قرأنا كثيراً عن قاعدة الأصل في الأشياء الإباحة وتعلمها البعض في مدارسنا وكلياتنا الشرعية والمجتمع لم يكن جاهلاً بها لكنها كانت في وادِ والمجتمع في وادِ أخر لأن هناك من غيبها مُستبدلاً الإباحة بالتحريم سداً لذريعةِ لا يقين فيها ، الخلل فكري لكنه لا يصمد طويلاً ففي كل مره تسقط أحجاره ويعود المجتمع إلى الأصل الصحيح والسليم للدين الحنيف وهو "الأصل في الأشياء الإباحة ".
الفضيلة تتمثل في أعضاء الأنثى التناسلية عند بعض الأقوام وهذا ما قامت عليه قاعدة سد الذريعة وإلا أين المشاركة الشعبية والشفافية والمُحاسبة سداً لذريعة الفساد المالي والإداري وما إلى ذلك من حقوق وحريات ، تلك القاعدة تتنافى مع الإسلام وسماحته مهما كان السبب الذي أوجدها وأوجد مثيلاتها ، قاعدة عقلية ولدت من عقلِ مُتشدد مُشرد بين الماضي والحاضر ، قاعدة لا تتماشى مع تطور المجتمع ولا تُمكن الدولة من القيام بواجباتها تجاه مواطنيها فهي حجر عثره أمام كثيرِ من الملفات خصوصاً المتعلقة بحقوق المرأة خاصة والحقوق كمنظومة متكاملة ، لكي يصبح المجتمع أكثر حريه وآماناً يجب الانتقال من خانة التحريم لخانة الإباحة وحماية الإباحة بقراراتِ صارمة وصادمة لمن يُقدم التحريم على الإباحة وهذا ما حدث فعلاً بالأمس القريب فالمرأة السعودية كانت على موعدِ طالما أنتظرته طويلاً الا وهو السماح لها بقيادة السيارة بعد عقود من التحريم والقذف والإتهام لمن تُطالب بذلك الحق ، المُلفت في الأمر أن القرار السامي آتى في بداية العام الهجري 1439 وهذا يبعث على التفاؤل فعامنا الحالي سيكون عام تمكين ونيل حقوق وتحديث وإصلاحات شاملة ستنقل الوطن لمرحلة تاريخية جديدة أكثر ثباتاً وحيوية من سابقاتها ، سيكون الإصلاح النظامي والسياسي والثقافي وتعديل أنظمة وإيجاد أخرى هو الواقع بعد سنواتِ من المطالبات فالمجتمع جاهز تمام الجهوزية لوجود مجلس شورى مُنتخب ومجالس مناطق منتخبة بصلاحياتِ واسعة وجاهز للتعددية الثقافية والفكرية وجاهز للمشاركة في البناء والرقابة والمحاسبة عبر مؤسساته مؤسسات المجتمع المدني التي ينتظرها منذ زمنِ بعيد ، في الشريعةِ الإسلامية التي لا يفهمها بعض معتنقيها حكم ولي الأمر الحاكم ينزع الخلاف بين الفقهاء وهذا ما حدث بالفعل فهيئة كبار العلماء ايدت الخطوة بعدما كانت تقف بوجهها سداً للذريعة والسبب النظر إلى الأصل وليس إلى تكهنات لا يمكن الجزم بحدوثها وهذه فائدة الإجتهاد الجماعي الذي طالما افتقدناه ، هناك من يرفض ذلك الحق ويربط رفضه بالشريعة وهذا ينم عن جهلِ وتشدد من حقه الرفض وممارسة الرفض داخل نطاق أسرته التي يحق لها محاكمته اذا قصر أو أخل بواجباته تجاهها لكن ليس من حقه التهويل من الحدث وكأن مقود السيارة سيُخرج المسيح الدجال من مخبأه ؟
هنيئاً للوطن بذلك القرار الذي سيكون تبعاته اقتصادية واجتماعية إيجابية ولا عزاء لمن يضع عقلة أمام المنطق فالدولة ستقوم بواجبها تجاه المواطنين دون تمييز أو تفريق فنحن في عصرِ جديد وعهدِ غايته بلوغ عنان السماء ونحن بإنتظار حلحلة بقية الملفات الإصلاحية المهمة للحاضر والمستقبل على حدِ سواء .
التعليقات (0)