مواضيع اليوم

الأســــــــــــــوار

البشير عبيد

2010-09-08 12:34:15

0

الأســــــــــــــوار

 

-البشير عبيد


قبل انغماس الخطى في سراب الطريق

و انحصار اللغات

في الورق الرفيع

كنا معا على عتبات الغروب

نملا الساحة بالرمل و الزهر

ليس الوقت صباحا

لتلامس برفق أصابعي

سكر القهوة ثم أحنو يسارا

حذو امرأة سامقة

لتسمعني للمرة الأولى تفاصيل الحكايا

لا غرابة أن تكون النوافذ قد علاها

الصدأ

و الستائر مزقها الضباب

تمهل قليلا

عسى أن يجيء الفتى الغامض

و في عينيه العسليتين تتداعى الغيوم

هل رأوا ما رأيت؟

قتلة يسرقون البسمة من شفاه السوسن

رفاقا توزعوا في خرائط الموت

و المنفى

على ألواح البلد الممتد

من ماء الزيف إلى عتمة الشتات

المساء الغائم هادئا تلامسه

الغصون

و الملك يختزل ملهاة القبيله

يجيء كل مساء

يقرا الحصار في عيون الصنوبر

و صمت الزقاق

هل إيماءة أنثى لا تعرف سوى لغة

الجسد

تنسي فتية الجنوب، آهة الصدر

و كيف اغرورقت عيناه بالظمأ

رأته الأزقة زاهدا و غريبا

لم يخرج من ثوبه رسالة للتي

سخرت من ماء الجنازات

الآن سكنوا و تصدروا طوابير الخرافة

و لست ادري أكان الطقس غامضا؟

أم بهت نورس من كلام إحدى بناتهم

حينما جن بعضهم من فرط الترف

الم يعرفوا أن لليل عشاقا

من كل الديانات

همساتهم تأخذ شكل مقصلة

فلما لا نعلنها سلاما عليهم

و نقول للغزال الباكي :

وهم البنفسج تبعثر في الربيع

فليبحروا كما شاءوا

في شذا الماضي السحيق

ولنحتسي مياه الينابيع

قبيل تداعي جسد المتاهة

عاد المماليك

و" القرامطة" باقون و أن غابوا

إنما جوهر المسالة ..

وضع النقاط على الحروف

و خلخلة ما ترسخ من ارق

الذين رأوا في الغيم بريقا

ليس لنا من طريق سوى عبور المسافات

ما رأي الفتى لو قلت فجأة :

هاهي ذي الروح منفلتة من قبضة

الزمن العسير

و النور منبثق من مدارات المدى

سواء شتتوا ما تبقى

من عناد الولد الغامض

أو وأدوا الروح في مهدها

فلما ما يكفي من صقيع الشتاء

لبدء المسيره

سلام يقرأ على الموتى حين تهاجرنا

طيور الروم

نافذة على ألواح الهدوء في ختم القصيده

غدا صباحا يعزف النشيد

قبيل صياح الولد

.................................

هاهي ذي الرقاب منحنية للضباب الكثيف

و ما الفارق بين قلم الحبر و الورقات الصفر

سوى أن يكتب على حائط الذاكرة

لن تصلوا إلى هناك ..

فالمراكب اعتراها ظمأ الجنوب

فقلنا و الدمع يملأ الساحة

أين بصمات الشمال؟

ليس البلد من يقول هو ذا صمت المدائن

طأطأ الفتى رأسه النازف

حلمه أحلى من هدوء المكان

و زهر اللوتس يرصد خارطة

اندهاش اليمام

البوح المتصاعد ضمد جرح الفتى

و على يمين المقهى، في العاشرة صباحا

رأته أسراب النساء

ولدا عنيدا ذاهلا لا يخاف من بهاء

السنديان

قرب حانة شرق نهر الفولقا

ساءله صديق الصبا :

لم الدهشة تملأ خديك؟

أتزرع الورد و تنسى أن تفتح

أزهار القرى؟

تماسك أخي

تسير العربات فجرا بلا حقائب

ربما فاجأنا الغيم قبيل انفتاح الروح

على آهات التخوم

لماذا يغرق الولد الهزيل في البكاء؟

كلما باغتته ذاكرة المنافي

أكان وحيدا آنذاك؟

أم هذي البلاد لم تنجب سواه.. ؟

و لم لا تكون البدايه :

خروج عشاق العصور القديمة من مخابئهم

و رسم خطوط التجلي

قرب الطرقات التي قدت من حرير

التحمت يداي بالنظرات الزائفة

يعترف الفتى قبل ظهور الصدى :

بيوتنا من رماد

و أحلام أسلافنا لم ينقطع صوتها

غرفتي التي هيأتها لسرد الحكايا

صامتة هذي الصبيحة

أكان ثلج المقابر ناعسا

أم شردوا ولدا أفصح من البدء

عن صقيع المرحلة :

حبري هو دليل الغجر

و إننا هنا قادمون

لا نرى خلف المرافئ سوى

فوضى المصانع

قناديل "البرامكة"

ظمأ الجنوب

هذيان الشمال

و انكسار التماثيل

ها هم يطعمون

"كلاب الحراسة"

اللحم و الحليب و الفاكهة

قد يضيع الفتى و يختفي عن عيون العابرين

نوار الكرمل

و تفتح أبواب الزمن العسير

لكن رائحة البلاد لم تتبخر

و الكوفة ... تكتب الصفحة الأولى

من فصول العناد المباغت

كيف آن للطقس أن يرسم الخط الفاصل

مابين الحنجرة و دمعة الولد

الضائع

و التلال الهادئة تصحو صباياه

على نغم الأنين

ألف بابلي في ملجئ الضاحية

كالرماد

صبيحة الأمس البارد

دمنا المسفوك أصلب من قصف كثيف

و ذراع طفلي المقطوع يرفع اللافتة

لمن فقد ضوء المرحله

ها قد بعثروا الحبر

و لم تنج حتى فضاءات القداسه

على الغزاة أن يرحلوا

قبل اكتمال البيان

و انفتاح الروح على آهات التخوم

على بيض الشمال أن يأخذوا حقائبهم

قبل فيضان القطرة الأخيره

من الكأس الرمادي

و انغماس الشفاه في قدح الحضاره..

