مواضيع اليوم

الأدب والثقافة - مقاربة لا بد منها

nasser damaj

2009-04-14 21:17:36

0

الأدب والثقـافة.. مقاربة لابد منهـا


 فضاء الكلمة

 
بقلم : خليل إبراهيم الفزيع

 
في ظل غياب المصطلح النقدي الذي يؤطر الأدب أو الثقافة بحدود لا يمكن تجاوزها، يظل باب الاجتهاد مفتوحا أمام المشتغلين بالأدب خاصة، والثقافة عامة، حين الحديث عن المقاربة بين ما هو أدبي وما هو ثقافي ليدلي كل منهم بدلوه دون حرج أوتردد.
فالأدب هو ثقافة بشكل مطلق، لكن ليست الثقافة أدبا بشكل مطلق، بل هي بشكل نسبي يعتمد أساسا على مدى اقتراب هذه الثقافة من الفنون الأدبية المعروفة من شعرونثر، بمعنى إذا كان الأدب هو أحد النشاطات المنتجة للثقافة، فإن الثقافة يمكن أن تنتج أدبا أيضا ضمن ما تنتجه من عناصر ثقافية مختلفة.
لابد إذًا من تجاوز الأدب مفهومه التقليدي ليصبح ثقافة عامة متاحة للجميع، وعلى المؤسسة الأدبية التنازل عن أبراجها العاجية والتفاعل مع نبض الحياة العامة الذي هو قوام منتجها الإبداعي، وهنايأتي دور المؤسسة الثقافية لتستوعب معطيات الإبداع الأدبي الذي ظل بعيدا عن دائرةاهتمامها وإلى عهد قريب، مع أن حالة الوئام لابد منها في العلاقة بين الأدب والثقافة وبذلك تتمكن المؤسسات الثقافية من إنتاج إبداع أدبي متميز ضمن ما تنتجه من أدوات ثقافية مختلفة، بعد أن ظل الإبداع ضمن حدود ضيقة لا يراد له أن يتجاوزها،وألوان معينة لا يراد له أن ينعتق منها، مما أعاق تجسير علاقته بالثقافة بمعناها الواسع والشامل.
في إطار هذا التوجه جاءت محاولة المؤسسات الأدبية للانفتاح على ألوان ثقافية أخرى، تخدم المجتمع بمقدار خدمتها للثقافة، تمردا على مفهوم الأدب للأدب، فأي أدب لا ينتفع به هو مجرد ثرثرة قد تشبع نهم فئات تعوّدت على الاسترخاءداخل الذات، وعدم الاهتمام بالناس والمجتمع، لكنها لن ترضي حتما المؤمنين بأن الأدب للحياة، وأن أي منتج أدبي لا يستقي مادته من نبض الحياة، ويسعى إلى تطوير أدواته لخدمة الإنسان هو أدب يمكن الاستغناء عنه بسهولة، دون الشعور بفقدانه من دائرةالإبداع.
ففي ظل معطيات العصر لا يمكن التسليم بسهولة بمقولة أن الأدب للأدب وتجاهل مقولة ان الأدب للحياة خاصة بعد ان اصبح تلاحم الادبي والثقافي من الظواهرالمعروفة لدى المهتمين بالشأن الأدبي أو الثقافي، فلا عجب بعد ذلك أن تتحول بعض المؤسسات الأدبية إلى مؤسسات ثقافية، دون أن يفقدها ذلك رسالتها الأدبية، مما يتيح لها الانفتاح على عوالم معرفية جديدة، بكل ما تشمله فضاءات الثقافة من تنوع وتجددوتفاعل مع الحياة بما فيها من أفراح وأتراح، وآمال وآلام، وتناقضات تشتد تأزما كلمااوغل الزمن في مساره غير المتناهي. وانفتاح المؤسسة الأدبية على أطياف الثقافةالمختلفة - دون أن تتخلى عن دورها الأدبي - يضعها أمام مسئولية الانتخاب الواعي لألوان الثقافة ذات الاتساع والتعدد الكبيرين، فهذا الاتساع والتعدد في الألوان الثقافية بقدر إيجابياته، يخبىء شيئا غير قليل من القنابل الموقوتة التي يمكن أن يشوه انفجارها المقاربة المنشودة بين الأدبي والثقافي، فليس كل ما هو ثقافي يمكن أن يستظل بمظلة الأدبي .. هناك ألوان رديئة وغير محايدة في تعاطيها مع القيم والمثل بل وأساليب التعاطي الإنساني القارّة في المجتمع، حيث تسعى وبتخطيط متقن لاستلاب الارادة، وتهميش الأصالة، وصولا إلى حالة التغريب والشتات التي بدأت بعض المجتمعات تعاني سلبياتها المعروفة نتيجة جريها المحموم للتقليد الأعمى، والتبعية الممقوتة.
الوعي بخطورة هذا التقليد وهذه التبعية، هو ضمان الوصول إلى الأفضل حين تصبح المقاربة بين الأدبي والثقافي أمرا واقعا وملموسا لدى الجميع، وهي مقاربة لابد منها في نهاية  الأمر.



التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات