الأرضية التأسيسية لحركة 20 فبراير
يعيش الشعب المغربي اليوم واقعا حافلا بكل مسببات الإهانة التي يشعر بها المواطن في كل ثانية، بتردي الحالة الاجتماعية للأغلبية الساحقة التي تتعمق حدتها بغلاء الأسعار وتدني الأجور وتفشي البطالة حتى في صفوف حملة الشواهد العليا الذين تقابل مطالبهم العادلة والمشروعة بالتعامل اللاإنساني من طرف النظام، وانتشار الأمية وتدني مستوى التعليم، أما مستوى انتهاك الحريات وحقوق الإنسان واختلال ميزان العدالة فقد بلغ في "العهد الجديد" درجة تجعل النظام مسؤول عن "سنوات رصاص" جديدة، تتجلى في التضييق على الصحافة و قمع المظاهرات وعودة الاختطافات والتعذيب في السجون السرية والعلنية، وكذا تفشي الرشوة والمحسوبية، وتشجيع اقتصاد الريع، وهي الأوضاع التي ينطق بها الواقع المعيش، وتقر بها تقارير المنظمات الدولية.
ومن جهة أخرى يلاحظ تغييب الإرادة الشعبية عن صناعة القرار من خلال مركزة كل السلط في يد الملكية والاكتفاء بمؤسسات صورية ، من برلمان فاقد لكل دور حقيقي في تمثيل مصالح الشعب وحكومة معينة على أساس الولاءات الشخصية والمعايير المخابراتية لتقوم بدور الواجهة التي تخفي الماسكين بزمام القرار المنتمين للحاشية الملكية.
إن هذه الوضعية التي رسمنا تجلياتها نعتبر الملكية من تتحمل المسؤولية الأولى في تكريسها، ما دام أنها الماسكة الحقيقية بكل خيوط التأثير في جميع القرارت التي تحدد مصير الشعب، ومادام أنها المسؤولة عن تعيين فاقدي المصداقية والفاسدين في مراكز القرار .
أما التوجه " الإيجابي" الذي سارت عليه الملكية منذ تولي محمد السادس العرش بإظهار النظام حسن نيته من خلال توسيع طفيف جدا لهامش الحريات مع ما رافقه من إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة وباقي المبادرات الأخرى... تبين بعد زمن يسير أنه مجرد مناورة لتلميع صورة النظام المشوهة في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، من أجل التزود بوقود جديد للانطلاق نحو الاستبداد الذي نرزح تحت نيره اليوم.
إن المبادرات الملكية في الميدان الاجتماعي والاقتصادي، وإن كنا نقر بوجهها الإيجابي، فإننا نعتبرها غير كافية لتحسين أوضاع المغاربة، بل إن الأزمة الاجتماعية والاقتصادية في تفاقم مستمر، لينكشف أن الدور الوحيد لما يسوق هو توجيهه الاستهلاك الداخلي، خصوصا لما يتعلق الامر بمشاريع عادية لا تتعدى الجهة المنوطة بها صلاحية إنجازها جماعة محلية مثلا، فتكون تكاليف تدشينها أكبر من الميزانية المرصودة لإنجازها والمصلحة التي خصصت لأجلها.
كما نسجل انسحاب المغرب من موقعه على الساحة الدولية، مما يؤثر على مصالح الوطن، وكذا تخاذل مواقف النظام عن نصرة قضايا وطننا الكبير بشكل لا يعبر عن المواقف الحقيقية للشعب المغربي، خصوصا القضية الفلسطينية والقضية العراقية...
إننا نتوجه للشعب، فلا حاجة للتذكير بكل الأوضاع الشاذة التي ترسم معاناته، فلا جدوى من تذكير الضحية بألم سوط الجلاد.
لقد أصبحت ساحة الفعل من أجل الشعب اليوم تبدو فارغة من كل معبر حقيقي عن إرادة الجماهير يدفع في اتجاه حصول الشعب على كرامته، لذا فما على هذا الأخير إلا أن ينتفض ليزيح جدار الخوف وينطلق نحو تحطيم الأغلال المضروبة حول أعناق أبنائه منذ قرون.
إن اللحظة التاريخية التي يمر بها العالم اليوم تعتبر مفصلية في رسم آفاق المستقبل، إما السير نحو تكريس إرادة الشعب، أو الإندحار نحو حفر الإستبداد وتكريس واقع الاستعباد، فإذا ضيعنا هذه الفرصة سنحكم على أجيالنا القادمة بعقود أو قرون أخرى من المعاناة.
يبدو أن شروط الانتفاضة تبدو قائمة اليوم أكثر من أي وقت مضى، فالموقد لفتيل الثورة في نفوس من ينتمون لجنس الإنسان هي الشعور بفقد الكرامة، والمواطن اليوم يتعرض لشتى الأوضاع الماسة بإنسانيته، مادام أن الحاكم لا يعتبره أكثر من مجرد رقم غير قابل للتصنيف إلا في صف المصفقين والهاتفين باسم "جلالته" أمام عدسات التلفزة الرسمية، وغير قابل لأن يكون موضوعا لسياسة معينة إلا سياسة التفقير والتجهيل والتضليل التي تتيح للحاكم دوام الجلوس على الكرسي!
إن المرحلة تفرض على شباب هذا البلد وشيوخه التحرك من أجل رسم آفاق مشرقة للمستقبل، ومن هذا المنطلق نعلن عن تأسيس "حركة 20 فبراير من أجل الكرامة" وهي حركة مستقلة عن كل الأحزاب والنقابات وباقي التنظيمات الموجودة في الساحة، تقتنع وتلتزم بالعمل في إطار ما تتيحه المواثيق الدولية لحقوق الإنسان من إمكانات للفعل الميداني، هدفها هو العمل إلى جانب الشعب المغربي من أجل المطالبة بكرامته والعمل من أجل صالح هذا الوطن بمحاربة كل الفاسدين الواقفين ضد الإرادة الشعبية.
ولتحقيق هذا ندعو كل المغاربة إلى التظاهر السلمي المتواصل يوم 20 فبراير 2011 أمام كل المصالح الإدارية للدولة، إلى حين تحقيق مطلب الشعب في الكرامة والحرية.
إن ما ندعو إليه لا يرتفع عن أرضية المطالبة بالكرامة فحسب دون حصر البعد الذي تتحقق فيه، إلا أننا نرى ألا ينزل سقف الإصلاحات التي نعتقد أنها تحقق الحد الأدنى من الكرامة عما يلي:
ــ إلغاء دستور 1996 وتهييء الظروف لانتخاب هيئة تأسيسية من طرف الشعب تناط بها مهام إعداد دستور يعرض للاستفتاء، نقترح أن يقوم على أسس حديثة تأخد فيه الملكية شكلها الحديث كرمز لوحدة الأمة، دون صلاحيات تنفيذية أو تشريعية أو قضائية.
ــ إقالة الحكومة الحالية، وحل البرلمان بمجلسيه.
ــ تعيين حكومة انتقالية، تناط بها مهام اتخاذ مبادرات عاجلة من أجل التخفيف من حدة الأزمة الاجتماعية بخفض الأسعار والزيادة في الأجور وفتح صندوق عاجل للتعويض عن البطالة وتشغيل جميع حاملي الشهادات المعطلين فورا بدون قيد أو شرط.
ــ تطبيق القانون على الجميع بمحاكمة كل المفسدين وكل من ثبت تورطه من المسؤولين في جرائم ضد الشعب المغربي.
ـــ إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين.
إن الحركة إذ تفتخر بكون مؤسسيها أول من دعا بشكل جدي بشكل جدي إلى الانتفاضة كحل واقعي للخروج من الوضع الحالي مذ أن كانت غير معلنة، لتشعل بعدها الغضب في نفوس الكل الأحرار الذين ساروا على نهج هذه الدعوة و إن بأبعاد مختلفة، فإنها تعبر عن استعدادها للعمل مع الجميع على أرضية المطالبة بالكرامة.
سليم ماضي (فتح الله الحمداني) , حركة 20 فبراير من أجل الكرامة، 30 يناير2011
fevrier.fatah@gmail.com
تنويــه: هذه مجرد أرضية أولية اقتضتها ضرورة السرعة في الاستجابة لمتطلبات المرحلة
التعليقات (0)