أصبحت تصرفات قوّات حلف النيتو المتواجدة بأفغانستان ـ وتصرفات الفصيل الأمريكي منها على وجه الخصوص ـ جنونية إلى حدٍّ لايوصف !.. وباتت تلك القوات تشكل خطرا على أمن وسلامة الأفغان ، وتهديدا (حقيقيا) لحياتهم ، أكثر من كل الخطر وكل التهديد (الوهمي) الذي يُمثله (التنظيم الإرهابي) لطالبان ، والذي قدمت تلك القوات إلى أفغانستان من أجل حماية الأفغان والعالم منه ؟!..
فتلك القوات أصبحت لاتتوانى عن الرّد على (الطلقات) المتفرقة والعشوائية لعناصر طالبان ، بـ (صواريخ) تستهدف قرى بأكملها ، تقتل مدنيين أغلبهم من النساء والشيوخ والأطفال !.. طبعا فباقي الشرائح تنزوي تحت ألوية طالبان !.. وأمريكا يُغضبها أن تكون أفغانستان كلها طالبان !..
أحد القرويين صرح لوكالة الأنباء (بي . بي . سي) بأن : عناصر من طالبان أطلقت النار على القوات الأمريكية ـ (وبدا من نبرة صوته ، ومن طريقة وصفه لهجوم عناصر طالبان على القوات الأمريكية ، أن الهجوم كان مُحتشما ، ومتواضعا ، وليس بمستوى فعال يُخلف قتلى أو حتى مُصابين) ـ فردّت القوات الأمريكية على الهجوم بهجوم أقسى ، لم يستهدف حاملي البنادق (الصدئة) ، والرشاشات (الروسية) العتيقة .. بل إستهدف أسرا ، وعائلات ، وأطفالا صغارا جدا جدا حتى على الهرب من القصف !..
أمريكا تعرف أن معركتها مع طالبان خاسرة ، منذ أول يوم وطأت فيه أقدام جنودها أرض أفغانستان !.. لكنها تكابر رغم وضوح الصورة ، بأن أكبر قوة في العالم تقف عاجزة عن القضاء على حركة (متخلفة) و(فوضوية التنظيم) كطالبان !.. وإلا فكيف نفسر (رد الفعل) (الأكثر فوضوية وهمجية ودموية) للقوات الأمريكية ، على (الفعل) الذي يبدو أكثر (رُقيا) لعناصر طالبان ؟!..
ففي هذا المشهد الأخير للهجوم الأمريكي على المدنيين ، تظهر عناصر طالبان (مأمونة الجانب) من طرف القرويين والمدنيين الأفغان ، فهي (مرّت بسلام) على تلك القرية على الأقل ، ولم (تذبح) أحدا من سكانها .. أما القوات الأمريكية فهي ضحّت بالقرية بكاملها (إنتقاما) من طلقات عشوائية من عناصر طالبان ؟!..
فأي منطق ذاك الذي يُبيح قتل الأطفال حتى لو كان آباؤهم إرهابيين ؟!.. وأي معادلة (جائرة) تلك التي تُجيزُ الرد (بالصواريخ) على (الطلقات) ؟!.. وأي سلامٍ يبحث عنه مَن يقتلون كل يوم عشرات المدنيين في الصباح (ويُقدّمون إعتذارهم على ضعفهم) في المساء ، أو يقتلونهم في المساء وتحت جُنح الظلام (ويقدمون إعتذاراهم على جبنهم) في الصباح ؟!..
هو المنطق الأمريكي الغارق حدّ (الحنق) والجنون في (مستنقع أفغانستان) كما يُسميه .. رغم أن الأفغان كما العالم من حولهم ، يُدركون أن الأفغان هم الغارقون في مستنقع تلك القوات !.
التعليقات (0)