الأفعى
بقلم: خليل الفزيع
الشمس ترسل أول خيوط الصباح .. نباح الكلاب يتناهى إلى الأسماع من بعيد .. الرجل العجوز يسعل في خيمته .. يتوجع ويتذمر من زوجته .. الزوجة تلتف بردائها .. تلبس برقعها وتخرج من الخيمة .. بخروجها ينفرج جزء من الخيمة .. يتسرب منه نور الصباح .. ليكشف كل الموجودات .. يتابع بذهنه حركتها وهي تعد قهوة الصباح ، وغير بعيد عنه .. نام طفلهما ذو السنوات السبع .. هانئاً تعلو محياه ابتسامة الرضا .. حاول العجوز أن يوقف موجة السعال التي انتابته .. خشي أن يستيقظ ابنه .. كتم أنفاسه بعد أن رأى أفعى تزحف باتجاه ابنه .. انتابه الذعر .. وشلّت المفاجأ حركته .. حدة الرغبة تتنامى في نفسه أن يتحرك ليقتل الأفعى فخانته قواه .. صهد المعاناة يدفعه ليصرخ منادياً زوجته فخذله صوته .. ضجيج الحيرة ينداح في زحفه المتئد ، مع زحف الأفعى .. والحمى تتفجر في جوانحه معلنة العجز عن معانقة القدرة على الحركة .. وهوج الرياح تداهم الصباح .. والأفعى تقترب أكثر من فراش ابنه .. وهو جامد في مكانه تعلوه صفرة الموت .. لكنه يتشبث بالحياة لإنقاذ ابنه .. تستمر الأفعى في زحفها حتى إذا اقتربت من ابنه .. تجاوزته غير مدركة أن دفقاً من الفرح قد انسكب على الروح المعذبة .. وما أن خرجت الأفعى من جانب الخيمة حتى سمع صراخ زوجته .. الصباح مثقل بعذاباته .. يبعثر الندى في غلسه المرنق بيقظة الخوف وخوف اليقظة .. وزوجته تدخل الخيمة .. تحمل عصا تتدلى الأفعى من طرفها .
التعليقات (0)