مواضيع اليوم

الأنترنت وسقف الحريات في الشرق والغرب

زين الدين الكعبي

2010-01-10 15:21:57

0

 

 

يخطيء من يعتقد أن أحداث سبتمبر وما أعقبها من أحداث ، كانت السبب الوحيد اللذي أرغم الحكومات الغربية على خفض سقف الحريات اللتي كانت تتمتع بها المجتمعات هناك قبل هذه الأحداث ، دون التقليل من أهمية هذا العامل بالتأكيد .

فأضافة الى التطور الأعلامي العربي الواضح "واللذي وأن كان لايزال يعاني من مشاكل كثيرة معظمها من جنس المشاكل السياسية والأجتماعية اللتي تعاني منها المجتمعات العربية"، فأن الآفاق الواسعة للتواصل والنقاش الأجتماعي اللتي وفرها الأنترنت لشعوب الدول العربية والمسلمة مع باقي شعوب العالم قد مكنت هذه الشعوب من شرح قضاياها ووجهات نظرها والأهم ، أيصال صورة الممارسات اللا اخلاقية اللتي تمارسها الحكومات الغربية عليها وعلى أوطانها الى أبناء مجتمعات الغرب اللتي كانت بعيدة عن هذه الصور قبل الأنترنت .

الأمر اللذي أدى الى أجبار الحكومات الغربية على أستخدام قوانين مثل قوانين الصحافة ، وقوانين التنصت "سيئة الصيت" اللتي أجتاحت دول الغرب الديموقراطي لتكميم الأفواه أكثر بكثير من أستخدامها للأغراض الأستخبارية اللتي بررت أستصدارها .

فليس من الممكن أنكار دور مواقع النقاش العالمية ومواقع التواصل الأجتماعي مثل الفيس بوك وتويتر في تمكين الشعوب العربية والمسلمة من وتوضيح أزدواجية المعايير الديموقراطية والأنسانية والسياسية اللتي تطبقها الحكومات الغربية خارج حدود بلدانها وخصوصا في البلدان المسلمة والعربية .

ويمكن أن نلمس هذا الأثر من تزاييد أعداد الرافضين لجرائم الكيان الصهيوني الملحوظ بين الغربيين ، ليس فقط على صفحات الأنترنت ، بل وفي الشارع اللذي أصبح يشهد بشكل لافت الكثير من المظاهرات الحاشدة ضد جرائم هذا الكيان اللذي طالما تمتع بالحماية اللتي كانت توفرها له هيمنته على وسائل الأعلام العالمية قبل الأنترنت.

وحتى ظهور تقرير مثل تقرير غولدستون ، واللذي ماكان أحدا في العالم ليحلم بظهوره قبل عقد من الزمن ، يمكن أعتباره مثالا على تغير المزاج الغربي نحو تقبل أدانة الجرائم الصهيونية والغربية ضد شعوبنا نتيجة الأستغلال الشعبي العربي الأسلامي للأنترنت . مما خلق جوا عاما مساعدا هناك مكن من ظهور هذا التقرير .

ربما يبين الخبر التالي مثالا توضيحيا لما ورد في السطور السابقة .

فلقد حجبت إدارة موقع فيس بوك من على صفحاتها أكبر الحملات المصرية المناهضة للجدار الفولاذي الذي تقيمه مصر على حدودها مع قطاع غزة .

وأوردت الصحف مقتطفات من رسالة إلكترونية تلقتها المجموعة المصرية من إدارة الموقع جاء فيها أنه تمت إزالتها لأنها "تنتهك شروط الاستخدام الخاصة بنا.. لا يسمح بوجود أي مجموعات مغرضة أو مهددة أو مهينة".

وجاء في الرسالة أيضا "إننا نعمد إلى إزالة أي مجموعات تتعرض لأفراد أو مجموعات أو تعلن عن منتج أو خدمة ما.. قد يؤدي سوء الاستخدام المستمر لميزات فيس بوك إلى تعطيل حسابك". كما ذكرت بعض الصحف المصرية بأن هذه الأزالة تمت تحت ضغوط من الحكومة المصرية وحكومة الكيان الصهيوني .

وسواء صح هذا الكلام عن الضغط الحكومي المصري - الصهيوني أم لم يصح ، تبقى أزالة صفحة مجموعة تنادي برأي سياسي بحت مثل أدانة الجدار الفولاذي المصري حول غزة ، قرارا غير مفهوم وغير مقبول  أذا ما أخضعناه لمعايير حرية الرأي الغربية . اللهم ألا أذا كانت أدارة فيس بوك تتخذ من معايير الحكومات العربية مقياسا في تقييم صفحات موقعها .

كنموذج لللمواقع التدوينية العربية . فلقد كتب الكثير من المدونين في مدونات أيلاف عن مواضيع أخطر بكثير من موضوع الجدار الفولاذي المصري . منها ما يمس الأنظمة السياسية ، والمجتمعات العربيةْ، والعادات القبلية وقضايا المراة والجنس . حتى وصل الأمر بالسماح لتدوينات تمس الذات الألهية ، والأديان والرسل . ولكننا لم نشهد حذفا لأي من هذه التدوينات بحجة الأساءة لأي كان ألا ما ندر .

فهل أصبح واقعا أن سقف الحريات للمواقع التدوينية العربية "غير الحكومية طبعا" أعلى من سقف الحريات للمواقع الغربية المماثلة ؟ .

وهل كان للأنترنت الأثر الأكبر والأهم لأنخفاض سقف الحريات في دول الغرب الى مستويات غير معهودة من قبل . مع أقرارنا بأنه لا مجال للمقارنة بين واقع الحريات عندنا وعند هذا الغرب الى الآن .

المقارنة السابقة لابد وأن تعطي أنطباعا بأن الأجابة هي نعم للسؤالين ، على ما يبدو . 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات