مواضيع اليوم

الألحاد وابادة البشر

زين الدين الكعبي

2012-04-23 13:24:13

0

 

 

Imagine theres no heaven                               تخيل أن لا وجود للجنة
Its easy if you tray      
                                       ستجد ذلك سهلاً لو حاولت
 No hell below us                                                ولا حتى جهنم من تحتنا
Above us only sky    
                                         من فوقنا  سماء فقط
Imagine all the people             
                          تخيل أن جمبع الناس
living for today       
                                            يعيشون ليومهم فقط
Imagine theres no countries    
                      تخيل لو ان لا وجود للدول
It isnt hard to do                         
                       فليس من صعوبة في ذلك

Nothing to kill or die for                                   لاشيء هناك لنموت من أجله
No religion too                             
                      ولا حتى للدين
Imagine all the people                   
                  تخيل أن جميع الناس
living life in peace                        
                   يعيشون في سلام

 

أغنية (تخيل– imagine ) لجون لينون قائد فرقة الخنافس (Beetels) هذه هي بمثابة الترنيمة المقدسة للملحدين، حيث تطلب كلمتاها من المستمع أن يتخيل العالم بلا دين ولا أله ولاجنة ولا نار، وهو ما سيوحد العالم ليصبح بلا دول، وكأنه قرية واحدة، ومن ثم تنعدم أسباب التقاتل بين البشر، ويعيش الجميع في سلام، لايفكرون الا بالأستمتاع بيومهم وبالحياة .

الأغنية وأهدافها جميلة، وللملحدين الحق في الترنم بها والدفاع عنها كما فعل تشارلز دوكنز حين قال ( اخبرني صديق أن أغنية جون لينون العظيمة تغنى بعض الأحيان في أمريكا مع تحوير أو حذف لعبارة "وبدون دين أيضاً" لا بل أنهم يبدولنها في بعض الأحيان وبوقاحة الى عبارة " ودين واحد أيضاً" )  .

ألا أن المشكلة في هذه الأغنية، وفي الملحدين، انهم يحاولون أيهام غيرهم بأن هذه الفكرة هي من أختراعهم، وأعني بذلك فكرة أن الألحاد هو طريق وحدة البشرية، وبالتالي السعادة الأبدية . فمادام الناس كلهم على فكرة واحدة، وهي فكرة نبذ الأله، فلن يكون هناك أي صراع عقائدي من أي نوع، وهذا ما سيؤدي حتما الى أن تعيش البشرية بسلام .

ولكن أليس هذا ما تدعيه جميع الأديان السماوية والأرضية أيضاً ؟ جميع الأديان تقول أن لو أهل الأرض أجتمعوا على دينهم اللذي يؤمنون به، لعاشت البشرية كلها في وحدة وتآلف وسلام .

"لأن جميعكم أبناء الله بالإيمان بيسوع المسيح لأنكم أنتم جملة من اعتمدتم في المسيح قد لبستم المسيح . ليس يهودي ولا يوناني. وليس عبد ولا حر. ليس ذكر ولا أنثى. لأنكم جميعكم واحد في المسيح يسوع" (غل26:3-28). هكذا يقول الانجيل ومن ورائه النصارى .

القرآن أتخذ خطوة متقدمة للتعبير عن هذه الحقيقة، ففي سورة الزخرف يقول تعالى سبحانه، (وَلَوْلا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ 0 وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِؤُونَ 0 زُخْرُفًا وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ) . أي أن القرآن يقر بأن الوحدة الفكرية والعقائدية بين البشر لابد وأن تؤدي الى نوع من أنواع الأستقرار الضروري للبناء والأبداع في كل المجالات، حتى وأن كانت هذه الوحدة الفكرية مبنية على الكفر والباطل، الأمر اللذي سيجلب الخير والنعمة لهكذا مجتمع متآلف ومتجانس الى الدرجة اللتي تصبح سقوف أبنيته مصنوعة من الفضة بدلا من الطابوق والحجر ؟! صحيح أن هذا المجتمع سيظل يعاني من مشاكل أجتماعية وصحية وسياسية نتيجة الكفر بالله اللذي يريد بشرعته القرآنية الكمال للبشرية، ولكن يظل هذا المجتمع الكافر الموحد المتفق بين أعضائه أكثر أنتاجاً وسلاما وسعادة من المجتمع المؤمن بالله، ولكنه منقسم على نفسه أجتماعياً وسياسياً وفكرياً ودينياً وعرقياً وطائفياً، وهذه حقيقة واقعة نراها اليوم بأم أعيننا عندما نقارن دولنا بالدول الغربية .(هذه الآية معجزة عظيمة، ولها حديث مفصل أنشاء الله ) . هكذا يكون دوكنز ولينون قد اتيا بما نعرف، وفسرا الماء بالماء .

