مواضيع اليوم
الأساءة الحلال..والأساءة الحرام
قررت دولة قطر منح جنسيتها للفنان الهندي القدير مقبول فدا حسين الذي اضطر الى الفرار من بلده بعد ان تعرض لتهديدات من جانب متطرفين هندوس بسبب لوحاته التي تصور آلهات مقدسات في الديانة الهندوسية وهن عاريات.
اعلن مقبول ذلك لصحيفة (ذي هندو) الهندية، ولكنه لم يفصح عما اذا كان سيقبل العرض القطري.
يذكر ان الفنان مقبول فر من الهند عام 2006، وما لبث منذ ذلك الوقت يتنقل بين دبي ولندن .
وقالت الصحيفة الهندية إن "تغيير مقبول الوشيك لجنسيته سيضع حدا لصفحة مؤسفة من التاريخ العلماني للهند المستقلة."
ويقول المراسلون إن مقبول يعتبر واحدا من اكبر الفنانين الهنود واكثرهم احتراما.
وكان مقبول قد اعتذر عام 2006 لقيامه برسم لوحة شبه الهند فيها بإلهة هندوسية عارية. وكانت سلسلة من اللوحات رسمها لآلهات هندوسيات وهن عرايات قد ادت الى احتجاجات قوية في مدينة مومباي في اواسط التسعينات.
وتتهم الجماعات القومية الهندوسية المتشددة مقبول بجرح مشاعرها الدينية واهانة معتقداتها.
ويقول مقبول إن 900 دعوى قضائية قد اقيمت ضده على الاقل في شتى المحاكم الهندية، ويضيف بأنه قد تعرض للمضايقة وان معارضه قد تعرضت للاعتداء.
وتقول صحيفة (ذي هندو) إن مقبول لم يتقدم بطلب الجنسية القطرية، بل ان الحكومة القطرية هي التي تكرمت بها عليه.
نقلا عن BBC
ـــــــــــــــــــــــــ
رغم أنه خبر قصير إلا أن في ثناياه جانبان مهمان الأول مشكلة التطرف التي تنتشر في العالم ويعاني منها المثقفون كثيرا والثاني أزدواجية المعايير..
فمشكلة التطرف أصبحت اليوم عقبة أمام الأبداعات الفنية والأدبية.فأجواء محاكم التفتيش لازالت تستحضر الى اليوم في كل مرة ينتقد المبدعون بطرقهم المشاكل اليومية المرتبطة بالأفكار الدينية وخاصة في بلدان العالم الثالث حيث الحريات الدينية والشخصية لازالت أمرا بعيد المنال..ولابد من بذل جهود كبيرة لحماية المثقفين والمبدعين من التهديدات والأضطهاد الذي يطالهم وأيضا حمايتهم من القيود والخطوط الحمراء المفروضة عليهم (بالطبع بما لايسئ لفئة ما أو يحرض على الفتنة والنزاعات الداخلية والعنف).فلا أبداع في ظل القيود والخطوط الحمراء..
الوجه الآخر في الخبر يتمثل بأزدواجية المعايير القطرية التي تصرخ ووتطبل وتحشد الناس من منابر عدة (القرضاوي ..الجزيرة..المجلس العالمي لعلماء المسلمين..الخ) عندما ترد أشاعة عن رسم كاريكاتوري مسئ للرموز الأسلامية أو عندما تطلق الأبواق المتطرفة أدعاءات كاذبة حول تدنيس القرآن في معتقلات أمريكية في أفغانستان أو العراق..نعم في الوقت الذي تستنكر قطر موقف الدنيمارك من الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد (والرسوم سببها واقع المسلمين اليوم) وأعلان الدنيمارك أنها تأتي ضمن حرية الصحافة والنشر فأنها تمنح جنسيتها وحمايتها لرسام آخر تعتبر رسومه أسآءة لآلهة لشعب بأكمله..
نحن نغضب أن أساء الآخرون لنبينا لكننا لانمانع أن نسئ لآلهة الآخرين..اليست تلك مفارقة مضحكة؟؟
اليست الآلهة بالنسبة لأي ديانة أهم من الأنبياء؟؟
السنا نطالب الآخرين بأحترام مقدساتنا؟؟
لماذا أذا نرحب بمن يسئ لمقدسات الآخرين؟؟
مرة أخرى أنا لست ضد الخطوة القطرية لأنها وفرت ملاذا لمبدع متمرد لكنني أتساءل هل سيوفر القطريون الجنسية لأحد رسامي الرسوم المسيئة للرسول أن هم تعرضوا للتهديد أيضا؟؟بل هل ستتمنح قطر الجنسية لمقبول لو كان مسيحيا؟؟؟
لقد ثارت ثائرة المسلمين عندما منحت ملكة بريطانيا سليمان رشدي رتبة فارس..فهل ننتظر منهم ثورة اليوم ضد قطر لأنها قدمت جنسيتها "لمسيئ" آخر لكي يقنعوا العالم أنهم مع أحترام مقدسات الجميع؟؟
دعونا ننتظر رغم أنني لا أتوقع ذلك..
التعليقات (0)