وللحرية الحمراء ... باب
الأساطيل البحرية بين ما كان وما هو كائن الآن
بقلم : حنان بكير
ارتبط"الأسطول" في أذهاننا بالحرب، وعلى تصورنا أنه آلة قتل وتدمير في أوركسترا الحرب.. رغم أن هناك أساطيل تجارية.. و أخرى للشحن والنقل ..
لكن في زمن سيادة الثقافة الإنسانية والتقدم التكنولوجي، فإن الأساطيل قد غيّرت بعضا من سيرتها.. فحملت نسمات من الحرية والإغاثة لمن نكبتهم الحرب.. كما حملت الألعاب لأطفال خطفوا من طفولتهم.. وسوف يرتبط الأسطول، بأسماء من دفعوا حيواتهم ثمنا لحرية وخلاص غيرهم، مدفوعين بنزعتهم الانسانية، وباسم الشابة الأمريكية الرائعة عروس فلسطين راشيل كوري ، وكأن أحمد شوقي كان يتنبأ بتضحيات هؤلاء حين قال :
نصحت ونحن مختلفون دارا
ولكن كلنا في الهم شرق
وللحرية الحمراء باب
بكل يد مضرجة يدق
وحتى إشعار آخر ستبقى أخبار الأساطيل الناقلة للحرية، تخطف الأضواء، عما عداها من أخبار.. فقد استطاعت غزة المنكوبة والمحاصرة أن توحد مشاعر العالم، فتقاطرت الأساطيل وعلى متنها أولئك الذين آمنوا بالانسان وحقه في الحياة.. فكانوا من مختلف الجنسيات والديانات والألوان..
لكن المفارقة التي تدعو للحزن أو حتى للسخرية والرثاء أن غزة الجريحة قد استعصى عليها توحيد أبنائها.. حرب غزة ومحارق الأطفال، قد هزت ضمير العالم ولامست مشاعره، لكنها لم تحرك ساكنا باتجاه التوافق بين الاخوة الأعداء.. لا مبرر على الاطلاق لاستمرار الخلاف، والقاء كل طرف التبعة في إفشال الاتفاق على الطرف الآخر.
لا يخفى على أحد عمق المأزق الذي تمر به الدولة العبرية، والحصار الانساني والأخلاقي الذي بات يطوقها.. وكذلك المأزق الوجودي لكيانها.. لهذا ليس من المستبعد أن تستغل" همروجة" الضجة الاعلامية لأساطيل الحرية، لتمرير وقائع على الأرض، ولفرض المزيد من سياسة الأمر الواقع، من توسع في بناء المستوطنات وتجريف البيوت...
إن الوفاق الفلسطيني بين السلطتين، أصبح واجبا وفرضا تحتمه مصلحة الشعب، الذي يكفيه معاناة نتيجة الاحتلال والفقر والحصار.. فالفلسطينيون في الضفة الغربية أو في قطاع غزة في الهمّ سواء.. بالإضافة إلى أن الاتفاق سوف ينزع أي حجة عربية أو دولية بالتخلي عن الواجب القومي والإنساني تحت يافطة مؤداها" ليتفق الفلسطينيون فيما بينهم أولا" !
إن ما حصل عليه الفلسطينيون، من سلطة منقوصة السيادة، على أرض مقطعة الأوصال، قد أدى إلى هذا الصراع الدموي، فماذا ننتظر فيما لو أننا حصلنا على دولة، تحمل ولو الحد الأدنى من صفات الدولة؟
إن التاريخ سوف يسجل بالخط الأسود، هذه المرحلة من تاريخنا، رغم أن الخلافات الفلسطينية/ الفلسطينية، ليست جديدة على ساحتنا.. ومع هذا فلابد من القول إنه لم يعد مسموحا بل من العار علينا، أن يستشهد التركي والعربي غير الفلسطيني والعجمي في سبيل نصرتنا، فيما نحن نختلف حتى الموت !
التعليقات (0)