مواضيع اليوم

الأسرار الصادمة لسيديات قضاة الخلاعة

إدريس ولد القابلة

2009-10-05 14:09:29

0


يوليوز 2007
على سبيل الإشارة

  رقية أبوعلي

رغم المحاولات الرسمية المتواصلة لإخراس الأصوات التي جهرت بحقيقة الدماء الفاسدة التي تدب في شرايين القضاء المغربي، ورغم الحركات البهلوانية التي برر بها القائمون على إدارة شؤون العدل بالبلاد، تجاوزات بعض القضاة ووكلاء الملك ونوابهم في العديد من الملفات المرتبطة بتورطهم في قضايا الفساد على جميع مستوياته، ورغم الحرص المبالغ فيه من قبل كبار المسؤولين في أعلى هرم السلطة القضائية بالمغرب والذي وصل في مداه إلى مستوى التستر على بعض الممارسات المشينة التي تؤكد بما لا يدع مجالا للشك تورطهم في استغلال النفوذ والشطط في استعمالهم السلطة للاعتداء على مواطنين عاديين، وعلى مغاربة ينحدرون من الطبقات السفلى في الهرم الاجتماعي بالمملكة، إلا أن ملابسات فضيحة "سيديات تيغسالين" وتداعياتها تؤكد بالملموس مستوى الانحطاط الأخلاقي الذي ظل يتحرك في نفوس العديد من أفراد أسرة القضاء، ويدفعها تهورها النفسي هذا إلى ارتكاب حماقات ما أتى الله بها من سلطان، تصبح بموجبها الجهات العليا للقضاء في حرج أمام العامة والخاصة وأمام نفسها، وهو الفعل الذي دفع بالسيد وزير العدل إلى الدفاع بشدة عن القاضي بطل "سيديات" رقية أبو علي خلال جلسة لجنة العدل والتشريع بمجلس المستشارين الأسبوع ما قبل الماضي، معتبرا أن القاضي هو الضحية في الملف، حيث تعرض للابتزاز من طرف رقية، مما أجبره على إصدار أحكام لصالح بعض الأشخاص مقابل الحصول على رشاوى، وهو الأمر الذي سيفتح الباب على مصراعيه بناء على تصريحات الوزير، بصدد جميع الملفات التي أصدر فيها القاضي المتورط في ملف رقية أبو علي أحكاما، إلى المطالبة بإعادة النظر فيها لأن أحكامها لم تكن نزيهة بشهادة الرأس الأولى في وزارة العدل أمام ممثلي الأمة، كما أن هذا الحرج بلغ من معالي الوزير مبلغه لدرجة صرح فيها لذات اللجنة أن عائلة أبو علي تمتهن الدعارة في قلب تيغسالين معلنا أن سكان المنطقة ضد ما تقوم به هذه العائلة، وهو التصريح الذي يؤكد أن مصالح وزارة العدل قامت باستقراء للرأي المحلي في قلب مركز تيغسالين، مما يؤشر على أن مصالح هذا الجهاز لم تؤد الوظائف المطلوبة منها بشكل طبيعي، كونها عوض أن تنظر إلى محتويات "سيديات" التي أصبحت محط اهتمام الرأي العام الوطني وأن تحقق في المنسوب للقاضي ونائب الوكيل العام للملك المتورطين في المشاهد الخليعة المثبتة في "القرص المدمج" وأن تتحقق من الوقائع المنشورة على صفحات الجرائد الوطنية بناء على تصريحات الضحايا، فضلت مصالح وزارة العدل أن تنبش في الاتجاه المعاكس وأن تتهم أسرة بأكملها بممارسة الدعارة مع العلم أن أب هذه العائلة (إبراهيم أبو علي) كان جنديا في خدمة هذا الوطن، مات حسرة وكمدا على ما تعرض له أبناؤه من ظلم وإهانة من طرف أجهزة السلطة بالبلاد، داخل هذا الوطن الذي رغم شساعته يضيق بالمظلومين والمهمشين من أبنائه البررة، وأن إخوة رقية أبو علي، يملكون محلات للتجارة في الشارع الرئيسي لمركز تيغسالين، مملوءة عن آخرها بالأجهزة الإلكترونية من تلفزات – آلات تصوير - أشرطة فيديو – اسطوانات – وغيرها من الأدوات الإلكترونية، إضافة إلى امتلاكهم لقاعة رياضية مجهزة، يقصدها شباب منطقة تيغسالين لممارسة الرياضة، ومع هذا كله ينعتهم معالي وزير العدل بعائلة تمارس الدعارة.. لا لشيء سوى لأنه نصب نفسه دفاعا عن متورطين في قضايا فساد أصبحت محط نقاش مفتوح بين العامة، ويمكن القول بأنه أضحى يدافع عن الباطل بالباطل، لما لم يجد في الحق حججا يرفعها في وجه الباطل.. إلا أن الغريب في تداعيات هذا الملف أن برزت إلى السطح مستجدات أخرى تؤكد طغيان هذا الباطل وسريانه جهرا في مسلسل أحداث هذا الملف، ويتعلق الأمر بالاعتداء الوحشي الذي تعرضت له السيدة حفيظة السعدي على يد عصابة إجرامية اختطفتها ومارست عليها أشكالا من التعذيب، بدءا من تكبيل اليدين والرجلين، مرورا بالاغتصاب الجماعي، وإدخال قنينة في مؤخرة الضحية وصولا إلى صب الخمر في فمها وعلى رأسها، وتمزيق أطراف جسدها بالسلاح الأبيض، وتؤكد تصريحات الضحية أن العصابة كانت مدفوعة من طرف جهات أخرى ومسخرة للقيام بهذا الفعل المشين، الذي خلف استياءا عميقا في نفوس ساكنة منطقة تيغسالين.. ويؤكد في المقابل ارتباط هذا الاعتداء بتداعيات ملف "سيديات" تيغسالين، وتحديدا بالزاوية التي تطالب فيها حفيظة السعدي، من نائب الوكيل العام للملك بمكناس الاعتراف بابنه فوزي الذي جاء نتيجة العلاقة غير الشرعية التي جمعتهما في "كارسونيير" مكناس صحبة القاضي بطل "سيديات" رقية أبو علي... وتتصاعد أنفاس هذه الأحداث بين إصرار رقية وحفيظة على مواصلة اعترافاتهما للصحافة، وبين المحاولات اليائسة لجهاز القضاء بالمملكة المغربية في إخراس صوتهما للحفاظ على ما تبقى من ماء الوجه بخصوص هذه القضية، وبين هذا الإصرار وتلك المحاولات ترتفع الأصوات ويتعالى الضجيج، وترتكب الحماقات وتراق الدماء ويستمر العنف عوض أن يستتب الأمن وتحمى حقوق المواطنين.

 

قضاة فاسدون يحكمون باسم الملك

 

ركبنا من جديد في اتجاه مدينة الأطلس المتوسط خنيفرة، نتلمس خيوط المستجدات التي راكمتها فضيحة "سيديات تيغسالين" والتطورات المرتبطة بها، بعد أن ربطنا الاتصال المباشر بالعناصر الرئيسية في ملف القضية، وتم تحديد الخطوط العريضة للرحلة.. معتمدين في ذلك على سابق المعرفة التي جمعتنا بعائلة رقية أبو علي باعتبار أن أسبوعيتنا "المشعل" كانت أول من فجّر فضيحة "سيديات" من خلال ملفها (قضاة فاسدون يحكمون باسم الملك) بعددها 94 الصادر شهر نونبر 2006، الشيء الذي سهل مأموريتنا في ترتيب مواعدنا وتحديد وجهتنا قبل ركوب رحلة السفر، مع ذلك واجهنا مجموعة من العراقيل وعلامات قف وإشارات المنع المضروبة على مركز تيغسالين بخصوص محاولات التنقيب أو النبش في تفاصيل وحيثيات ملف الفضيحة، من طرف الصحافة المغربية، بهدف فرض أجواء التعتيم من جهة، وللتحكم في نوعية المعطيات التي تحاول بعض الجهات تسريبها للصحافة من جهة أخرى، بغية ترويج أخبار ومعلومات ملغومة تخدم مجريات الأحداث وتساهم في تغيير اللون الحقيقي لأصل القضية، إلا أن خبرتنا الميدانية السابقة على أرضية قرية تيغسالين أثناء إعدادنا أواخر العام الماضي لتفجير ذات الفضيحة، ومعرفتنا العميقة بمستوى الاحترام الذي تكنه عناصر الدرك الملكي والسلطات المحلية بالمنطقة للصحافيين الوافدين على القرية، جعلتنا نلتزم أقصى الحذر في التعاطي مع هذه العناصر، وأن نعتمد السرية التامة في إنجاز مهمتنا الصحفية وخاصة أثناء تواجدنا بقرية تيغسالين، ومع ذلك لم نسلم من عيون السلطة المتمركزة في كل الأماكن دفعة واحدة في تواصل مستمر وخاطف فيما بينها، إلا أن ذلك لم يؤثر في شيء على برنامجنا المسطر رغم الحركات البهلوانية التي حاولت بعض العينات إخافتنا بواسطتها، واصلنا مهمتنا الصحفية بكل همة، واضعين أسطرا حمراء حول تمنع عناصر الدرك الملكي بالمنطقة من مساعدتنا في الحصول على بعض المعلومات، وسدهم الطريق أمامنا على مجموعة من المستويات.. مما يؤكد أن (المخزن يدو طويلة) على المنطقة، يتحكم في إحصاء أنفاس المواطنين ورصد حركاتهم وسكناتهم وخطواتهم، ويتحكم في رسم مستوى أفكارهم حتى، ويسيطر بشكل كبير على محيط القرية بواسطة خدامه ومديريه واتباعه.
"المشعل" تحركت بين مكناس وخنيفرة وتغسالين، تطارد الخبر وتلاحق المعلومة، لأجل تمكين الرأي العام الوطني من الوقوف على مناطق الظل التي عرفتها التطورات الجديدة لملف فضيحة (سيديات تيغسالين)، ورغم المجهودات المبذولة تتمنى أن تكون في مستوى تطلعات القراء والرأي العام الوطني.

 

تصريحات حفيظة السعدي "للمشعل"
تناوب الخمسة على جسدي شاهرين أعضاءهم التناسلية يمزقون في مؤخرتي بوحشية

التقيناها أمام الباب المركزي للسجن المحلي بمدينة مكناس، رفقة السيدة فاطمة الصغير والدة رقية أبو علي بمعية المحامية فطومة توفيق وهما تتأهبان لزيارة رقية، بين حشود من عائلات السجناء ونظراتهم المفضوحة لحفيظة السعدي التي باتت بحكم اعترافاتها المنشورة على صفحات الجرائد الوطنية محط اهتمام الرأي العام الوطني.. وسط هذه الأجواء دخلنا على الخط وتمكنا من الانفراد بحفيظة والوقوف معها على جوانب الظل بخصوص الاعتداء الأخير الذي تعرضت له في مركز تيغسالين، وعن أدق تفاصيل هذا الاعتداء الوحشي الذي ذهبت ضحيته، بدءا من تسلسل خيوط الاختطاف مرورا بالأحداث التي شهدتها المسافة الزمنية للاعتداء وصولا إلى الأجواء داخل المستشفى الإقليمي لمدينة خنيفرة وأسئلة الدرك الملكي واستفسارات الصحفيين.

