الأقلام والأفواه المأجورة ..إلى أين؟
تكلمنا كثيرا عن القراءة ودورها في بناء شخصية القارئ التي من خلالها يستطيع أن ينفذ إلى الساحة الأوسع والفكر الأرحب إلا وهو عالم الكتابة فإذا صال وجال في ذلك العالم بدأ يتأثر ويؤثر من خلال قلمه.
فمن خلال قلمه ومن خلال ما يقرأ ويكتب يبتدئ صرحه الفكري في النمو وتبدأ شخصيه الثقافية والفكرية في العلو والبروز وكذا يكون قلمه في تحديد سماته وتوجهاته لأن قلمه هو الذي يتحدث عنه (فالقلم أحد اللسانين)(1) كما قال ( أكثم بن صيفي) (2).
والقلم مجاله رحيب فكل ما في عقل الإنسان من أفكار وكلمات ونشاط بإمكانه أن ينثرها على الأوراق ، ولذلك قال( أرسطو)(3) (4)، ( عقول الرجال تحت سن أقلامهم)(5).
فعليه ينبغي أن أكتب إذا أردت الكتابة ما أنا مقتنع به وما أؤمن به سواء أكان حدث أو قضية أو واقعة على المستوى السياسي أو الأمني أو الاجتماعي .. الخ.
وينبغي أن لا أنتظر جهة من الجهات أن تملي عليه ما أكتب أو أقول حتى لا أكون من الأقلام أو الأفواه المأجورة التي لا تضع حبر في قلم ولا ينطق لسان بكلمة إلا بالدرهم والدينار.
واليوم وللأسف الشديد لم تقتصر المسألة على الأقلام المأجورة فحسب بل أصبح الكثير ممن يحدث أو يتكلم أو يرسم بالأجر كما أسلفنا وكنّا في السابق عندما نقول ((الأقلام المأجورة)) نقصد أكثر ما نقصد الكتّاب أم اليوم فأصبح الكاتب مأجورا والمتحدث مأجورا وبعض المتدينين وحتى السياسي صاحب الأموال الطائلة أصبح مأجورا ؟؟!
فالبعض من هؤلاء الأصناف المذكورة يستقل الأحداث ليحاول أن يطبخ طبخة من العيار الثقيل يحاول من خلالها أن يلعب لعبة كلامية أن كان محاضرا أو كاتبا مثلا ، ليوهم الناس بدس ونفث أفكاره الخبيثة التي يتمسكن ويتباكى بها لكي يحصل على ما يسكت تمسكنه وبكائه المزعوم من الطرف المتمكن ماديا وإعلاميا لكي يخضع فيما بعد هذا الطرف أمواله وإعلامه تحت تصرف هذا المتمسكن المتباكي.
وقد حدث هذا لكثير ممن نادى في بداية أحداث شتى ثم أنكشف زيفهم وتقشعت أقنعتهم ولا نريد ذكر أسماء فالمسألة فاحت على سطح وجوههم وزكمت أنوف الناس من راحة خبثهم وهم على شاكلة كتّاب كما قلنا ومحاضرين ومشايخ وإعلاميين كويتيون ومصريون وبحرينيون على التوالي وغيرهم واللبيب بالإشارة يفهم.
وهم والكثير ممن على شاكلتهم يرتزقون على المذهبية والطائفية وخير دليل على ذلك الأحداث الأخيرة في تونس ومصر وليبيا والبحرين..الخ.
وأخيرا نقول لا خير في عقل وذهن وقلم لا يخدم أمته ولا يقول قول الحق ، وليعلم كل من لديه عقل غير نزيه وقلم غير نظيف أن للباطل جولة وللحق دولة وسيعلم الذين ظلموا إي منقلب ينقلبون.
(1)- ما قل ودل (4000) من الحكم والامثال، ص235- قاسم عاشور- دار ابن حزم- ط،1- 1423هـ، 2002م.
(2)- أكثم بن صيفي: (ت 9هـ/ 630) حكيم العرب في الجاهلية وأحد المعمرين . أدرك الإسلام ، وقصد المدينة يريد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم) مع قومه فمات في ىالطريق.
(3)- أرسطو: (384-322 ق.م) فيلسوف يوناني تتلمذ على أفلاطون وعلّم الاسكندر الاكبر وأسس اللوقيون حيث كان يحاضر ماشيا فسمي هو وأتباعه بالمشائين ، ألف (( الاورغانون)) في المنطق وغيره من الكتب.
(4)- الموسوعة العربية الميسرة والموسعة ، ص349ج1 – الدبلوماسي السياسي الدكتور ياسين صلواتي – مؤسسة التاريخ العربي – ط،1 – 1422هـ ، 2001م.
(5)- ما قل ودل ص236.
محمد المبارك – الاحساء
التعليقات (0)