يدور الأن حوار في وسائل الأعلأم المختلفة حول الأصلاح في الدول العربية ويركز المناقشون على الوضع
السياسي والديمقراطية وإصرار الحكام على التسك بالسلطة وتمريرها إلى أبنائهم وقد شارك في هذا الحوارعدد كبيرمن كبار الكتاب
والمفكرون العرب والأجانب. ورغم أن الحوار كان عاما على لأنظمة العربية بصفة عامة ولم يتعرض الى نظام
معين إلا نادرا . وقد وقفت لأنظمة من هذا الحوار موقف المتفرج وأقتصرت على المشاركة للدعوة إلى
الأصلاح بصفة عامة سواءفي قرارتها العامة في الجامعة العربية أو في
تصريحات المسئولين ولم نسمع حتى الآن برامج تنفيذية أو خطط عمل سواء لقرارات الجامعة العربية أو في سياسة
الحكومات الداخلية وقد كانت دعوة ألولايات المتحدة الأمريكية الى الأصلاح في ااشرق الأوسط الموسع( وتعني
الدول الأسلامية ) عاملا كبيرا في ظهور هذا النقاش إلى العلن دون معارضة صارمة من الأنظمة كما كان عليه
الحال ولكن الأنظمة تعرف جيدا أن أمريكا بدعوتها إلي الأصلاح والديمقراطية لا تعني سيادة حكم الشعب لأن
أمريكا تعرف جيدا إن خلافاتها مع العرب ليست مع الأ نظمة الدكتاتورية الحاكمة التي يمكن التعامل معها بسياسة
الجزرة والعصا وإنما مع الشعوب العربية والأسلامية التي تعارض السياسة الأمريكية في دعمها غير المحدود
لأسرائيل ومطامعها في فلسطين والعالم العربي بصفة عامة وسياساتها في العراق وأفغانستان ودعم الأنظمة
الموالية لها خدمة لمصالحها دون إعتبارلحق الشعوب والديمقراطية. ودعوتها إلى الأصلاح والديمقراطة
الهدف منها وسيلة للتدخل المباشر العلني في ا لشئون الداخلية لدول المنطقة كلما تعارضت مصالحها مع سياسة
الدول العربية وإيجاد ديمقراطية شكلية الهيكل والتوسع في حرية التعبير لوسائل الاعلام حتى يتاح لوسائل الأعلام
الغربية حرية العمل لنشردعاياتها وترغيب الشعوب في نمط الحياة الغربية الأستهلاكية وخلق طبقة متوسطة
تتوافق مصالحها مع ا لغرب وتستهلك منتوجاته بعد أن تبين بأن حكام المنطقة احتكروا الثروة والسلطة في اياد
محدودة قلل من فرص الأستتمار والتصدير إلى دول المنطقة.كما أدى إلي تململ شعبي مما دفع الشباب إلى التمرد
واللجوءالى العنف والأرهاب عرض مصالح وأمن المصالح الغربية في المنطقة وخارجها إ لى الخطر .والغريب
أن أمريكا تحارب حرية التعبيرضد سياستها واعمالها في العراق وافغانستان لأنها تساعد على التطرف وتناقض
نفسها بالدعوة ألى حرية التعبير.
وبهذه المقدمة أود أن اوضح بأن الكلام و الدعوة ألى الديمقراطية وحقوق الأنسان والحريات الفردية بصفة عامة
ليس جديدا فقد كتبت في هذا المجال الألاف من الكتب والمقالات والتعليقات في كل وسائل الأعلام منذ نصف
قرن وأكثر وقد طالبت به المعارضة العربية في الداخل والخارج ووعدت به كل الثورات العسكرية ولكن شيئا لم
يتحقق ولم يؤدي تولى المعارضة أو الثورات الحكم إلا إلى إستبدال دكتاتوربدكتور آخر أعتى وأغشم . هذا كلام شبعنا
منه ولم يعد يقنع المواطن العربي الذي يريد تطبيقا وتنفيدا لما يقال على الواقع وهذا في رأيي لن يتحقق في المسقبل
المنظور لاسباب كثيرة . فالديمقراطية الغربية القائمة على الأنتخاب السري الحروالتوازن بين السلطات الثلات
التنفيدية والتشريعية والقضائية وتبادل مسئولية الحكم بانتخابات دورية محددة المدة وتوفير كل الحريات المعرفة
دوليا ، تعتبر ضرورية ولا بديل لها فهي النظام السائد في العالم اليوم وتقوم على أسس علمية وثمرة خبرات نظم
قانونية ودستورية تطورت مع الزمن ومن بينها نظام الحكم في الأسلام القائم على العدل والمساواة والشورى
والذى يعتبر اقرب نظام حكم إلى الديمقراطية الغربية السا ئد في الغرب اليوم والقائمة بدورها على العدل والمساواة
والشورى. ومع هذا فإني أعتقد أن تنفيد الديمقراطية الغربية في العالم العربي سيواجه صعوبة في مراحله الأولى
لأن نظام الشورى في الأسلام لم يؤخذ به منذ إنتهاء حكم الخلفاء المسلمين الاربعة الذي كان فيها عدد المسلمين محدودا
وأمكن أخذ رأيهم في شكل مباشردون حاجة إلى إختيار ممثلين عنهم فممثليهم القلائل معروفين. وكانت الظروف السائدة
تختلف عن الظروف التي نعيشها اليوم وعاد الحكم عند العرب بعد خلافة علي كرم الله وجهه إلى مفهومه الجاهلي
القائم على توارث الحكم لملوك العرب والتشاورالقبلي ودور الحاكم والأسر الحاكمة والمشايخ والأعيان في خدمة
مجتمعاتها وهو أمر مختلف عما كانت عليه أوربا في عهد الاقطاع والأنظمة الملكية الأستبدادية والصراع الطبقي الذي
ادى إلى التصادم الدموي و فرض النظام الديمقراطي الحديث القائم عتى العدالة والمساواة والشورى في تنظيم يضمن
تمثيل العدد الكبير للسكان في مجالس نيابية لتعم الشورى جميعهم.والفصل بين السلطات ليعم العدل الجميع ومساواة
جميع المواطنين في الحقوق والواجبات وفي أختيار حكامهم .
وقد حاول علمائنا الأجلاء وأئمتنا الأفاضل سامحهم الله الأجتهاد في التفسير والفتوى لأيجاد نظام للحكم في الأسلام
لتبرير أنظمة الحكم الوراثية الأستبدادية التي قامت بعد الخلفاء الراشدين الاربعة على أسس المفهوم الجاهلي للحكم
والعرف السائد انداك وزاد عليه بعد دلك المزايدون تعقيدا حتى يومنا هذا وغلق باب الأجتهاد على الجميع . وفرض
تجمد الفكرالسياسي الأسلامي رغم تطور حياتنا في ظل التطور العالمي الحضاري وزيادة عدد السكان.
في ضوء هذا التطور لأنظمة الحكم في الأسلام أعتقد أنه من المستحيل او المتعذرأن تطبق الديمقراطية الغربية دفعة
واحدة وأ ن يؤخذ في الأعتبار العوامل السائدة في عالمنا العربي في المراحل الأولى للتحول الديمقراطي حتى يمكن
تجنب الصدام والشئ الذي يحتاج إلى علاج عاجل في عالمنا العربي في فترة الأنتقال الى الديمقراطية هو توفير
الحريات الفردية وأحترام كل حقوق الانسان المتعارف عليها دوليا والغير قابلة للتجزئة بحيث يستطيع المواطن العربي
التمتع بحرية التعبيروالعمل والتنقل والسفر وفصل النظام القضائي عن السلطة التنفيذية لنشر العدالة بين الجميع .
وعلى الحكام العرب تقدير المرحلة الخطيرة التي يمر بها العالم اليوم وتعرض العالم العربي للأحتلال والأستغلال أن
يعملوا على تقوية الصفة التمثيلية للشعب والالتزام بقرارات مجالس منتخبة دوريا وسريا في صناديق انتخاب حر وبأشراف
الأمم المتحدة كما يجري العمل به اليوم في بعض الدول النامية دون تدخل الأنصار والقبائل والعائلات والسماح بتأسيس
الاحزاب السياسية والأتحادات المهنية الحرة دون تدخل من السلطةووفق قوانين توضح دورها السياسي والدستوري
والقانوني وعدم الأنسياق وراء المطامح الشخصية والعائلية وتعيين الابناء كخلفاء لهم بعدهم مباشرة أو تعديل الدستور
لأستمرارفترة حكمهم التي يجب تحديدها بفترة معينة .
أما في ا لمجال الأقتصادي فيجب تحقيق نظام إقتصادي حر وعادل وتشجيع القطاع الخاص مع إقامة نظام إجتماعي
يضمن حياة شريفة للطبقات المحرومة وللجميع وهو ما هو معمول به اليوم في كل المجتمعات الديمقراطية الغربية
. كما أدعو الأنظمة العربية إلى الأستعانة بدوي الخبرة من العرب أكثر من الأستعانة بأهل الثقة من الأقارب والأنصار.
والخبراء العرب كثيرون في الأوطان والمهاجر . فمن مشاكلنا في العالم العربي أن الأنظمة العسكرية والدكتاتورية
وأنظمة الحزب الواحد العربية قضت غلى أجيال من خبرائنا من علماء وفنانين ورجال إعمال وسياسيين ناجحين
قضوا بقية عمرهم في المنافي أو في بيوتهم في الوطن تغطهم بيوت العنكبوت وحتى أولئك الذين تعلموا وأكملو
ا دراستهم في الخارج في ظل هذه الأنظمة قرروا البقاء في الخارج هروبا من الواقع العربي الأليم وقد وجدوا في
الغرب ترحيبا ومجالا للعمل والأبداع وقد عجزت الأنظمة العربية المعاصرة عن خلق مثل هذه الكفاءات والخبرات
لتعويض ما خسرته الأمة العربية من خيرة أبنائها وخبرائها في جميع مجالات الحياة خلال جيلين كاملين مما ساعد
على اضعاف الأنظمة الادارية العربية وانتشار الفساد والفوضى وأنهيار الامن وأستمرار حالة الفقر والجهل والمرض
السائدة في عالمنا العربي اليوم وقد سبقتنا شعوب العالم الثالت التي كانت أكثر تخلفا في جميع المجالات.
التعليقات (0)