مواضيع اليوم

الأسباب الفلكية للأزمة المالية العالمية

ممدوح الشيخ

2009-05-23 17:50:59

0


الأسباب الفلكية للأزمة المالية العالمية!

بقلم: ممدوح الشيخ
mmshikh@hotmail.com

قطع العقل الإنساني رحلة طويلة في طريق الاحتكام للعقل والخروج من كهف التبرير الخرافي للوقائع، ومن الأوهام التي تعلق بها هذا العقل طويلا إسناد ما يعجز عن تفسيره بما حوله من أسباب لقوى خرافية، والبحث عن الحقيقة عند العرافين. ومن أكثر أفكار هذه المرحلة طرافة نسبة التحولات على الأرض لفعل الأجرام السماوية، وبخاصة الشمس. لكن هذا المنهج في التفسير بدأ يفرض نفسه مجددا على العقل الإنساني، لا بوصفه عودة للخرافة، بل بوصفه حقيقة علمية ثابتة، وكأن العقلانية واللاعقلانية يفصل بينهما خيط دقيق أو ربما متوهم يمكن أن يعبره الإنسان في أي لحظة!
الموضوع الذي يتطوع الفلك بتفسيره هو الأزمة المالية العالمية، والمدخل ليس أيديولوجيا ينظر للأزمة بـ "نظرة الطائر"، وليس فنيا ينظر لها بـ "نظرة النملة" بل هو فلكي ينظر للأزمة بعيون المرصد "تيسيس" الذي أنشأه العلماء الروس ويحمله القمر الصناعي الروسي "كوروناس/ فوتون" المختص بمتابعة النشاط الشمسي. والنتيجة أن انطلاق الأزمة المالية العالمية الحالية تزامن مع انحسار غير مسبوق للنشاط الشمسي.
المعلومة لم ينشرها وسيط إعلامي مغمور بل وكالة نوفوستي للأنباء التي كانت يوما الوكالة الرسمية للاتحاد السوفيتي، وكم هي مثيرة تلك المفارقة، ففي العاصمة السابقة لأكبر تجربة اجتماع إنساني على أساس "المادية الجدلية" تبث وكالة الأنباء الرسمية هذا النبأ، بعد أن كانت مثل هذه التفسيرات محظورة في الاتحاد السوفيتي لتعارضها مع المادية الجدلية، وهي جزء من حقل علمي متعدد المجالات يسمى "علم الظواهر الخارقة" ظل محظورا في الاتحاد السوفيتي طويلا.
وحسب نوفوستي فإن مما يدل على تأثرنا بالنشاط الشمسي أن قيام ثورات روسية (1905 و1917) وبدء الحرب العالمية الثانية (1939) وزوال الاتحاد السوفيتي (1991) تزامن مع زيادة النشاط الشمسي. وعلى عكس ذلك يتزامن انحسار النشاط الشمسي، عادة، مع ركود اقتصادي واجتماعي على الأرض.
ونترك تقرير وكالة نوفوستي وليس فيه مزيد، ونعود لمعطيات ما يسمى "علم الظواهر الخارقة" فنجد أن بقعا سوداء تنتشر على وجه الشمس وتهيج أحيانا مولدة عواصف مغناطيسية تؤثر في الأرض، وهذه العواصف يفترض أنها المسؤولة عن اختلال استقبال الإرسال الإذاعي والتلفزيوني واضطراب الطقس وحدوث الأعاصير. وقد استطاع الفلكيون منذ مطلع القرن التاسع عشر اكتشاف قانون يحكم نشاطها، إذ تبين أنه يتبع دورة تتكرر كل 11 سنة، ويمكننا أن نرى تسجيلاً دقيقا لهذه الدورات في مقطع أي شجرة، فإذا قطعنا جذع شجرة رأينا في مقطعها حلقات متداخلة كل منها تدل على سنة من عمر الشجرة وقد لوحظ أن الحلقة الحادية عشرة ومضاعفاتها تكون أكثر سمكاً. وأثبتت مقاطع جذوع الأشجار القديمة أن أكثر الحلقات سمكاً كانت سنوات شهدت وباءً أو طاعونا. بل إن هناك من يربط بين هذا النشاط والتوجهات السياسية للحكومات، فالحكومات البريطانية بين 1830 و1930 كانت حكومات ليبرالية متحررة في ذروة النشاط الشمسي وحكومات محافظة في فترات الهدوء الشمسي!.
وبعد طول ممانعة قام السوفييت بتجارب حول أثر الشمس على الدم اقتضت إجراء 102 ألف اختبار على نزلاء مصحات البحر الأسود لقياس عدد الخلايا الليمفاوية في الدم ووجدوا أن نشاط البقع الشمسية يهبط بنسبة هذه الخلايا عن النسبة الطبيعية، وقد حدث هذا النقص عامي 1956، 1957 أثناء نشاط للبقع الشمسية. وفى 17 مايو 1959 حدثت ثلاثة انفجارات شمسية عنيفة وفى اليوم التالي دخل مستشفى البحر الأسود 20 مريضاً يعانون أزمات قلبية حادة رغم أن المعدل الطبيعي لهذه الحالات لا يزيد عن حالتين يومياً.
وقد أمكن لأول مرة الوصول لطريقة للتنبؤ بالنشاط المحتمل للبقع الشمسية عندما كلف العالم الأميركي جون نلسون بدراسة العوامل المؤثرة في استقبال اللاسلكي وقام بدراسة تاريخه منذ عام 1932 فوجد أنه يرتبط بنشاط البقع الشمسية، وعندما درس أوضاع ثلاثة كواكب هي المريخ والمشترى وزحل اكتشف أن النشاط الشمسي يحدث عند وجود كوكبين أو أكثر على استقامة واحدة في اتجاه عمودي على الشمس أو على امتدادها، فأصبح قادرا على التنبؤ بنشاط البقع الشمسية قبل حدوثه بنسبة 93 %. وهو أول برهان علمي على تأثير حركة الكواكب في كوكبنا.
إن السطور القليلة التي بثتها وكالة نوفوستي للأنباء تفتح الباب للشك في أن الإنسان أقل سيطرة على مصيره مما يظن بكثير، فلا أحد ينكر أن نشاط البقع الشمسية "تزامن" مع أحداث درامية، لكن التزامن لا يثبت السببية حتما. وهنا دخل العقل الإنساني لأول مرة في تاريخه الحديث مساحة رمادية على تخوم التلاقي – أو التقاطع – بين العلم والخرافة.
فهل تعود البشرية في القرن الحادي والعشرين إلى البحث عن معنى حاضرها ومعالم مستقبلها في عالم الكواكب والأجرام السماوية؟ وهل يمكن أن ينتقل البحث في الأزمة الاقتصادية من أيدي الاقتصاديين لأيدي الفلكيين؟
سؤال محير!




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !