الأمـــة بيــن مطرقــة الوطني وسنــدان الشعبي
محمد الأمين عبد النبي
Wdalamin_760@yahoo.com
مدخل :
اذهب الي القصر رئيساً و سأذهب للسجن حبيساً
د.حسن الترابي
أثارت تصريحات الأستاذ كمال عمر المحامي الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي حول اتهاماته المتكررة لحزب الأمة القومي بالتقارب مع المؤتمر الوطني وفق تفويض تحالف قوي الإجماع الوطني للحوار مع الأخير كثيراً من اللغط والتشويش من قبل المراقبين والمهتمين والإعلاميين والعاملين بالحقل السياسي ، ليس من حيث مضمونها فحسب وإنما في توقيتها ومصدرها متزامنا مع تصريحات قادة المؤتمر الوطني حول الحكومة العريضة التي كما يزعمون تطابق الرؤى حولها بل أعلن بعضهم شكلها ووزاراتها . فالهجوم والتخوين من المؤتمرين "الشعبي والوطني " علي حزب الأمة القومي في نفس الوقت وتجاذب الأجندة الوطنية وتفسيرها وفق هوي مشترك وكل يطلق سهامه من قوسه للقضاء علي العدو المشترك في نظرهم يعكس عمق الأزمة السودانية والنفاق السياسي وتبادل المصالح والمحاولة الحثيثة لإقصاء الأمة من الحياة السياسية وجعل الفاعلين في الشأن العام "حكومة ومعارضة" حصرياً علي الاسلامويين .
ربما تكون المرحلة التي تمر بها بلادنا تجعل الكل يميل لرتق الهوة بين الأحزاب كوعاء للولاء الوطني وكمعبر عن الإرادة الجمعية للشعب ومخازن البدائل والحلول ، والدعوة للتوحد والتحالف والاتفاق ونبذ الشقاق والتشتت ، ولكن لا يستقيم أي تحالف أو تنسيق ما لم يتم بناء الثقة والاتفاق علي الثوابت القومية والأجندة الوطنية ولعل الشعب السوداني قد فقد الثقة في المؤتمرجية " الوطني والشعبي " ولفقدهم للمصداقية ولاستغلالهما للشعار الإسلامي في الاستيلاء علي السلطة والاستبداد والظلم وعزل الآخرين وتخوينهم وإقصائهم من الحياة السياسية فالعلاقة بينهما لا تخرج عن "إخواننا بقوا علينا " ومع مباركتهم لكل سياسة الدولة ونهجها في التعاطي مع القضايا الوطنية إلا أن ابعدوا عن مكان صنع القرار من باب التكتيك لكي يلبسوا ثوب السلطة والمعارضة في أوان واحد فيظهر للعالم اجمع إن السلطة اسلاموية " الواو للادعاء " وكذلك المعارضة. وفعليا في المصلحة المشتركة بينهما في الثروة والسلطة قائمة وكذلك حتى يكتب لهم وجود في المستقبل في ظل الفشل المريع في إدارة الدولة والناي بالسلطة والقيادة الدينية من معترك الفساد والاستبداد لإعادة إنتاج مشروعها الحضاري ألإقصائي والعنصري مرة أخري .فكل القصة لا تعدو مسرحية فجاز لنا تسميتها بـ"بالخديعة الكبرى " علي حد وصف الكاتب تيري ميثان . فالشعبي والوطني سيان " تيمان برقو " في تبادل للأدوار وتغبيش للوعي وتنميط الرأي العام السوداني للاحتفاظ بالبقاء في السلطة لأكثر فترة ممكنة حينها تتم عملية التمكين والاستنزاف للآخرين وتدريب كوادرهم واستغلال مكتسبات الوطن لصالح فئة قليلة وخلق التشويه اللازم للاستيلاء علي مفاصل الدولة حكومة ومعارضة لمواجهة العالم بمشروعهم التوسعي والداعم للإرهاب والقائم علي زعزعة الأمن والسلم الدوليين .
فليعلم حزب الأمة القومي بأنه لن يرضي عنه الوطني والشعبي ولو اتبع ملتهم لان أساس مشروعهم السياسي قائم علي هدم كيان الأنصار والأمة .وأكاد اجزم إن المؤتمرجية " الشعبيين والوطنيين " في اجتماعاتهم ولقاءاتهم ينبشون حزب الأمة القومي ويظهرون عداوتهم المفرطة اتجاهه في كل المحاضر والتوصيات وذلك من باب الغيرة السياسية للتفوق الفكري والبعد التاريخي والسند الجماهيري والعمق السياسي والتطور التنظيمي فلاشك يدرك المؤتمرجية المرجعية الإسلامية المعتدلة والوسطية للأمة القومي ذات المشروع الصحوي المستنير والمستمد من قيم ومبادئ الدعوة المهدية وما حققته من انتصارات فكرية وعسكرية وفقهية وسياسية ومستند علي تجاربه المشرقة منذ معركة الاستقلال " السودان للسودانيين " وصلابة المواقف ورجاحة السياسات ووطنية الحلول والتفكير النظري العميق الذي يجسده الكم الهائل من الكتب والمطبوعات والوثائق ، وقيادته المدركة للواقع والملهمة للفكر والمستلهمة للتاريخ والمزاوجة بين الأصل والعصر والنص والواقع - والحارسة لمشاعل الحق والمتصدية للأفكار الهدامة والمشوهة للعقيدة والوطن ، وجماهيره العريضة المتمسكة بأهدافه والمضحية بالمال والنفس في سبيل تحقيقها ، نهجه القومي القائم علي الديمقراطية والحرية ، وتمدده في كل فئات المجتمع " التقليدي والحديث" وثقله الشعبي في الحضر والريف . لقد كان جماهير الأنصار والأمة علي الدوام هدف للإنقاذ في نسختيها "أ" و "ب" وتضرروا منها تشريدا وتقتيلا وتعذيبا وتهشيما وتهميشا وتشويها فكان لهم نصيب الأسد في القمع والإقصاء والتكسير والإفقار. ولعل الشعب يبادل الأمة ذات الوفاء لمواقفه المساندة لتطلعاته وتضحياته وصعوده لرغباته ونظافة يده من دمائهم وجيبه من أموالهم فلم يحصدهم حصدا ولم ينهبهم نهبا ولم يسرقهم باسم الدين ولم يثير الفتن الدينية والعرقية بين أبناءه ولم ينتهك حرماته ويعتدي علي حقوقه ويلطخ سمعته ويفرط في سيادته ويستبيح أراضيه ويصفي مشاريعه الاجتماعية بدعاوى الخصخصة ويفسد أخلاقه ويدمر شبابه ويهين نسائه ولم ينقلب علي شرعيته الدستورية بليل ويقوض نظامه الديمقراطي .
في المقابل يدرك الشعب السوداني ماهية " الجبهة الإسلامية القومية " والمؤتمرجية قبل وبعد المفاصلة الشكلية وما فعلته في البلاد من كوارث ومصائب من أول يوم من عمر الإنقاذ والاستهداف لمقدرات الوطن في كل الأصعدة، فلم ينسي الشعب السوداني الفساد في مشروع الإنقاذ الغربي ومن كان ورائه وجلسات المجلس الوطني ولقاءات رئيسه في الازاعة والتلفزيون ، ولم ينسي الشعب السوداني جرائم الإنقاذ الأولي ؟ ومن الذي أجج الحرب في دارفور ؟؟ ولم ينسي تدمير الزراعة والصناعة بقرارات اقرها المجلس الوطني حينها كان رئيسه الأمين العام للشعبي ؟؟ من الذي أوجد الجماعات الإرهابية والراديكالية في السودان بالدعوة للمؤتمر القومي الإسلامي الشعبي والعربي الذي مهد لفتح حدود الوطن للمتطرفين والإرهابيين ؟ ولم ينسي التعذيب في بيوت الأشباح والاغتيالات والتنكيل بالمعارضين وحل الأحزاب والإدارات الأهلية وتصفية النقابات والصالح العام وتنميط المجتمع السوداني وفق ثوابت الإنقاذ , في استغلال لذاكرة الشعب السوداني المشلولة علي حد وصف الأستاذة اميمة عبد الله . فالشعبي ظل علي الدوام يقدم الخدمات والتسهيلات اللازمة لإخوانه في السلطة عندما اتفق مع الحركة الشعبية العدو الكافر في نظره والذي أعلن الجهاد عليهم في الجنوب و تجيش الشباب لخوض الحرب الكارثة باسم الإسلام فكان ثمرة الغرس انفصال فوقع مذكرة للتفاهم الشهيرة التي فتحت الباب للوطني للتنازل عن كل القيم التي تمشدق بها والاتفاق بعدها مع الحركة وهذه الخطوة ما كان لها ان تتم لولا تحرير شهادة إباحة من شيخهم ، وكذلك إصرار الشعبي علي خوض الانتخابات بالرغم من معرفة ثقله وحظه في مخالفة للقوي الوطنية وإطفاء شريعة لفوز حليفه الضمني وأبناءه وإحراج القوي الاخري وكسر شوكتها .والكلام الممجوج حول الحريات والديمقراطية افقدها مضمونها " شنو ذنب الطار لو بغنى به شتر " ليضعف حجم الزخم الناجم حولها ، فالجميع يفرق مابين المعتقلات المزودة بعناصر بيوت الأشباح ومابين الخلوة والحبس من باب البروقندا المزيفة ولعل المواطن السوداني أوعي من ذلك فالملاحظ كان التجاوب سريعا مع معتقلي 30ينايرحتي أطلق سراحهم وكان التجاوب معدوماً مع د. الترابي وهذه حالة نفسية رسختها تجارب الشعبي مع الشعب . الوطني يريد أن يوهم الشارع العام أن المعارض الأول والخطير للنظام هو الشعبي والأخير يكرس الفهم بـ" أن الكلب يعرف يعض أخوه وين " ويمكن أن تقرأ انضمام قيادات لها وزنها في الإنقاذ ناصرت الشيخ وألان تنفذ الانتقال السلس حسب الحوجة لصفوف الوطني محمد حسن الأمين ، حاج ماجد سوار ، بدر الدين طه ، الحاج ادم وغيرهم وقد نسمع قريبا السنوسي أو كمال عمر او حمدون الطاهر . فليس هنالك اختلاف في الأهداف والمبادئ وإنما في الوسائل والنهج . وان طغت بعض الخلافات الشخصية في تقسيم الأدوار متعلقة بالسلطة والجاه وليس لله أو الوطن ، فالأمة القومي غير معني بالخلافات الشخصية وتصفية حسابات الشركاء وإنما بقضايا وطنية نتاج فشل الجبهة الإسلامية بشقيها .
إن الأمة القومي لا تخفي عليه الحية التي قلعت قميصها وغرست سمها في أبنائها للفتك بجسد هذا الوطن فممارسة الوطني الفاسدة والمفسدة للحياة السياسية والاجتماعية والاستبداد والطغيان والتجبر والاعتداءات العميقة علي بنية الدولة السودانية وتشويه الإسلام وربطه بهذه الكوارث وتفجير أزمة دارفور وانفصال الجنوب وخلق بور توتر والاستهداف المحكم لإخراج حزب الأمة القومي من دائرة الفعل السياسي بكل الأساليب القمعية والاختراقية .ويفهم الأمة أن نقد القوي الديمقراطية الوطنية يصب في اتجاه الحرص علي وحدة قوي الإجماع الوطني وذلك لتقدير دوره ومكانته وكذلك نوايا الشعبي في البحث عن السانحة للانقضاض علي كسر وحدة الصف الوطني ضد إخوانهم في السلطة وبذلك يسعى لإجهاض ثورة والخلاص في محاولة لسرقتها قبل ميلادها . فلا غرابة أن يملا المؤتمرجية "الوطني والشعبي " الأرض ضجيجاً في تخوين حزب الأمة القومي والتشكيك في مواقفه الوطنية لإدراكهم بأنه العقبة العصية في مشروعهم التوسعي والتمكيني لتفتيت الوطن .لقد أتاح الشعب السوداني للشعبي فرصة للاستغفار والتوبة النصوح فلم يلتزم بشروطها، وأمهل الوطني لتصحيح أخطائه في حقه فكان التمادي وعدم الاكتراث والإصرار علي سلك الدروب الوعرة ، وإمامه تحدي في تغيير العقلية والذهنية المؤتمرجية بشقيها داخل وخارج السلطة وليؤسس لواقع جديد لخلاص الوطن من ما اقترفته أيدي المؤتمرجية يقوم علي الحرية والديمقراطية والسلام والعدالة . وآخر الدواء الكي .... على الباغي تدور الدوائر …
التعليقات (0)