كأن المهدي المنتظر ليس أكثر من تركيبة (آنتي ـ كورديش) أشرف على خلطها المرشد الأعلى في إيران، و كأن المُرشد الثوري قد إستعمل في عجينته العجيبة تلك خزعاتٍ من المالكي و الأسد و أردوغان، لذلك يبدو ذلك المهدي و كأنه جنديٌ من الحرس الثوري أو الميت التركي أو الباسداران، غاب قبل ألفٍ و أربعمائة سنة فقط و هو لما زال في سن الطفولة، و لم يشعر طوال تلك المدة بالرتابة و الملل، فقد كان يقضي أوقاته كلها منذ ذلك الوقت في الجيش يشقى و يتدرب، و كلما أوحى للناس بإخترع سلاحٍ هنا، ضمهُ بعد أن إنتهوا منه إلى ترسانته في حوزته العسكرية هناك، و تمرن عليه، بدءاً من السيف وصولاً إلى القنبلة النووية التي يسعى لإمتلاكها ليُكمل بها طاقمه، و كل ذلك إنتظاراً للحظة التاريخية التي سينقض فيها على الكُرد.
و كما أصبح معروفاً فقد خص الله تعالى أنبيائه و أوليائه الصالحين برسالةٍ أو قضيةٍ معينة يوصلها عن طريق أحدهم إلى أحد الأقوام، و من ثم إلى العالمين، إلا أن المهدي المنتظر حسب (جلال الدين الصغير) هو (تخصص) أكراد، ليست غايته هدايتهم و الأخذ بيدهم و مساعدتهم في العودة بعد (مروق)، بل إستخدام حق النقض (الفيتو) ضدهم لمنعهم من الحصول على حكمٍ ذاتي هنا أو تقرير مصيرٍ هناك، و نزع فدراليةٍ منهم نالوها هنا، و إبقائهم تابعين للولي الفقيه هناك، و بالنتيجة دور الكُرد في العملية الدنيوية حسب الرسالة المهدوية هي لعب دور (العبرة)، ليعتبر بها كل أيتام الأرض، أعداء الولي الفقيه .
فكما أصبح معلوماً فقد أتحفنا رجل الدين الشيعي (الصغير) من العراق قبل مدةٍ و هو يستعرض شاشة إلكترونية تشبه تلك التي بين يدي العميد أركان حرب المتقاعد منتظر الزيات، أتحفنا قائلاً بأن الكُرد على وشك الدخول في متاعب ستصل إلى حد إبادتهم دون حاجةٍ إلى إستعمال الكيماوي المزدوج، لأنه تبين له بعد دراسة الإحداثيات بأنهم المارقة المذكورون في كتب الملاحم والفتن، و الذين سينتقم منهم الإمام المهدي حال ظهوره، لذلك ستكون أول حرب سيخوضها المهدي مع الأكراد، وانه لن يقاتل أكراد سوريا أو أكراد إيران وتركيا بل سيقاتل أكراد العراق حصراً، لأن الوجود السورى للأكراد سينتهى بواسطة (السفيانى) وغيره قبل مجئ المهدي.
ما يُحير الكُرد اليوم هو أنهم لم يحتكوا يوماً بالسيد الغائب، كما أنهم ينكرون أن يكون لهم يدٌ في غيابه لا من قريبٍ أو من بعيد، رغم أن هذا الغياب يبدو تدبيراً ربانياً كما يصوره أتباعه، لذلك فهم لا يفهمون سبب هذا العداء المستطير تجاههم، و إذا كان الأمر يتعلق بكونهم من المارقين، فهم في الحقيقة مارقون قومياً لا دينياً، و هو شأنٌ لا يدخل في إختصاصات الإمام الغائب، و تدخله فيه يعتبر تعدياً على إختصاصات الآخرين كجلال الدين الصغير و غيره.
ينظر أعداء الكُرد لبعضهم البعض نظراتٍ غير ودية، يتناطحون طوراً و يخلدون للخمول طوراً آخر، لكنهم يقومون في جميع الأطوار و بأسم القداسة بوضع مخططات القضاء على الكُرد و توزيع المهام على بعضهم البعض، و آخر تلك المخططات هي الحلم المريض بتكفل الأتراك بإيقاف سير الكُرد نحو الحصول على حفوقهم في سوريا عند حد إشتراكهم في الثورة، و تكفل المالكي بتدمير فيدرالية كُردستان، بعد أن تكفل الأتراك و الإيرانيين مؤقتاً في إيقاف الطموحات الكُردية عند حدودها الدنيا في البلدين.
الشعب الكُردي المُسالم لا يتوعد المهدي المنتظر بالمواجهة، لكنه يدير ظهره له، يتجاهله، و يتطلع بالمقابل إلى المستقبل، المستقبل الذي كلما إقترب أكثر، إبتعد الإمام و من يتبعه، أكثر، في غياهب التاريخ.
التعليقات (0)