مواضيع اليوم

الأعصاب عندما تفلت

هشام صالح

2010-07-24 12:57:57

0

من يقرأ بعض الحوادث الغريبة التى حدثت فى الأيام القليلة الماضية يشعر أن هناك زيادة حادة فى التعصب ظهرت فى سلوك المصريين ، فمن مذبحة أتوبيس المقاولين العرب والتى راح ضحيتها ستة قتلى ومثلهم أو يزيد جرحى بسبب تهكم زملاء الجانى عليه فما كان منه إلا أن يشترى سلاح آلى ويقتل زملائه ثأراُ لكرامته على حسب أقواله ، ثم ذلك الشاب الذى ذهب وسافر لكى يتزوج وأرسل لوالده الأموال فما كان من الوالد إلا أن زوج شقيقه الآخر من أم أُخرى ، وإذ بالإبن لا يجد سبيلاُ أمامه إلا ذبح والده ولم يجد مكاناً إلا المسجد ولا وقتاً إلا أثناء الصلاة (!!) ، فالأب والإبن أعتقد أنهما من ضحايا "الكبت" بسبب "الزن" من المحيطين بهما ، وبعدهم ذلك الشخص المثقف مذيع نشرات الأخبار وقتله زوجته بسبب خلافات عائلية .
وأغرب تلك الحوادث هى حادثة قتل المتهم بسرقة الحقائب ، حيث أن هذا الإنسان بعد أن كان متهماً بالسرقة أى جانى ـ محتمل ـ أصبح مجنى عليه ، حيث لقى مصرعه على أيدى الأهالى فى منطقة العجوزة الشهيرة ، وهذه الحادثة تتشابه إلى حد ما مع حادثة قتل وسحل الشاب المصرى فى لبنان ، حيث أن الأهالى فى كلتا الحالتين قد نصَّبوا أنفسهم قضاة فحكموا ثم نفذوا حكمهم بأيديهم على الفور وحكمهم هذا خاطىء وقاسى .
فأقسى وأقصى عقوبة كانت ستقع عليه هى قضاءه عدة أشهر أو سنوات فى السجن ثم يخرج لحال سبيله ، فنحن جميعاً لا ندرى عن حياته وأسرته وظروفه قبل قتله شيئاً ولكننا نعلم أن الصحابة قد منعوا إقامة الحدود ـ وهى قطع اليد ـ على السارق فى عام الرمادة ، فهل الأهالى يعتقدون أن هذا اللص المحتمل يعيش فى أزهى عصور الرخاء ؟!
لو أن الأهالى تمهلوا قليلاً وتفكَّروا لعلموا أن هذا المسكين لا يعيش فى عام الرمادة فقط ولكنه يعيش فى عصر ال... حزن الوطنى .
ألا يوجد ضمن هؤلاء الأهالى من ينبههم بأن هناك حكومة وشرطة وقانون مع أن أول من أمسك بهذا اللص مهندس ؟!
وإذا كان الأهالى قد أقاموا ـ مثل حكومتهم ـ الحد على الضعيف فقط إذا سرق فلماذا نعيب عليها ـ الحكومة ـ إن تركت الشريف إذا سرق ؟!
إن المصريين جميعاً صغيرهم وكبيرهم ، غنيهم وفقيرهم ، مثقفهم وجاهلهم ، قد أفلتت أعصابهم جميعاً لأسباب كثيرة ومتعددة ، فظهرت حوادث كثيرة وغريبة وجديدة على المجتمع المصرى ، فبعد أن عاشت مصر سنوات صعبة بسبب التعصب الدينى وتم الإنتصار عليه ، ظهر ما هو أشد وأصعب وهو التعصب المجتمعى ، فأصبح المجتمع المصرى متعصباً وضاع بسببه الكثير من قيمه وصفاته وتسامحه .
فإذا كان التعصب والتطرف الدينى من السهل معرفه أشخاصه وأبطاله فإن التعصب المجتمعى متخفى لن نعلم به إلا إذا فوجئنا بشخص آخر عادى جداً يخرج رشاشاً ليقتل العشرات لأسباب تافهه .
والأمر لا يقتصر على مصر وحدها ولكن يشمل كل البلاد العربية حيث تنتشر الجرائم الغريبة والجديدة على المجتمع العربى كله .




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !