مواضيع اليوم

الأمن الفكري.. وكيف يتحقق؟!

nasser damaj

2009-06-29 05:38:33

0

الأمن الفكري.. وكيف يتحقق؟! 
بقلم: خليل  الفزيع 

     بعد أن اجتاحت العالم موجة من الإرهاب، ومع وجود خلاياه النائمة التي تتحرر من سباتها أحيانا لتفاجئ العالم ببعض أنشطتها التخريبية هنا أو هناك، وفي ظل هذه الظروف أصبح العالم ملزما بالبحث عن مخرج من اجل القضاء على الإرهاب وتجفيف منابعه، واستئصال جذوره عن طريق توفير الأدوات التي تسهم في الحد من تفاقم هذه الظاهرة التي ذهب ضحيتها آلاف الأبرياء في العالم، ومن هذه الأدوات توفير الأمن الفكري الذي يتيح الحوار مع تلك الفئات التي تتحرك تحت غطاء الإصلاح ولكن بلغة السلاح. وفي ظل الأمن الفكري يمكن تناول كل الطروحات في إطار من حرية التعبير وفق تقاليد تضمن احترام كل الآراء والأفكار دون حساسية أو تزمت، وبلغة عقلانية تستبعد العنف وتفترض حسن النية بين كل الأطراف وعلى نفس المستوى من المسئولية الوطنية.
ولكن كيف يتحقق الأمن الفكري؟
     إن ثمة سلوكيات لا بد من تأصيلها بين أفراد المجتمع تؤسس للتعود على حرية الحوار وقبول الرأي الآخر والارتفاع بلغة الحوار إلى مستوى لا ينتابه التوتر ولا يربكه الانفعال، وفي هذا السبيل لا يكفي تلقين مبادئ تلك السلوكيات بل لا بد من ممارستها ليقتدي بها الصغار من الكبار، والاقتداء وسيلة تربوية ناجحة، لإزالة القلق والتشوه النفسي وعدم الثقة بالنفس والآخر، وهي عوامل تجتاح عقل الصغير عندما يلقن شيئا ويمارس أمامه شيء آخر من قبل أولئك الذين يلقنونه مبادئ ويتصرفون بما يناقضها، وعندما تصبح حرية الحوار تقليدا سائدا في المجتمع، لا يقع أفراده في معضلة الخوف والتردد وتجاوز الأخطاء أو التسليم بها بمنتهى السلبية.
     ثمة أمر مهم هو التزام السلطة بعد القمع أو مصادرة الرأي الآخر، ومثل هذه الإجراءات التي تتخذها السلطة لحماية مصالحها الخاصة قد تؤدي إلى نتائج سلبية، فهي بهذا الإجراء تعزل نفسها عن نبض الشارع، وتحرض المواطن على اتخاذ موقف عدائي منها قد يدفعه للانخراط في بعض التنظيمات ذات المواقف المعادية ليس للسلطة فقط بل وللوطن ومواطنيه، وبتمويل ربما من مصادر وجهات خارجية أو حتى داخلية لها أهدافها التخريبية المتناقضة مع المصالح الوطنية، وسعي السلطة لتأسيس مبدأ الحوار بينها وبين المواطن من خلال القنوات الرسمية المتاحة هو وسيلتها لضمان ولاء المواطن باختياره وليس مرغما تحت سطوتها وجبروتها، وسيكون المواطن في هذه الحالة شريكا للسلطة في التصدي للأمراض الاجتماعية ومكافحة الجريمة والحفاظ على أمن الوطن ومنجزاته.
     وتلعب مؤسسات المجتمع المدني دورا بارزا في تأصيل الحوار الفكري بين جميع فئات المجتمع، فهي عامل أساس في تفعيل الحراك التنموي وتأصيل ثقافة الحوار فهذه المؤسسات هي التي تعطي مؤشرا دقيقا لما هي عليه أوضاع المجتمع وتسعى لتصحيح مسار المعوج من هذه الأوضاع وبذلك تكون عونا للمواطن في نقل صوته إلى السلطة، وتكون أيضا عونا للسلطة في نقل احتياجات المواطن وكشف أسباب التقصير في المنجز التنموي الذي قد لا يكون واضحا أما السلطة بشكله الكامل، وبذلك تصل سفينة الإصلاح إلى بر الأمان بعيدا عن العنف أو المجابهة بين السلطة والمواطن، وهما جناحا طائر تقدم الوطن وازدهاره ليحلق عاليا بين الأمم، ويصل إلى قمم النهضة الشاملة وذرى التألق بين جميع الدول.
     بالتربية إذا تخلت عن أساليبها التقليدية من التلقين إلى الممارسة الإيجابية، وبحرية التعبير المتاحة من السلطة لمواطنيها، وبوجود مؤسسات المجتمع المدني التي تنقل بأمانة للسلطة احتياجات الموطن حتى تتحقق له الحياة الحرة الكريمة، بذلك كله يتحقق الأمن الفكري الذي يمكن أن يمارسه الفرد، ويمارسه المجتمع من خلال مؤسساته المدنية وتمارسه السلطة أيضا في علاقتها مع مواطنيها، وهو في النهاية جزء من الأمن الشامل الذي تحقق الدولة في أجوائه نموها وازدهارها.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات