مواضيع اليوم

الأرض التي تمجدونها ادوسها بحذائي

حسنين السراج

2012-02-07 21:50:24

0

 

طفلة بعمر الزهور تعرضت لحادث واصيبت عينها . بعد مراجعات طويلة وعريضة في المستشفيات وعيادات الاطباء وصلوا الى نتيجة أستحالة علاج عينها وكل ما يستطيعون فعله هو قلع العين ووضع عين زجاجية . كان الأمر قاسي على العائلة وعلى الطفلة . فقرروا المحاولة خارج العراق فأتصلوا باحدى منظمات المجتمع المدني فأرسلت لهم المنظمة رسالة تطلب منهم تقرير طبي متكامل عن حالتها . فذهبت الام الى المستشفى وطلبت منهم تقرير كامل ومفصل عن حالتها فقالوا لها ( ليس لدينا غير ما زودناكم به سابقا من نتائج الفحوصات ) فذهبت الام الى الطبيب الذي أشرف على حالتها وبرفقتها الطفلة وطلبت منه تقرير طبي يشرح حالتها بالتفصيل كي يرسلوه لتلك المنظمة فأنفعل الطبيب وأشتعل غضبا وقال للام ( اني مو كايللكم ما الهة حل ليش تلحون ماكو تقرير قلعوا عينهة وركبولهة عين زجاجية وفضوا السالفة) بقيت الام مذهولة غير مصدقة . وحين سمعت الطفلة كلام الطبيب أنفجرت بالبكاء وقفزت الى حضن امها وهي تنظر الى الطبيب بخوف وحزن 


دعكم من هذا الكلام المستهلك ( هذا الطبيب حالة منفردة وهناك نماذج مشرفة ) النماذج المشرفة ليس لها قيمة أذا كان اصحاب الكلمة في مؤسسات الدولة شخصيات منحطة كهذا الطبيب . الأشخاص الطيبين والشرفاء أذا لم يكن لهم تأثير فهم لا يختلفون شيء عن اللات والعزى وهبل . 

أي شخص تحدثه سيقول لك ( حكومة كلها حرامية وقتلة ) لم أجد لوحة تعبر عن الواقع العراقي أكثر من الحكومة العراقية فهي انعكاس لواقع المجتمع . لاادري كيف يريد المجتمع الذي يتسم نسبة لا يستهان بها من أبنائه بالانانية واللئم والحقارة والسطحية أن ينتج حكومة توازي حكومة بريطانيا العظمى . تعسا للشعب الذي يذل ابنائه أحدهم الاخر . 

الى متى تبيعون علينا وطنيات وكلام فارغ ليس له معنى وهل نوري المالكي هو من قال لهذا الطبيب ان يكون أرعن وساقط ومنحط اخلاقيا ؟؟؟ قطعا لا . هو من ذاته تبرع بكل ما يملك من سقوط اخلاقي لأطفال العراق . 

وهل موظف الاستعلامات في أي دائرة أوصاه جلال طالباني ان يكون سيء الخلق مع المراجعين ؟؟؟؟ طبعا لا هو من ذاته ساقط خلقيا وهو ابن المجتمع . 

موظفة مسؤولة عن البريد الالكتروني لاحدى الوزارات وكان احد المراجعين قد طلب منها شيء واحد وهو التأكد فقط هل وصلت الرسالة الالكترونية الخاصة بعمله مع الوزارة أم لا فقالت له الموظفة ( اي رسالة ما وصلت) لكن الرجل يعرف جيدا ان عليه المحاولة مرة اخرى . فطلب من احد الموظفين المنصفين أن يتأكد له فدخل الموظف وطلب منها التأكد من وصول البريد الألكتروني فقالت له نفس الجواب . فقال لها بعد ان نظر الى الحاسوب ( مااشوف فاتحة أيميل الوزارة أشوف بس الفيس بوك ) فقالت له (رجاءا لا تتدخل بعملي ) فذهب الى المدير و شرح له الحالة فذهب المدير بنفسه وأضطرت لفتح البريد الألكتروني الخاص بالوزارة ووجدوا الرسالة التي ينتظر المراجع وصولها موجودة منذ ايام . 

