تزداد ضغوط المحافظين في إيران يوماً بعد يوم كلّما اقتربت المحادثات النووية نحو الإتفاق النهائي . اليوم تواجه حكومة روحاني هذه الأيام ضغطاً إعلاميّاً و سياسيّاً مبرمجاً من قبل المحافظين الذي يستولون على مراكز حساسة في الدولة الإيرانية مثل البرلمان و السلطة القضائية من أجل مزيد من التراجع والتنازلات لصالح نهجهم المتطرّف والذي أصابه الأفول بعد رحيل أحمدي نجاد عن السلطة. فقد دشّن هؤلاء حملة سمّيت بـ" نحن قلقون" و استدلّت هذه الحركة اسمها من آية الله أحمد علم الهدى وهو زعيم ديني مقرّب من المرشد خامنئي تعود علاقات الرجلين الى فترة ماقبل الثورة عندما كان فيها الإثنان يعيشان في مدينة مشهد شرق البلاد و يتولّى حالياً علم الهدى مؤسسة دينية ضخمة في مدينة مشهد الإيرانية إضافة الى عضويته في مجلس خبراء القيادة بفضل علاقته الوطيدة بالمرشد.
استمدّ المتطرّفون شعار حملتهم ضد الحكومة من حديث علم الهدى وهو إمام جمعة يعرف بتأييده المستميت لخامنئي ؛ عندما قال في كلمته الشهيرة منتقداً مايجري في السياسة الداخلية والخارجية للبلاد خاصة التفاوض النووي بين الحكومة والدول ستة زائد واحد بأنّه يثق بالحكومة ولا يحاول إضعافها لكنه قلقٌ للغاية مما يجري. حديثه المرتجل استشفّ منه بدء دورٍ جديد من الضغوط بإيعاز من المرشد نفسه لغرض إيقاف التقدم الحاصل بالملف النووي رغم تشجيع المرشد لمجريات الأحداث على الملأ العام لكنّ الإنجاز الذي سيحصل في ظلّ حكومة روحاني سيزعزع مكانة المرشد جماهيريّاً هذا مادفع لمقربي المرشد انتهاج الموقف المتشدد حيال سياسة الحكومة ما أحدث بعض التراجع في المفاوضات الأخيرة في فيينا بين طهران والدل الست حسبما يرى البعض من الخبراء الإيرانيين .ما يؤكّد الوضع الميداني المعقّد الذي وضعه التيار المتطرف في وجه حكومة روحاني لعرقلة تقدمها في ملفات حساسة داخليّاً وخارجيّاً.
"حملة قلقون" وهم المتطرّفون الذين تلقّفوا حديث إمام جمعة مشهد وهو المقرّب جداً من خامنئي حول سياسة الحكومة، بعد شهرين من خطبة الأخير تجمهروا أمام مبنى السفارة الأمريكية السابقة في طهران ليحشدوا عناصرهم بهدف إظهار عضلاتهم بوجه الحكومة.إنّ من دلالات هذا التصعيد وجود مخطط يحيك له المحافظون لتكثيف نشاطهم ضدّ الحكومة من العاصمة لينطلقوا به نحو المحافظات الأخرى لإضعاف جهودها و التقليل من حجمها. خطباء الجمعة بدورهم دشنوا حملتهم بالتنسيق مع هذا الحدث ضد الحكومة ونهجها المتسامح في الملف النووي فقد كانت خطبة الجمعة في طهران القيت من شخص مقرّب من المرشد أيضاً كانت كثيرة الإنتقاد للحكومة ما يعكس نهج المقرّبين من خامنئي ودورهم في التصعيد ضدّ روحاني.ناهيك عن التظاهرات الطلابية المؤيدة للمتطرفين وحديث قادة في الحرس الثوري كلّها تشير الى لهجة تصعيدية ضدّ الحكومة ما ينذر بأشهر حُبلى بالتطرّف ضد حكومة روحاني المعتدلة لثنيها عن نهجها المتسامح مع الشعوب في الداخل و ملفات مثل النووي وقضية العلاقة مع دول العالم فكل هذه المساعي الأصولية تحاول النيل من الإنجازات الأخيرة على الساحة الداخلية والخارجية التي حققها فريق روحاني خلال فترة حكومته القليلة نسبياً.
التعليقات (0)