الأرملة الطروب
كمال غبريال
الحوار المتمدن-العدد: 4094 - 2013 / 5 / 16 - 13:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
• "حلقة جديدة من خطف الجنود بسيناء. . مجهولون يخطفون 7 مجندين بشمال سيناء". . وقد حدث هذا لمصر وجيشها بعدما قامت هوجة تمكن فيها الغوغاء من تولي أمر البلاد، ووضعوا خيرة رجال مصر في السجون أو تم عزلهم سياسياً واستهدافهم اقتصادياً، وتم توكيل أمر البلاد للجهلة والإرهابيين والإمعات. . النجوم والطيور على الأكتاف الشامخة المتشامخة في الاستعراضات أين هي مما يحدث في سيناء؟!!. . صارت سيناء مثل الأرملة الطروب التي يطمع فيها ويتحرش بها الهلافيت بعدما توفى زوجها الرجل المهاب. . أمضى جيلي أجمل سنوات عمره في الرمال، ودفع الدماء لتحرير سيناء التي كانت قد أضاعتها الحماقة والهوس، والآن سيناء تضيع ثانية أمام عيوننا، بعدما ولينا أمرنا عملاء يعلنون بتبجح رفضهم للوطنية واحتقارهم للوطن. . يبدو أنه قد استغل الإرهابيون في سيناء انشغال الدولة بمطاردة المدرسين الذين يذكرون كلمة "خروف" في أسئلة الامتحانات، لكي يخطفوا جنودنا ويمتهنوا كرامة مصر التي صارت في الحضيض!!. . ليست فقط مصيبة خطف الجنود بسيناء، ولكن أيضاً مصيبة أنهم يستعينون بالإرهابيين للتوسط لإعادتهم. . إنها المهانة والمذلة يا سادة يا غير كرام!!. . الفريق السيسي كان محقاً عندما قال "محدش هايشيل حد"، فهل سيتحمل الآن مسئوليته و"يشيل شيلته"، ويستعيد جنودنا وكرامة جيشنا ووطننا؟!!. . نحن الآن نعيش عصر "وكأننا". . "وكأننا" لدينا رئيس جمهورية، "وكأننا" لدينا شرطة، "وكأننا" لدينا جيش. . نحن في الحقيقة "وكأننا" نحيا كما ييحيا البشر!!
• الشعب اللي عايز الحكومة تأكله من غير ما يشتغل، عايز الجيش يزيح الإخوان اللي هو عصر ليمونة وانتخبهم، وكمان معاها ديموقراطية لها طعم وقوام المهلبية، ومن يريد ديكتاتورية الدولة الاقتصادية مع ديموقراطية وحرية سياسية، ترى ماذا يكون بداخل جمجمته؟. . يبدو أن شعار "عيش. حرية. كرامة إنسانية" لم يكن في ذهن الكثيرين يحمل معنى قرار الشعب أن يعيش وفق هذه المبادئ، وإنما كان قائمة مطالب للحاكم، فهذا ما يتضح من خطاب الصفوة والعامة الآن، وهنا جذر مأساة العقل المصري وثقافته الأبوية. . ما يسمونه "عدالة اجتماعية" لن تكون إلا عملية "إدارة الفقر" أي توزيعه بالتساوي، بينما تقوم الحرية الاقتصادية باستئصال ظاهرة الفقر من جذورها. . من لا يكف عن ترديد أنه "ينحاز للفقراء"، فهو إما يريد النصب عليهم، أو المتاجرة باسمهم، أو الاثنين معاً!!. . إذا كانت الاشتراكية كما يهلوسون "تنحاز للفقراء"، فإن الرأسمالية تستهدف الفقر ذاته لتستأصله من قاموس الشعوب. . الصراع الدائر الآن بين نظام الحكم والمعارضة ليس صراعاً بين التخلف والحداثة، بل يغلب عليه الصراع بين مكونات لعهود قديمة بالية تختلف في نوعية ودرجة التخلف.
• أرى أن هناك تناقضاً بين دعوة فنانين ومدنيين لفرقة عسكرية مدرعة وحديث وزير الدفاع إليهم، وبين محتوى الحديث الذي ينفي احتمال نزول الجيش للساحة السياسية، فالدعوة تبدو رغبة في تواصل غير مسبوق مع الجماهير لابد أن يكون ثمة دافع وراؤه. الأمر ملغز، كما أن تزامن مؤتمر وزير الداخلية ومنحى حديثه وما طرحه من قضايا مع كلام وزير الدفاع لزوار الفرقة المدرعة أمر يدعو أيضاً للتأمل والتفكير فيما يجري وراء الكواليس. . قد تكون محاولة وزيري الدفاع والداخلية التقرب من الناس مع حسم حلم انقلاب عسكري هو جزء من خطة التحالف بين هاتين المؤسستين وبين الإخوان، لتخفيض توقعات الناس وتهدئتهم في نفس الوقت، ومحاولة دفعهم لقبول الأمر الواقع، على وتيرة "الإخوان من أمامكم، وصناديق الاقتراع من خلفكم، وليس ثمة والله إلا الصبر على ما بلاكم"!!. . المهم أن أغلب إن لم يكن كل الشخصيات القيادية في سائر المؤسسات المصرية بما فيها الجيش والداخلية كانت تنتقى من نوعيات لا تحمل رؤى خاصة وإرادة مستقلة، وإنما من النوعيات التي نطلق عليها "عبد المأمور"، وكما كانوا "عبد المأمور" في عهد مبارك، فمن غير المتوقع منهم ألا يكونوا غير ذلك في عصر الإخوان. . هل الكلام واضح؟!!. . عدم معرفة قائد الجيش من قتل جنودنا، وعدم وجود ما يفيد سجن محمد مرسي لدى وزير الداخلية، خطان يلتقيان في نقطة واحدة هي "حماس"، ويصنعان شكل مثلث قاعدته إخوانية. . ربما لا يعرف وزير الدفاع أيضاً أن سيناء صارت مأوى آمناً لتشكيلات إرهابية ولتنظيم القاعدة، وأنها تتمركز في "جبل الحلال". . خير اللهم اجعله خير: رأيت فيما يرى النائم أن الجيش والداخلية مؤسستان غير قابلتين للأخونة!!
• الفساد جريمة لا يتحمل مسئوليتها المفسد وحده، بل المجتمع الذي يجعل طريق الفساد أكثر سهولة وإغراء من طريق العمل الجاد المخلص الشريف.
• بعد هزيمة 1967 القاصمة كتب نزار قباني قصيدة مطلعها: "كن يا حزيران انفجاراً في جماجمنا القديمة. مزق ألوف المفردات. مزق الأمثال والحكم القديمة. مزق عباءتنا التي بليت. ومزق جلد أوجهنا الدميمة"، لكن هذا الانفجار المرجو لم يحدث، بل انكفأنا على وجوهنا، وتفاقم انغلاق عقولنا على ما بها، لتكون النتيجة ما وصلنا إليه الآن من سقوط في هاوية صنعناها مع سبق الإصرار والترصد، ومازال ذات الانفجار الذي دعا إليه نزار هو وحده الكفيل بتحطيم الصدفة التي نحيا بداخلها، وتطهير جماجمنا مما استقر فيها من نفايات. . لو لم تكن جماجم نجوم المعارضة مليانة صراصير، كان زمان الشعب كنس الإخوان كنساً. . تنتابني رغبة عارمة في التقيؤ عندما يتنطع هلفوت ويتحدث بتعال واحتقار عن قطاع ضخم من الشعب المصري ملقباً إياهم بالفلول!!. . الفلول الحقيقيين هم الإخوان والناصريين واليسارجية وسائر الحرافيش.
• مشروع تطوير منطقة قناة السويس يرجع لعصر مبارك الذي نلقبه بالمخلوع، والمشروع بريء من نسبته للإخوان، بقدر ما هو بريء من مهاترات معارضة مأفونة وكارثية. . تشنيعات المعارضة بما يتصادف ويتخذه الإخوان من مواقف صحيحة يعني أن لا أحد يحب مصر، وأن الضمير في حالة مزرية، لكن ما يبدو حتى الآن أن مشروع تنمية محور قناة السويس بالطريقة التي يعرض بها عبارة عن وهم وفنكوش يروج له جهلة مخادعون، ويعارضه عابثون متهوسون، فالصراع الجدلي الدائر حول مشروع محور قناة السويس يجسد المأساة المصرية، فالطرفان المتجادلان يشتركان في نعمتي الجهل والتهريج، ولا عزاء للعلماء والعقلاء!!. . اللعنة على الجهل والأيديولوجيا السقيمة التي تجعلنا نحارب طواحين الهواء، فمشروع تنمية محور القناة الوهمي الذي يروجه الإخوان لن تقوم له قائمة، ليس لعيوبه التي يهرتل بها الحرافيش، ولكن لأن من يتولونه الآن ليسوا بأي مقياس أهل إنجاز وتنمية، وإنما حصرياً أهل تخلف وكذب. . رغم الفارق في درجة التخلف، إلا أنني أضع الإخوان مع اليسارجية والعروبجية كتهديد خطير لحاضر مصر وتدمير لمستقبلها.
• نقول كمان: هم يتحدثون عن اختيار صناديق الانتخاب كما لو كان بمفهوم "المبايعة" العتيق، وفيه يوكل الناس أمرهم لولي أمر يفعل بهم ما يريد، لكن الاختيار الديموقراطي أمر مختلف تماماً، فهو "تعاقد" وفق شروط يحددها الدستور والقانون ومسببات الاختيار، تلك التي إذا ما أخل بها من تعاقد الشعب معه كان من حق الشعب سحب الثقة والتفويض. . هل من حق الملايين التي لم تثق يوماً في الإخوان أن يوقعوا على وثيقة لسحب الثقة من الرئيس الإخواني؟!!
• يبدو أن الجيش السوري البطل يحقق انتصارات على ذئاب الظلام. . قلوبنا مع سوريا الحرة.
• كراهية الأجانب والتوجس منهم دودة نجح عبد الناصر في زراعتها في مخ الناس، ومازالت تتكاثر وتنهش في عقولنا حتى الآن. . قد تكون اليرقات وهابية، لكنها فقست ديدان تحولت لثعابين في المستنقع المصري الآسن.
• أي ضمير صحفي أو إنساني هذا الذي يدفع "ضياء رشوان" لمناشدة الصحف عدم متابعة نشر اتهام ابنة "واحد مش مننا" في قضية احتيال، هل يجرؤ أحد أن يتلفظ بهذا الكلام إلا في مصر؟!!. . أرقب الآن تعليقات الناس على تهمة الاحتيال الموجهة لإبنة "واحد مش مننا"، لأرى إلى أي حد يكترث الناس بالمبادئ ويلتزمون بها، وإلى أي حد هم ألعوبة مشاعرهم وأهوائهم.
الحقيقة أن كل من نظام مبارك ونظام الإخوان الحالي ينتميان عضوياً للشعب المصري وأفكاره وسلوكياته، لكن نظام مبارك كان أفضل من المستوى العام قليلاً، ونظام الإخوان أسوأ كثيراً.
أيضاً مشهد "عركة" أو "خناقة" وزير الثقافة الجديد الذي يقال أنه إخونجي وغير جدير بالمنصب، هو مشهد مأساوي يدلل على انحطاط جميع الأطراف، فبعد حوار تليفزيوني مع المثقف المبدع المعارض، الذي كال فيه الاتهامات والتحقيرات للوزير الجديد، قمت من أمام التليفزيون وأنا ألعن الجميع. . نعم ألعن الجميع. . يبدو من المعركة الجارية حول وزير الثقافة أنه الشخصية المنتمية لعموم الحالة السائدة بين مثقفينا الكرام، وأن الفارق في هذه الضجة أنه يدخل فيها بطريقة ثانوية الصراع بين اللحية والجلابية وبين الزعطلون والقميص، دون فارق جوهري في مناهج الفكر والسلوك. . العبث يسود المدينة، ورحم الله ألبير كامو!!. . مكتب الإرشاد من أمامكم، وأمثال حمدين الصباحي وعبد الحليم قنديل وعلاء الأسواني من خلفكم، والمصير الأسود هو قدركم!!. . الشعب المصري قد استيقظ بالفعل، ولن يستطيع أحد بعد الآن أن يسوقه سوق الخراف، لكنه لا يدري إلى أين يمكن أن يذهب. . تلك هي المعضلة!!
• الإدارة الأمريكية تبدو كما لو كانت داعرة يعتليها الإخوان لبعض الوقت، فيما السلفيون على باب الغرفة ينتظرون دورهم.
التعليقات (0)