الوطن الاماراتية : كتب الأستاذ فريد احمد حسن
الأقوال اللافتة لرجل الاعتدال السيد محمد علي الحسيني ، يلخص به رسالة الأديان
“إن رسالة الأديان السماوية واحدة في خدمة الإنسان للعيش معاً بسلام ومحبة وعبادة الله ، وإن التطرف والعنف الديني هو دعوة شيطانية يلتزم بها الأشرار من كل دين ، وأما الدعوة إلى الاعتدال والانفتاح والتسامح فهي دعوة ربانية يلتزم بها الأخيار” . هذا واحد من الأقوال اللافتة لرجل الاعتدال السيد محمد علي الحسيني ، يلخص به رسالة الأديان السماوية ويصنف من خلاله البشر فيعتبر من يمارس التطرف والعنف الديني مستجيبا لدعوة الشيطان بينما من تكون صفاته الاعتدال والانفتاح والتسامح مستجيبا لدعوة الله سبحانه وتعالى ومترجما لرسالة الأديان السماوية التي جاءت لترتقي بالإنسان وتعمر الأرض . الحسيني يبين عبر هذا الملخص أيضا نتاج كل فعل من تلك الأفعال ؛ فالأفعال الشريرة نناجها الدمار وتخلف البشر ، والأفعال الناتجة عن الاعتدال والانفتاح والتسامح نتاجها رقي الإنسان وتقدم البشرية .
أهمية قول الحسيني هذا تكمن في أنه لا يتحدث عن الإسلام وحده ولكن عن كل الأديان السماوية التي أوجدها الله سبحانه وتعالى عبر الرسل والأنبياء ليحققوا تلك الغاية الجليلة ، فكل الأديان ترمي إلى غاية واحدة ، وكل البشر بإمكانهم أن يحققوا تلك الغاية لو أنهم أدركوا دورهم واستجابوا لدعوات الخير التي تركز عليها الأديان السماوية وابتعدوا عن طريق الشر المتمثل في التطرف والعنف الديني .
من الناحية المنطقية يحترم الإنسان ويقدر الشخص المعتدل والمنفتح على الآخر والمتسامح وفاعل الخير وإن لم ينتم إلى الدين أو المذهب الذي ينتمي إليه ، ومن الناحية المنطقية لا يحترم الإنسان ولا يقدر الشخص المتطرف والممارس للعنف الديني والمسيء بفعله للآخرين وللمجتمع والوطن وإن كان منتميا إلى الدين أو المذهب الذي ينتمي إليه ، فالإنسان هو ما يقدمه للآخرين من عمل طيب يسهم في ارتقائهم وليس انتماؤه الديني أو المذهبي أو العرقي .
هذا الفهم الذي يقدمه الحسيني ينبغي البحث فيه وتعميمه ، فهو فهم موجب نتاجه الطبيعي خدمة البشرية والارتقاء بالإنسان والأوطان ، ولا يكفي أن يجازى ب”رتويت” والثناء والمدح حيث الأهم من كل هذا هو الاعتقاد بصحته والعمل به بتحويله إلى سلوك يمارس على أرض الواقع .
لا يمكن أن نعتبر أنفسنا مؤمنين بأن رسالة الأديان السماوية واحدة إن تطرفنا ومارسنا ما نعتقد أن الدين الذي ننتمي إليه فقط هو الذي يأتي منه الخير وأن الأديان السماوية الأخرى لا يأتي منها ذلك أو اعتقدنا أن المنتمين إليها لا يمكن أن يسهموا في الارتقاء بالبشرية ، فالارتقاء بالبشر يحدث من خلال تطبيق ما جاءت به الأديان السماوية كلها .
نعم هناك سوء تطبيق لبعض أو كثير من الذي جاءت به بعض تلك الأديان ، وهناك تحريف حصل ، لكن الحديث هنا ليس في التفاصيل وإنما في الأساس الذي ينبغي ألا يختلف عليه ، فالأديان السماوية كلها من الله سبحانه وتعالى إلى البشر عبر الرسل والأنبياء الذين اختارهم للتبليغ ، ولأنه لا يأتي من الله جلت قدرته سوى الخير لذا فإن المنطق يقتضي الإيمان بأن الأديان السماوية كلها جاءت لتحقق الخير ولترتقي بالناس ، وجاءت رافضة للتطرف والعنف ولكل عمل سالب يؤذي الناس والأوطان .
قبول العالم لأي ممارسة من أي شخص أو بلاد لا يكون بسبب الانتماء لدين معين ولكنه يتحقق بتبين الغاية ومدى إسهامها في الارتقاء بالناس وخدمتهم . هذا هو الميزان ، ولهذا يقدر الناس في كل مكان ما تقوم به دولة الإمارات العربية المتحدة وقادتها الذين يعملون بإخلاص والذين يوفرون في كل يوم المثال على توجهاتهم الخيرة والتي منها على سبيل المثال وليس الحصر المصالحة التي تحققت أخيرا بين أثيوبيا وأرتيريا اللتين دخلتا حربا استمرت عشرين سنة .
الأحد 15 يوليو 2018
رابط المقال
http://alwatannewspaper.ae/?p=354403
التعليقات (0)