كتب دوكنز في كتاب ظنونه (في 2006 قدمت برنامجاً وثائقياً على التلفزيون البريطاني بعنوان جذوة الشر، بادئاً ذي بدأ لم يعجبني العنوان، فالدين ليس أصل كل الشرور، وليس هناك شيء معين بذاته هو أصل لكل شي أخر، ولكني سررت بالعنوان اللذي وضعته القناة الرابعة على الجريدة الوطنية، وهي عبارة عن صورة لأفق مدينة مانهاتن تحت عنوان "تخيل عالم بدون دين" فما هي علاقة الوصل هنا ؟ البرجين كانا على الصورة)  (1) .

أنتبه الى أن دوكنز لم تعجبه عبارة (أصل الشرور) ليس لانه غير مؤمن بان الدين اصل الشرور، ولكن لأنه فقط يخاف من جملة (أصل كل شيء) اللتي لايريد أن يسمعها أبداً، والدليل أغنية لينون اللتي أطلق عليها لقب "العظيمة" كما أنه كتب قائلاً (تخيل مع لينون عالما بدون دين، بدون أنتحاريين أو تفجيرات سبتمبر، بلا تفجيرات لندن او حملة صليبية، بدون تقسيم للهند او حرب أسرائيلية فلسطينية، بدون مذابح الصرب والكروات للمسلمين، وبدون أضطهاد لليهود كونهم قتلة المسيح، أو مشاكل في ايرلندا، بدون جرائم الشرف، أو مبشرين أنجيليين بهندام لامع على التلفزيون الأمريكي يأخذون أموال السذج) .

أراد دوكنز بمثال البرجين أن يقنعنا بوهم كبير يحاول الملحدون أقناعنا به منذ قرون، وهم أن الدين هو أصل الشرور والتقاتل بين البشر، فالدين بسطوته يمكَن السراق والمحتالون من أخذ أموال السذج، وهو أسهل طريق لمجانين العظمة لحشد الناس ورائهم والتسلط عليهم، وهو أفضل اداة للساسة لحشد جيوش أوطانهم لأحتلال وأستغلال بشر وأراضي وموارد الدول الأخرى...

            

 

هذه صورة البرجين اللتي يتكلم عنها دوكنز واللتي أراد منها أن يقول أن الدين هو اللذي تسبب في هدمهما، بالطبع للدين دخل كبير في هذه الصورة، ولكن دوكنز وكثيرون غيره يغفلون عمدا الدور الأكبر لأمريكا وحليفاتها في خلق القاعدة وطالبان، وأحتلال فلسطين، وملايين الشهداء اللذين سقطوا نتيجة الأحتلال البريطاني والفرنسي لمدة قرنين من الزمان، وملايين شهداء الأنظمة القمعية المحمية بالقواعد الأمريكية والغربية في الأمس واليوم .. وبالتالي في التسبب بهذه الصورة .

ولكن لنغفل نحن أيضاً ذلك كله ولنقل يما يقول دوكنز، أي أن هذا العمل الشرير هو بسبب الدين فقط ولاشيء غير الدين .

                          

 

هذه صورة هيروشيما قبل، وبعد أنفجار القنبلة الذرية الأميركية، لنعد كم عدد الأبراج والبيوت والمعامل والمصانع اللتي دمرت بلحظة واحدة، ولنضرب ذلك برقم 2 ليشمل العدد أبراج ومنازل ومصانع ناجازاكي (اللتي ضربت بالقنبلة الذرية الثانية بعد أعلان اليابان أستسلامها، ولكن الأميركان كانت لهم تجارب علمية لم تنتهي بعد، فتجاهلوا الأستسلام الياباني وألقوا بالثانية لأكمال التجارب وتثبيت السطوة العسكرية الجديدة على العالم) .

عدد اللذين قتلوا في البرجين حوالي 4000 ، أما عدد قتلى هيروشيما وناجازاكي فكان 220000 في (لحظتي) أنفجار القنبلتين، و80000 ألف آخرين لاحقاً، ليصبح المجموع أكثر من ثلاثمائة ألف أنسان مدني بريء، فيهم الطفل والعجوز والمريض والعاجز...(2) .

المفروض أن الدول اللتي شاركت في الحرب العالمية الثانية هي دول علمانية في مجملها، لاتقحم الدين في السياسة، بل ولا بالحياة، ومنها دول قائمة على الشيوعية الألحادية كالأتحاد السوفيتي، فلماذا وقعت هاتين المذبحتين ياترى؟؟ . ولماذا لازالت هذه الدول الى الآن تقتل بالنابالم والفسفور الأبيض والطائرات بدون طيار والقنابل اللتي تزن مئات الأطنان ملايين البشر منذ حروب كوريا وفيتنام والى الأن في العراق وأفغانستان وفلسطين، مرورا بكمبوديا ويوغسلافيا وأمريكا الجنوبية .

يقول ماوتسي تونغ  الشيوعي الديالكتيكي المعروف (أثارة الإضطرابات ، ثمّ الفشل ، و العودة على إثارة الإضطرابات ثانية ، ثمّ الفشل أيضا ، و هكذا دواليك حتى الهلاك ، ذلك هو المنطق الذى يتصرف بموجبه الإمبرياليون و جميع الرجعيين فى العالم إزاء قضايا الشعوب ، و هم لن يخالفوا هذا المنطق أبدا . عن هذا قانون ماركسي ...النضال ، ثم الفشل ، و العودة إلى النضال ثانية ، ثمّ الفشل أيضا ، ثم العودة إلى النضال مرة أخرى ، و هكذا حتى النصر ، ذلك هو منطق الشعب ، وهو أيضا لن يخالف هذا المنطق أبدا) . ماو تسى تونغ  "أنبذوا الأوهام و إستعدوا للنضال" 1949.

أذاً فالنظال والحرب ضد الأمبريالية لاتعني أن الملحدين لايؤمنون بالحرب، اليس كذلك ؟ .

يؤكد كل من الصينية " يونغ تشانغ"وزوجها الإنكليزي"جون هوليداي" مؤلفا كتاب "في الذكرى الثلاثين لغياب ماو تسي تونغ" وبعد استقصائاتهم التاريخية . أن ماوتسي تونغ، وفي طريقه إلى بناء الصين الشيوعية بعد انتصار ثورته، خاض أولى مغامراته المعروفة "بالقفزة الكبرى" فقسم الصين إلى "كومونات" وطلب من هذه الكومونات أن تتنافس فيما بينها في الإنتاج الصناعي بأدوات متخلفة، والإستعانة في ذلك بالفلاحين، فكان الفلاحون الضحية الكبرى لتلك "القفزة" إذ هلك من جراء المجاعة، خلال أقل من عشر سنوات من عمر "القفزة"، اثنين وثلاثين مليوناً منهم . (3) . هذا عدى عن عشرات الملايين الأخرى اللتي قتلتها الثورة الثقافية والدولة الصينية الملحدة .

الثورة الصينية ثورة شيوعية ديالكتيكية ألحادية لادخل للدين بها على الطلاق، فلماذا هذه المذابح أذاً ؟! . 

أما ستالين اللذي تفوق على استاذه لينين في قتل سكان الأتحاد السوفيتي السابق، وترحيل أعراق برمتها لتغيير ديموغرافية منطقة معينة هي وطن لهذه الأعراق، ونفي أشخاص وعوائل وسكان مدن وقرى كاملة للموت برداً وجوعاً في سيبيريا، حتى تسببت فظاعاته بحدوث نقص حاد في عدد الذكور في روسيا وارتفاع نسبة الايتام في الشوارع أذبان فترة حكمه . وأذا أضفنا الى ذلك سكان الأرض اللتي قتلتهم الشيوعية الديالكتيكية الألحادية السوفيتية، فأن العدد سيفوق الخيال بكثير.

كان ستالين يصدر قرارات فردية باعدام الآلاف لمجرد الشك بأنهم معارضين للنظام الألحادي الشيوعي السوفيتي، (يقول التأريخ ان ستالين وقع في الثامن من ديسمبر 1938 قائمة باعدام ثلاثين الف رجل، ثم قام لمشاهدة فيلم الرجال السعداء!!) .

وقد طالت مجازر ستالين كل الدول ضمن دائرة الاتحاد السوفيتي السابق بما فيها وطنه الاصلي جورجيا، وبلغ الخوف منه حد أن الجماهير لم تكن تتجرأ على وقف التصفيق أثناء ألقائه خطبة من خطبه، الى ان يعطي اشارة بذلك . ويقول التأريخ أيضاً أنه (وبعد تسلمه للسلطة مباشرة انهارت الخزينة الروسية فأمر بالاستيلاء على كامل محصول القمح في اوكرانيا وتحويله للتصدير مما سبب مجاعة قضت على ملايين المزارعين. وفي اغسطس 1942 صرح امام تشرشل في موسكو ان خمسة ملايين فلاح تمت تصفيتهم لرفضهم ضم مزارعهم في تعاونيات اشتراكية)..(3) .

لم يحدث اتفاق على رقم محدد للمجازر التي قام بها ستالين ، ولكن في عام 1989 قال تقرير للمخابرات الروسية ان الرقم لايقل عن 36 مليون مواط،ن أما المؤرخ البريطاني المعروف نورمان ديفيدز فيقدر العدد ب 54 مليونا،ً ويقدر قسم التاريخ في جامعة موسكو العدد ب 57 مليون شخص،بينما قدر ألكسندر سولزنيتين( الاديب الروسي المنشق والحائز على جائزة نوبل )ان عدد الضحايا في عهد لينين وستالين زاد على 66مليون نسمة .

أما المؤرخة الانجليزية كاثرين مارديل فتقدر (في كتابها الاخير الموت والذاكرة في روسيا ) العدد ب 50 مليون مواطن..ومن خلال هذه الارقام نرجح ان عدد الضحايا في عهد ستالين لا يقل عن خمسين مليون نسمة، وهو ما يؤهله للقب اكبر جزار في التاريخ بدون منازع !! .(3) .

أذاً فأكبر جزار ومجرم في التأريخ لم يكن من عبدة الأوثان، لم يكن بوذياً، لم يكن مانوياً، لم يكن سيخياً، لم يكن يهودياً، لم يكن مسيحياً، لم يكن مسلماً، بل كان ديالكتيكياً ملحداً، يؤمن بنظرية التطور والجين الأناني، وبفرويد وسجمن، وبكل النظريات اللتي تحاول أن توهمنا بأن المادة خلقت نفسها .

بعد كل هذا السرد اللذي يبدوا متواضعاً أمام مئات الكتب اللتي تتحدث عن المآسي اللتي جرتها النظريات الألحادية، والعلمانية اللتي تؤمن بعزل الدين عن الحياة العامة وتحبسها في قفص الخصوصية، واللتي تجعل من حروب وجرائم القاعدة وطالبان، والحروب الصليبية البشعة، والحروب الطائفية بين السنة والشيعة، والآيرلنديين الكاثوليك والبروتستانت، والصرب والألبان ... حروباً رحيمة على بشاعتها ونأيها عن الأخلاق والأنسانية ! فأننا نقول لدوكنز وجون لينون .

               تخيل لو أن العالم بدون ألحاد              وبدون شيوعية ديالكتيكية مجرمة

               تخيل وأن كان ذلك صعب                    لو أن البشر تؤمن بالرب

               لكان الله قد رحمها جميعاً                    من أوهام هيغل ودارون ودوكنز

 

(1) كتاب (وهم الأله) ، النسخة العربية - ص5 - تاليف ريتشارد دوكنز، ترجمة وسام البغدادي .

(2) ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%AC%D9%88%D9%85_%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D9%88%D9%8A_%D8%B9%D9
%84%D9%89_%D9%87%D9%8A%D8%B1%D9%88%D8%B4%D9%8A%D9%85%D8%A7_%D9%88%D9%86%D8%A7%D8%AC%D8%A7%D8%B2%D8%A7%D9%83%D9%8A    

(3) النسخة العربية من كتاب (في الذكرى الثلاثين لغياب ماوتسي تونغ) الصادر عن دار النهار .

(4)ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AC%D9%88%D8%B2%D9%8A%D9%81_%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%86
(5)ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%86_%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D9%
88%D9%86_%D8%A5%D9%84%D9%89_%D9%87%D8%AA%D9%84%D8%B1_(%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8)

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات