الصين لم تستهدف طموح الفقراء فقط لجذبهم إلى صفوف مستهلكيها معتمده على رخص سعر السلع ومطابقتها – من حيث الشكل فقط – للماركات العالمية، وإنما إتجهت أيضا لجذب أصحاب العلل والأمراض المزمنة – وما أكثرهم حول العالم – لآستنزاف أموالهم بطرح عقاقير طبية – يدعوا فاعليتها- في علاج جميع الأمراض، ومع الوقت وملاحظة إنتشار هذه العقاقير القادمة من الصين وسيطرتها على سوق الدواء وتكالب المواطنين على شراؤها تم تحليلها معمليا بمعرفة وزارة الصحة فتبين ان 99% من هذه العقاقير خالية من المواد الفعاله تماما بل وتحتوي على مواد ضارة تصيب بأمراض عديدة أخطرها السرطان.
يقول الدكتور فواز عبد الفتاح فواز "صيدلي": الأدوية الصينية غير مصرح بها من قبل وزارة الصحة فيما عدا صنف واحد وهو " D.D.P" لعلاج أمراض الكبد فقط أما باقي العقاقير المطروحة بالصيدليات للجمهور فهي أدوية مهربة وتوزع على الصيدليات عن طريق "تجار الشنطة" وغالبا ما تلجأ شركات الأدوية الصينية "شركات غير مرخصة أيضا" بآستهداف المنتجات أو العقاقير الدوائية المرتفعة الثمن، فتقوم بتقليدها تماما في الشكل فقط، أما المضمون فلا علاقة له بالأصل، وليس الصين فقط بل دخلت الهند في المنافسة على تقليد الأدوية الغالية العالمية التي تنتجها شركات دولية مثل "فايزر وهوكست وآبيكس ونوفارتس " وغيرها من الشركات التي تتكبد الكثير على الأبحاث والتجارب لإنتاج هذا الدواء وتسويقة عالميا وإشهاره ليأتي بعد كل هذا المجهود ويقوم مصنع صيني أو هندي "غير مرخص له في بلاده بإنتاج هذا العقار – بتقليده تماما وتهريبه إلى الدول النامية التي يبحث المواطن بها على الدواء الرخيص أو المنتج – الدرجة ثانية – دائما.
ويشير فواز إلى أن الأدوية المرتفعة الثمن دائما ما تخص مرض خطير لا يحتمل معه "الهزار" فمثلا هناك عقار لعلاج جلطات الدم وهو مرض يستوجب السرعة والدقة في التعامل معه لتخطي فترة الخطر، فما بالك لو كان عقارها الدوائي المراد منه تذويب الجلطة "مضروب؟!، فمثلا عقار "Brevibloc vail " هو عبارة عن "حقنة واحدة ثمنها 659 جنيه لعلاج تجلط الدم يباع الصيني المهرب منه بثمن خيالي 40 جنيه!، وعقار "Tambocor Tab" أيضا لعلاج الجلطة ثمنه الأصلي 410 جنيه يباع بمبلغ 120 جنيه، وعقار "Streptase vil" لعلاج الجلطة ويصل سعر الحقنة الواحدة إلى 375 جنيه ويباع الهندي منها بمبلغ 100 جنيه، وأيضا عقار Plavix Tab" وهو من أشهر أدوية علاج جلطات القلب في مصر وأكثرها إنتشارا وثمنه 340 جنيه للعلبة 10 أقراص، يباع منها الصيني بمبلغ 140 جنيه والهندي بمبلغ 200 جنيه، وكلاهما عديم الفاعلية.
ويضيف فواز.. والأخطر من هذا غش عقاقير التخدير أثناء إجراء العمليات الجراحية، مثل " Aethoxysklerol Amp" " وهي حقنة تعطى للمريض ضمن عقاقير التخدير أثناء العمليات الجراحية ثمن الواحدة 110 جنيه وتباع الصيني منها بمبلغ 50 جنيه، وهذه الحقنة خطورتها تكمن في أن الخطأ في الجرعة ولو ضئيل سواء بالزيادة أو النقص قد يؤدي لموت المريض.
وتشير دكتورة الشيماء شفيق نجدي "صيدلانية" إلى أن التقليد الصيني والهندي للأدوية لم يترك عقارا مرتفع الثمن إلا وطالته فقد تم تقليد أصناف مثل مضادات الفطريات " Spectra gel" وثمنه 190 جنيه ليباع الهندي بمبلغ 45 جنيه و "Neotigason 25 mg" لعلاج حبوب الوجه وثمنه 240 جنيه ويباع الصيني منه بمبلغ 70 جنيه، وعقار "Roaccutene 20 mg" ويباع الأصلي بمبلغ 370 جنيه والصيني بمبلغ 150 جنيه.
وتضيف.. هذه العقارات جزء ضئيل من مجموع العقاقير التي يوزعها "تجار الشنطة على الأسواق" بل وهناك عقاقير أخرى لعلاج العقم والأمراض الجلدية المستديمة مثل الصدفية والبوهاق وجميعها "وهم" عديمة الفائدة أسعارها مرتفعة جدا، أما عن أكثر الأدوية الصينية والهندية تداولا بين المواطنين "شباب وكهول وشيوخ" هي المسكنات مثل "الترامادول والأمادول والكونترمال و التامول" وسعرها رخيص يتفاوت بين "10-25 جنيه" حسب التركيز، ويستخدمها البعض "للدماغ" والغالبية يستخدمونها كمنشط جنسي "لتأخير القصف الجنسي" وقليل جدا من المواطنين يتعاطونها كمنبهات للسهر، وأيضا المنشطات الجنسية "للإنتصاب" نتيجة تقدم العمر أو بسبب الإصابة بأمراض أخرى مثل السكر فسوقها رائج جدا وباتت مطلب لعدد كبير جدا جدا من المواطنين وبيعها في الصيدليات أصبح علينا خاصة وأن وزارة الصحة قد صرحت ببيع عدد من هذه المنتجات في الأسواق، لكن في الواقع فإن المواطن يبحث عن الهندي والصيني ولا يرغب في شراء المنتجات المصرية بالرغم من أنها آمنة أكثر وفعالة أيضا، وجميع الأدوية التي سبق الإشارة إليها يقوم بتوزيعها شباب – تجار الشنطة- ويتكالب عليها الصيادلة بسبب زيادة الطلب عليها وأيضا لأن سعر البيع للجمهور حر، وبالتالي فإن المكسب عالي جدا.
يضيف اللواء سعد جميل "ضابط شرطة بالمعاش" أن هذه الأدوية سواء كانت مقلدة لماركات عالمية أو عقاقير مخدرة أو منشطات جنسية" يتم تهريبها إلى السوق عن طريق مستوردين يتحايلون على القوانين بشكل أو بآخر لتهريبها من الجمارك بدون فحص، وذلك أما عن طريق إستغلال النفوذ أو الفساد الإداري والفني في بعض المنافذ البحرية أو البرية، وجزء آخر يتم تهريبة عن طريق مجموعة من المهربين البدو المسيطرين على المنافذ البرية سواء الشرقية أو الغربية أو الجنوبية، وبعد وصول هذه البضاعة إلى التاجر الرئيسي أو المستورد يقوم ببيعها إلى "تجار الشنطة" بضعف السعر ثم يجوب تاجر الشنطة المدن والقرى لتوزيعها أيضا بضعف الثمن الذي إشتراها بها ليبيعها الصيدلي أيضا بضعف الثمن وبالرغم من ذلك تصل للمستهلك بنصف ثمن العقاقير الأصلية، وبالتالي فإن الربح الكبير يدفع الجميع للإتجار في هذه المواد سواء عقاقير طبية مقلدة أو منشطات والمواطن يبحث عنها لأنها أقل بكثير من الأصلية، واحيانا يبيعها الصيدلي وكأنها الأصلية "سواء كان يعرف أنها مقلدة أو لا "، وهذا يجعل أمر مكافحة مثل هذه الأدوية أمرا شبه مستحيلا.
ويؤكد حسن صادق المحامي أن القانون لا يجرم بيع المنتجات الغير مرخصة وإنما يمنعها بمعنى أن العقوبة تكون في غرامة فقط في حالة ضبط أقراص منشطات جنسية أو غيرها من العقاقير المهربة أما بالنسبة للأدوية المخدرة مثل الترمادول فالحال كما هو حال الأدوية الجنسية وبالتالي فإن العقوبة هي الغرامة لكن يضاف عليها عقوبة الحبس – مع إيقاف التنفيذ – في حالة ثبوت المخدر في تقرير وزارة الصحة "وهو مالم يحدث" لأن تقرير وزارة الصحة يؤكد – في حالة اللجوء للوزارة – أن العقار "مسكن" وبالتالي فالعقوبة على فعل بيع وتداول عقار طبي دون تصريح.
أما عن دور وزارة الصحة فالأمر متروك للتفتيش الصيدلي وللحقيقة – كما توضح الدكتورة الشيماء شفيق نجدي- أن التفتيش الصيدلي لا يتوانى عن البحث والتفتيش داخل الصيدليات لكن الأمر صعب لأن التفتيش لا يتطرق لجميع دروب ومخابئ الصيدليات، وفي حالة ضبط أيا من الأقراص والعقاقير السابق الإشارة إليها يتم إعدامها أمام الصيدلي فقط، وذلك حسب تعليمات وزارة الصحة ولا يملك المفتش أو المفتشة الصيدلانية غير ذلك لفعله تجاة الصيدلي المخالف.
ويشير محمد محمدي "موظف بجهاز حماية المستهلك" .. الحل الوحيد للقضاء على ظاهرة الإتجار في الممنوعات أو العقاقير الطبية الغير مصرح بها هي توعية المواطنين بمخاطر وسلبيات تعاطي هذه العقاقير سواء مسكنات أو منشطات او أدوية وبالتالي سوف يقل الطلب الجماهيري عليها وبالتالي فإن الصيدلي لن يشتريها والتاجر لن يستوردها أو يهربها، أما طرق المكافحة التقليدية سواء تفتيش صيدلي أو تفتيش الشرطة أو أي وسيلة أخرى فالأمر لن ينتهي مهما حدث لأننا في مصر محكومين بقواعد فساد وآستغلال سلطات كفيلة بتدمير الحدود والعباد وأي شيئ.
التعليقات (0)