مواضيع اليوم

الأسد الذي صار فأرًا

سعيد مصطفى

2012-01-09 01:36:36

0

 بقلم: د. محمد جمال حشمت

أول زيارة لي لسوريا الشقيقة كانت في ظروف صعبة؛ حيث كنا في بعثة إغاثية تابعة لاتحاد الأطباء العرب لتوصيل مستلزمات جراحية غالية الثمن مع أساتذة في تخصصات نادرة للدخول للعراق في أبريل 2003م ووصلنا الحدود يوم 9 أبريل يوم سقوط بغداد!.

 

الشاهد في الزيارة هو الانطباع الذي تأكد لديّ منذ الوهلة الأولى التي نزلت فيها إلى البلاد؛ حيث شممت ورأيت روح النظام الناصري في مصر، كأني عدت إلى الوراء أكثر من 40 عامًا!!؛ حيث الشعارات في كلِّ مكان وليس هناك سوى صور الأب والابنين في كلِّ الشوارع وعلى الأتوبيسات ووسائل النقل العام تعلن أن سوريا هي الأسد والأسد هو سوريا!، مع تدني نمط الحياة وتخلفها، وكأنه يذكرني بفترات الستينيات في مصر!.

 

وعندما ثار الشعب على هذا الوضع المتردي في سوريا ظهر الأسد كأبيه في مقاومة شعبه بشكل همجي، ولِمَ لا؟! فقد فعلها أبوه من قبل، وقتل الآلاف في مدينة واحدة أعلنت تمردها على الفساد والظلم الذي يحكم سوريا!، قال المؤيدون إن الأسد وسوريا هي رمز المقاومة ضد الكيان الصهيوني لقبولها بوجود المقاومة على أراضيها، ولم يدرك هؤلاء المنافحون عن الأسد وعصابته أنه لم يطلق رصاصة واحدة في اتجاه العدو الصهيوني، ولم يقتل منهم فردًا واحدًا طوال عشرات السنين، بينما حتى الآن قتل أكثر من خمسة آلاف سوري في شوارع سوريا من أطفال ونساء وشيوخ وشباب، غير ما اعتقل منهم، غير ما عذب ونكل بالآلاف منهم!! ثم ندافع عنه لأنه نظام مقاوم!.

 

نعم هو مقاوم لكلِّ شريف حر في وطنه!، نعم هو مقاوم لأنه ترك أرضه وشعبه تحت رحمة بني صهيون ولم يقدم لهم حماية أو دعمًا في الجولان!، نعم هو مقاوم لأنه لم يحرك قطعة سلاح واحدة إلا في مواجهة شعبه الأعزل، وحاصر مدن سوريا العفيفة الأبية كما فعل أبوه من قبل!!، العار يلاحق كل من يدافع عن الأسد وزبانيته وهو يقتل شعبه تحت دعاوى دعم المقاومة! مقاومة المشروع الصهيوني!.

 

والسؤال المنطقي ماذا فعل وماذا قدَّم نظام الأسد من أجل ذلك؟!، لماذا دعم المقاومين ولم يدافع عن بلده وشعبه من كلِّ الاعتداءات التي وقعت من الكيان الصهيوني؟!، لماذا منح الأمان لقيادات المقاومة بينما لم يمنحه لأبناء شعبه وهم ينتفضون بشكل سلمي طوال شهور عديدة!؟، هل النظام السوري الطائفي كان يغسل نفسه ويعيد إنتاج مهمته تحت شعار المقاومة ووجد في الفلسطينيين المطاردين غطاءً وغسولاً لتواطئه وصمته على المشروع الصهيوني!.

 

عندما خرجت الشعوب من المعادلة في المواجهة على أيدي الأسد ومبارك وبن علي والقذافي وكل الطغاة الذين حكمونا عشرات السنين؛ انتفش وتعاظم المشروع الصهيوني وتمكن من رقابنا أكثر وأكثر؛ لأن هؤلاء الذين قمعوا الشعوب كانوا السند والكنز الإستراتيجي لهذا المشروع الاستيطاني المجرم، وكانت هذه هي المهمة الأقذر التي لعبها هؤلاء الحكام وما زال البعض يقوم بها!! واليوم عندما أرادت الشعوب حريتها وأن تستعيد دورها الحقيقي في إدارة بلادها قتلهم الطغاة المقاومون!! لعن الله تلبيس إبليس الذي جعل الحق باطلاً والباطل حقًّا؛ من أجل مصالح شخصية أو توجهات كارهة لحق الشعب في أن يحكم نفسه، كي تبقى تحت نير الظلم والفساد والاستبداد!.

 

لعن الله بشار الملوثة يداه بدماء شعبه صغارًا وكبارًا، ويريد أن يتنصل بشكلٍ طفولي من مسئولية الدماء المراقة، ورغم أن العاقل هو مَن اتعظ بغيره إلا أن العناد والغباء وهما من صفات فرعون كانا سببًا في هلاكه، ولينصرن الله مَن ينصره، فمهما دافع المدافعون ونافق المنافقون فإن دم مسلم واحد أعز عند الله من الكعبة الشريفة وحرمتها، وليعلم الذين يستهينون بدماء شعوبهم كانوا في مصر أو اليمن أو سوريا أن دماء الشهداء لعنة ستلاحقهم إلى الأبد حتى يقتص لهم، فإن في القصاص حياة يا أولى الألباب!.

------------------

أستاذ جامعي ونائب بالبرلمان المصري





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !