مواضيع اليوم

الأزمة العراقية ...،وتغييب المواقف المبدئية

احمد الدراجي

2014-06-23 19:29:00

0

 الأزمة العراقية ...،وتغييب المواقف المبدئية

إن أهم ما يميز القيادة الرسالية عن غيرها من القيادات والزعامات كونها تستوحي أحكامها وقراراتها ومواقفها ومنهجها من الله سبحانه وتعالى وهذا ما يمنحها القدرة على طرح الأحكام والرؤى والمناهج التي تعمل على بناء الفرد والمجتمع وتنظم حياته ، كما إنها لا تعني عملية تسامي واستعلاء على الناس ، واستحواذ وتلاعب بمقدراتهم ، وتحكم بمصيرهم وسلب تفكيرهم وشل إرادتهم والانعزال عنهم والاعتكاف في بروج عاجية ، وإنما هي مسؤولية كبيرة ومهمة شاقة ومواصلة ميدانية وتحسس لهموم المجتمع و وتطلعاته وحقوقه تهدف إلى هداية الأمة نحو طريق الخير والرفاه والكمال من خلال ما تمتلكه من جانب علمي وشرائط اقرَّها الشارع المقدس ، وبدون تلك الشرائط والميزات فإنها ستفقد هيبتها وقوتها وقدرتها على توجيه المجتمع ، ولعل من أهم ما يُفتَرض أن تتمتع به القيادة الرسالية هو تبنيها المواقف المبدئية وصلابتها وثباتها وصمودها أمام التحديات التي تواجهها وعدم خضوعها لوسائل الترغيب أو الترهيب التي تفرضها عليها الجهات التي تريد أن تجعل منها مطية تمتطيها للوصول إلى مآربها ومصالحها الشخصية لأن الخضوع والركون والاستسلام يؤثر سلبا على قدسية القيادة وهيبتها ويكشف عن هشاشتها وضعفها وهوانها ويجعل منها أداة مسييسة تُمَرَّر عن طريقها الأجندات التي لا تخدم البلاد والعباد وبالتالي سيؤثر على قراراتها ومواقفها وقراءتها وتشخيصها للواقع والحلول التي تختارها ، وهذا بدوره ينعكس سلبا على حياة الناس ومصيرهم ، فكان من ابرز الأسباب التي تسببت في ضياع الأمة وتردي واقعها وبالخصوص ما مَرَّ ويمرُّ به العراق وشعبه من معاناة وويلات لم يسبق لها مثيل ، ولهذا تجد أن القيادات الإلهية المتمثلة بالأنبياء والأئمة ومن سار على نهجهم الرسالي المقدس لم تركع ولم تهادن ولم تخضع أمام التحديات التي واجهتم ، ولم تستسلم للغة الترغيب والترهيب التي مورست معهم ، بل أنها لم تقبل بسياسة أنصاف الحلول ولم تتبني عقلية إجراء المساومات والصفقات ، وخير شاهد هو رفض الأمام "علي عليه" السلام لمنطق المساومة حينما اقترح عليه البعض بان يُبقي معاوية والياً على الشام برهة من الزمن (وهو في هذه الحالة سوف يخضع ويبايع) ، ويُبقي أيضا على بعض الولاة ريثما يستتب له الأمر ثم بعد ذلك يعزلهم ، وغيرها الكثير من الشواهد الوضاءة التي سجلتها تلك القيادات الإلهية الكاشفة عن تمسكهم بالمواقف المبدئية التي ارخصوا لها أرواحهم الطاهرة ودمائهم الزكية ، وعلى هذا النهج الإلهي سار المرجع السيد الصرخي الحسني فرفض كل العروض ووسائل الترغيب التي عرضت عليه سواء في زمن النظام البائد أو ما بعد احتلال العراق وصمد أمام ممارسات الترهيب والحرب الشعواء التي شنت عليه فلم يهن ولم يلين ولم يخضع ، بل بقي عصيا على تلك الجهات الداخلية والخارجية التي سعت جاهدة على استمالته وتسييسه وامتطائه ، ولهذا كانت قراءته للمشهد العراقي (وحتى الخارجي ) غير خاضعة او متأثرة باملاءات خارجية وعوامل الترغيب أو الترهيب ولغة المساومات ، بل تنطلق من فهمه واستيعابه للإسلام فكانت قراءته دقيقة ، وتشخيصه سليم ، وحلوله ناجعة ، ومواقفه صائبة، ونظرته المستقبلية تامة وتثبت صحتها ووقوعها ، إلا أن أعداء العراق ، ومن سار في ركبهم ، وتناغم مع منهجهم ، أبوا إلا أن يعتموا عليها ويهمشوها ويقمعوها ويقلعوها من جذورها ، وكان لسان حال سواد الأمة : (قَالَ رَبّ إِنّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَآئِيَ إِلاّ فِرَاراً * وَإِنّي كُلّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوَاْ أَصَابِعَهُمْ فِيَ آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْاْ ثِيَابَهُمْ وَأَصَرّواْ وَاسْتَكْبَرُواْ اسْتِكْبَاراً * ثُمّ إِنّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً * ثُمّ إِنّيَ أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً *) حتى وقعت مع شديد الأسف في محرقة لا تبقى ولا تذر أفرزتها المواقف الخاطئة والسياسة الفاشلة الفاسدة الظالمة ، ولقد أشار سماحته في المحاضرة الثانية والعشرين إلى المنهج الرسالي الذي تمسك به وسار عليه حيث قال : ((وأنا هذا منهجي من أول الأمر وأنا اعتذر ممن سار في هذا الطريق ولا يعلم بأن هذا هو المنهج، كان باستطاعتنا من أيام صدام أن نأخذ كل الحوزات وكل المدارس ونحن أصحاب علم وعندنا الدليل التام ونستطيع أن نبرر ونحكي كل شيء لكننا لم نفعل.

وحتى في زمن الاحتلال نحن هذا اليوم الذي بصدده في ذكرى الاعتداء وفقدنا الأعزاء الشهداء من اجله يوجد كثير منكم كم توسط ووصلت إلينا وساطات من الأمريكان من القوات البولندية من اجل الحوار ومن اجل اللقاء ومن اجل التفاهم، وحتى البريطانيين في باقي المحافظات في العراق أو في خارج العراق أيضا حاول البريطانيون أن يحاورا هذه الجهة أو ممن ينتمي إلى هذه الجهة حتى يأخذ الأمان ويأخذ الإمضاء ويأخذ الضمان لمصالحه بعد هذا ممكن أن يقدم لك ما تريد أو ما يريد أن يعطيك....)

https://www.youtube.com/watch?v=kcZr3r6hhHA

 

بقلم

احمد الدرجي




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !