لكم أحن إلى حضن الأرض في عناقها الأبدي تضمني إليها ضما وتكتم
أنفاسي بقبلة رطبة سرمدية،
تتمدد فراشا وغطاء تمزجني بها مزجا تفتتني حتى لا يبقى من كياني إلا
هي إلا التراب
هذا أنا أقف حائرا بين أمرين اثنين لا أدري أيهما أيسر وأجدى ،
الإقدام إلى القبر أم العودة إلى الرحم ؟
لست أدري والزمن مسرع بطبعه ما أمهلني ولن يمهلني طرفة عين لأفكر
وأقرر وأنفذ ،
ربما النكوص أسلم والحنين إليه عارم لا يقاوم فمنه جئت حتى وإن كنت لا
أذكر كيف عشت آنئذ ،
أما الإقدام فمغامرة لا مندوحة عنها ولكن هل من بأس إن تأجلت ،
و هل من الأفضل أن تتأجل وتتأجل أقصى ما يمكن
قد يكون الرحم والقبر سيان
رحم الأم بدفئه وحمايته وحنانه ، والأرض بذراتها وأديمها وترابها الذي
هو منا ونحن منه وإليه ،
لا أدري أهو رحم رحيم أيضا ،
وأيا كان الحال ، لن تكون النهايات في غموضها وانغلاقها إلا صورة
للبدايات بغموضها وانغلاقها ،
ويبقى ما بينهما دام سنينا أو عقودا أو قرونا ، جملة اعتراضية بين العدم
والعدم نسميها حياة ،
هي الأولى ،فانية ،فأين مني الأخرى الباقية؟؟
بنعيمها بخلودها وجناتها التي وعد الله بها عباده المتلهفين طمعا في
رحمته وتوسلا لغفرانه وشوقا لرضوانه ،
أين مني الوعد الموعود والسفر المحتوم ، فمهما طال الإنتظار هو آت
، ومهما تناءى فهو قريبا آت ،
الأيام كلمح البرق الخاطف تمر وما أشد اشتياق من يرنو لما هو آت ،
فلأتقدم غير هياب للأمام ما دام النكوص مستحيلا
وما دام السير إلى الغد بثقة واطمئنان لن يوصل إلا إلى رحم الأم أمنا
الأرض
رابح التيجاني
التعليقات (0)