- متى وأين وكيف تم اختطافك؟

+ مباشرة بعد اللقاء الذي جمعني بالوكيل العام للملك بمدينة فاس، دخلت قرية تيغسالين على الساعة الثامنة والنصف ليلا، وكان الظلام وقتها قد نشر أجنحته على المنطقة بأكملها، وعم الهدوء أرجاء هذه القرية الصغيرة المنعزلة.. ولجت منزلي ونزعت جلبابي لأستريح من عناء السفر، خاصة وأني خضعت لاستنطاق دقيق من طرف الوكيل العام للملك تطلب مني تركيزا دقيقا عشت خلاله لحظات نفسية عصيبة جراء سيل من الأسئلة بخصوص الملف الذي فتحته ضد نائب الوكيل العام للملك بمكناس حول إنكار هذا الأخير للاعتراف بأبوته لابني فوزي.. مباشرة بعد ولوجي البيت فكرت في إعداد طعام للعشاء، كوني أحسست بجوع غريب، فقررت الخروج لشراء حاجياتي من بقال قريب من مسكني، فما أن وطئت قدماي باب المحل أحسست بيد قوية كممت فمي بقبضتها وأخرى لفت حول بطني وجرتني بقوة إلى الخلف، ثم أحسست بأيادي أخرى ترفعني من على الأرض بنفس القوة التي أطبقت على فمي ورأسي دفعة واحدة، فقط عيناي ظلتا تلفان بسرعة جنونية في محاولة فهم ما يجري، فإذا بي ألمح أربعة أشخاص أقوياء بالإضافة إلى الشخص الذي أحكم قبضته على خناقي من الخلف، وما إن أحسوا بإحكامهم قبضتي، أطلقوا سيقانهم للريح كمن يحملون نعشا، في هرولة أحسست سرعتها وأنا محمولة على الأكتاف في اتجاه المجهول، تملكني خوف شديد وأنا مرفوعة فوق أذرع تمسكني بقوة، فقط أسمع وقع الأحذية على الأرض تهوي بقوة الهرولة التي تخطوها أقدامهم في اتجاه الخلاء، كان همي وقتها فهم ما يجري وما غرض السواعد التي تحملني في الهواء نحو المجهول، أحسست وقتها بدقات قلبي ترتفع لدرجة كادت تحجب عني سماع الوقع القوي للأقدام.. وكأن قلبي يصرخ نيابة عن فمي المكمم، ولسوء حظي أن البيت الذي أقطنه يقع في مؤخرة القرية من الجهة الغربية الموالية للخلاء، الشيء الذي استغله المختطفون لصالحهم، واستمروا في هرولتهم مدة أحسستها طويلة خاصة أني كنت في وضعية لا أحسد عليها، ولما أحسوا بتوغلهم العميق في الخلاء خففوا سيرهم، وجمعوا أنفاسهم ثم وقفوا وأزاحوا أيديهم عن فمي وأوقعوني أرضا بطريقة عنيفة للغاية، وصرخ اثنان منهما في وجهي بطريقة وحشية مكشرين عن أنيابهم، بقوة (والله يا دين أمك أو ما تبتي تا نفصلوك) ثم أضاف ثالث (غير خليها تغوت شكون غادي يسمعها) مشيرا إلى أن المسافة التي تبعدنا عن القرية تحجب وصول الصراخ أو طلب النجدة.. أحسست ساعتها أن الخطر يلفني وأن هؤلاء المختطفين ينوون إلحاق الضرر بي، خاصة وأن علامات الشر كانت واضحة من تصرفاتهم وكل إشاراتهم تدل على نوايا سيئة تنتظرني، فصرخ آخر في وجهي بقوة (كاتعرفي عا تكتبي فالجورنان وتكتبي على سيادك، اليوم حنا اللي غادين نكتبو فيك)، فما كان من أمري ساعتها إلا أن أجهضت بالبكاء وأخذت أتوسل ليهم بأن يتركوني لحالي وأخذت أعدد أسماء الذين تعرفت عليهم من بينهم وأطلب منهم إخلاء سبيلي، وأخذت أردد بالحرف (احمد عطيني التيساع، لحسن عطيني التساع) أما الآخرين فلا أعرف أسماءهم إلا أنهم جميعا من شباب قرية تيغسالين، فلم تنفع توسلاتي ولا إشارتي بأني تعرفت عليهم في شيء أمام نواياهم الشيطانية التي يحركها هاجس الانتقام المأجور، والاعتداء المقصود، فما كان من أمرهم إلا أن شرعوا في فتح فمي بالقوة وصب الخمرة فيه مباشرة من فم القنينة رغم امتناعي القوي ودفاعي المستميت، لكن أمام إصرارهم وقوة عددهم لم أتمكن من صدهم عن صب الخمرة على شعري وعلى جميع أطراف جسدي ولم تنفع مقاومتي في شيء، ومع ذلك قررت الاستمرار في المقاومة رغم معرفتي المسبقة بعدم جدواها، وبين الفينة والأخرى كان أحدهم يغرس آلة حادة في أطراف جسدي، مرة في اليدين وأخرى على الصدر (انظر الصورة) وتارة في فخذي وأخرى في مؤخرتي، وهكذا تواصلت الطعنات الحادة في جميع أطراف جسمي، تاركين بذلك جروحا بليغة وآثارا سيئة ستبقى محفورة في ذاكرتي ما حييت، ويبدو أنهم يهدفون بفعلتهم هذه إلى ترحيلي من منطقة تيغسالين ودفعي مجبرة عن طريق الإكراه والعنف والاغتصاب والضرب والجرح والترهيب إلى اختيار الهروب من هذه القرية والتزام الصمت والركون إليه، وقد بدا هذا واضحا من خلال تهديدهم لي بالقول (هذا راه غير عربون أما لخلاص راه باقي جاي، وهذي راها غير البداية راك إلى ماخوتيش تيغسالين، المرة الجاية راغدين نحيدو ليك راسك ونخليو غير لكنازة)، ثم طعنوني على مستوى المؤخرة بقوة، فجأة طلب مني أحدهم تفسيرا للكتابة في الجريدة، وما هو هدفي من وراء ذلك، فأجبته بأني أدافع عن حق ابني في التعرف على والده وأن هذا الأمر لا يخص أحدا غيري ونائب الوكيل العام للملك بمكناس، ملمحة إليهم بأن هذا الأمر بعيد جدا عنهم ولا يخصهم كما أنه لا يمسهم في شيء، وأني أدافع عن حقي ولا علاقة لما أدافع عنه بما يدعونني إليه، فما إن سمعوا هذا الرد حتى إنهالوا علي بالضرب والسب والشتم والصفع واللكمات العنيفة على جميع مستويات الجسم مرددين (باقا دين مك زايدة فيه)، وهكذا فضلت ألا أرد على أسئلتهم طالما أن أجوبتي لا تعجبهم، واستمر هذا الوضع ساعتين من الزمن أخذت فيها من الصفع والطعن واللكم ما يكفي قبيلة بأكملها، وبعدها انتقل الأمر إلى المستوى الثاني الذي جردوني فيه من سروالي بعد أن مزقوا باقي الثياب فوق جسدي وطرحوني أرضا واغتصبوني الواحد تلو الآخر، فأغمي علي خلالها عدة مرات، لأنهم كانوا يأتونني من الدبر، الشيء الذي لم أتحمله وكادت روحي أن تزهق لولا الألطاف الإلاهية، لكني أعجب لهؤلاء المسخرين كيف سمحت لهم ضمائرهم (إن كانت لهم ضمائر) ممارسة هذا الفعل الوحشي في حقي مع العلم أني لا تربطني بهم أية علاقة لا من بعيد ولا من قريب، كانوا يمارسون فعلتهم وهم يضحكون ويتدافعون كالحمقى فوق جثتي ويتباهون بفحولتهم على جسدي، وكأنهم حققوا نصرا على عدو لذوذ، وكنت كلما خرجت من غيبوبة إلا وصرخت بقوة، ولما لم يُجْدِ الصراخ كان يتضاعف الألم لأدخل في غيبوبة أخرى، وهكذا استمر الخمسة في التناوب على جسدي شاهرين أعضاءهم التناسلية داخل لحمي كالسيوف تمزق مؤخرتي بوحشية لا يمكن وصفها مهما حاولت ذلك، واستمر هذا الوضع ساعات لم أستطع عدها كوني عشت فيها غيبوبات متتالية أفقدتني توازني وصوابي كذلك، لدرجة لا أستطيع معها معرفة كم من المرات مارسوا علي هذا الفعل، ولما اشتد علي الألم مع ولوج أول قضيب في مؤخرتي، صرخت بقوة فقاموا بتكبيلي بحبال كانت معهم فقيدوا يديّ ورجليّ بقوة وانطلقوا في ممارسة فعلهم الانتقامي المدفوع الأجر، وهو الأمر الذي شل حركتي تماما ومنعني من المقاومة وأجبرني على تسليم أمري لله والقبول بالأمر الواقع المطبوع بالألم والمهانة وإهدار الكرامة وانعدام الحس الإنساني، وطغيان الفعل الوحشي الحيواني المريض. ولا يفوتني أن أذكر بأنه كلما استفقت من غيبوبة وإلا وواجهني الذي فوق ظهري بسؤاله (واش باقى تعاودي)، لدرجة أصبحت معها لا أعرف من منهم يجلس فوقي ومن يتكلم ومن ومن ومن.... وأذكر أني سمعت أحدهم مرة ينذر أصحابه باستعمال العازل الطبي لما فاضت الدماء من مؤخرتي جراء الاغتصابات المتتالية التي مورست علي، ولما انتهوا من ممارسة وحشيتهم على دبري، زرعوا فيه رأس قنينة بقوة صارعتها بألم شديد لم أحس بمثله منذ خلقت، أَلَمٌ أشبه بالموت تَسَلّل إلى جميع أحشائي بسرعة خاطفة كالبرق، فأغمي علي بفعل الألم الشديد الذي خلفته عملية إدخال فم القنينة في مؤخرتي ودخلت في غيبوبة لم استفق منها إلا والشمس قد وصلت كبد السماء.

- ما هي الحوارات التي كان يتبادلها هؤلاء المختطفون فيما بينهم أثناء الليل؟

+ كانت ضحكاتهم عالية للغاية مما يؤكد أنهم مطمئنون على وضعهم الأمني في المكان وهم يتبادلون العبارات التي من شأنها إخافتي مثلا (والله يا دين مها أو ما تكادت تاكل نهار بحال هكا) أو (والو دين مها هذا هو النهار الأخر ليها) أو (والو خصها تبقى هكا حتى تكول لنا أنا غادا نخوي تيغسالين)، وكلام آخر كان في أغلبه موجها لي عن قصد، تارة أخرى كانوا يشغلون آلة تسجيل يستمعون لأسطوانات شعبية ويرقصون على إيقاعات شيخات أحواز وأغاني الراي في مشهد يؤكد أنهم غير آبهين بأحد، ربما لأن جهة ما توفر لهم الحماية في ممارسة هذا الفعل القبيح، بمعنى أنهم كانوا (مقصرين مع روسهم ما خايفين ماوالو) وكانوا أثناء رقصهم هذا يرفسونني عن قصد وبقوة تسبب لي الألم وتجدد في نفسي الإحساس بأني مختطفة، وتارة أخرى يبصقون على وجهي مباشرة موجهين لي الشتم والسب والكلام الساقط، مشكلين حولي دائرة وكأنهم في مأدبة عشاء يلتفون حول صيد يلتهمونه بشراسة حيوانية.

- في أي وقت استفقت من الغيبوبة؟

+ لم أستطع تحديد الوقت لكن الشمس كانت قد توسطت كبد السماء، ولم أتمكن من التحرك جراء الحبال التي كانت تشد يديّ ورجليّ بقوة منعتني من الحركة، إلا أني حاولت التخلص منها لكن دون جدوى فأخذت أزحف بجسدي على الأرض بغية إثارة انتباه الناس، علني أجد أحدهم ينقذني على الأقل من الرباط الذي يعيق حركتي، إلا أني ولسوء حظي لم أجد أحدا فأخذت أحبو متعثرة أحاول الخروج من المطب الذي وقعت فيه مكرهة، وهكذا توالت المحاولات إلى أن وصلت قارعة الطريق المؤدية إلى مشارف قرية تيغسالين. ففقدت التوازن وأغمي علي من جديد إلا أن وجدتني أفتح عيني داخل سيارة الإسعاف وهي تقلني إلى المستشفى المركزي لمدينة خنيفرة...
وأنا على تلك الحالة التي تبعث على الشفقة وتؤكد بالملموس مستوى الظلم الذي طالني من قبل تلك العصابة الإجرامية والاعتداء الوحشي الذي تعرضت له على امتداد ليلة بكاملها، من سب وقذف وطعن واغتصاب وهتك عرض من طرف مجرمين يحركهم سبق الإصرار والترصد. حال وصولنا إلى بهو المستشفى الإقليمي لمدينة خنيفرة، ووضعي على إحدى الأسرة النقالة بالمستشفى، وجدتني، ملفوفة بلحاف غطتني به إحدى السيدات في تيغسالين لما وجدتني عارية تماما، إلا أن آثار الصدمة ظلت تلازمني من هول ما أصابني جراء ذلك الاعتداء الوحشي، فأخذت ألف برأسي أتمعن سقف المستشفى وكأني استجمع قواي للبدء من جديد، إلا أني استفقت على صوت أحد الممرضين بالمستشفى وهو يردد بعد سماعه اسم حفيظة التي تنشر اعترافاتها للصحافة ، (تفو الله يخليها سلعة.. كون عرفتها من الأول والله ما نمسها)، مع العلم أنه لم يسبق أن رأيته من قبل، فقط لأن الخوف يسري بين ضلوع الناس تجاه كل من طالب باسترجاع حقه من أي مسؤول مهما كان مركزه من هرم السلطة.. فتجدهم يتمسحون بالأعتاب هكذا ودون إذن حتى من أصحاب الفعلة أنفسهم، حز في نفسي ما فاه به الممرض وآلمني كثيرا لكن ظروفي الصحية لم تسمح لي بالرد عليه بما يستحقه، ثم توالت بعد ذلك أسئلة عناصر الدرك الملكي ورجال الأمن وآلات تصوير الصحافة الوطنية، فصرحت بجميع الوقائع التي ألمت بي من البداية إلى الختام، وذكرت أسماء المعتدين لرجال الدرك الملكي ورجال الأمن للقيام بواجبهم في القبض عليهم، وهم (م.ح) و(م.ر) و(ت.م) وآخر تكرر اسمه ساعة ارتكابهم جريمة الاغتصاب حيث ناداه أحدهم (يالله أ أوبركة نوبتك جات) وهو الأمر الذي ذكرته حرفيا لعناصر الدرك الملكي، وركزت عليهم بالحرف (خاصكم تاخدو لي الحق ديالي من هدوك المجرمين، أنا دبا ما بقيتش بشر ملي دازو عليا هادوك كاملين) "ثم أجهضت بالبكاء ورددت بقوة" (والله وما خاضولي الحق ديالي تانهز جنويا نقتلهم كاملين ونقتل راسي الله ينعل بوها عيشة مذلولة).

- لماذا تفكرين في هذا الفعل طالما أن الفاعلين سيلقون الجزاء جراء ما قاموا به من أفعال إجرامية في حقك؟

+ (تنهدت وردت بصوت مبحوح) للأسف إن هؤلاء المجرمين لا يزالوا طلقاء، يتجولون في دروب قرية تيغسالين أمام أعين الدرك الملكي والسلطات المحلية بالمنطقة، بل إن أحدهم يلازم رجال الدرك أثناء تجوالهم بالقرية مما يبعث على الشك في حقيقة هذا الأمر ويرفع أكثر من علامة استفهام حول الموضوع، والغريب في الأمر أني لما ذهبت في اليوم الموالي لتسلم شهادة طبية تثبت مدة العجز الطبي، داهمت السلطات المحلية تحت إشراف السيد الخليفة وعناصر من الدرك الملكي وعناصر من القوات المساعدة محل سكناي، يتقدمهم (م.ح) المتورط الرئيسي في عملية الاعتداء التي تعرضت لها.

- أين هو ابنك فوزي؟

+ طلبت مني العناصر الإجرامية التي اختطفتني أن أصحب ابني وأرحل عن القرية، أما ابني فقد خبأته مخافة أن يتعرض هو الآخر للاختطاف حتى لا تجرى له الفحوصات الطبية التي من شأنها أن تثبت نسبه لأبيه نائب الوكيل العام للملك بمكناس، حتى لا يبقى طفل بريء عرضة للضياع والتشرد، ولا يفوتني بهذه المناسبة أن أعلن تشبثي وإصراري القويين للمطالبة بحقوقي المشروعة وحقوق ابني، كما أطلب من العدالة المغربية أن تقوم بإجراء خبرة طبية للطفل حتى يتبين لها صحة قولي من عدمه، وأطالب في المقام الأول بحمايتي من طرف الأمن المغربي حتى يصدر الحكم العادل من المحكمة.

- هل لهذا الاعتداء الذي تعرضت له ارتباط بملف رقية أبو علي؟

+ طبعا وبكل تأكيد لأني في الحقيقة كنت اشتغل عندها كخادمة، وما أتعرض له اليوم من تضييق واعتداء وظلم له ارتباط قوي بتداعيات ملف "سيديات" المرتبط بقضية رقية أبو علي.

 

فطومة توفيق محامية حفيظة السعدي لـ "المشعل"

هناك أيادي أخرى وراء هذه العملية، تحرك خيوطها في خفاء...

 

- كهيئة دفاع عن حفيظة السعدي في قضيتها، كيف تقرئين كقانونية تداعيات هذا الملف؟

+ الواقعة التي تعرضت لها حفيظة مؤخرا لا يمكن اعتبارها بأي حال من الأحوال أنها مجرد واقعة عادية، ويبدو ذلك واضحا من خلال الأحداث التي تخللتها، ويؤكدها كذلك ما يعتري الإجراءات القانونية المرتبطة بها من تماطل، فإن أي جريمة مهما صغر حجمها إلا وتتدخل النيابة العامة في الموضوع للأمر بالاعتقال في حال ثبوتها. للأسف إننا في حالة حفيظة السعدي قدمنا الإثباتات بل وسمينا المجرمين بأسمائهم، وقمنا بجميع الإجراءات القانونية المعمول بها في المملكة المغربية، على اعتبار أن الأشخاص الذي قاموا بهذا الجرم في حق حفيظة ومارسوه عليها، هم عصابة إجرامية، للأسف الشديد إنهم لازالوا طلقاء يتحركون في قلب قرية تيغسالين بكل حرية، وهذا الأمر في حد ذاته يحتاج لأكثر من قراءة وتحوم حوله العديد من التساؤلات؟ ويؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن عملية الاختطاف والاغتصاب كانت مدبرة ومخطط لها بين مجموعة من الجهات، وهنا تجدر الإشارة إلى أننا قمنا بجميع الإجراءات أمام الوكيل العام للملك المكلف بالبحث في موضوع (سيديات تيغسالين) في قضية رقية أبو علي، وأشعرناه بصفة مسؤولة أن ما وقع لحفيظة السعدي ناتج عن التحقيق في قضية (سيديات) ومرتبط به لدرجة كبيرة جدا، إضافة إلى كون حفيظة وضعت نفسها رهن إشارة العدالة، إلا أنه للأسف ليست هناك أية ضمانات لحمايتها مع العلم أن ممثلي هذه العدالة مسؤولون بالدرجة الأولى على توفير هذه الحماية، بل ويتحملون المسؤولية في ما وقع لها من اعتداء مؤخرا، والأدهى من ذلك أنهم لم يؤدوا واجباتهم المهنية تجاه المجموعة الإجرامية الموضوعة أسماؤها في محاضر الضابطة القضائية وسجلاتها ومثبتة كذلك في الشكاية التي تقدمنا بها للجهات المعنية، ومع ذلك لا يحركون ساكنا ولم يقوموا بأي إجراء قانوني في حق هؤلاء المجرمين، مع أن الضحية كانت في غرفة العناية المركزة بالمستشفى المركزي للمدينة وهي الحالة التي تستدعي إصدار أمر اعتقال المجرمين فورا وبشكل مستعجل أيضا، إلا أنه ولحدود الساعة لازالت الأمور على حالها راكدة دون حراك، وهذا مؤسف للغاية.. فما تعرضت له حفيظة السعدي يؤكد بالواضح والمرموز أن مرتكبي هذه الجريمة تنعدم فيهم الأحاسيس الإنسانية، والعلامات كلها تؤكد بأنهم مجرد آلة مسخرة للقيام بهذا الجرم، وأن هناك أيدي أخرى وراء هذه العملية، تحرك خيوطها في خفاء.. وهذا الأمر بدا واضحا بالنسبة لنا، لأن هؤلاء المجرمين بعيدون عن ملف فضيحة ( سيديات) ولا علاقة لهم بموضوع حفيظة، إلا أن المتورطين في هذه الملفات هم الذين يتسللون في خفاء للتحريض على هذا الفعل، وعلى الجهات المعنية العمل على كشفهم وفضحهم بسبب الأفعال الإجرامية التي يخططون لها ومعاقبتهم بما يستحقونه على هذه الأفعال، وأعتقد أن ضغط هؤلاء المختفين هو الذي يؤجل أو يعطل إجراء بحث نزيه في الموضوع، لأن اليقين الذي بات مسلّما به لدى الجميع هو أن الفاعلين الحقيقيين ليسوا هم من ظهروا في الصورة ومارسوا فعل التعذيب والاغتصاب وغيره في حق حفيظة مؤخرا، بل هم المتورطون الأصليون في ملف قضية (سيديات تيغسالين) الذين يحاولون الضغط والتضييق والتأثير على مجريات الملف بهذه الطريقة الوحشية الظالمة، إذ لا يعقل أن تبيت إنسانة ليلة كاملة تذوق ألوانا من التعذيب، وهي مربوطة بطريقة وحشية، وأن تظل مرمية في الخلاء مغمى عليها إلى حدود مساء اليوم الموالي، إضافة على أن المعتدين هددوها صراحة بأنهم سيقطعون رأسها ويعلقونه على شجرة.. ويتملكها الآن خوف شديد عن ابنها وتعيش حالة يرثى لها من هول ما تعرضت له من تعذيب وتهديد ووحشية..؟ وقد فضلت أن تعيش معزولة عن ابنها حتى لا يتعرض هو الآخر للاختطاف حسب تهديدات عناصر العصابة أثناء تعذيبها..
الغريب في هذا أن المسؤولين طلبوا منها أن تظل رهن إشارتهم، ليقفوا معها على توضيح مجموعة من جوانب الظل المرتبطة بقضيتها، في حين إنها تتعرض بسبب ذات الملف للتهديدات والضرب والجرح والاغتصاب، والآثار العميقة للجروح التي تملأ جسدها تؤكد ذلك.

- هل سيتم إدماج قضية الاعتداء الأخيرة التي تعرضت لها حفيظة السعدي لملف قضية ما عرف بقضية (سيديات تيغسالين)؟

+ القضية واحدة، ونحن كدفاع لن نفصل هذه الواقعة عن الملف الأول، بل إننا سنعمل على جمع جميع الوقائع والملفات، سواء المرتبطة بالدعارة أو المخدرات والملفات الأخرى الملفقة والمفبركة، كملف قضية القتل الذي تحاكم بخصوصه رقية أبو علي أو الاعتداء الذي تعرضت له حفيظة السعدي لأن خلفية هذا الملف هي فضح الملفات المرتبطة بالمستوى الأخلاقي، والفساد وتلقي رشاوى وغيرها.. وسنحاول تسليط الضوء على الأسباب الحقيقية التي أنتجت كل هذه الجزئيات للتأثير على مجريات القضية الرئيسية، وهي قضية الفضيحة التي أثارتها اعترافات رقية أبو علي.


عزيز العقاوي رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بخنيفرة

المسؤولية يتحملها وزيري العدل والداخلية فيما يتعرض له المواطنون من اعتداء وضغط وتأثير

القضية المطروحة حاليا على المستوى الأول بمنطقة خنيفرة، هي تداعيات ملف قضية رقية أبو علي، والتي تم التعاطي معها بالنسبة لنا في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بنوع من الحذر في بداية الأمر، خاصة وأن هناك جملة من الجرائد الوطنية تناولت الموضوع من زوايا مختلفة، منها من حاولت تقديم رقية كضحية ومنها من حاولت أن تقدمها على أنها عكس ذلك، الشيء الذي دفعنا إلى التريث في الدخول على الخط.. إلا أننا رغم هذا وذاك أصدرنا بيانا لفرع الجمعية بعد معاينتنا للقرص المدمج (CD) الذي يرصد اعترافات صريحة للقاضي بتلقيه رشاوى، طالبنا من خلاله وزير العدل بصفته المسؤول الأول عن النيابة العامة أن يفتح تحقيقا نزيها في الموضوع، بتقديم جميع المتورطين في الملف للعدالة لتقول كلمتها بخصوصهم دون التميبز بين الأطراف المرتبطة به، وفي مقدمتهم رقية أبو علي وإن كنا نعتبرها ضحية لواقع اجتماعي واقتصادي تتخبط فيه المنطقة، دفعها إلى لعب دور جلاد صغير عن طريق إعدادها لـ (مافيا) صغيرة ظلت تستفيد من الحماية التي توفرها علاقتها المشبوهة بالسلطات، سواء على مستوى الدرك الملكي أو على مستوى أجهزة القضاء، هذا لا يعني أنها بريئة، لكن الذي يمكن تسجيله بهذا الخصوص هو أنها استطاعت أن تقوم بفضح مجموعة من الجوانب طالما ناضلنا من أجلها نحن كفرع للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وقد سبق وأن نظمنا مجموعة من الوقفات الاحتجاجية أمام محكمة خنيفرة بخصوص مجموعة من الملفات لم تجد طريقها إلى الحلول والتسوية ومنها من لا يزال لحد الساعة معلقا، وبخصوص مجموعة من المضايقات تعرض لها المواطنون، سبق أن راسلنا وزير العدل بخصوصها ودعوناه لفتح تحقيق فيما يجري بالنيابة العامة بخنيفرة على عهد وكيل الملك السابق والذي كانت تحوم حوله الشبهات في ارتباطه بأحد الأباطرة المتواجدين بقلب خنينفرة، الشيء الذي انتهى بتنقيل الوكيل وتنحيته من تراب المدينة بصفة نهائية.. لذلك فإن ما يجري الآن من تداعيات حول هذا الملف ليس بجديد على الجمعية، وأن ما قامت به رقية أبو علي يدخل في باب الفضح بالملموس إلا أنه حظي بمواكبة إعلامية أبرزته على مجموعة من المستويات وهذا فعل إيجابي للغاية، خاصة أسبوعية المشعل التي كانت سباقة لفضح هذا الملف. وما يمكن قوله بخصوص قضية أبو علي إنها بمثابة الشجرة التي تخفي الغابة، غابة التهميش والإقصاء الذي تعيشه المنطقة، وما رقية إلا نموذج لمجموعة من النساء بالمنطقة اللائي تتعاطين ما يمكن نعته بـ (العاملات الجنسيات) على اعتبار أن هذا الفعل هو نوع من العمل، فإذا كان الذكور يتعاطون للمخدرات والأقراص المهلوسة والخمور والهجرة السرية فإن بغض النسوة تتعاطين هذا العمل، لذلك فنحن نطالب بأن يفتح تحقيق نزيه في النازلة وأن تتم المتابعة الشفافة وأن تتحمل كل جهة مسؤوليتها، خاصة المسؤوليات القضائية على اختلاف مواقعها من الهرم القضائي بالمغرب، سواء تعلق الأمر بالوكيل العام للملك أو بنوابه أو بقضاة أو غيرهم من السلطة القضائية...
في إطار هذا الملف (رقية أبو علي) طفا إلى السطح مؤخرا ما يمسى بقضية خادمتها (حفيظة السعدي) التي احتلت هي الأخرى مساحات واسعة ضمن صفحات الجرائد الوطنية والتي تؤكد حسب تصريحاتها أنها تعرضت لعملية اختطاف واغتصاب جماعي نقلت على إثره للمستشفى الإقليمي لمدينة خنيفرة، وكجمعية نتتبع مجريات الأمور ونحن بصدد إعداد بيان حول الملف المرتبط بقضية (حفيظة السعدي)، ويمكن القول بخصوص هذه الوقائع إن رقية وحفيظة دخلتا في مواجهة مباشرة مع عناصر المخزن، ومن المؤكد أن هذا الأخير سيدفع في اتجاه تنيهما عن هذه المواجهة بأساليبه المعروفة، ومن الطبيعي في ظل هذه المواجهة أن تتعرض الاثنتين إلى المضايقات والضغوطات، خاصة وأنهما تهددان بفتح ملفات أخرى ترتبط بالفساد وبـ (سيديات أخرى مشابهة لشخصيات أخرى)، لذلك وتفاديا لتفاقم تداعيات ردود الفعل المضادة نطالب من الجميع أن يتحمل مسؤوليته فيما جرى وما يجري بخصوص ملف (رقية أبو علي وخادمتها)، إن على مستوى الدرك الملكي والأمن الإقليمي أو على مستوى القضاء وخاصة وزير العدل بصفته المسؤول عن النيابة العامة أن يولي اهتماما خاصا لهذا الملف نظرا لأهميته، وأن يتحمل مسؤوليته كاملة بهذا الخصوص.
هناك إشارة إيجابية في هذا الباب وتتعلق بتحويل القضية إلى يد الوكيل العام للملك بمدينة فاس، وهو الفعل الذي يمكن اعتباره مدخلا لبداية محمودة من طرف جهاز القضاء في تدبير هذا الملف، نتمنى أن تستمر هذه الرغبة الإيجابية وأن تلازمها نوايا حسنة أخرى لأجل إقرار أحكام نزيهة، كما نتمنى ألا يتم تمطيط مجريات الملف لربح الوقت واللعب على عامل الزمن وألا يستمر فعل الإرهاب الذي يمارس في حق هؤلاء المواطنين المرتبطين فعليا بملف القضية، وأن من حقهم كمغاربة أن يتمتعوا بمحاكمة عادلة، فنحن لا نبرئ ساحة أحد كما لا ندعي العكس، لكن الذي نرمي إليه أو نتطلع إليه كحقوقيين أن يقدم الجميع إلى العدالة على أسس المساواة بينهم كمغاربة.

- مؤخرا تعرضت حفيظة السعدي لاعتداء وحشي في قلب تيغسالين، كيف يمكنكم كجمعية التعليق على الواقع الأمني بالمنطقة، وتحديدا عدم حماية أرواح المواطنين بها؟

+ ما ركزنا عليه كجمعية هو أن هناك صراعا حول قضية مرفوعة أمام القضاء المغربي، ونحن نحمل كامل المسؤولية للسلطات المحلية وللقضاء في توفير الحماية اللازمة لهؤلاء المواطنين، حتى لا يتم الضغط والتضييق عليهم لأجل التأثير على مواقفهم، لذلك فنحن نحمل مسؤولية كل ما تعرضت أو ما يمكن أن تتعرض له سواء رقية أو حفيظة أو عائلة أبو علي، لهذه السلطات، خاصة وأن هناك صراعا مباشرا بينهما، وتحديدا مع شخصيات نافذة في جهاز القضاء المغربي وجهاز الدرك الملكي، وربما قد تبرز أسماء من المؤسسة العسكرية، حسب تصريحات رقية لعلاقتها مع أحد كولونيلات الجيش، ونخص بالمسؤولية وزير العدل ووزير الداخلية والمسؤول الأول عن الدرك الملكي والأمن الوطني بالمنطقة، حتى لا يعيش هؤلاء المواطنون معزولين وعرضة لجميع أشكال الاعتداء والضغط والتأثير.. ونؤكد بصفتنا كجمعية أننا لن نسكت عن هذه الظاهرة الفاسدة وسنتخذ مبادرتنا بخصوصها كفرع للجمعية المغربية لحقوق الإنسان.

عبد المجيد دويري هيئة الدفاع بقضية رقية أبو علي

بصفتي كدفاع اعتبر وقائع هذه القضية ملفقة و"مطبوخة"

 

- كيف يمكنكم التعليق على الوقائع المثبتة على محاضر الضابطة القضائية بخصوص تهمة القتل الموجهة لرقية أبو علي في ملفها الجديد؟

+ التهمة الأخيرة التي توبعت من أجلها رقية أبو علي، تتعلق حسب النيابة العامة بالضرب المفضي إلى الموت بدون نية حدوثه، وبصفتي كدفاع أعتبر أن هذه القضية "مطبوخة" تناسلت خيوطها مباشرة بعد إصدار جريدتكم للملف المتعلق بالقضاء والذي عنونتموه بـ (قضاة فاسدين يحكمون باسم الملك) حيث تحركت النيابة العامة بشكل تلقائي، بدون دافع لا من مشتكي ولا بطلب من أية جهة، وأذنت بالبحث في أرشيفاتها، فخلص البحث إلى وجود شكاية مقدمة بشهر يناير 2004 من مجهول وتتعلق بعائلة أبو علي، وممارستها لنوع من الشطط داخل فضاء قرية تيغاسلين، وسبق أن تمت إحالة ذات الشكاية المجهولة وقتها إلى الضابطة القضائية وهي لا تتوفر على العنصر الجرمي فتقرر بخصوصها الحفظ النهائي بعد الإقرار فيها من طرف وكيل الملك بخنيفرة في منتصف سنة 2006، لكن بعد البحث الأخير للنيابة العامة بأرشيفاتها تمت إحالة نفس الشكاية على المركز القضائي بخنيفرة، حيث عملت هذه الأخيرة على متابعة الأطراف المعنية به (عائلة أبو علي)، فأنكرت هذه الأخيرة كل ما جاء في الشكاية، وبعد مواصلة المسطرة في ذات الشكاية تبين بأن الملف لا يتوفر على العنصر الجنحي الذي يمكن من خلاله توجيه الاتهام للعائلة المذكورة، حسب محتويات الشكاية المجهولة الصادرة سنة 2004، فتم بعد ذلك تدبير سيناريو جديد بدأت خيوطه بإحضار واشيين وهذه الصفة مثبتة في محضر الضابطة القضائية بخنيفرة صفة واش وليس صفة مشتك، بمعنى أن إضفاء صفة واش لها دلالاتها العميقة في طبخ هذا الملف كما أنها تحمل ما تحمله من معنى، مما يؤكد أن هناك أيدي خفية دفعت بالواشيين في أواخر شهر مارس 2007 إلى المثول أمام الضابطة القضائية بخنيفرة التي عللت الحضور بأنه كان بشكل تلقائي، حيث صرح الواشي الأول والمسمى (محمد لفريخ) المعروف بنزاعه المستمر مع عائلة أبو علي والمثبت في العديد من المحاضر المرفوعة أمام القضاء، ساردا للضابطة بأنه أثناء قضائه لمدة سجنية إلتقى داخل السجن بشخص يدعى (حسن مسرور) ودار بينهما حديث يرجع تاريخه لشهر يوليوز 2004، علم بوساطته أن أحد المغاربة المقيمين بالخارج قد جاء لمنزل أبو علي لأجل المتعة الجنسية، إلا أنهم أشبعوه ضربا وقتلوه وأرسلوه مع سائق سيارة أجرة للتخلص من الجثة، وبناء على تصريحاته تم استدعاء الواشي الثاني المدعو (حسن مسرور) والذي صرح بأنه أثناء تواجده بالسجن زارته إحدى صديقاته التي تربطه بها علاقة غير شرعية، فأخبرته بوقائع جريمة القتل التي ارتكبتها عائلة أبو علي، ولما تم استفساره عن صديقته أخبرهم بأن اسمها مجهول وأنها توجهت إلى وجهة مجهولة أيضا، وهذا خيط آخر من السيناريو حتى لا يتم الوصول إلى هذه الصديقة، وبهدف قطع خيط المعلومات عند هذه الحدود، وأثناء فتح الضابطة القضائية للملف تم الاستماع لمجموعة شهود من جيران عائلة أبو علي كلهم أكدوا بأنهم لم يعلموا ولم يسمعوا بهذا الخبر إطلاقا، هناك من يقول بأنهم سمعوا بروايات في الموضوع، بمعنى أن هذه الوقائع كانت سنة 2004، وأثناء حضورنا كدفاع لمعاينة الجثة اكتشفنا بأنها توفيت شهر 04/2005 بما يفارق بين الشكاية المجهولة وتاريخ وفاة الجثة موضوع البحث، (16 شهرا)، مما يعلن بالواضح أن هؤلاء الناس علموا بالوفاة قبل حدوثها بثمانية أشهر.. وهو الأمر الذي يمكن اعتباره على مستوى البناء الذهني مستحيلا، ولا يعقل أن يعلم المشتكي بوقوع الجريمة قبل أن تحدث بشهور؟! من الناحية المنطقية يبقى هذا الفعل من سابع المستحيلات.. أو أنه بافتعاله هذا السيناريو القبلي يكون هو المهندس الحقيقي لجريمة القتل نفسها.


محضر الضابطة القضائية بخصوص الجثة التي تم العثور عليها بـ (البرج) نهر أم الربيع، كتب عليه محضر إيجاد جثة وليس محضر وجود قتيل، ويفيد نفس المحضر أن الجثة لا يظهر عليها لا ضرب ولا عنف ولا غيرها، إنما بها جرح غائر قديم، الشيء الذي أكده الطبيب الشرعي أثناء تشريحه للجثة، مما ألزم وكيل الملك بخنيفرة إصدار أمره بدفن الجثة، لأنه لو كان للأمر علاقة بالقتل لبث فيها الوكيل العام الملك وليس وكيل الملك، حسب الاختصاصات، بمعنى أن نفس الجثة لا ترتبط بالجريمة إطلاقا.. وهذا يؤكد في نظري أن طابخي هذا الفيلم لما عجزوا عن تلفيق التهمة بناء على شكاية المجهول، اختلقوا هذه الجريمة وربطوا وقائعها بشكل غير متناسق، والدليل على ذلك أن رقية أبو علي متابعة بتهمة الضرب المفضي للموت والجثة الموضوعة حسب الطب الشرعي ومحضر الضابطة القضائية لا يظهر عليها أي أثار للعنف، مما يؤكد أن الارتجال وعدم التركيز والضبط للمعطيات الملفقة هو الذي شاب كل المراحل التي قطعها ملف الجريمة الملفقة.. إضافة إلى أن رقية أبو علي أنكرت الأفعال المنسوبة إليها، وهنا تحضرني الإجابة الأولى لرقية أمام الوكيل العام للملك حول موضوع القضية، حيث قالت (هاذ الجريمة وقعات في 2005 أو تالدبا عاد بانت ليكم واش أنا كنت خاوية لبلاد من 2005 إلى 2007 أو المخزن ما كانش؟) ثم أكدت على أن المشكل الأساسي في كل ما يدور بهذه القضية يرتبط بـ (سيديات) بل إنها أمام الوكيل العام طالبت بمحاكمتها على الجرائم الثابتة في مشاهد (الأقراص المدمجة) والمتعلقة بالفساد وجريمة الوساطة في الارتشاء ومحاكمة جميع العناصر المتورطة معها في نفس المشاهد، كما أن رقية اعتبرت هذه الوقائع الأخيرة إنما يراد بها الطمس والتغطية على الوقائع الحقيقية الموشومة بصدر (سيديات)، وللحقيقة أشهد بأنها كانت ولا تزال تواجه بقوة في جميع المراحل التي قطعها ملف القضية، وظلت على امتداد هذه المساحة متشبثة بأن كل ما يجري من وقائع جديدة له ارتباط بمربط الفرس وهو القضية الأم قضية (سيديات) وأن الحركات التي تقوم بها النيابة العامة والذين يدورون في فلكها ستبقى يائسة، كونها لن تستطيع تغيير الملامح الأصلية للقضية الأم.

المخفي والمعلن في قضية تيغسالين

ظلت قضية المنحدرتين من قرية تيغسالين، رقية وحفيظة، حاضرة رغم الأحداث الدامية التي شهدتها العاصمة الاقتصادية.
وتساءل الكثيرون كيف لامرأتين أن تفتنا ثلة من المسؤولين ودفعهم لاستغلال موقعهم ونفوذهم وسلطتهم لاحتكار جسمهما ونعمة جمالهما؟ وكيف لامرأتين أميتين فكرتا في تسجيل أشرطة إما قصد الضغط أو تحسبا لتطورات لا حقة؟ وكيف شكل سريرهما ركحا لكشف كواليس جملة من فضائح رجال القضاء والدرك الذين عملوا ما بين مدينة خنيفرة ومكناس؟
واعتبارا لنهج التعاطي الرسمي مع النازلة وبروز جملة من المؤشرات التي قد تفيد باستغلال النفوذ والموقع ومحاولة التستر على التجاوزات المقترفة يبرز تساؤل آخر: هل من المقبول في بلد هو في بداية مشواره للإقرار بدولة الحق والقانون أن يكون هناك تواطؤ شبه عام من أجل التستر أو التقليل من فداحة استغلال النفوذ والمنصب لقضاء مآرب شخصية؟
ويبدو أن ما لم يتقبله القائمون على أمور وزارة العدل، بروح رياضية، أن رقية أظهرت رجال القضاء عراة كالحقيقة، فهل لهذا كان البحث عن وسيلة لوضع رقية، وربما حفيظة كذلك بالسجن، حتى لا يستمرتا في المزيد من كشف المستور؟
وقصة حفيظة لا تختلف كثيرا عن قصة رقية، كلاهما على علاقة حميمة برجل القضاء، الفارق بين الحالتين أن القاضي (إ- ل) حرص على أن تجهض خليلته لوضع حد لحملها مرتين، في حين لم يعر عشيق حفيظة أي اهتمام لهذا الأمر، علما أنها تدعي إنجاب طفل منه، ويمكن بسهولة إثبات الأبوة من عدمها باللجوء إلى استخدام الوسائل العلمية الحديثة، وما على وزارة العدل إلا الأمر بإجراء خبرة في الموضوع للوقوف على عين اليقين بهذا الخصوص.

هكذا كانت البداية.. فماذا بعد؟

    إن الوضع السائد بتيغسالين يدفع ساكنتها دفعا إلى القيام بجملة من الممارسات المشينة بفعل استشراء الفقر وفقدان آليات تنشيط الحياة الاجتماعية والثقافية وحدة اشتغال آليات تكريس صيرورة التفقير والتهميش، الشيء الذي يدفع الكثير من نسائها إلى امتهان أقدم مهنة طفيلية منبوذة عرفها التاريخ. وهذا ما بينه بجلاء مسلسل قضية رقية أبو علي ورفيقتها حفيظة السعدي إحدى بنات بجعد، الذي في طور أن يصبح إشكالا وطنيا اخترقت تداعياته الحدود. فالمرأتان غير الغبيتين، كانتا تزنيان مع ثلة من رجال القضاء والدرك، حيث انكشف بجلاء أمر دركي وقاضي ونائب وكيل الملك إلى حد الآن، ولا محالة أن البقية آتية.
لقد انكشف أمر بعض هؤلاء، بالصوت والصورة في انتظار انكشاف الباقي إن تم الإفراج عن الشرائط الأخرى التي تقول رقية إنها بحوزتها، في انتظار معاينة ماذا سيقع.
تحسبا للمستقبل فكرت رقية في تسجيل القاضي إدريس لفطح وتصويره.. وفي أجواء النشوة يطلق رجل القانون والقضاء العنان للسانه وكذلك مختلف أعضائه الأخرى في غمرة العبث بجسم خليلته، وفي كل مرة كان يعترف بما اقترفه دون أن يدري أن هناك كاميرا خفية تلتقط كل شيء في سرية، ولم يسبق أن شعر أو شك في أي شيء بهذا الخصوص لأن رقية حبكت لعبتها جيدا، فكان القاضي يبوح بكل شيء، يذكر القضايا والأسماء والمبالغ المالية المسلمة وكيفية توزيعها بين المتورطين ونصيب كل واحد منهم...
وصلت أجزاء من هذه الفضائح إلى أسبوعية "المشعل" في غضون شهر نونبر 2006، وكانت أول من فَجَّر فضيحة امرأة تيغسالين، وتلتها منابر أخرى لمتابعة مسلسل النازلة، انتظر المغاربة كشف المتورطين والضرب على أيديهم بتفعيل القانون بعد القيام بما يلزم من بحث وتقصي وتحقيق، لكن يبدو أن القائمين على أمور وزارة العدل اختاروا اعتماد خطة الهجوم على رقية وحفيظة والاجتهاد في تجريمهما والتشهير بهما دون التساؤل بخصوص صحة ما كشفتاه من وقائع التسلط والاستبداد والاستغلال والشطط والفساد تحت مظلة الوظيفة، علما أن كل المتورطين أو المشتبه في تورطهم من الذين يؤدون القسم قبل الاضطلاع بمهامهم.
كانت بداية مسلسل "رقية وحفيظة" عندما عشق الدركي المدعو سداسي رقية ورغب في العبث بجسدها، وهو الذي كان يتحكم في رقاب أهل تيغسالين بصفته أعلى سلطة تمثل المخزن هناك، في ظل غياب رجل السلطة (القائد)، قبل نقله سنة 2002 بعد انفضاح أمر مغامرته، بالحجة والدليل بفعل ذكاء عشيقته. إذ بعد خروج رقية من السجن على إثر تهمة لفقها لها الدركي سداسي، استدرجته رقية وسجلت اعترافاته بخصوص كل ما بيت لها على شريط مغناطيسي دون أن يدري بذلك، وعندما علم بالأمر حاول استرجاع الشريط الذي يدينه عبر الضغط على رقية بجميع الوسائل، بما في ذلك اتهامها مرة أخرى رفقة أشقائها بممارسة الدعارة والتجارة في المخدرات والممنوعات، وهي القضية التي كان ينظر فيها القاضي إدريس لفطح، حيث قبل تمتيعها بالسراح المؤقت، ومن هنا كان لقاؤه بها وبداية مغامرته معها التي دامت ما يناهز أربع سنوات.


والحالة هذه، يقال الآن إنه تم توقيف القاضي وهنا انتهت القصة بالنسبة إليه لتبدأ قصة التشهير برقية التي بدت في البداية كأنها الضحية والمظلومة قد التي سرعان ما أصبحت المعتدية والظالمة، بل ربما المجرمة القاتلة بدون عمد في عيون وزارة العدل المنتظر منها ترسيخ مبدأ مساواة المغاربة أمام القانون وأمام القضاء..
فهل ما حدث بخصوص هذه النازلة يعني أن مقولة "إن كنت في المغرب فلا تستغرب" مازالت قائمة وستظل كذلك ما دام أنه في نهاية المطاف قد تم اعتقال رقية على خلفية إصدار الأمر لتحريك ملف غامض أقبره الغبار منذ 2004 أم أنه تبين أن القاضي العشيق والمتواطئين معه هم الذين تستروا على رقية في هذه النازلة آنذاك؟ ويتأكد هذا التساؤل بفعل اكتفاء وزارة العدل، ظاهريا، بنصح القضاة باتخاذ كل الاحتياطات الضرورية في حياتهم الخاصة حتى لا يتكرر ما حدث لزملائهم مع رقية، المرأة ذات الشخصية "المشينة"، كما يصفها الوزير والوزارة وصحافة حزب الوزير.
وتجدر الإشارة إلى أن أحد محاميي عائلة أبو علي صرح أنه يتوفر على شهادات موثقة من طرف بعض سكان تيغسالين الذين يؤكدون فيها أن رئيس الدرك الملكي ضغط عليهم لتقديم شكايات ضد الإخوان أبو علي.

 

قضية رقية وحفيظة قضية مركبة

إن قضية امرأتي تيغسالين قضية مركبة لأنها ذات علاقة بجملة من "الكبائر المجتمعية"، استغلال النفوذ والموقع والوظيفة، والشطط في استعمال السلطة والفساد والغدر والظلم والجور مع سبق الإصرار والترصد، والاستغلال الجنسي وهدر جملة من حقوق الإنسان، وعلى رأسها الحق في الحياة وتعريض الغير للخطر بالتستر على مجرمين والتواطؤ معهم.


