الأموات يدعمون الأحياء
الأحياء يتذكرون الأموات ويستذكرون الذكريات بتفاصيلها الدقيقة خاصةُ إذا كان من مات قريب أو عزيز وتلك حالة نفسية طبيعية , لكن عندما يستذكر الأموات الأحياء ويدعمون الأحياء بكل ما أوتوا من قوةٍ وعزم فتلك حالة غير طبيعية قد تكون ضرباً من الخيال وقد تكون حدثاً عابراً من النادر حدوثه أو تكراره في أي مجتمع من المجتمعات البشرية ؟
الحالة المصرية السياسية والاجتماعية والفكرية والاقتصادية والتنموية الخ حالة معقدة وإن كانت جذورها ضاربة بعمق تاريخ قديم يمتد لآلاف السنين , عقدة تلك الحالة ليست طارئة بل هي نتاج طبيعي لتراكمات ماضية أمتزج فيها السياسي بالديني والديني بالاجتماعي والاجتماعي بالثقافي والثقافي بالجهل فأنتج حالة معقدة جعلت من مصر فتاة بمظهر عجوز شمطاء , الانتخابات البرلمانية المصرية التي تأتي استكمالاً لخارطة الطريق بعد الثلاثين من يونيو أخرجت الأموات ليدعموا المرشحين الأحياء في عملية يعجز العقل السليم عن فهمها فالأموات أشد وفاءً من الأحياء وكشوف المقيدين في الانتخابات البرلمانية المصرية شاهدة على ذلك الوفاء الذي لا مثيل له أبداً , 25 يناير والثلاثين من يونيو أخرجت المارد من القمقم فالشارع المصري رفض حٌكم الحزب الواحد ورفض حٌكم الفئة الأيدلوجية الواحدة إلى الأبد وميادين مصر شاهدةٌ على ذلك فالكلمة الفصل للشارع ومنه وإليه تعود الحياة بشكل وروح جديدة , الديمقراطية كمصطلح وممارسة تختلف في العالم العربي عموماً عن العالم الأخر والعلة تراكمات تاريخية قديمة وحديثة فذلك المصطلح وتلك الممارسات تموت في العالم العربي دماغياً وتنشط وتتكاثر وتتجدد في العالم الأخر بشكل يومي واضح للعيان , البرلمان القادم إذا ولد من رحم ضعف الإقبال سيكون كجسدِ بلا روح , أرواح الأموات تطير من لجنة انتخابية لأخرى ووعود الأحزاب السياسية والشخصيات السياسية المسلوقة بغرف مظلمة تتشابه لفظاً وصياغة والشارع يعيش حالة ترقب بعد أن وصلت به الحال إلى التفكير في مستقبل مكتسبات الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو فكل شيء مٌحتمل وكل شيء قاتم اللون ولا عزاء لمستقبل يحتضنه أموات مصر داخل اللجان الانتخابية ؟
البرلمان القادم سيرى النور بأي طريقة ووسيلة لكن هل سيكون فاعلاً وشريكاً وأميناً على أحلام شعبِ يٌناضل من أجل المستقبل واستعادة مكانة مصر التاريخية والسياسية والثقافية والحضارية والتنموية هل سيكون برلماناً يٌعد للحياة السياسية رونقها وتفاعلها اليومي مع الحياة المجتمعية ويٌعيد للمجتمع وحدته وتماسكه ويٌحدث مصالحة شاملة بين الأطراف السياسية والاجتماعية والفكرية والثقافية لتبدأ بعدها مصر دورة جديدة ومرحلة جديدة تنسى معها الماضي وتستشرف بسببها المستقبل .
الفعاليات السياسية والثقافية والاجتماعية والفكرية وكل مواطن ومواطنة مؤتمنون على مكتسبات الـ25 من يناير والـ30 من يونيو ومن يظن أنه سيٌعيد مصر إلى الوراء واهم فمصر بلد المعجزات مثلما هي بلد الحضارات ومدرسة العالم منذ القدم ؟
التعليقات (0)