القاهرة - منذ نحو عام تفرض اسرائيل حصارها علي قطاع غزة ورغم ذلك لم نجد من يشكون ويصرخون بنقص المواد الاساسية من طعام ودواء وبنزين وكيروسين نتيجة عمليات التهريب المستمرة عبر الأنفاق المنتشرة علي الحدود بين مصر وغزة, وتغض السلطات المصرية المسئولة عن تأمين تلك المواقع بصرها عن تهريب البضائع والسلع والاحتياجات اليومية للسكان الفلسطينيين.
فمصر لاتعمل من فراغ وكل فعل تقوم به له سبب, وأقول هذا وكلي ثقة أن ما يحدث من إجراءات علي الحدود مع غزة لا علاقة له بمسألة تحطيم السور أو الدخول إلي أراضينا, بل هناك بعدان أساسيان:
1- غزة أصبحت مكان جذب واجتذاب لتهريب الأسلحة والذخيرة والمتفجرات.
2- ماهو أخطر علي الأمن القومي المصري, أن غزة واستخدامها لتخزين السلاح وتكدسه بها, قد يدفع لاستخدام تلك الأسلحة في عمليات خارج غزة, وبالتالي سيناء والأزهر مثلا ليس بعيدين عن ذلك,
الرحمة ببلدنا.. فمن غير المعقول أن نجد الأصوات التي تري مسألة السيادة بعيدة عن وجدانهم, فهم يعارضون فقط لمجرد المعارضة بدون وعي لما يهدد أمن بلدهم, وبالقطع فمصر لن تتخلي عن مسئولياتها نحو تأمين كافة الاحتياجات الأساسية لأهالي غزة مثلما يحدث حاليا, ولكن ليس من مسئوليات أي دولة المحافظة علي التهريب وترك الأنفاق مفتوحة, ولا قدر الله فقد نجد أحد الموتورين يفجر سيارة أو يضرب منشأة هنا أو هناك وبالتالي التأثير علي السياحة وضياع مئات الملايين من العملة الصعبة, وذلك في ظل انتشار السلفيين والمرتبطين بالقاعدة في قطاع غزة والذين قتلت حماس منهم35 شخصا قبل عدة شهور, فهل يستقيم الوضع ويسعد هؤلاء وهم يرون ماقد يقع داخل أراضينا؟.
والأهم أننا في حاجة للمثل والقدوة من أي دولة تترك حدودها للاستباحة, فلماذا لا تباح الحدود السورية واللبنانية والجزائرية والتونسية والمغربية والأردنية وباقي الدول؟, ولماذا دائما الحديث عن مصر ولا أحد من هؤلاء المتشدقين بالعروبة يلقي بالمسئولية الأهم والرئيسية علي الذين يريدون السلطة دون النظر لما يتعرض له أهلهم في غزة؟.. وقد يأتي اليوم الذي تظهر فيه كل هذه الأمور.
فقد حولت جهات ومنظمات وتنظيمات الأنفاق من مهامها الإنسانية الي امور غير انسانية بل وما يهدد مصالحنا ومصالح المواطنين المصريين, فأصبحت هذه الأنفاق والتي تقدر بما يزيد علي ألف نفق هي الوسيلة لنقل شحنات الاسلحة واطنان المتفجرات والمواد المخدرة وتسلل الأفارقة والعناصر المطلوبة في قضايا مختلفة من وإلي الجانب الآخر, وتسبب ذلك في قيام أجهزة الأمن المكلفة بمراقبة الحدود بمسئولياتها لمواجهة هذه العصابات ونشبت معارك تبادل فيها إطلاق الرصاص وسقط الشهداء من حرس الحدود والشرطة علي الحدود وهم يؤدون واجبهم لدرء هذه الجرائم والتي تستهدف التأثير علي امن الوطن كله وفقدت أسر عوائلها والذين استشهدوا علي حدود بلدهم وتواصلت عمليات التهريب من مصر للسلع والبضائع والسيارات والاجهزة الكهربائية والبنزين وغيرها ومن غزة المخدرات والاسلحة والمتفجرات, وهذا التحول المفاجئ والمستمر بصورة يومية دفع الدولة للبحث عن حلول هدفها كيف نحافظ علي أمننا ونوقف محاولات التخريب والتهريب عبر حدودنا الي داخل اراضينا وخارجها.
فكل دولة تتخذ ما تراه واجبا لتأمين نفسها ومواطنيها من أية مخاطر, وتنحي في هذه الحالة وغيرها العواطف, فأمن الوطن أهم من محاولات البعض الذين يهاجمون بلدهم لمجرد بحثه عن إجراءات يحمينا بها من المخاطر التي تأتي الينا من غزة والتي اصبحت الآن بمثابة القنبلة الموقوتة بفعل تصرفات وأفعال الذين يديرونها من حركة حماس, فهؤلاء لديهم مصالح خاصة لا علاقة لها بالوضع الإنساني لمواطني غزة ولا يمكن لمصر دفع ثمن وتحمل خطايا حماس, فهؤلاء لا يريدون حلا ولا مصالحة ولا قيام دولتهم, هم مرتاحون لوضعهم غير الشرعي ويبحثون عن تصدير مشاكلهم الي مصر, فتارة نجدهم يطلقون الرصاص علي جنودنا وأخري يوجهون كوادرهم باقتحام حدودنا وثالثة مهاجمة كل ما هو مصري يقوم بواجبه داخل أراضينا, وأصبحت رصاصات حماس توجه للمكان الخاطئ, وكأن المقاومة الآن تستهدف افراد الامن المصريين وليس قوات الاحتلال الاسرائيلية, وهنا السؤال: أين الجهاد والمقاومة منذ وقف إطلاق النار في القطاع منتصف يناير الماضي؟!
يعاني سكان سيناء خاصة المتواجدين علي الحدود من ارتفاع اسعار السلع نتيجة للإقبال الكبير علي تهريبها بثلاثة أمثال سعرها الحقيقي ودائما تختفي معظم السلع من المحال التجارية, حتي البنزين المدعوم والسولار يتم تهريبهما عبر الأنفاق المنتشرة علي الحدود ويحقق المهربون والقائمون علي هذه الأنفاق السرية مكاسب خيالية تقدر في الشهر بمئات الألوف من الدولارات, ويكفي ان الافراد الذين يتولون حراسة الانفاق وتأمينها يتقاضون رواتب تتراوح بين200 و300 دولار في العملية الواحدة وهذا رقم خيالي يدفع الي تحصيل الفرد الواحد في اليوم نحو ألف دولار ودفعت تلك الارقام الخيالية معظم شباب غزة للعمل في أعمال التهريب عبر الأنفاق, فيحقق هؤلاء مكاسب ويدفع مواطنو سيناء وافراد الأمن الثمن, فهم الذين يعانون جراء الأسعار المرتفعة بسبب التهريب أو الاستشهاد وهم يكافحون الجرائم المختلفة, والغريب أن ما يحدث علي حدودنا الشرقية يتلقفه البعض من أصحاب النعرات والصوت العالي,
وكأن هؤلاء لا يعرفون او لا يريدون معرفة وجود حدود أخري من الجانب الأردني عن طريق جسر الملك حسين ولا نسمع من هؤلاء كلمة واحدة عن ذلك ويتناسي هؤلاء أنهم مصريون وعليهم الوقوف مع بلدهم ضد أي تهديد يتعرض له, وما يتم عبر الأنفاق هو أكبر ما يهددنا في هذه المرحلة, فمن غير المعقول ولا المقبول أن نترك الحدود المصرية سداحا مداحا سواء كان التهريب شرعيا أو في السر, فالدولة وأجهزتها تعرف وستوقف هذه الأمور.
هناك جوانب غائبة في هذه القضية عن الرأي العام, وتحاول بعض الصحف والكتاب غض أبصارهم عنها, فهدفهم الدائم هو الدولة ونظامها السياسي ولا يضعون معايير الخلاف جانبا إذا كان الأمر يتعلق بمصالح الوطن وهذا هو الأهم والأبقي من الجميع علي حد سواء, فمن غير المنطقي أن تظل حماس تفرض وضعها اللا قانوني وتقف وراء عمليات التهريب للأشخاص والاسلحة والمخدرات الي سيناء وهو امر يهدد بلدنا, ولسنا في حاجة لتأكيد وجود جهات وأشخاص لهم مصلحة في محاولات التشويه المستمرة للوطن دون اكتراث بالعواقب التي تنتج عن ذلك من حدوث فوضي وهجوم واقتحام لحدودنا. لسنا في مرحلة أو وضع نجدد خلاله تأكيد دور مصر لدعم القضية في كل المحافل والتواصل مع الجميع لصالح الفلسطينيين سواء بوقف العدوان علي غزة والمصالحة التي أوقفتها حماس وحتي الجهد الكبير للإفراج عن الأسري وإدخال آلاف الأطنان من المساعدات وعلاج المرضي والجرحي, فهذه الاحتياجات اليومية تدخل إلي غزة دون ضجيج أو صخب, فهذا هو دور مصر الدائم لكن الأمر يتطلب مسئولية أكبر من القائمين والمسيطرين علي الوضع داخل غزة
التعليقات (0)