حسب رواية رقية أبو علي وحفيظة السعدي، واستنادا على بعض مشاهد القرص المدمج المتعلق بالقاضي الموقوف إدريس لفطح، يبدو أن ثلة من رجال القضاء بمكناس تجردوا من إنسانيتهم ولم يترددوا في النيل من عائلة بكاملها حتى لا ينفضح أمرهم، فتكتل القضاة ونائب الوكيل وبعض رجال الدرك الملكي في حلف واحد لإحكام الطوق على رقية أبو علي وعائلتها وحفيظة السعدي، وبذلك تناسلت الأخطاء وتعاظم اقتراف التجاوزات كادت أن تدوس على أهم حقوق الإنسان وهو حق الحياة، في حين سارت الأطروحة الرسمية وبعض الجهات الأخرى في اتجاه اعتبار هؤلاء المسؤولين ضحية ابتزاز عائلة أبو علي التي عزمت على الانتقام بعد أن قرر القاضي الموقوف قطع العلاقات معها وتوقيف كل ما كان يقوم به من ممارسات على هامش القانون مسيئا للمهنة والشرف.
لكن، ما هو مؤكد، أن هؤلاء المسؤولين عملوا كل ما بوسعهم لمنع رقية وحفيظة من كشف وفضح المستور، وكانت البداية إغراء الأولى بالمال، كما فكروا في تسهيل رحيلها إلى الخارج لضمان بعدها وصمتها، وفي الأخير لجأوا إلى التهديدات وانتهى بهم الأمر إلى تلفيق التهم وسلب حريتها واعتقال ذويها، ولم يكن ذلك ممكنا دون تواطؤ أكثر من قاضي والنيابة والدرك، وهنا تكمن خطورة النازلة رغم ارتباطها بامرأة مشبوه في سمعتها ووصفت بمختلف النعوت السيئة.


فمن جهة كيف يتواطؤ رجال القضاء ورجال الدرك من أجل الدوس على حقوق مواطنة، مهما كان تاريخها ومهما كانت سمعتها وسوابقها التي لا يمكن أن تبرر هذا الانتهاك بأي شكل من الأشكال، ومن جهة أخرى كشف انفضاح الأمور أن القضية أضحت مركبة الآن، إذ تجاوزت ما اقترفه رجال القضاء والدرك المتورطين من أخطاء جسيمة، وأضحى من الضروري إعادة النظر في كل الملفات التي بت فيها هؤلاء لإعادة الحقوق المهدورة إلى أصحابها وإلى معاقبة من ارتكب جرما تم التستر عليه، بمن فيهم رقية ومختلف أفراد عائلتها وحفيظة وعائلة لفريخ وغيرهم إن ثبت ما يجرمهم في محاكمة نزيهة وعادلة، فهل وزارة العدل ستسير على هذا الدرب، أم أنها ستقتصر الطريق وتُصرّ على المسلك الذي سارت عليه، محاولة الحدَّ من مدى الفضيحة والتركيز على رقية ومن معها؟

 

أشرطة وأقراص مدمجة أقامت المغرب ولم تقعده بعد

لقد أضحى من شبه المؤكد أن رقية أبو علي في حوزتها أكثر من شريط فيديو يختزل، بالصوت وبالصورة، فتوحات خمسة أو ست مسؤولين في مجال الفساد واستغلال النفوذ والشطط في استعمال السلطة والرشوة واستعمال الموقع لظلم الغير وهضم الحقوق، منهم قضاة ونائب وكيل الملك ودركي.


ففي حوزة رقية أبو علي أكثر من شريط حولته إلى قرص مدمج ونسخته ووضعت كل نسخة في مكان مختلف تحسبا للتطورات، ولم تكشف إلا على واحد منها يخص القاضي الموقوف حاليا، إدريس لفطح، ويتضمن مشاهد لم تلتقط في يوم واحد ودفعة واحدة، وإنما على امتداد فترة من الزمن، إذ ظلت كاميرا مخفية تتربص بالقاضي دون علمه إلى أن وصلت رقية أبو علي ومعها حفيظة السعدي مبتغاهما، اعتراف المعنيين بالأمر بتجاوزاتهما وما اقترفوه، بعظمة لسانهم وفي أوضاعَ تُورطهم بوضوح.
للإشارة ما وقع بيد بعض الصحف هو جزء من لقطات الشريط مسجلة على أقراص توصلت بها من عائلة أبو علي أو عبر الانترنيت من خلال أحد أبنائها.


تصور اللقطات الأولى القاضي عاريا كما خلقته أمه، وتليها لقطات أخرى تصوره وهو يعيد ارتداء ملابسه قطعة قطعة خائضا في حديث مع عشيقته التي تظهر بوضوح في الصورة، وهما يتحدثان، وكلما لاحظت رقية صمت الخليل بادرت إلى إلقاء سؤال باستعمال عبارات حميمية محفزة من قبيل "حبي" و"حبيبي"..
ثم تظهر لقطات تحت الدوش، رقية والقاضي معا عاريان، وكذلك على السرير في غرفة النوم في حمّى الجماع، وتتخلل المشاهد اعترافات دقيقة ومحددة للقاضي إدريس لفطح.


كما يتضمن القرص المدمج من خلال لقطات أخرى ضيوف القاضي في جلسات حميمية، وهم كذلك من رجال القضاء.
وتلي ذلك لقطات يعترف فيها القاضي بعظمة لسانه ما بيّته لخليلته رقية ليفرض عليها معاشرته بدون قيد ولا شرط وبطواعية، كما تكلم في حديث آخر عن مبالغ مالية مهمة تسلمها من متقاضين كرشوة لإفلاتهم من العقاب، موضحا طريقة توزيعها مع بعض زملائه المتواطئين معه في الفساد والظلم. وهناك لقطة ذكر فيها مبلغ 15 ألف درهم، سلّم منها 2500 درهم لكل واحد من زملائه و2500 درهم أخرى سلمها لعشيقته رقية لإجراء عملية إجهاض بعد حملها الأول منه.
هذا مما تضمنه قرص مدمج واحد، علما أن رقية أبو علي سبق لها وأن صرحت لنا أن بحوزتها 4 أشرطة فيديو قامت بتسجيلها، وهو نفس الشريط الذي سلمته للضابط الذي كان حاضرا خلال استنطاقها عندما تم استدعاؤها من طرف المصالح الأمنية قبل اعتقالها، وهو الشريط ذات الذي وصل إلى علم الوزير حد الآن.


ومن المعلوم أنه بعد انفضاح أمر امتلاك رقية أبو علي للشريط الذي حولته إلى قرص مدمج يورط رجال القضاء والدرك سعت أكثر من جهة لوضع يدها عليه لاستغلاله من أجل الضغط على القضاة بخصوص قضايا جارية سلمت لهم للنظر والبث فيها.
وفي هذا المضمار هناك حكاية تروج بين الكثير من سكان تيغسالين مفادها أن ثلة من المجرمين أو المشبوه فيهم، حاولوا وضع اليد على الشريط منذ علموا بحيازة رقية له للتأثير على القضاء في قضايا وملفات تخصهم، ولبلوغ مرماهم خططوا لعملية اختطاف أحد أشقاء رقية، محمد، وهذا ما كان إذ بعد اختطافه طلبوا من أخته الشريط وفدية مالية مقابل الإفراج عنه مهددين بتصفيته، إلا أن خطتهم سقطت في الماء بفضل تدخل رجال الدرك في الوقت المناسب، وتقول هذه الرواية إنه تم العثور على المختطف بإحدى الفيلات بمكان يدعى "أروكو" بضواحي تيغسالين، وحسب رواية أخرى تمكن محمد من الفرار عندما شعر مختطفوه بمطاردة الدرك الملكي لهم، وبالرغم من ذلك لم تتم متابعة المختطفين، بل ما حصل هو اعتقال الأخوين محمد ومصطفى أبو علي لمتابعتهما في قضية السطو على شيكات ومحاولة الابتزاز.

جريمة القتل وجثة سد أحنصال

ما استغرب له الشارع تحريك خيوط نازلة قديمة لم يبدأ فيها التحقيق إلا مع بداية أبريل الأخير، وظلت تساؤلات كثيرة قائمة من بينها، لماذا لم يتم تحريك هذه القضية في وقتها؟ ولماذا لم يتم ذلك إلا بعد انكشاف أمر التسجيلات الصوتية والمرئية الشاهدة على تورط ثلة من رجال القضاء؟ ومن باب أضعف الإيمان، لماذا لم يتم اعتقال المتورطين كما تم اعتقال رقية، أو متابعة الجميع في حالة سراح حتى تتوضح خبايا الأمور ويتبين من وجب سلب حريته، كي لا تحوم الشبهات حول التعاطي مع النازلة، وحتى لا يعتقد عموم الناس أن الظالم ظل حرا طليقا والمظلوم زج به في السجن دوسا على مبدأ المساواة أمام القانون وأمام القضاء أو تكريسا للرأي القائل إن المغاربة صنفان، صنف يطبق عليه القانون، وصنف ليس فقط فوق القانون، وإنما يلوي عنقه حتى يظل فوقه بقوة هذا القانون نفسه؟ أم أن اعتقال رقية ومن معها على خلفية جريمة قتل مرتبط بظهور تستر القضاة المتورطين على الضنينة ومن معها؟
وتعود جريمة القتل التي انتشر خبرها بالقباب إلى سنة 2004، فهل تم الكشف عن عنصر جديد استوجب اعتقال رقية وإخوانها سنة 2007، ثلاث سنوات، عن وقوعها، أم أنه تم الوقوف على ما يثبت أن عشيقها القاضي إدريس لفطح تستر على عائلتها بهذا الخصوص؟
ويظل السؤال المحير هو لماذا تزامن اعتقال رقية ومن معها مع اهتمام الصحافة المستقلة بقضيتها؟ هل هي مجرد صدفة أم أن الأمر مرتبط بإسكات رقية التي سبق وأن صرحت لنا أن بحوزتها 4 أشرطة فيديو ولم تكشف إلى حد الآن إلا على واحد منها، وأنها أخذت الاحتياطات اللازمة بوضع نسخة من هذه الأشرطة في أماكن آمنة مختلفة تحسبا لما قد يحدث؟
وتعود أحداث جريمة القتل المتهمة بها رقية ومن معها إلى سنة 2004، بعد اكتشاف جثة رجل بسد أحنصال بضواحي زاوية الشيخ، وقد قيل إن النيابة العامة توصلت برسالة مجهولة تتهم عائلة أبو علي أو تشير إلى علاقتها بالنازلة.
لكن الكثيرين يرون في اعتقال أفراد من عائلة أبو علي مجرد محاولة يائسة، لاحتواء الملف وطمس القضية الحقيقية أو التقليل من حدة الاهتمام بها من طرف الشارع المغربي وإبعاد الأنظار عنها بقضية أكبر منها، عملا بالمثل القائل: "انصر أخاك ظالما أو مظلوما".
علما أنه سبق لمحمد أبو علي، شقيق رقية، أن صرح لنا عبر الهاتف من قاع سجن سيدي سعيد بمكناس أن أحد الأشخاص الذين شاركوا في اختطافه قصد وضع اليد على شريط الفيديو هو الذي بعث الرسالة المجهولة إلى النيابة بخصوص جريمة سد أحنصال، في حين أكد لنا مصدر مطلع أن كل من المدعو مسرور وأحد إخوان لفريخ أدلوا بشهادة تسير في هذا الاتجاه، لكنها تهم حادثة أقدم بكثير وتعود لمنتصف التسعينيات وتهم كذلك جريمة قتل.

 

التعاطي مع نازلة رقية أبو علي وحفيظة السعدي

إن التعاطي مع هذه القضية أفرز اتجاهين متباينين ومتعارضين، ففي الوقت الذي اختارت فيه الصحافة المستقلة سلك درب كشف الحقيقة، كل الحقيقة، سواء همت هذا الطرف أو ذاك، سارت الصحافة الموالية للسلطة ولحزب وزير العدل مسارا آخر، إذ ركزت كل اهتمامها على التشهير برقية وحفيظة، متناسية أن حقوق الإنسان هي حقوق ثابتة لأي إنسان مهما كان وكيفما كان ولا تنتزع منه مهما فعل، وبذلك يكون هذا الإعلام الموالي خسر المباراة قبل بدايتها، إذ استشف الكثيرون أن الغرض المتوخى هو تحميل كل التهم الشائنة والمساوئ على ظهر رقية وحفيظة المومستين، كما دأبت تلك الصحافة على نعتهما باستمرار، كأن المومس، بالمغرب، ليست بشرا ولا حقوق إنسانية لها.


باستثناء توقيف القاضي إدريس لفطح وعرض قضيته على المجلس الأعلى للقضاء لم يتم اتخاذ أي إجراء آخر بخصوص الآخرين، موازاة مع اعتقال رقية وأشقائها وإخضاعهم للتحقيق والمساءلة بعد أن سلمت نسخة من شريط الفيديو إلى عميد شرطة كان حاضرا في حصة الاستنطاق، ولم يعد يظهر له أثر بعد تسلمه ذلك الشريط الذي خلق ضجة تجاوز صداها الحدود.
حاولت الجهات الرسمية تقديم سيناريو مفاده أن القاضي المتورط كان على علاقة علنية وواضحة بعائلة رقية أبو علي وعلى علاقة بمشغل حفيظة السعدي، وذلك باعتباره كان راغبا في الاقتران الشرعي بالأولى، إلا أن القاضي اكتشف أن المرأة التي اختارها لاستكمال نصفه الآخر - في المرة الثانية باعتباره أب أطفال ومرتبط بزوجة أولى - ذات سوابق، هي وبعض أفراد عائلتها، لاسيما في مجال الدعارة والاتجار بالممنوعات (علما أن ظروف اللقاء الأولى بينهما كانت عبر تورطها في نازلة، وهذا ما غاب عن ذهن أصحاب هذا الطرح)، لذلك، تقول الأطروحة الرسمية، عمل القاضي على فك الارتباط بها على حين غرة ودون سابق إنذار.


وظلت الصحافة الموالية للأطروحة الرسمية على سكة واحدة، حسن نية القاضي وسقوطه بمعية بعض زملائه في شباك رقية أبو علي وحفيظة السعدي حتى صاروا ضحية لمخططاتهما الابتزازية المتتالية.
وفي هذا الإطار قال قائل، إن التجاوزات والأخطاء الجسيمة ثابتة على القضاة المتورطين، بالصورة والصوت ووجود وثائق، أهمها الملفات التي سبق البث فيها من طرفهم، لذلك بحث القائمون على الأمور عن مخرج للتقليل من هول الفضيحة، وتم اختيار مخرج التشهير بكل من رقية وحفيظة وتقديمهما كمومستين مشبوهتين.


رقية أبو علي امرأة ساقطة، أقامت علاقات غير شرعية بمن هب ودب، وبعض رجال القضاء كانوا، من حين لآخر، من زبنائها، ولم يغصبها أحد على ذلك لأن العهارة مجالها ونطاقها الذي تألقت فيه بامتياز.
أما الجمعيات الحقوقية والنسائية في عمومها فقد اعتبرت كل من رقية وحفيظة مواطنتين تعرضتا للاستغلال الجنسي بفعل شكل من أشكال استغلال النفوذ والشطط في السلطة، وطالبت عدة جمعيات حقوقية ونسائية بفتح تحقيق نزيه وشامل، قصد الوقوف على الحقيقة كاملة غير منقوصة، عملا بمبدأ سواسية المغاربة أمام القانون وأمام القضاء بدون تمييز، كما طالبت بعض الجمعيات النسائية وزير العدل بإصدار أوامره لحماية رقية أبو علي وحفيظة السعدي من التجاوزات ومن الانتقام وبعث لجنة للقيام بتحقيق شفاف ونزيه في النازلة برمتها واستقصاء الحقيقة.

عائلة لفريخ

للمزيد انقر على الرابط

http://aboualiberte.unblog.fr

 

  رقية أبوعلي

 

دخلت عائلة لفريخ على خط فضيحة تيغسالين سنة 2004، وهي من العائلات الميسورة، سبق لها أن دخلت في نزاع مصلحي بخصوص مقلع حجري بالمنطقة، قيل إن شخصية محسوبة على القضاء أرادت الاستحواذ عليه، وعندما علم أهل لفريخ بوجود شريط يورط بعض القضاة أراد بعض أفرادها وضع اليد عليه بأية وسيلة، الشيء الذي دفعهم إلى تهديد عائلة أبو علي والتعدي عليها أكثر من مرة، بل وصل بهم الأمر إلى اختطاف أحد أشقاء رقية للمطالبة بالشريط، هذه رواية أولى.
وهناك رواية أخرى تقول إن عائلة لفريخ، اعتبارا لقربها من أحد المتورطين الوازنين في نازلة رقية، تواطأت معه للضغط عليها وعلى عائلتها لتسليمهم الشريط في محاولة تجريدها من أي دليل.


لكن ما هو مؤكد أن محضر الدرك الملكي رقم 340 المحرر بتاريخ 28 يوليوز 2004 ينص على اعتقال الأخوين لفريخ محمد وعبد الله بتهمة تكوين عصابة إجرامية والاختطاف والاحتجاز والتعذيب حيث كان محمد أبو علي ضحيتهما، جاء فيه على لسان لفريخ عبد الله ما يلي: "... صرحت لي أختي أن لوالدي نزاعا عن عقار مع وكيل للملك يرغب في تقديمه للعدالة قصد اعتقاله بدون أي سند قانوني، آنذاك علم أخي محمد بوجود شريط فيديو يورط وكيل الملك، لذلك رغب في شرائه لتوريط وتهديد الوكيل حتى يتراجع عن اعتقال والدي، وقد قام أخي محمد رفقة أخي توفيق ولحق رفقة بعض الأشخاص ببلدة تيغاسلين وقاموا باختطاف شخص ادعى أنه هو الذي يتوفر على ذلك الشريط وحجزوه وطلبوا فدية مقابل إطلاق سراحه، وقد تم اكتشاف هذه الجريمة من طرف الدرك، وقد تم اتهامي أنا بدوري وعلي عدم القدوم إلى مدينة خنيفرة إلى حين معالجة القضية".


لكن خلال المحاكمة ظهر شهود أقروا بأن الإخوان لفريخ لم يكونوا متواجدين وقت الاختطاف بالمدينة، وهذا ما ضمن لهم السراح المؤقت.
وبعد ذلك تطورت الأحداث وانقلبت الأمور فأضحى ضحية الاختطاف - حسب محضر الدرك - شقيق رقية، هو المتهم الذي أودع بالسجن بمكناس، وهذه القضية أثارت الكثير من التساؤلات.

 

كرونولوجيا فضيحة تيغسالين

هذه كرونولوجيا تبين أهم الأحداث المكونة لقضية رقية أبو علي التي كشفت فساد ثلة من القضاة ورجال الدرك.
1972: ميلاد رقية أبو علي.
1986: زواجها بسائق "ستيام" وسنها لا يتعدى 14 سنة، ومغادرتها تيغسالين.
1999: طلاقها بعد إنجاب طفلين وعودتها إلى بيت الأسرة بتيغسالين.
2000: غُرِم الدركي سداسي برقية التي رفضت الانصياع لرغباته.
- توجيه تهمة الاتجار لها في المخدرات بمعية شقيقها.
- قضاء 6 أشهر بسجن مكناس.
- بعد خروجها من السجن استدرجت رقية الدركي سداسي ونزعت منه الاعتراف بتلفيق التهمة لها، وذلك في جلسة حميمية وسجلتها في شريط مغناطيسي.
- بعد علمه بالشريط ضغط عليها للحصول عليه، وعندما يئس لفق لها تهمة الاتجار في المخدرات وامتهان الدعارة، وأدينت بسنة سجنا رغم إدلائها بالشريط.
- نقل الدركي سداسي إلى منطقة أخرى.
- بداية العلاقة بين رقية والقاضي إدريس لفطح بعد تمتيعها بالسراح المؤقت.
- اكترى لها القاضي شقة بحي السلام بمدخل مدينة مكناس.
2000 - 2003: دأب القاضي على زيارة رقية ومعاشرتها بانتظام 4 أيام متتالية في الأسبوع.
2001: تقدم القاضي لخطبة رقية حسب بيان وزارة العدل.
2003: بدأت رقية تستغل ارتباطها بالقاضي إدريس لفطح للقيام بدور الوساطة في قضايا رائجة أمام المحكمة، وذلك مقابل مبالغ مالية هامة.
- اكتشاف رقية بأن القاضي كذب بخصوص الزواج منها، إذ سبق أن وهمها بذلك، لذا فكرت في تسجيله تحسبا للمستقبل.
2004: العثور على جثة قتيل بسد أحنصال.
- قيل إن القاضي فك ارتباطه برقية عندما شعر أنها أضحت تشكل خطرا أكيدا عليه بفعل لعب دور الوساطة وعلمها بجملة من الأمور تخصه وبعض زملائه القضاة.
- إعلان رقية لخطوبتها بأحد كبار ضباط الجيش من درجة "كولونيل".
- انتقال القاضي من مكناس إلى خنيفرة.
- توصل النيابة والدرك الملكي بشكاية مجهولة بخصوص جريمة قتل
- 3 يوليوز: قيل إن الأخوان لفريخ اختطفا محمد شقيق رقية.
- اعتقال شقيقي رقية محمد ومصطفى.
- غشت: أول وثيقة رسمية نصت على وجود الشريط الذي بحوزة رقية هو محضر الدرك الملكي المتعلق باختطاف محمد شقيق رقية.
2005: في سهرة حمراء سمع بعض الحاضرين رقية، وهي في حالة سكر بيّن، تقول: "... سأنتقم.. والله سأنتقم".
2006: مايو التعدي على حفيظة، تدخل شقيق رقية للدفاع عنها، اعتقاله، في اليوم الموالي قدم تجار من تيغسالين شكايات ضده، بعدها سيتم اعتقال شقيقه محمد.
- يقول محمد أبوعلي في حصة تحقيق، عرض عليه قاضي التحقيق الحرية مقابل الشريط، وذلك بعد أن طلب من الكاتبة ومحامي الدفاع الخروج من المكتب وتركه وحده مع الضنينن.
- وصول أجزاء من الشريط إلى الصحافة.
- نوفمبر أسبوعية "المشعل" تنشر ملفا خاصا عن قضية رقية وفساد القضاء وتلتها جرائد أخرى تابعت تطوراتها.
2007: 23 مارس: صدور بلاغ وزير العدل جاء فيه أن القضية شخصية وتعود أحداثها إلى 2001.
- توقيف القاضي إدريس لفطح، بعد صدور بلاغ من طرف بوزوبع وزير العدل.
- 26 مارس: استدعاء رقية من طرف مصالح الأمن، واعتقالها بتهمة امتهان الدعارة والاتجار في المخدرات والقتل غير العمد.
- 27 مارس: اعتقال رقية وإخوتها بتهمة المشاركة في جريمة قتل.
- 29 مارس: داهمت الشرطة منزل رقية للبحث عن الأشرطة واعتقال شقيقتها.
- 10 أبريل: اجتماع مجلس الجماعة القروية لتيغسالين للمصادقة على مقترح تقديم دعوى ضد إحدى الجرائد على خلفية وصف قريتهم بعاصمة الجنس واعتباره قذفا وسبا في حق الساكنة.


ماذا قالوا...؟


اختلفت ردود فعل المغاربة وتباينت، منهم من عبر عن مواقف قد توصف بالمتطرفة، ومنها الموصومة باللا مبالاة، ما دام أن جلّهم يعتبرون أن لا شيء قد تغير بخصوص استشراء الفساد وتنقية دواليب الدولة من المفسدين وآليات إنتاجه وتكريسه.
فهذا شاب يوقع تعليقه على تداعيات فضيحة تيغسالين بشبكة الانترنيت بـ "أصبحت أتأسف لكوني ولدت مغربيا"، ويقول فيه.. "منظمتنا القضائية فاسدة حتى النخاع.. وأنا شخصيا اكتويت بنار فساد هذه المنظومة، كما لازال يكتوي بها الكثير من المغاربة.. وفي هذا الصدد أقول إذا كان الشعب المغربي يحمل فعلا صفة "شعب" لتمت المطالبة باستقالة القائم على أمور وزارة العدل وبفتح تحقيق عمومي في النازلة وإحداث لجنة لتقصي الحقائق.. وما دام شيء من هذا لم يحدث قررت مغادرة أجمل بلد في العالم...".
كما عثرنا بشبكة الانترنيت على تعليق، يبدو أنه صادر عن زوجة القاضي المتورط، مما جاء فيه.. "لقد احتالت رقية أبو علي على زوجي، الذي تورط في هذه النازلة وانجرف في التيار بفعل رفاق السوء..."، فمن رفاق السوء الذين تتحدث عنهم كاتبة هذا التعليق التي تتحدث كأنها الزوجة؟ فهل هؤلاء زملاؤه من رجال القضاء والدرك؟ ومن احتال على الآخر، القضاة والدرك ونائب وكيل الملك أم رقية؟ وهل يعقل أن تحتال رقية، المرأة الأمية مشينة السمعة، كما تقول الزوجة ووزير العدل، على جهاز قضائي وأمني بمنطقة صغيرة ونائية بالمغرب؟ والحالة هذه من لفقت وتلفق له التهمة تلو التهمة منذ 2001 إلى 2007؟


وتقول إحدى السيدات من عائلة لفريج: "إن التهمة التي لفقت في البداية للإخوان لفريخ كان سببها المدعو نبيل حولي المبعوث من طرف عائلة أبو علي إلى الدرك الملكي لاتهامهم، ولما تبين الأمر للقضاء حكمت عليهم المحكمة بالبراءة، أما فيما يخص نازلة رقية مع القاضي، فسببها الحقيقي هو أن هذا الأخير لم يعد يساير رقية في طلباتها بخصوص التستر على أشقاقها وإخراجهم من الملفات كالشعرة من العجين، وعندما فك ارتباطه بها أرادت الانتقام منه، لذلك استعملت الشريط الذي كان بحوزتها، وجميع سكان تيغسالين يعرفون أن رقية كانت تفتخر كثيرا بالقاضي، إلى أن أضحت تفعل ما تريد، وبهذه الطريقة كانت تحصل على أموال مكنت إخوانها من فتح محلات للتجارة".


ويقول أحد شباب تيغسالين: "أعرف رقية، ذات السمعة المشبوهة، إنها قامت بتصوير بعض الشخصيات الفاسدة وابتزتهم لعدة سنوات، وصار كل من يريد فك دعوى قضائية لفائدته يتجه إليها، فاغتنت بما صار لها من النفوذ ما جعلها تصول وتجول بتيغسالين حتى أصبح جميع الساكنة يعلمون بقصتها مع القاضي، وقد صح المثل القائل: "لي دار راسو في النخالة كينقبو الدجاج، لأنه فين حطتي راسك تلقاه".
وقال آخر: ".. الحقيقة شاخصة أمام أعيننا.. امرأة شجاعة لم تقبل 400 مليون سنتيما لكي تصمت.. وهذا كاف وزيادة كي يقف الجميع بجانبها مهما كانت أحكام القيمة في كل ما يرتبط بشخصها وبحياتها الخاصة...".
هذه نماذج تبين كيف اخترقت قضية رقية أبو علي وخادمتها حفيظة السعدي شبكة الانترنيت، وأضحت موضوع الكثير من صالونات الدردشة والحوارات.

خلاصة القول

هل فعلا ساهمت نازلة رقية وحفيظة في كشف لوبي كان يتحكم في رقاب العباد بقرية نائية على امتداد سنوات؟ وهل جهازنا القضائي هش لدرجة أن نشوة بعض الأشخاص كرست وضعية ظلم سادت سنوات؟ هذه التساؤلات وأخرى ما زالت قائمة تنتظر الجواب في وقت يقال فيه بكثرة إن المغاربة سواسية أمام القانون وأمام القضاء، فهل حقا هم سواسية؟ ألسنا في حاجة ماسة الآن، أكثر من أي وقت مضى، إلى ترسيخ شعار: "ماتقيش مواطنة المواطنين وحقوقهم" على غرار ما هو قائم بخصوص شعار: "ماتقيش بلادي"، أم أننا كلنا في الظلم مغاربة؟


لو كانت إحدى البلدان الأوروبية مسرحا لنازلة من قبيل ما جرى في قضية رقية وحفيظة، لبادر وزير عدلها ووزير داخليتها بالاستقالة، إن لم تستقل الحكومة بكاملها، ولفتح تحقيق عمومي فورا وأحدثت لجنة لتقصي الحقائق، ولشرعت مساءلة المشتبه بهم توا، باعتبار أن القضاة ورجال الأمن هم من يتوجب عليهم حماية كرامة الإنسان ما دام أن الكرامة مرتبطة بالصفة الإنسانية أولا وأخيرا.
ومهما يكن من أمر تظل الحصيلة هي اعتقال رقية وإخوانها، وعدم القدوم على حجز الأم لكبر سنها، وتوقيف القاضي ونائب وكيل الملك، في انتظار ما ستظهره الأيام القادمة.

جهاز العدل بالمملكة ظل على الدوام محط جدل حول نزاهته واستقامته واستقلاليته وعدالة أحكامه

منذ الأزل والمجتمعات البشرية على المستوى الكوني، تعترف بأن العدل هو أساس الحكم، وأن القضاء ركن مهم من أركان الدولة، قد تصلح بصلاحه الأمة وتفسد بفساده، خاصة وأنه القناة الوحيدة التي يمكن بواسطتها الالتزام بالقانون واحترامه والتقيد بمحتوياته ومضامينه، وفرض سيادته على الجميع وجعل كل الأفراد والجماعات سواسية أمام مقتضياته دون تمييز أو تحيز أو غيرها من الأمور التي قد تحول هذا القضاء إلى مجال للتعسف والظلم وفضاءا لاستغلال النفوذ والشطط في استعمال السلطة وغيرها من المظاهر المرضية التي قد تحول مجالات القضاء إلى آلة للقمع والظلم والاضطهاد، وهي المظاهر التي من شأنها التأثير على الاقتصاد وخنق قنوات تشجيع الاستثمار وفرض حالة التخلف على الدولة نفسها، للأسف إن القضاء المغربي عششت فيه هذه الأمراض والأوبئة الخطيرة المرتبطة بها في الكثير من جوانبه وعلى العديد من مستوياته، وهذا الأمر لم يعد خافيا على أحد بل أصبح أمرا مشاعا يتنفسه جميع المغاربة صباح مساء، لدرجة أصبحت معها الطبقة السياسية بما فيها الأحزاب الحاكمة في البلاد تصرح جهرا في مواثيقها وبرامجها السياسية والانتخابية أيضا، على ضرورة استقلال القضاء، بما يعني أن جهاز القضاء في المملكة المغربية يجب تحريره من هيمنة جهات لازالت تتحكم فيه وتنخر جسمه وتملك صلاحيات واسعة على الرغم من أنها غير ممنوحة دستوريا إلا أنها مطبقة فعليا على أرضية القضاء في الواقع المغربي، وهي التي تؤثر بشكل سلبي واضح على جميع أركانه وتحركه في الاتجاهات التي تضمن ترجمتها لسياسات بعيدة عما هو معلن ضمن البرامج الحكومية وتصريحاتها أمام مجلس الشعب، وهي المسؤولة على جميع المقاييس عما أصاب ويصيب هذا الجهاز من أعطاب وما يعتريه من خلل في دواليبه، ونظرا لقوة هذه الجهات وقدرتها الخارقة في التأثير على الحياة المغربية بشكل عام، تجد الطبقة السياسية المغربية تشير إليها فقط بالتلميح دون أن تحدد بالتفصيل الملامح الحقيقية لهذه الجهات ومواقعها من المسؤولية في هذا البلد الذي يحكم فيه القضاء باسم الملك، وتحت يافطة كتبت عليها الآية الكريمة (وإن حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل).


وقد لا يختلف مغربيان على أن جهاز العدل بالمملكة ظل على الدوام محط جدل، حول نزاهته واستقامته واستقلاليته وعدالة أحكامه، لدرجة لا يمكن في ظلها قياس مستوى الثقة التي يضعها المواطنون المغاربة في قرارات هذا الجهاز، مع العلم أن توفر عنصر الثقة له من الأهمية ما يجعله من الأولويات الضرورية التي يتحدد بوجودها وجود هذا القضاء نفسه.. والأكيد أن قضاء المملكة لم يحقق المكانة الجديرة به للرفع من مستوى هذه الثقة وجعلها في المقام الأول ضمن أهدافه الكبرى وبرنامجه العام.. وهو الفعل الذي وضعه في موقف حرج أمام المتقاضين أمامه طالما أن سياسة رفع العصا في وجه الجميع، والاجتهاد بكل وسائل التخويف والقمع لإخراس جميع الأصوات لم تنفع مع المغاربة، وأن نهج أسلوب الضغط وتلفيق التهم وصناعة الخوف، لم يتن المواطنين على الجهر بحقيقة ما يجري في المسالك القضائية ودواليبها المعفنة، وفضح التجاوزات والتدخلات الفرعونية لبعض رجالات القضاء الذين عتوا في المغرب فسادا، ويمكن اعتبار ردود فعل المواطنين تجاه القضاء تدخل في باب الحكمة العلمية (الضغط يولد الانفجار) خاصة وأن البعض من عناصر هذا الجهاز أصبحت تجتهد فقط في وضع علامات قف وإشارات المنع، ورفع الأوراق الحمراء في وجه كل محاولة لكشف جانب من جوانب الفساد الذي تعج به مصالح هذا الجهاز، خاصة وسائل الإعلام المستقلة والمكتوبة تحديدا، والجمعيات الحقوقية، وغيرها في فعاليات المجتمع المدني ممن دخلت على الخط للمشاركة في عملية التنديد بما تعرفه مجالات القضاء من عربدة وفساد فاحت روائحها وراجت أخبارها في جميع أرجاء البلاد، لدرجة أن الكثير منها أصبح حديث الشارع المغربي، ومنها من تسرب إلى الصحافة الدولية محاطا بعناية دولية مركزة.. مما يؤكد أن سياسة الضغط وكم الأفواه لم تعد مجدية في ظل التطورات الكبرى التي عرفها العالم في الجوانب التكنلوجية، وفي ظل هذا الزمن الرقمي الذي حول العالم من قرية صغيرة إلى شاشة زرقاء تكشف عورة العالم.


فهل يحق لنا نحن معشر المغاربة أن نجهر اليوم بحقيقة الوضع المزري الذي أصبح عليه قضاؤنا جراء سلوكات مشينة وسياسات فاشلة للبعض من قياداته وعناصره؟ وهل يحق لنا كذلك أن نصرخ في وجه هؤلاء المتلاعبين بمصائر العباد بهذه البلاد والمستغلين لمواقعهم من هرم القضاء لإقرار الفساد والدفاع عن الباطل بالباطل؟! وهل حان الوقت لتطهير هذا الجهاز الحساس مما يعتريه من طفيليات ينعدم فيها الحس الوطني ومن مخلوقات ينعدم فيها الحس الإنساني ومن كائنات ثبت بالفعل وبالواضح والمرموز أنها بلا ضمير؟! وهل يحق لنا والمغرب يعيش في زمنه الجديد أن نطالب تلك العناصر التي أساءت بسلوكاتها المريضة لجهاز القضاء أن تتعفف وتترفع عن تلك الممارسات القبيحة التي دفعتها لإصدار أحكام جائرة في حق مظلومين، واعتمادها قرارات ظالمة في حق مغاربة أبرياء، والتي دفعت بها لطبخ ملفات المتقاضين في الكواليس، وغالبا ما تكون الأماكن المشبوهة عنوانا لهذه الكواليس.

عن أسبوعية المشعل
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات