ماهر حسين .
نصحني صديق بعدم كتابة رأيي في موضوع العملية الأخيرة ضد أسرة اغتصبت أرضنا وأقامت عليها وبشكل غير شرعي و بدعم من حكومات إسرائيل المتعاقبة وقد تعززت هذه النصيحة عندما قرأت بعض المداخلات على الفيس بوك والتي احتوت إشادة وتأييد وأوصاف منها ما هو خارج عن المنطق وبالغالب هي تأتي بالإطار النظري لفهم العملية والواقع السياسي للصراع وتداعيات هذه العملية بدأت تظهر ميدانيا" بأفعال الاحتلال وستظهر سياسيا" لاحقا" لذلك .
النصيحة أجلت كتابة المقال ولكني بكل صدق وبمنطق التعبير عن الرأي والكتابة بمنطق (كما أرى )وجدت نفسي مضطرا" للكتابة في هذا الموضوع وهذه العملية .
أولا" أود الإشارة إلى أن صورة الطفلة إيمان حجو طاردتني لوقت طويل وكنت أتصورها أحد أطفالي ..فما ذنب هذه الطفلة لتموت في حرب الاحتلال الإسرائيلي ضد شعبنا وما ذنب كل أطفال فلسطين أن يعيشوا خطر الموت القادم من مستوطن أو جندي !!!وما هو شعور كل من قتل طفل فلسطيني !!!!هل يشعر بالسعادة أم بالعار وهل يشعر بالنصر أم بالهزيمة !!!! لا ادري ولكن ما أنا مؤمن به بأن هناك أصوات في إسرائيل تعتبر هذه الأفعال وعلى رأسها قتل الأطفال أعمال وحشية وغير مبررة !!!!!
الطفولة لا علاقة لها باحتلال أو بتحرير ومقاومة وكل الأطفال لهم الحق بالحياة ولهم الحق بأن يعيشوا طفولتهم ومع تأكيدي بان هناك فرق بين طفل يعيش في كنف أسرة تعاني الاحتلال وأسرة تعيش بمستوطنة مقامة بفعل القوة والغصب على أرض آخرين .
هناك فرق في الظرف ولكن الطفولة واحدة بالحالتين ..فلا فرق بين هذا الطفل وذاك سوى بالتربية التي ستشكل جزء من خياراته المستقبلية ولكنها لن تكون خياره الوحيد فقد يعيش طفلا" في أسرة تحت الاحتلال ويكون له موقف مــا لا علاقة له بالاحتلال وإن تأثر به وبنفس الوقت قد يعيش طفلا" بأسرة من المستوطنين ويكون له مستقبل معادي للاحتلال ومعادي للتطرف ...المستقبل والرأي والموقف ترسمه أحداث وتداعيات وخبرات وتربية تؤثر على الطفل وتجعله يأخذ موقف ...ولكن كل ما سبق مرتبط بحق الطفل بالحياة ليعيش حياته ويكون له موقف بالمستقبل وهنا أذكر بان كل تاريخ الديانة اليهودية قام على طفل عاش في كنف فرعون الذي قتل كل الأطفال الذكور بذلك الوقت ما عدا هذا الطفل فعاش وأصبح نبي الله عز وجل موسى عليه السلام وعلى يده عليه السلام كانت كلمة الله عز وجل لهداية الشعب في ذلك الوقت .
لا ندري ما سيكون عليه الطفل عندما يكبر ولكنني مؤمن بحقه بأن يكون أولا" .
بهذا المنطق علينا أن نمنح الأطفال حقهم بالحياة ...فلا يعقل وتحت أي مسمى وطني أو ديني أن نقوم بقتل الأطفال ...بكل صراحة لا أرى بطولة بقتل طفل فلسطيني أو غير فلسطيني .
بهذا المنطق وبهذه الرؤية وبعيدا" عن السياسة وبانتماء أصيل إلى الإنسانية اعتبر أن قتل أي طفل عمل غير مقبول ولا يوجد ما يبرره دينيا" أو وطنيا" لأي طرف كـــــــــان وتحت أي حجه .
وبهذا المنطق أستغرب قتل الأطفال وبهذا المنطق أرفض قتل الأطفال وبهذا المنطق أستنكر قتل الأطفال واعتبره هبوط بمستوى الصراع إلى مستوى غير مسبوق من الانحطاط الإنساني .
فكيف نقتل رضيع وهل قتلهم لرضيع تبرير لنا لممارسة نفس الفعل ...أستغرب وأستعجب من هذا الفعل وأنا هنا لا أتحدث عن حق المقاومة ولا أتحدث عن شرعية وعدم شرعية المستوطنات ..أنا أتحدث عن قتل !!!!
في سابقه حصلت بغزة تم اغتيال أطفال بعلوشة والأغلب يعرف المتورط وبرر البعض بجهالة وخروج عن كل معاني الإنسانية هذه الجريمة بالقتل الخطأ وهنا أقول بوضوح بان الطفل طفل سواء قتل على أيدي من يدعوا تمثيل الإسلام أو تم القتل على أيدي مطالبين بالحرية أو تم ممارسة هذا القتل الوحشي على يد احتلال طال أمده ويجب إنهائه لتعيش هذه المنطقة بحرية واستقرار وسلام بدولتنا المستقلة .
بررنا قتل أطفال بعلوشه داخليا" وتعاملنا مع قتل الاحتلال لأطفالنا باعتباره قضية إعلامية لتحقيق مكسب سياسي من هنا أو تنظيمي من هناك وها نحن نقدم كل ما سبق إلى الاحتلال الإسرائيلي ليتعامل مع الحدث ببعده السياسي وليستغل الموضوع ليقول للعالم أنظروا أفعال الفلسطينيين .
كنت قد تحدثت بمقالي السابق عن الثمن الذي ستدفعه إسرائيل بسبب أفعال المستوطنين وكنت وما زلت أتمنى أن لا يدفع ثمن أفعال المستوطنين أطفال ...فلا يعقل نحن من يعاني الصعوبات والمصائب بفعل الاحتلال أن نمارس هذا الشكل الهمجي من القتل الغير مبرر بأي موقف على خلفية وطنية أو دينية أو رغبة منا بالتحرر ...لن نتحرر بهذه الأفعال وبل سنمنح إسرائيل الفرصة لتظهر من جديد بمظهر الضحية وهي البعيدة كل البعد عن أن تكون ضحية ...هي الاحتلال ونحن طلاب الحرية ...وعلينا الحذر من أسلوب مطالبتنا بالحرية...فإسرائيل دولة احتلال ودولة اغتصاب لأرض شعب تواق للحرية وللسلام ولإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس لنعيش بسلام في منطقه منحها الله فرصة التعددية الدينية للتعايش وليس من أجل الحرب .
لقد أستغل المستوطنين العملية وها هم يحاولوا أن يخطفوا أطفال فلسطينيين من إحدى القرى وبهذا نكون فتحنا أبواب الانحطاط بالصراع إلى ادني مستوى من الإنسانية ...وعلى كل العقلاء وعلى كل السياسيين والفعاليات الفكرية والفنية والأدبية العمل على تجاوز هذا الحال ...فلا يعقل أن تخوض الأطراف معركتهم بأطفال .
أعلم علم اليقين بأن هناك ألف مبرر لنقد المقال وللتهجم على الكاتب وأعلم بان موقفي قد لا يحظى بقبول أصدقاء في الفكر والعقل والانتماء ولكن موقفي هذا هو (كمـــا أرى ) ببساطه شديدة .
أنا لم أتحدث عن شرعية المستوطنات ولا عن شرعية العملية ولكني تحدثت هنا وبوضوح وبصوت عالي بأن الطفل طفل سواء كان أسمه إيمان أو ...وبأن حق الأطفال بالحياة واجب على الجميع أن يحترمه أما بخصوص العملية فأنا أقول بأنها بتوقيت غير مفهوم وبأنها ليست مرتبطة بهدف سياسي وكما يبدو وقد تكون مبرر لمزيد من تجاوزات المستوطنين وقد تكون مقدمة لحملة علاقات عامة للحكومة الرافضة للتسوية وللسلام بزعامة نتنياهو ....
لنترك الأطفال خارج الصراع ...لنمنحهم الفرصة لحياة أفضل ولا للقتل أو الخطف أو الاستغلال وهذه قضية أخرى للطرح .
التعليقات (0)