هذه الصجة الرسمية والأعلامية الغربية والعربية حول الأنتخابات الأيرانية ليست غريبة فقد كانت فرصة للدوائر الغربية والأسرائلية والأعلام الغربي فأستغلتها على أوسع نطاق. كانت أمريكا والأتحاد الأوربي يفكران في خطة لأجبار إيران على التخلي عن مشروعها النووي وكانت أمامهما خيارات اولها الحرب المباشرة بداية بأطلاق يد أسرائيل بقصف أيران , ولكن تجربة العراق الاليمة وفشل التدخل العسكري في الوصول إلى النتائج المرجوة حال دون تكرار العملية العسكرية. وقد لجأت أمريكا فعلا إلى المقاطعة الاقتصادية وحاولت الدول الغربية تشديد هذه المقاطعة عن طريق مجلس الأمن فلم تجد تجاوبا من الصين وروسيا . والأنفراد بفرضها دون روسيا والصين لن تكون لها أثار فاعلة . ولم يبقى أمام أمريكا والدول الغربية سوى سياسة تشجيع عزلة أيران عن جيرانها باتهامها بالرغبة في التوسع والسيطرة على المنطقة والتدخل في شئون دول المنطقة الداخلية بتشجيع حزب الله وحماس والتيارات الأسلامية الاخرى وقد نجحت في هذه السياسة إلى حد بعيد ووجدت تجاوبا وتأييدا من بعض دول الدول العربية . وعززت هذه سياسة العزلة بسياسة شل النظام الايراني من الداخل وذلك بتشجيع الحركات المسلحة المعارضة للنظام وتدريبها ومدها بالسلاح وأقامة مخيمات لها في الدول المجاورة العراق وافغانستا ن , وكلك تشجيع بعض فئات الشعب الأيراني من الطبقة المتوسطة والمثقفة والغنية وأنصار الملكية التي أصبحت تعاني من العزلة والحصار الأقتصادي والتعصب الديني وحكم أيات الله والملالي وتقييد الحريات وعدم إحترام حقوق الأنسان , وهي السياسة المعروفة في جميع دول المنطقة ولا تنفرد بها إيران . وكانت الأنتخابات فرصة للتدخل بوسائل الاعلام والمال بشكل ظاهر وسري وتشجيع أصحاب الطموح في السلطة لأضعاف النظام وأخضاعه لسياسات السيطرة الغربية على المنطقة , وحماية أمن وسلامة إسرائيل , ومنعها من ضرب مفاعلات إيران النووية وإشعال المنطقة في حروب تتحمل الدول الغربية خسائرها المادية والبشرية أضافة إلى ما تتحمله الأن من خسائر في العراق وأفغانستان, الشئ الذي جعل الشعوب الغربية ضد أي تدخل عسكري مستقبلا. نحن نعرف أن الشعوب في منطقة الشرق الأوسط أصبحت تنقسم ألى فئتين (1) فئة غنية ومثقفة ومتوسطة تحظى بالتعليم والثقافة والوضع الأقتصادي الجيد . وفئة ثانية (2) من الفلاحين وأبناء القرى الذين لا زالوا يعانون الجهل والفقر والحرمان من كل وسائل الحياة الحديثة . ولا شك أن الفئة الأولى وهي الأقلية تنادي بالحرية والمشاركة في الحكم ولهذا تكون نشطة في اية إنتخابات قد تجري في البلاد . بينما لا تهتم الفئة الثانية المغلوب على أمرها والتي تمثل الأغلبية باية أنتخابات أو مشاركة سياسية وتنفذ ما تطلبه منها السلطات الحاكمة . وقد أستغلت الحكومات العربية هذه الظاهرة على أوسع نطاق في أية إنتخابات شكلية . فسمحت للفئة الأولى وهم الاقلية بحرية التصويت في صناديق الأنتخابات والأدلاء بأصواتها وفقا لم تريد , وساقت الفئة الثانية باقي جماهير الشعب في القرى والأرياف وهم أغلبية الشعب إلى صناديق الأنتخابات للتصويت بما تطلبه منها السلطات . لهذا فأن ما حصل في إيران ليس جديدا ولا مستغربا ومن المؤكد أن الغالبية صوتت لأحمدي أجاد بينما صوت المثقفون وبعض سكان المدن لموسوي . لكن لمذا هذه الضجة لأنتخابات إيران فقط .؟ لقد جرت عشرات الأنتخابات والأستفتاءات في الدول العربية وجاءت بنتائج لا يصدقها العقل وصلت إلى أغلبية 99% و90% في صالح رؤساء الدول وحكوماتهم ومع هذا لم نسمع إحتجاجا أو إدانة لها في الغرب , بل أرسلت التهاني للفائزين المزعومين ويستقبلون في العواصم الغربية بالأجلال والترحيب .بالأضافة إلى ذلك أن معظم الدول العربية لا تعرف الديمقراطية ولا الأنتخابات فلا حريات ولا حقوق إنسان والسجون في كل مكان. فلماذا الأنتخابات الأيرانية بالذات مع أن نسبة فوز الرئيس الايراني لا تزيد على 62%. وما الفرق بين أحمد نجاد وموسوي فكلاهما من نفس النظام والحزب بل أن موسوي من الجناح اليميني القديم المتطرف وهو الذي نفذ الحرب الأيرانية ضد العراق . وأحمد نجاد من الشباب الأشتراكي الذي يقف مع جماهير الشعب الفقراء على الأقل ويعبر عن القلق العربي والأسلامي من التطرف الأسرائيلي والتأمر الغربي على قضايا العرب والمسلمين . الكل يعرف أن هذه الضجة الرسمسة والأعلامية ليست إنتصارا للشعب الأيراني وأنما هي ضد نظام يقف في وجه السياسة الاسرائلية ويتحدى مصالح القوى الغربية في المنطقة . لا أحد يدافع عن سياسة إيران ونظامها الديني المتزمت والمتصب للشيعة والدكتاتوري فهي لا تختلف عن دول المنطقة ولكن إيران هي اقرب إلى الديمقراطية من كل الدول العربية وهي على الأقل تسمح وسمحت للمحتجين على نتائج الأنتخابات بالتظاهر ضد النظام , ولو حصل هذا في أي بلد عربي لقتل المئات ولما رجع متظاهر إلى بيته إلا في صندوق أو لم يرجع قط ألى أهله بعد رمية في سجون لم تعرف لها مثيل إلا في العصور الوسطى . وختاما فإن هدف الغرب الوحيد من كل هذه الضجة الاعلامية هو خلق حالة الفوضى والاضطراب في إيران ولأجبارها على الانضمام إلى طابور الدول الخانعة المستسلمة في الشرق الأوسط وقبول ما يملى عليها من سياسات ومنعها من أقتناء السلاح النووي حتى لا تخلق توازنا في القوى مع إسرائيل .
التعليقات (0)