حذار، سيدة العالم تهمس همسا خفيفا :

شرط الرحيل أن تسلم بغداد ذراعيها

للأرق و الهذيان

و ما الهذيان إلا شقيق النعاس

إن أرادوا البقاء عقودا أو ليالي

فلنا من التبغ و الحلم ما يكفي

لإتمام مقاطع المشهد

هي الحرب ابتدأت

هيروشيما الجديدة، اكتملت صورتها

قرب العامرية

أو ربما بدت الأشياء غامضه

في عيني من وضع اليد على الزر

ألف قتيل

و البلاد أبهى من عذاب العاصفه !

يفاجئنا السيد المسيح :

" دع الموتى يدفنون"

دع القتلى يسألون عن أي قصف

يفاخر الإفرنج بانجاز توابيت ضحاياه

كأن النبيذ لا يشرب إلا على وقع

المجازر

هل رأوا ماء الفرات

حيث ينساب على ضفافه دفء المكان

..................................

عاريا يجيء الفتى

و الأنامل تباهت بوهج النشيد

تلمسه الغيمات من يده اليمنى

فلا ينكسر صوته

كما لو كان هاربا من ألق السفر

قيل غداة الهروب من الحلبه :

أحلام الفتى لن تتجاوز أعتاب النوادي

و من يدري لعل الحلم تمدد

شاطئ المتوسط يسأل الصمت

عن بقايا الجدار

و اللغة الثكلى تضيء التضاريس

مملكة الطفل أصفى من ماء البوادي

و الدموع أعشاب و أزهار

للراقصين على تابوت الانحناء

من محيط الدمع إلى خليج الانكسار

و البكاء النادر

تسامت أحداق الهاربين

من " الفتح الجديد" لنرى الملح أبعد

من ضباب السباخ

على قمم البوح شراع و جاريه

و حمام لم يذق حبة قمح

إلا خارج القفص ..

يلذ لبعضهم أن تنام المدائن

و إن صحت، عليها أن تواصل عزف

المديح

جالس أمام الضفاف

و لا أدري أكان الفتى المشاغب سرابا

أم ... ..........؟

لنا الآن كاس واحدة من نبيذ الفودكا

نشربه شاردي الخطى

و الغزاة الذين هنا كانوا

قبيل قليل جاءوا لنرى كم أتعبتهم

صور الأزقة حينما تكتظ بالخائفين

من فوضى الغبار الطالع من زوايا المدارات

يحط نورس على كتفي

لما أهم بتفتيت وعيد الجنود الذين جاءوا من هناك ...

الجلسة هادئه

و الشتات يعلن بدء الرحيل

كنا معا نملأ السلال بالعنب

و الغضب

نغرق أجسادنا في مياه التعب

ثلاثون عاما خلت

و المدينة أبهى من سؤال الطريق

- من هذا الذي عينه لا تغادر قطرات المطر؟

- ولد يود أن يحين وقت التنزه

أو ليست هذي التربة غير صالحة للكلام؟

و ما عساه أن يفعل إن لامسته الرياح

وأخفته الدهاليز

ضاحكا يباغتني بالقبلات

و في اليدين كتاب و حيره

خائف من ضياع ألق العناد

و باحث عن مراياه وسط الزحام

غابت المفردات عن سكون

الجماعة

واحتفت باخضرار الشجر زرافات

المباهج

فرادى نتألق في الموت كلما فاجأتنا

الطرقات بالاحتجاج

ماذا تريد المدائن من قلم كسير

وصف مفاتن الحرير

أم السفر عاليا باتجاه الرمال؟

مازال في البحر متسع لنحمي أضلاعنا

بزرقته

و نخفي أوراق الطفولة عن عيون

العابرين

منهمكا في المتاهة أفاتحه بالاعتراف :

رأيت يدي اثر مجيء الفقهاء

تمرر أوراقا سميكه

و الولد الغامض يشعل لي سيجارة فاخره

يحتد صمتي فيغرق في الخجل

ينزوي قرب النافذة

لعل فتاة تمر فتفر إليها قدماه

لم ألمس حقائب بيروت

ليصير الرماد هواء على أهداب

التلال

و لا اللحظة كانت سانحة لاختفاء الضحكات

عن العيون

دعيني لحلمي و انقطاع الفرح

مرت عربات الكآبه

واندلع الرفض من عشب المزارع

هاهو ذا رغيف الشريد قريب من أرق الحبر

و تبقيني الكلمة يتيما

بلا كتابة

حينما يرحل الصبية إلى زوايا التخوم

ها هي الآن تخونني الدمعة في منتصف البكاء

تعانقني السنبلة صباح الأحد

و ما من دموع تضاهي

أنين الجسد

يمتشقني الوجع إلى حدود الارتواء

يتبعني الشجن حتى التماهي

و لها مدينة الظمأ ما تبقى من التيه و العتمه

-------------------------------------

شاعر من تونس




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !