحت محطة انتقال ترانزيت للاتجار بالبشر ومنه عملية زواج القاصرات أو الصغيرات أو الزواج السياحي كل هذا دفع الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف إلي تشكيل لجنة للمرأة بالمجلس الأعلي للشئون الإسلامية برئاسة الدكتورة سعاد صالح عميد كلية الدراسات الإسلامية للبنات بجامعة الأزهر الأسبق وتكليف تلك اللجنة بعقد ندوة موسعة تحت رعاية المجلس الأعلي للشئون الإسلامية تضم علماء وأصحاب الرأي والفكر والقانون لمناقشة هذه القضية الخطيرة لهذا طرحنا القضية من خلال رؤية العلماء المشاركين في تلك الندوة للوقوف علي حقيقتها.
نهاد أبو القمصان عضو لجنة المرأة بالمجلس الأعلي للشئون الإسلامية ورئيس المركز المصري لحقوق المرأة تري أنه للأسف الشديد انتشرت في مصر سوق تسمي عملية الاتجار بالبشر وتندرج تحتها جرائم كثيرة منها بيع وخطف الأطفال حديثي الولادة وتبني الأطفال بأوراق مزورة ومخالفة للحقيقة ثم خطف الأطفال والاستيلاء علي أعضائهم والتخلص منهم والاستغلال الجنسي والتجاري للأطفال وإجبار الفتيات علي ممارسة الدعارة وأخيرا تزويج الفتيات القاصرات من أثرياء عرب وهي التي من أجلها تتم مناقشة هذا القضية التي كشفت التقارير والدراسات علي خطورتها في مصر لأنه أصبحت تمثل ظاهرة تدق ناقوس الخطر علي المجتمع المصري رغم أن العديد من الباحثين أرجع الظاهرة لانتشار الفقر والبطالة والطموحات الغير المعبرة عن واقع أولياء أمور تلك الفتيات الصغيرات لكنها أصبحت ظاهرة يصعب تجاهلها والسكوت عليها خاصة بعد إحصائية ذكرت أن هناك ثلاثة مراكز في محافظة واحدة بمصر لديها حوالي 74% من صور الزواج السياحي أو العرفي أو المتعة أو أي مسمي يطلقون عليه المهم هو زواج قاصرات لهن أقل من 18 عاما لدرجة أن الفتاة في تلك المراكز أصبحت سلعة تباع وتشتري.
وتحولت الفتاة في معظم القري الريفية المصرية إلي مشروع استثماري يدر أرباحا علي أسرتها والغريب أن قناعة أولياء أمورهن هو أن هذا الزواج عبارة عن إعارة أو عمل في الخارج تنتهي منه الفتاة عقب سفر الخليجي أو العربي الذي يعقد عليها تحت أي مسمي أو عقب انتهاء فترة الصيف التي تعد رواجا لهذا الزواج ورغم أن القانون تم تعديله بأن الفتاة أو الفتي الذين يقبلان علي الزواج لا يقل عمرهما عن 18 عاماً إلا أنه لم يفعل مثل هذا القانون لأنه وضع بعض الثغرات فيه وهي أن يتم تحديد عمرهما بأي مستند وهنا يتم التلاعب والتحايل لذلك علي مصر أن تراجع كافة القوانين التي تواجه مثل هذا الزواج الذي يسيء لصورة مصر في الداخل والخارج خاصة بعد تقرير اليونيسيف الذي كشف أن مصر أصبحت محطة ترانزيت لجميع أشكال عمليات الاتجار بالبشر.
الدكتور محمد الشحات الجندي الأمين العام للمجلس الأعلي للشئون الإسلامية يشير إلي أنه يجب الاعتراف بأن مصر أصبحت لديها ظاهرة تسمي الاتجار بالبشر بجميع أشكالها ولا نضع رءوسنا في الرمال كالنعام حتي نستطيع مواجهة مثل تلك الظواهر الدخيلة والوافدة علي المجتمع ومنها زواج القاصرات أو السياحي أو الصيفي أو أي مسمي يطلق عليه المهم هو زواج لا علاقة له بالشريعة الإسلامية لأنه يفتقد لمقاصد الشريعة الإسلامية بكافة صورها التي حددتها للزواج في أنه سكن و مودة ورحمة وأيضا التكافل سواء في العمر أو الصحة أو الحالة الاجتماعية أو الاقتصادية وغيرها من أشكال التكافل وأيضا يفتقد للكرامة الإنسانية كل هذا نص علية القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة وذلك في قوله تعالي «ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف» وقوله «ولقد كرمنا بني آدم» وقوله «صلي الله عليه وسلم»: «إنما النساء شقائق الرجال». فأين كل هذا من هذا الزواج الخليجي العربي الصيفي السياحي العرفي أو المتعة كله باطل ولا علاقة للشرع به بل هي عملية خلل وتلاعب بالشريعة الإسلامية التي هي منه براء كما أنني أتعجب من بعض الدول العربية التي تصدر فتوي شرعية تبيح زواج الفتيات من عمر 10 سنوات وهي فتوي لا علاقة لها بالشرع ولا تصح أن تصدر هكذا لذلك يجب مواجهة تلك الظاهرة من خلال التعاون بين كافة المؤسسات سواء وزارة الأسرة والسكان أو المؤسسات الدينية أو وسائل الإعلام المختلفة حتي يلعب كل منها دوره في كيفية التعامل مع تلك القضية الخطيرة علي المجتمعات الإسلامية.
الدكتورة فائزة محمد خاطر رئيس قسم العقيدة بجامعة الأزهر السابق تقول إن الدستور الإسلامي قد بلغ حد الكمال في أن يحفظ حقوق الأطفال وذلك في قوله تعالي «المال والبنون زينة الحياة الدنيا» ورعاية الطفولة صناعة تساهم في تعمير الأرض وقد عد العلماء المسلمون أن طلب الولد من فضائل النكاح وقد عدد الإمام الغزالي موانع الزواج للمرأة وهي صغر عمرها فضلا علي أن هناك الآثار الجسدية لهذا الزواج المبكر للفتيات وهو أن صغر حجم الأم ورحمها يجعلها تتعرض لتمزق المهبل والقيء المستعصي والنزيف المهبلي وارتفاع ضغط الدم لهذا تكشف الدراسات أن حالات الوفاة للفتيات المتزوجات قبل سن الخامسة عشرة بلغ 50%.
الدكتورة سعاد صالح عميد كلية الدراسات الإسلامية للبنات بجامعة الأزهر الأسبق ورئيس لجنة المرأة بالمجلس الأعلي للشئون الإسلامية تقول إن الشريعة الإسلامية عدل الله بين عباده ورحمته بين خلقه وظله في أرضه لذلك كانت الشريعة الإسلامية لها بالغ الأثر من بين جميع الشرائع السماوية التي كانت تهتم بنظام الأسرة وتنظر له علي أنه نظام متكامل بلغ من الإبداع غايته ومن الأحكام منتهاه لهذا قال تعالي «يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل» وقوله «خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها» وقد كان نظام الأسرة في الإسلام له عدة أسس تتوافق مع مقاصد الأسرة وتخدمها منها حسن الاختيار ثم المحرمات ثم الخطبة والإشهار والصداق والمعاشرة بالمعروف والرضا في عملية الاختيار والإسلام.
جريدة الميدان( العدد 1-6 يونية 2010م)
نبيل عبد العزيز
التعليقات (0)