لاأعتقد ان هذه الموظفة مدفوعة من نوري المالكي او من جلال الطالباني أنها أبنة هذا المجتمع . وفيه ترعرعت ومنه تعلمت . لم أجد شعب يضحك على نفسه كشعبنا البطل . لا أدري لماذا تزعجوننا بجمل مجة وسخيفة مثل ( هؤلاء يمثلون أقلية او هؤلاء ليسوا قياس أو هؤلاء شواذ عن القاعدة ) أذا كان معظم الشعب طيبين وحريصين في عملهم ومنصفين مع الاخرين والسيئين أقلية لكنهم متنفذين في كل مفاصل الحياة فتعسا للاغلبية الطيبة التي يصعد على اكتافها أقلية سيئة . ماأراه من خلال الواقع أن الموظف الذي حاول مساعدة المراجع يمثل أقلية وأذا كان امثاله أغلبية فهي اغلبية لا قيمة لها لان تاثيرها أقل من تاثير النموذج الذي تعبر عنه هذه الموظفة . 

الشعوب التي يكون الطبيب والشرطي والموظف والمهندس فيها حريص على مشاعر الاخرين ويتعامل مع الاخر على أنه انسان يستحق كلمة طيبة في أقل تقدير . هكذا شعوب هي من تستحق حكومات نزيهة وشريفة بل هي من تنتجها .اما الشعوب المنشغلة بتمجيد ذاتها وتبجيلها بمناسبة وبدون مناسبة هي شعوب تنتج حكومات تناسبها وعلى مقاسها . الشعوب الذي يهتم أبنائها جدا في اذلال بعضهم البعض لا تستحق حكومة ناضجة ولا تقدر أصلا على أنجابها . الشعوب التي تنتج موظفين يعطلون مصالح الناس ويذلوهم لا تستحق حكومة منصفة . 

هذا واقعنا وهذا مجتمعنا . مجتمع لا يعرف فيه الطبيب معنى مراعاة مشاعر طفلة . ماذا يفعل 

 فيه 

المجرم برايكم ؟؟؟ مجتمع تنشغل فيه الموظفة بالفيس بوك وتعطل مصالح الناس . ماذا يفعل 

فيه 

 

 

السارق  برايكم ؟؟؟ أنا متأكد أن هذا الطبيب الخنزير لو تحدثنا معه في السياسة سيصدع رؤوسنا في أنتقاد الحكومة والحديث عن الوطنيات وكيف أن الشعب مظلوم وكيف ان العراق أرض الحضارات (والخ من الخريط والكلاوات ) . اذا كان هذا النموذج يمثل أغلبية فهذه مصيبة أما أذا كان يمثل أقلية لكنه سائد ورائج فالمصيبة أعظم وأكبر . 

 

 التطور الطبيعي للمجتمعات بعد نهاية عصر دكتاتوري يبدأ بخط شروع . لكن ياخذ وقت طويل جدا . ولا اعتقد اننا سنشهد هذا اليوم الذي يصبح فيه الأنسان فوق كل أعتبار. طالما ان هناك شخصيات بمنتهى السقوط الاخلاقي كهذا الطبيب وتتغنى بالوطن وترابه سابقى أشعر براحة عميقة وأنا أدوس يوميا بحذائي على هذه الأرض لان كرامة هؤلاء لا تتحدد من خلال أحترامهم لكرامة الأنسان ومشاعره بل من خلال حفظ تراب الوطن ولا أدري ما هي قيمة التراب مقابل قيمة الانسان ؟. طالما ان هناك أشخاص يدوسون على كرامة الأنسان ومشاعره ويمجدون الأرض ويقدسوها سابقى اشعر براحة كبيرة وأنا أطبع حذائي على هذا التراب الذي يبكي عليه من لا يعرفون معنى كرامة الانسان . في الوقت الذي سيكون للانسان كرامة ووزن ولمشاعره قيمة سيكون لتراب هذا الوطن قيمة ووزن لان قيمته تحدد من قيمة الأنسان الذي يسير عليه ومدى حصوله على الأحترام . 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !