لا أعلم لماذا عندما يسمع البعض كلمة أمازيغية يبدأ وجهه بالاحمرار، يحك أطراف جسده بعصبية، ويبدأ شعره في الوقوف ويشهر أنيابه قائلا لك بصوت مرتفع: العربية هي لغة القران. ثم يأتي لك بتحليلات غريبة تثبت أنك عربي وأن حذاءك عربي وبيتك عربي وحتى سروال الجينز الذي ترتديه عربي وأن الكون بما فيه عربي. ولسان حاله يقول أنك عربي شئت أم أبيت وليس هناك شيء يسمى أمازيغية. فهو في نظره مجرد اختراع ابتكره بعض العنصريين ذوي النزعة الانفصالية أو بالأحرى أعداء الإسلام والعروبة. السخيف في الأمر هو أن هؤلاء الذين يرددون هذا الكلام لا يعرفون شيئا عن الإسلام اللهم أن الشرع عطا أربعة وأن القران أنزل بالعربية. وهذا يجعلهم دائما يضعون عروبتهم في موقع القداسة وكل من سولت له نفسه أنه ليس بعربي فعليه أن يستعد لكيل من التهم والعقاب أيضا.
الواقع أن هناك الكثير من الدول الإسلامية التي أخذت الإسلام وحافظت على هوياتها وتركت ثقافة التعريب بعيدة عنها. ففهمت الإسلام ووصلت إلى مراكز مشرفة . فإيران الفارسية ماضية اليوم في تطوير سلاحها النووي بقيادة رئيسها المواطن البسيط. وتركيا الديمقراطية ماضية في وضع قدمها بالاتحاد الأوروبي في عهد العدالة والتنمية. وابنها أردوغان لقن الصهاينة درسا صافعا لهم ولغيرهم من مجرمي هذا العالم. وماليزيا وأندونيسيا وباكستان....باستثناء الدول العربية ودول شمال أفريقيا العربية غصبا عنها فإنها تعيش أبشع أنواع التخلف الذي يمكن أن يعيشه شعب في القرن الواحد والعشرين. ولكم أن تعوا مدى قتامة سياسة التعريب بالمغرب من خلال النكت المستفزة والمستهزئة بالإنسان الأمازيغي ولغته وحضارته. فمن بين ما يروج بين أجيال المدرسة العروبية هي أن الله تعالى فرق لكل شعب لغته فلم يتبق له سبحانه إلا واحد التخربيقة فقال للأمازيغ خذوها، وهذه هي اللغة الأمازيغية. تعالى سبحانه عن هذه الترهات العنصرية. ولم اسلم أنا أيضا من بعض التعليقات السخيفة لزميلاتنا في الجامعة ، حينما تقول لك الواحدة منهن أن جدك الأمازيغي ضرب فوق رأسه بمطرقة وعندما استيقظ بدأ يقول كلاما غير مفهوم أو يخرف ومعناه أن لغتنا هي هذه التخاريف ليس إلا. ناهيك عن تلك الأسئلة المملة والسخيفة كأن تقول لك الطالبة مثلا: هل تحلمون بالأمازيغية؟ هل تفكرون بالأمازيغية؟. أسئلة تدل على انحطاط العقل البشري في الدول التي تعيش تحت رحمة الإستبداد الثقافي العروبي. ولا أسوق هذه الأمثلة هنا من أجل إيقاظ فتنة نائمة أو استفزاز الإخوة العرب. إنما أقدم أدلة من الواقع تبرز إشكالية العنصرية من داخل شعب يدين بالإسلام لا بل والأبشع من ذلك أنه يفعل ذلك بحجة إسلامه.لقد أساء الاستبداد العربي للإسلام كثيرا، فباسم الإسلام أبيدت قرى بأكملها وباسمه يحرم على المواطن الافتخار بهوية غير الهوية العربية. ومن المؤسف القول أيضا أن هناك الكثير من النشطاء الأمازيغيين الذين أساؤوا بدورهم للأمازيغية أكثر من غيرهم. وذلك عندما قرروا أن يلصقوا بالأمازيغية احتقار الدين والتحدث بلهجة الوصاية والتعالي على الجماهير الأمازيغية التي وجدت نفسها بين خيارين أحلاهما مر. إما التصفيق للأحزاب المغربية المستغلة للقضية الأمازيغية بشكل مريع وإما الانضمام إلى صفوف من يناضلون من أجل القضية بعيدا عن إشراك المواطن الإنسان الأمازيغي البسيط في تحديد المطالب الملحة في هذه المرحلة . فأن تكون أمازيغيا أصيلا عاشقا للغتك وحضارتك لا يعني بالضرورة أن تكون عدوا للدين أو معاديا للعرب ومرحبا بالعلاقة مع الصهاينة كما يحاول أن يسوق البعض. حيث يظنون أنفسهم أمازيغا أكثر من أي أمازيغي آخر لا يتشارك معهم نفس الإيديولوجية ونفس الاختيارات السياسية. وحتى لا نبقى رهينة هذه الاختيارات الفاشلة الموجودة حاليا في الساحة فلقد حان الوقت لنطرح موضوع العنصرية بالمغرب والقضية الأمازيغية بروح أخوية نسعى من خلالها إلى بناء مغرب مبني على العدالة والمساواة والديمقراطية الحقة.
التعليقات (0)