قال أهل الحكمة : الجيوب الفارغة لم تعق تقدم أحد قط . وحدها العقول الفارغة باستطاعتها فعل ذلك .
كما عَوَّدَنا الرفيق القائد مؤسس الأمبراطورية الشعبية العربية الصدرية في العراق .
البرنس مقتدى الصدر - حفضه الله ورعاه - في الخزعبلات التي يطلقها بين الفترة والأخرى ليضيفها الى فصول ما عُرِف عنه من مواقف الأنهزامية والتردد التي إشتُهِر بها حتى أصبح مثار ومحط سخرية الجميع وإستهزائهم وضحكهم ، تارةً يُرعد ويُزبد ويُزمجر ويَصرُخ ويُقرر ويُصَرح من خلال قنوات الأعلام المطالبة بسحب الثقة عن رئيس الحكومة ويتبنى هذا المشروع ! لكن ما أسرعه في التراجع والتنازل والأنهزام ! وتارة يقرر أعتزال العمل السياسي متذرعاً بالأعتكاف خاصة بعد ثبوت فشله وعدم مؤهليته الثقافية والسياسية ! وأيضاً يتراجع بعد ايام عن هذا القرار ، فكل قراراته السياسية كانت ضد الشعب وليس لصالحه ومن أمثلتها تأجيل التظاهرات الشعبية ضد الحكومة في 25 شباط 2011 لمدة ستة اشهر وبعدها أمر (رعاياه ؟ ) بالخروج في مسيرات شكر للحكومة على انجازات لم تحققها مطلقا , فضلاً عن مشروعه الإلهي بسحب الثقة الذي تنازل عنه في النهاية , إدخاله الشعب العراقي في حرب طائفية وبعد ذلك الحرب الأهلية في الجنوب مع قوات الجيش والشرطة ،هذه جملة بسيطة جدا من قراراته وانجازاته السياسية ، فسبحان مُبدل الأحوال من حالٍ الى حال ، أضافة الى النغمات المضحكة التي يعزفها السيد البرنس بمناسبة وغير مناسبة والتي ماشاء الله قد ملئت اليوتيوب ! حتى أن أحدهم ذكر لي أنه عندما يكون متضايق ومزاجهُ مُتَعَكِّر يدخل على اليوتيوب ويبحث عن شطحات مقتدى ( حسبما ذَكَرَ لي هو في صيغة بحثه ) لكي يضحك ويُرَفه عن نفسه فمن شاعر ( العدو علينا يبولُ ) مروراً ( حبيبي تبوسني لو تلطع بيه ) الى ( جهلة جهلة ) وما قبل الأخيرة وليست أخيرة ولا آخراً من على منبر الجمعة منبر امير المؤمنين - عليه السلام - ( تباً لي ولكم ) والمصيبة الأعظم أن القطعان من رعاياه التي تأتَمَّ به تبدأ بالبكاء والنحيب عندما يسمعونه ينطق هذه الكلمة ، وليست غريبة او جديدة على هذه القطعان فسبق لهم وأن نظَّموا هوسة شعرية تعَبِّر عن ولائهم للسيد الأمبراطور عندما وصَفَهُم بالجهلة ( يهج بينة حسبالة نعوفة ) كما وَصَفَ معاوية أشباههم من رجال الشام بأنهم ( لايُميزون بين الناقة والجمل ) ، عادَ السيد القائد برنس الأمبراطورية الصدرية بنغمة جديدة هذه الأيام وهي كلمة ( رعايانا آل الصدر ) في محاولة تأسيسية جديدة لأرجاع المجتمع أو من يلتف حوله الى عصر القبلية الجاهلية ! عصر الأقطاع والتمييز عصر النبلاء والرعاع يضيفها الى البدع التي أستحدثها السيد البرنس ولست أفهم من يقصد برعاياهم .. هل يقصد القطعان التي تسير خلفه .. أم يقصد عموم المجتمع العراقي برعاياهم ؟ ومن هم الذي أصبح الشعب العراقي رَعِيَّةً لهم ! هل يقصد نفسه السيد الأمبراطور من باب الفخر والتفخيم برعايانا .. أم يقصد آل الصدر عموماً وأن المجتمع كان من رعاياهم ؟
لسنا نفهم ! هل يوجد تصريف شرعي غير الحديث الشريف ( كلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته ) فإذا كان السيد الامبراطور يعتبر قطعانه رَعِيَّتَه وأنه مسؤولٌ عنهم ! فهذا أمرٌ أكيد طالما هو الراعي والأب الروحي الغير شرعي لهم والذي سيلقى رَبَّه ودماء العراقيين الأبرياء التي سفكوها وكل الجرائم التي أقترفوها بحق البلد والناس والأنسانية بأمره ورضاه وموافقته في رقبته ( يومَ ندعُ كلَّ أُناسٍ بإمامَهُم ) ، أمَّا إذا كان يقصد السيد الامبراطور بأن المجتمع العراقي يدين بالولاء لآل الصدر ( كما يذكرها هو ) وكأن آل الصدر مملكة أو امبراطورية قد أورثوها لولدهم البار الأمبراطور الصغير البرنس مقتدى فهذا ( على كولة السيد محمد الصدر قدس ) دونه خرطُ القتاد ، مرةً ذكر كلمة رعايانا وكلمة آل الصدر في لقاء مأجور أجراه معه مراسل صحيفة الشرق الأوسط الصحفي معد فياض قال رداً على سؤال المراسل ( ودائما أنا أكرر المقولة التي تقول: «حكمت فينا رعايانا» ) علماً يُعتبر الصحفي معد فياض هو أحد شهود العيان على الجريمة التي أقترفها التيار المقتدائي عندما قتلوا السيد عبد المجيد الخوئي والذي كان المراسل حينها مرافق اعلامي للسيد مجيد الخوئي وقد نقل معد فياض أحداث هذه الجريمة ووضعها في كتاب أسماه ( القصه الحقيقيه لإغتيال السيد عبد المجيد الخوئي ) ، الحادثة التي صورتها عينيه وليست كاميرا الشرق الأوسط ( كما وصفها الزميل فراس الخفاجي بمقالته معد فياض في ضيافة السيد مقتدى ) والمرة الثانية حسب علمي ذكرها في الأستفتاء الأخير الذي رفعه له البعض من رعاياه ؟ حول تصريح مكتب رئيس الحكومة السيد المالكي في ردِّه على برنس الامبراطورية الصدرية الرفيق مقتدى ، وهم يتصورون ان الحكومة ضعيفة كما في السابق بعد سقوط النظام البعثي وأنهم يستطيعون الرد على الحكومة ! متناسين قوة الدولة الآن وأمكانياتها العسكرية ، وما حصل لهم في الأمس القريب الحملة العسكرية التي قادها المالكي نفسه على قطعان التيار والتي سُمِيَت بصولة الفرسان وهي خير شاهد ودليل على امكانية الدولة وقوتها ، الحملة التي جائت فكانت رحمة للعراقيين عموماً ولأهالي البصرة خصوصاً بعد تَجَبُّر وطغيان وفساد رعايا السيد البرنس الذي وصل الى حدود لاتطاق ، فكان لزاماً على الحكومة حينها كبح جماح هذه العصابات التي عاثت فساداً في ارض العراق .
وفي إنتفاضة السيد جعفر الصدر ومفاخرته الأخيرة وأنبرائه للدفاع عن الامبراطورية الصدرية حيث قال في معرض رده على بيان مكتب المالكي ( أطل علينا من جديد مكتب رئيس الوزراء ببيان لايمت للحقيقة بصلة ولا للواقع ولا لخطاب الوفاء لمن كان أهلا لرد الفضل والجميل ، خاصة وان المتنفذين بالحكم وصلوا اليه برفعهم شعار الانتماء لعائلة آل الصدر ) في ردّه هذا افصاح واضح معبر عن عصبية وقبلية جاهلية وفوقية الأرث الملكي لآل الصدر ودفاعه عن امبراطوريتهم ، رغم أن ساسة حزب الدعوة لم يعبروا ذات يوم عن إنتماءهم لآل الصدر بل أنتماءهم لحزب الدعوة بأعتبار أن السيد الشهيد محمد باقر الصدر (قدس) من مؤسسيه ، فهل كان العراق قبل هذا مملكة لآل الصدر ؟ وهل كان منهج الشهيدين الصدرين التعالي والفوقية على المجتمع العراقي ومعاملتهم له كرعايا مملكة ؟ أم أنهم تعاطوا وتعاملوا مع جميع طوائف الشعب العراقي بأبوَّة وحنان عملاً بتكاليفهم الشرعية كعلماء ربانيين ليس أكثر ، يُعلمنا الشارع المقدس ويُذكرنا أن التفاخر خصلة ذميمة لأنه مباهاة وتعاظم في غير محله .
وإذا قُدر أن محل الافتخار موجود لدى المفتخر ، فإنه لا ينبغي له أن يتظاهر أمام الناس بمظاهر العظمة والكبرياء ولذا جاء في الحديث الشريف أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال ( أنا سيد ولد آدم ولا فخر ) وفيه تفسيره قال العلماء : أي لا أقوله تبجحًا ولكن شكرًا لله وتحدثًا بنعمه .
والتأريخ الأسلامي والسِيَر والسنّة النبوية الشريفة مليئة بالتحذير والتنفير من الفخر والمفاخرة وفي ذم ذلك قال الرسول الأعظم - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - : ( إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد ) ، وقال - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - ( ليس منَّا من دعا إلى عصبية وليس منَّا من قاتل عصبية وليس منَّا من مات على عصبية ) .
وعلى هذا الأساس لن يكون العراق وشعب العراق ذات يوم تابعاً لعائلة أو حزب أو مؤسسة مهما كان أسمها ومحل أفتخارها وأنتمائها ، فنحن نعيش عصر الجمهورية والمدنية والأنفتاح والبناء والتطور ولسنا في عصر القبلية والممالك والمماليك .
صفاء الهندي
التعليقات (0)