مواضيع اليوم

الأسدُ لاترضى أكل الجيف

عبدالسلام كرزيكة

2009-09-09 16:22:17

0

 

بعد صلاة التراويح أعودُ إلى البيتِ هرولة ، لالشيء سوى لإنهاء الأطباق التي تبقى حتى الفراغ من الصلاة ، وهي عادة تلم شمل الأسرة في ساعات الليل الأولى لتبادل الأحاديث ، لكن هذه المرة فوجئت على غير عادتي بباب المطبخ موصدٌ بالمفتاح ، فسألت عنه والدتي فأخبرتني بأن لاعلم لها بمكانه ، وكان أصغرُ إخوتي حاضراً حين سألتها ولم ينبس ببنت شفة ، وبينما كنتُ أصول وأجول باحثاً عن المفتاح ، حضرَت أختي فسألناها عن المفتاح فأجابت بعدم علمها بمكانه أو بمن قام بإغلاق الباب أصلاً ، كل ذلك وأخي الأصغر لم يُبدِ إهتماماً ببحثنا ، فسألته أختي بعد فترة :

- هل أنت من أغلقَ باب المطبخ ياعبدالرحمان؟

فأجاب بسرعة :

- نعم

وأين المفتاح ياعبدالرحمان؟

فتحرك نحو المكان الذي خبأ فيه المفتاح وأخرجه وفتح به الباب..؟

كل ذلك وأنا أنظرُ إلى هذا القزم الذي لايزيد طوله عن بضع سنتمترات ، وعمرٍ لايزيد عن السبع سنوات ، كان يملك ما كنا نبحث عنه جاهدين ، دون أن يتبادر ذلك إلى أذهاننا ؟..لكن كيف تبادر إلى ذهن أختي أن تسأله ؟

إنه التواضع لله الذي يجعلك تعرف قيمة المخلوقات على صغرها ، وتعرف قيمة الأشياء المحيطة بك دون إلغاءٍ أو إقصاءٍ لقيمها الثمينة التي تكون مخفية للوهلة الأولى خلف مظاهر ليست بالضرورة حقيقية.

والرسول صلى الله عليه وسلم قال إننا سنُرحمُ بضعفائنا ...وإننا سنُنصر بضعفائنا ... وإننا سنعلوا بضعفائنا ، بل إننا بدونهم هالكون لامحالة ، لكن كيف ذلك ؟

إنها سطوة الملك الديّان الذي يرأف لحال الضعيف من عباده قبل القوي ، فهو أسدٌ لا يرضى أكل الجيف ، لذلك قال بعض العلماء إن الإنسان يرتقي بالإستكانة مع الرضى لتصاريف القدر ، وأن لايُجاريها أو يجادلها ، أو يستعلي عليها ، لأنه يضع نفسه بذلك في منزلة المُبارز ، وأنّا للمخلوق أن يكون ندّاً للخالق؟...لذلك يضع سره في أضعف خلقه وأقلهم علوا في الأرض وأكثرهم تواضعاً ..

تاج الديــــن : 2009




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات