الأستاذ المعلم : الأدب و الأخلاق زينة العلم
بين العلم و الأدب و الأخلاق علاقات وطيدة تعمل بدورها على تقوية أواصر الارتباط بينهم كي تكون أكثر تفاعلاً و قوة و صلابة، فالعلم بلا أدب و أخلاق كان كالطعام بلا ملح، فالبرغم من أن العلم هو عصب الحياة و معين ديمومتها فهذا لا يعني بالضرورة أن نتجاهل دور التربية الصحيحة و الأدب و الأخلاق في تقويم بناء الإنسان و الأسرة وصولاً للمجتمع المثالي الصالح، و أما الأدب و الأخلاق فلا مناص لنا من أن نعرج عليهما - ولو بالشيء اليسير - كي نكون من الأمة التي أوعظت و قالت خيراً في دينها و دنياها، فما من أمة كانت أخلاقها حسنة و أدبها رفيع إلا وكانت أنموذجا تقتدي به باقي الأمم، فالأخلاق جوهر الحياة و الأدب ضالة كل إنسان مثقف و ناضج فكرياً و عقلياً، و تعالوا يا أخوتي نأخذ الدروس المفيدة و الحكم البالغة من قصة الإمام الحسن– عليه السلام – وماذا فعل مع الأعرابي الذي غرر به فاقدو الأخلاق و أعداء الإنسانية عندما دفعوا له حفنة من الدنانير مقابل شتمه و سبه للإمام الحسن ظناً منهم أنه قادر على إثارة حفيظة الحسن و دفعه لارتكاب جريمة فيقتل الرجل لكن في المقابل جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن لان الإمام – عليه السلام – هو سليل النبوة و صاحب الأخلاق النبوية ومن حملة أخلاقها العالية فعندما أوغل الأعرابي بسب الحسن و على مرأى و مسمع كل مَنْ كان في المسجد فقام له الحسن و قال له هل لك من حاجةٍ قضيناها ؟ فتعجب الإعرابي من هذا الرد فقال ( الله أعلم حيث يجعل رسالته ) هنا يظهر معدن الإنسان الشجاع القادر على كظم غيظه و يعفو عمَنْ ظلمه و تبرز للعيان صور الأخلاق الحسنى التي يتحلى بها، هذه هي قيم الآداب و التربية الصالحة فهو لم يُقابل الإساءة بالإساءة بل قابلها بالإحسان، نعم يا إخوتي في الله – تعالى – لنكن المصادق الحقيقي لنشر الأخلاق المحمدية الأصيلة و لنكن دعاة أدب كريم و علوم صادقة - و إن كنا صامتين - فالتحلي بالأخلاق و قيم و مبادئ الآداب الجليلة حقاً هي من أعظم الجهاد وكما وصفها رسول الله – صلى الله عليه و آله و سلم – في حديث له لطائفة من المسلمين عندما عادوا من الحرب فقال – صلى الله عليه و آله و سلم – : ( أهلاً بقومٍ قضوا الجهاد الأصغر و بقي عليهم الجهاد الأكبر ) نعم إنه جهاد النفس و ترويضها على خدمة السماء و الإنسانية جمعاء، فلا خير في علمٍ بلا عمل، و لا خير في علمٍ لا تزينه الأخلاق و الأدب، ولا خير في أخلاقٍ و أدبٍ يغيب عنهما العلم و العمل، وهذا ما دعا إليه المعلم الأستاذ الصرخي خلال بحثه الموسوم الاستعداد لنصرة الإمام المعصوم – عليه السلام – فقال الأستاذ : (( أرشد المولى إلى أن العلم المجرد ليس فيه ثمرة توجب الولاية و القرب من الله – تعالى – ما لم يزين العلم بالأدب و الأخلاق، و كذلك العلم و الأخلاق ليس فيهما الولاية و القرب ما لم تزين بالعمل، فبالعمل تحصل خدمة الرب و منها خدمة العباد و التفاعل معهم و الاهتمام بهم، و بالأخلاق تكون الخدمة الحسنة و ملائمة و بذلك تحصل التربية الرسالية للإنسان و بالتالي الوصول بالمجتمع إلى التكامل و الأمان و السعادة في الدارين )) .
بقلم الكاتب احمد الخالدي
التعليقات (0)