مواضيع اليوم

الأدب المغاربي...أية خصوصية

نوارة لحرش

2009-06-05 11:18:37

0


الأدب المغاربي...أية خصوصية
نظرة عليه من شرفة مغاربية ومشرقية


اليوم نفتح نافذة على الأدب المغاربي ،هذا الذي شكل تاريخه وراهنه في خضم الكثير من التيارات والحضارات بحكم المنطقة التي وجد فيها، وهي منطقة تواترت فيها الكثير من الحقب والسياسات والإيديولوجيات والأحداث التي كان لها تأثير مباشر وغير مباشر على نسق هذا الإبداع الذي ولد بمعزل عن الكثير من الضوء الذي يليق به، لكنه استطاع مع الوقت أن يفتك هذا الضوء الذي يستحق وهذا الإعتراف وأيضا الإحتفاء عربيا وعالميا. في هذا الملف المفتوح على مداه للأدب المغاربي، كتاب وأدباء من الجزائر والمغرب ومن بعض الدول العربية يتحدثون عن ميزات وسمات وخصوصية هذا الأدب، ويعترفون بقيمته وقيميته. يتحدثون عنه كل من منطلقه،ومن منطلق كيف قرأوا هذا الأدب ، كيف وجدوه، كيف وجدوا سقفه الجمالي والإبداعي. وما الذي حققه على مستوى الخارطة العربية والعالمية، وهل مازالت النظرة المشرقية تراه من الزاوية الضيقة/ أو الأضيق بعض الشيء. نقترب من كل هذا ومن لغة تحتفي أكثر بهذا الأدب عبر هذا التحقيق الأدبي.

تحقيق / نـوّارة لـحـرش

الخير شوار / روائي وكاتب جزائري

                 (الكتابة المغاربية تشتغل على الفكر والتراث المحكي،وهي تختلف عن الكتابة المشرقية)

المغاربيون، كانوا يكتبون "أدبا مشرقيا" فيه الكثير من التقليد والقليل من الإبداع وكان الصاحب بن عباد صادقا عندما قال: "بضاعتنا ردت إلينا"، وهو الوصف الجامع المانع في التجارب المغاربية القديمة. ولم يتخلص المغاربيون من عقدة "التمشرق" إلا عندما كتبوا "الأدب المغاربي"، ومن سخرية الأقدار أنهم فعلوا ذلك في بداية الأمر باستعارة اللسان الأجنبي، فكانت تجربة محمد عزيزة في تونس، وإدريس الشرايبي في المغرب ومولود فرعون ثم محمد ديب في الجزائر. وبينما كانت مشكلة هوية هذا الأدب مطروحة، هل هو فرنسي بوجدان عربي أم عربي اضطر لاستعارة اللسان العربي؟، جاءت تجربة محمود المسعدي بلغة عربية أقرب إلى لغة امرئ القيس وبفكر من أحدث الصيحات الفلسفية العالمية حينها، التي جاءت قبل كاتب ياسين ومالك حداد وغيرهم الذين حققوا فتوحات مهمة باللسان الفرنسي، ومع تلاحق تجارب الكتابة باللغتين بدأ يتشكل اتجاه الكتابة المغاربية الذي يشتغل على الفكر والتراث المحكي، مختلفا عن المدرسة المشرقية القديمة التي برعت في الاشتغال على اللغة العربية الكلاسيكية. لكن هذا التقسيم المغاربي- المشرقي بدأ يزول شيئا فشيئا مع تلاحق التجارب المغاربية والتجارب المشرقية وظهور الكثير من التجارب الجميلة في الاتجاهين. وبخصوص تجربتي الخاصة في الكتابة، فقد كنت قارئا سلبيا مدة طويلة (أقرأ ولا أفكر في الكتابة) عندما كنت مستهلكا للأدب المشرقي الحديث نسبيا، لكني شعرت بالكتابة وقول ذاتي كما هي عندما اطلعت على النصوص المؤسسة للأدب المغاربي الحديث، ولا تهمني نظرة المشارقة للأدب المغاربي إن كانت منصفة أو "ضيقة"، فعلى الكاتب أن يكون ذاته، لا غيره وأن ينال احترام نفسه قبل أي شيء، ولا أرى في النهاية داع لهذه الازدواجية مشرق- مغرب فالمشرق أصبح مشارقا والمغرب أصبح مغاربا.

سعيد خطيبي /شاعر وصحفي جزائري

               (الراهن صار يطرح فرضيات "التنافر" أكثر من فرضيات "التقارب")

في الحقيقة،عبارة "الأدب المغاربي" ليست أكثر من مصطلح أدبي فرضته حقبة تاريخية ماضية ميّزت ثلاث دول من منطقة شمال أفريقا، ونقصد هنا تونس، الجزائر والمغرب، والتي عايشت نفس التجربة الكولونيالية تحت سطوة السلطة العسكرية الفرنسية. برز فعلا هذا المصطلح خلال النصف الأول من الخمسينيات، مع بداية "المد الثوري" بدايات نشر أولى التجارب الروائية المغاربية الجادة، والتي ساهمت في إيصالها إلى القارئ مبادرة منشورات "لوسي" الفرنسية، تحت عباءة السلسة الروائية "ميدي تيرانيه" التي كان يشرف على إدارتها آنذاك ابن مدينة وهران ايمانويل روبلس، خصوصا مع الجزائريين مولود فرعون، محمد ديب ومولود معمري والمغربي محمد خير الدين. ولكن مع أولى إصدارات التونسي المعروف ألبير ميميه أيضا، صاحب "تمثال الملح" (1953) و "أغار" (1955). واستمر تداول المصطلح نفسه إلى غاية السبعينيات من القرن الماضي بغية الإشارة إلى مجموعة نصوص ومؤلفات من توقيع كتّاب ينتمون إلى نفس الرقعة الجغرافية ويشتركون حول همّ شجب المنظومة الاستعمارية والتأكيد على حق "الأهالي" في تقرير المصير وتحديد الخيارات. كما وجبت الإشارة، في السياق نفسه، إلى أن أهم المنظرين لمصطلحات "المغاربية" في الأدب هما على التوالي المفكر المغربي عبد الكبير الخطيبي الذي وقع، نهاية الستينيات، مذكرة دكتوراه في السوسيولوجيا حول موضوع "الرواية المغاريبة" عن جامعة السوربون الفرنسية ثم الناقد الفرنسي والذي أقام مطوّلا في الجزائر جون ديجو صاحب كتاب "الأدب المغاربي"، الصادر مطلع السبعينيات، وكذا الفرنسي الآخر شارل بون الذي وقّع، سنوات السبعينيات عديد الأطروحات والمقالات حول نفس الموضع. بعدما جمع بين عديد كتّاب المنطقة المغاربية، خلال العشريات الماضية، همّ "البحث عن سبل التحرر" و وحد بينها نفس الظرف التاريخي، نلاحظ اليوم أن الراهن صار يطرح فرضيات "التنافر" أكثر من فرضيات "التقارب". صار الراهن يبعدنا، أكثر فأكثر، عما ينعته الساسة "Maghreb United"، يكشف عن كثير من الخلافات والصدامات الداخلية المتجددة عاما بعد الآخر، ويحيلنا إلى إعادة التدبر في المصطلح الذي لم يعد - استنادا إلى رأي الكاتب والشاعر مالك علولة – سوى خطا على صفحة ماضي الكتابة الأدبية.

عزيز أزغاي/ شاعر مغربي

                   (شيء ما بحاجة إلى وضع يد حكيمة على مكامن خلله)

إن الحديث عن الأدب المغاربي أكاد أتصوره قريبا من الخوض في تلك العلاقة السرية التي تجمع بين مجرات متباعدة في الفضاء وفي الزمن ! رغم القرابات التاريخية والجغرافية والوحدة اللغوية ووحدة المصير، التي من المفروض أن تكون لحمة واحدة غير قابلة للفصل بين مختلف أقطار المغرب العربي (كبيره وصغيره). قد نشم في هذا الكلام غير قليل من الأسف،كما قد نرى فيه أيضا محيطا من السوداوية والإحباط،التي سوقتها، في مراحل تاريخية مختلفة، الآلة السياسية إلى فضاءات الكتابة والإبداع، لدرجة أصبح توصيف كل ما هو أدبي، إبداعي وفني - مغاربيا - يحيل على مجموعة من الأرخبيلات المتباعدة أكثر منه إلى فضاء تنسجم فيه الأفكار والرؤى والتطلعات إلى أفق واضح، مطلوب وملح. البلد المغاربي الوحيد الذي سرني زيارته كان هو الجزائر. ورغم أن هذه الزيارة لم تتواصل لأكثر من ثلاثة أيام، مقارنة مع زيارات سابقة لي إلى بلدان عربية وغربية أخرى، إلا أنني عدت من هذه الرحلة وقد تأكد لي، بما لا يدع مجالا للشك، بأن السياسة "بنت كلب" بامتياز، وأن ما خلفته هذه الآلة الهمجية الهجينة من عزلات مقيتة بين بلدان المنطقة وبين شعوبها بالدرجة الأولى، بات يلقي بظلاله عن تمثل ذائقة كل منا لإبداع الآخر..لدي صداقات أدبية مع شعراء أساسيين داخل القطر الجزائري الشقيق، كما أسعدني في فترات سابقة أن أتعرف على شعراء من تونس كذلك، وهو ما لم يتوفر لي مع الشعراء الليبيين والموريتانيين للأسف الشديد، بسبب خلل في مكان ما من حياة أقطارنا. وعلى الرغم من ذلك، كنت دائما، وما أزال، أحس بتلك الحساسية غير المنسجمة - بالمعنى البسيط وليس بالمعنى الجمالي، وبتلك النوتة الضائعة في ما يكتب من شعر (على الأقل)، إذا ما أردنا رؤيته من فوق، أي رؤية نقدية تتوخى البحث على بعض الانسجام والتآلف (شخصيا أحب الاختلاف في زوايا المعالجة والنظر والإبداع، لكن ليس إلى حد المسخ) – بين ما يكتب هنا وما يكتب هناك، سواء في موريتانيا أو الجزائر أو تونس أو في ليبيا. شيء ما بحاجة إلى وضع يد حكيمة على مكامن خلله. أتحدث هنا، بالأساس، عما يكتب باللغة العربية من شعر، وهو ما أعتبره متباعد جدا في الحساسية وفي الذوق وفي المعالجة الرفيعة التي تعلي من قيمة الإبداع وتكرسه كمنتوج قابل للتصريف والانتشار على نطاق واسع، عالمي أقصد، لا سيما إذا ما جربنا مقارنة بسيطة ومتسرعة بين ما يكتب في الجزائر وفي المغرب. ربما كان في هذا الكلام ما لا يستطيع التصديق، أو ما لا يستحق الانتباه، لكنه، رغم ذلك، يبقى وجهة نظر منشغلة، بهذا القدر أو ذاك، بسؤال الثقافة والفن والإبداع مغاربيا وعربيا، هذا الانشغال الذي تذكيه غيرة فرد - أعزل وبعيد - على الثقافة العربية اليوم وغدا، بما يجعلها قادرة على منافسة نظيراتها في العالم، أو على الأقل الوقوف إلى جانبها فيما يشبه صداقة الجوار الذي قد تصبح حوارا نديا في المستقبل.

رزان نعيم مغربي / قاصة وروائية ليبية


               (الأدب المغاربي قفز قفزة نوعية وعالمية)


أعتقد أنه مازالت هناك نظرة من المشارقة فوقية إلى الأدب المغاربي لأنهم سبقونا بالتراكم الإبداعي والنقدي وأصبح هناك نجوم لديهم، يعني في الأدب وفي النقد. بينما الأدب المغاربي بدأ يتطور بصمت إلى أن قفز قفزة نوعية وشكل حضورا قويا ومميزا وخصوصا في مجال النقد ، سبق المشارقة بأشواط كبيرة وكثيرة. والآن بدأ يتم الاعتراف بأن المغرب أنتج نقدا جديدا ونظريات نقدية جديدة بالنسبة للإبداع وأصبح مواكبا أكثر. أيضا بالنسبة للإبداع المغاربي ينطبق عليه نفس الحال، صحيح أن كل بلد يختلف عن البلد الآخر، يعني المغرب كإنتاج إبداعي يختلف عن الجزائر وعن تونس وعن ليبيا إنما نستطيع القول أننا نتقاسم نفس الهواجس ونشترك في الكثير من المتكآت والمنطلقات الإبداعية. في بلدي ليبيا مثلا عندنا إبراهيم الكوني، مبدع عالمي وليس حتى عربي ، لدينا أحمد إبراهيم لبقيع، لدينا أسماء أخرى جديدة ظهرت وستظهر، ولكن لا يتم الاهتمام بها كثيرا، أعتقد أنه في فترة قادمة سيكون هذا الحضور مساوي ومتجاوز للأدب المشرقي. أنا لا أريد أن أتكلم بعنصرية بين مشرق ومغرب، ولكن هذا كان واقع الحال. والآن الحواجز بدأت واهية في عالم التواصل التقني والإلكتروني، بدأ التواصل أكثر قوة وأكثر حضور فيما بين الأدباء والنقاد وحتى القراء، أو المتلقي. الكاتب معني بالمتلقي بالدرجة الأولى بصراحة وليس بالنقد. المفترض أن المبدع الحقيقي هو من يُقرأ له. غير أن هناك دراسات تقام نقدية أكاديمية من الطلبة والدارسين والباحثين عن كتاب مغاربة من المشرق وأيضا بالمغرب العربي، يعني إبراهيم الكوني تدرسه الجزائر. حتى أنا فوجئت بدراسات عن أعمالي في الجزائر وفي كافة المناطق. إنما مازلنا مع الخليج نريد تواصل أكبر وكما قلتُ لكِ ذلك رهن كم سيكون هناك أكثر من ردم للهوة بين المغرب والمشرق والخليج. في الفترة الأخيرة ظهر الأدب المغاربي متفوقا وأصبح عالميا، واسيني الأعرج في الجزائر نال جوائز، رشيد بوجدرة، الطاهر وطار إلخ إلخ.. أسماء عديدة، عديدة جدا بدأت تنال جوائز وسيكون لها حضور كبير.

محمد سعيد الريحاني /باحث وقاص ومترجم مغربي

                (الأدب المغاربي: الهوية والوظيفة والجدوى)

المغرب العربي كان دائما ذلك "المشترك" من ثقافات وأعراق وعلاقات وتواريخ وجغرافيا شمال غرب إفريقيا. ويبدو أن الفراعنة أنفسهم، رغم انتمائهم إلى شمال إفريقيا، كانوا يعون هذه الخاصية ولذلك فحين فكروا في التوسع، قبل الميلاد بآلاف السنين، فعلوا ذلك لكن غربا جهة الشام ولم يفكروا في المغرب العربي وهي الخاصية التي تكررت في التسعينيات من القرن الماضي عند فتح النقاش حول موافقة المجتمع السياسي المصري على إمكانية انضمام مصر إلى اتحاد المغرب العربي حيث كان الجواب بالإجماع "لا،مصر مشرقية وليست مغاربية!". ما يجمع المغرب العربي كان دائما التاريخ والجغرافيا واللغة التي كانت حتى دخول الإسلام هي اللغة الأمازيغية ثم إنضافت إليها اللغة العربية بعد القرن السابع الميلادي. ومع "صدمة الحداثة" التي كان وراءها الاستعمار الغربي، دخل "مشترك جديد" على الوجود الثقافي المغاربي:الأدب المكتوب الذي صار رغم حداثة سنه،خمسون عاما من الوجود للأدب المغاربي مقارنة مع خمسمائة سنة من الحضور للأدب البريطاني، رافدا من روافد الأدب العالمي بسبب غنى اللغات التي يكتب بها أصلا: عربية وفرنسية وإسبانية وإنجليزية وأمازيغية. لكن تبقى اللغة العربية الأقوى حضورا من بين كل لغات الأدب المغاربي المكتوب. ولعل الحضور القوي للغة العربية نابع من كون الكتابة باللغة الأم هو كتابة عن الذات لمخاطب هو الذات أيضا بينما يبقى الحضور الأقل قوة للغات التعبير الغربية الأخرى، خاصة الفرنسية، التي اعتمدها بعض الكتاب المغاربيين للتعبير عن رؤاهم وتصوراتهم من خلال الكتابة عن الذات لمخاطب هو الآخر. لهذه السبب المركزي، ألقت لغات التعبير الغربية بأغلب الكتاب المغاربيين الذين استعانوا بها إلى التهميش والإقصاء سواء في الأدب الفرنسي الذي اعتبر الأدب المغاربي المكتوب باللغة الفرنسية "أدبا أجنبيا" بالنظر إلى أصول كتابه أو إلى مضامين أعماله بل وحتى التراكيب اللغوية المشغلة في نصوصه وهي التراكيب التي تحيل بشكل غامض على التراكيب العربية في شكلها القبلي السابق للترجمة إلى اللغة الفرنسية، كما تعرض ذات الكتاب وذات الأدب للتهميش والإقصاء من لدن إخوانهم القيمين على الأدب المغاربي المكتوب باللغة العربية الذين اعتبروا لغة أعمالهم لغة "استعمارية" وأن تصوراتهم ومضامين أعمالهم "فولكلورية"...
إن الاحتفاء بالأدب المغاربي هو احتفاء بـ"المشترك" بين الآداب المغاربية بصيغة الجمع ولكنه في الآن ذاته احتفاء بـ"المختلف فيه" بين هذه الآداب التي تغتني بما يعزز وحدتها كما تغتني بما يقوي تنوعها. ولعل "غنى الوحدة" في الأدب المغاربي يتمثل في شبه الإجماع داخل الأوساط الأدبية المغاربية على "الحاجة الملحة لنهضة مغاربية شاملة" وعلى "ضرورة تحديث المجتمع المغاربي"،أما"غنى التنوع" في الأدب المغاربي فيتمثل في "التوزيع الجغرافي" لهذا الأدب النامي الذي صارت بموجبه تونس عاصمة للشعر في المغرب العربي، والجزائر عاصمة للرواية، في حين صار المغرب عاصمة للقصة القصيرة والقصة القصيرة جدا معززا مكانته خلال السنوات الثلاثة الماضية ﴿2006-2007-2008﴾ بإعلان تأسيس "المدرسة الحائية: مدرسة القصة المغربية الغدوية" من خلال خمس بيانات كان أولها بيان حول التسمية "المدرسة الحائية"، وثانيها بيان حول "الحاجة إلى مدرسة للقصة القصيرة"، وثالثها بيان حول الأفق التجريبي لـ"المدرسة الحائية"، ورابعها بيان حول بدايات المدرسة وامتداداتها، وخامسها بيان حول رهانات "المدرسة الحائية": إنهاء "عصر الظلمات" في وطن الإبداع السردي.

زكية علال/ قاصة جزائرية


         (أدب مغاربي في القمة لكن لا نعرف الترويج له)


طوال عقود متتالية ظل كُتاب المشرق العربي هم المسيطرون على أفكارنا وعقولنا ومشاعرنا، إذا أردنا أن نغترف من الأدب لم نجد أمامنا غير العقاد ونجيب محفوظ وإيليا أبو ماضي ومخائيل نعمية وجبران خليل جبران والمنفلوطي وغيرهم ، حتى الغرب ظل ينظر إلى الثقافة العربية تلك الآتية من مصر ولبنان وسوريا وظل الأدب المغاربي مُغيبا ومنحصرا في أسماء قليلة جدا تقتصر على المصلحين الذين قاوموا الاستعمار بأفكارهم.. أما الأدب كقيمة جمالية وفنية فهو غير موجود على الساحة، وهذا في اعتقادي لعدة أسباب أولها هو الاستعمار الذي جثم على صدر المغرب العربي عقودا طويلة ومنع أبناءها من إنتاج أدب في فنونه المختلفة لأنهم ظلوا مشغولين بالمقاومة، والسبب الثاني أن إخواننا في المشرق يعرفون كيف يُروجون لأدبهم ويجعلونه يسافر خارج حدودهم أما نحن فإن النشر عندنا سيء جدا حتى في الوقت الحالي لا نكاد نطلع على إنتاج بعضنا البعض فكيف نجعله يخرج وراء الحدود ... لكن في عصر النت انفتحنا على الأخر وأصبح بإمكاننا أن نروج لأعمالنا فأكتشفنا ما أذهلنا.. أدب مغاربي في القمة ينافس أدب المشرق العربي ويتفوق عليه أحيانا وربما يكمله، أصبحنا نقرأ أعمالا أدبية ناجحة بكل المقاييس وهذا ما جعلها تفوز بالعديد من الجوائز العربية والعالمية.. عندما قرأت للكاتبة المغربية فاطمة بوهراكة من المغرب نصوصها الشعرية أذهلتني وربما هذا ما جعل الشاعرة الكويتية المعروفة سعاد الصباح تشترك معها في كتابة مسرحية شعرية كان لها صدى على المستوى العربي.. وهناك أسماء أدبية من المغرب العربي تطغى اليوم على الساحة الثقافية والأدبية في العالم العربي والعالم كله مثل أحلام مستغانمي التي فاق توزيع كتبها توزيع نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل .

خالد سليكي/كاتب وناقد غربي مقيم في بوسطن بأمريكا

     ( سؤال الأدب المغاربي من الهامش إلى المركز)


إن الحديث عن الأدب المغاربي يطرح عدة إشكاليات، على مستوى التسمية، ذلك أن تاريخ الأدب العربي ظل رهين التحقيب السياسي، فنتحدث عن الأدب الأموي، والعباسي، وما إلى ذلك.. والحال أن التحولات السياسية لا تعني، بالضرورة التحولات الأدبية، فالأدب، وإن كان له ارتباط بالسياق الثقافي والسياسي العام، فإنه مع ذلك يحافظ على نوع من استقلاليته وتطوره الخاصين به. لذلك فإننا نقصد بالأدب المغاربي، في سياقنا هذا، أدب منطقة لها خاصية تاريخية وثقافية وأنثروبولوجية. فالمغرب العربي لم يشهد النهضة -العربية- إلا بعد أن عرفها الشرق، ومن ثم ظل المشرق هو المركز على مستوى الإنتاج الأدبي والفني، أضف إلى ذلك، أن هذا الشرق هو مركز الحضارة العربية الإسلامية.. غير أن الغرب ظلت له فرادته، فالحضارة الأندلسية، أنتجت تصورات فكرية وأدبية ولغوية كانت تختلف في كثير من وجوهها عن مثيلتها في المركز. ولعل هذه الفرادة هي التي ستظل مشتغلة إلى يوم الناس هذا.. فبمراجعة الحركة الثقافية، إن على مستوى الإنتاج الفكري الفسلفي أو الأدبي الشعري والروائي، نلاحظ أن بلدان المغرب العربي، وخاصة تونس والجزائر والمغرب، تتميز بدينامية وعمق اشتغال وتميز.. حيث نستشف خاصية في الإبداع الروائي وكذا على مستوى الخطاب النقدي. إذ إن المبدع والناقد المغاربيين قد استفادا، إلى حد كبير، من النظريات الغربية، خاصة الأوربية، في مجال الرواية والشعر والنقد، مما دفع بهما إلى الانخراط مبكرا في التجريب بالاستفادة من التجارب الإبداعية المعاصرة والحديثة، كما أن الاطلاع على الحركات النقدية الأوربية، خاصة الفرنسية، قد غذى التجربة المغاربية ومنحها عمقا وتجديدا دفعا بالإبداع المغاربي إلى مساحات جديدة تم فيها اكتشاف، بل وإتقان الصنعة الأدبية، والتحكم في آليات اشتغالها عن وعي. وإذا كان الأدب المغاربي، قد عرف هيمنة الوعي النقدي في مرحلة ما، خاصة الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن الماضي، وتميز في هذه المرحلة بهيمنة الناقد على المبدع، والخطاب النقدي على الخطاب الإبداعي، الذي كان -في جانب كبير منه- يولد في أحضان الجامعة على أيادي الجامعيين، الذين، كانوا منبهرين بما ينتج في الغرب من تنظيرات، فإن مرحلة العقد الذي نحن على مشارفه، عرفت تحولات نوعية وهامة، حيث تمكن المبدع المغاربي من التخلص من هوسه التنظيري، بفعل جهود كبرى قام بها من أجل استيعاب التنظيرات الغربية، الألمانية والفرنسية والإنجليزية والأمريكية، وانخرط، مجددا، في عملية تأصيل الفعل الإبداعي عن طريق البحث في »المكونات التراثية« والخطاب التراثي وما يشمل عليه من تنوع واختلافات وإشراقات.. كما أن الإبداع المغاربي صار أكثر وعيا بمقولة : »الخصوصية الذاتية هي التي تعطي العمل بعده العالمي والكوني«.. وهذا ما يجعل النصوص أكثر إخلاصا للأدب، بعد أن انتهى مفهوم »أدلجة الأدب« -بتلك الصورة الفجة- كما أن هذا الإخلاص جعل الفضاءات والقواميس الموظفة في صناعة الأعمال الإبداعية أكثر التصاقا بواقعها -ونقصد المرجعيات- كما أن الإبداع تخلص تدريجيا من عقال الجامعة، بعد أن صار لدينا مبدعون كتبوا نصوصا عميقة وكبرى في مجال الرواية دون أن يكونوا منتمين إلى هيئة التعليم الجامعي.. إن ما سبق، يدفعنا إلى القول، بأن مسار الأدب المغاربي، بشقية الإبداعي والنقدي، قد حقق تراكما نوعيا وكميا، مما يدفعنا إلى التأكيد على أهمية هذا الخطاب، وما يشكله من قيمة مضافة، ليس للأدب المغاربي، ولا العربي، بل والعالمي أيضا.. لأن هذا الأدب أصبحت له خصوصياته وعوالمه وقضاياه، التي تسعى إلى أن تعالج »الدوائر المغلقة« التي تهم كل إنسان.. فالأدب المغاربي، مثله مثل كل الأعمال الكبرى، ينطلق من واقعه وسياقه ليتعالى عنهما وينتج عالم النص الموازي للواقع ليدخل في تفاعل معه من خلال فعل التلقي الذي يتحقق فيما بعد. إن الأدب، من هذه الخلفية، سيمكننا من الحديث عن الأدب المغاربي، باعتباره أدبا ينتجه كتاب ينطلقون في كتابة همومهم وتطلعاتهم وعوالمهم من واقع جغرافي وتاريخي كان يشكل هامش مركز كأنه الشرق.. وبذلك لا يمكننا الحديث عن »الشرق« »غرب« بقدر ما نحن أمام أدب له مقوماته ونظرته للعالم وللوجود وللقضايا الكبرى التي تشغل كل إنسان. ومن ثم صار لنا في الأدب العربي المعاصر، تنوعا قل نظيره بين الآداب الأخرى، وهو التنوع الذي لا يمكنه أن يشكل سوى غنى وثراء للخطاب الأدبي العربي الذي انخرط في مشروع( الحداثة (لا التحديث) منذ القرن التاسع عشر، وعرف تحولات على أيدي شعراء المهجر، الذين عمقوا الإحساس والوعي بالخطاب الأدبي والإخلاص له.. وهو نفسه الإخلاص الذي راح الأدباء اليوم، يناضلون من أجله.. وهو ما ينبئ بتأسيس حركة أدبية (إبداعية ونقدية تجعل من الإبداع العربي والمغاربي بوجه خاص، إبداعا إنسانيا بامتياز..


عبد الستار نور علي/ شاعر عراقي مقيم في السويد

                (الأدب المغاربي وصل إلى مرحلة إرتقاء مدارج الترشيح لجائزة نوبل)

من غير المتاح في عجالة سريعة أنْ نمرَّ بالتراث الأدبي المغاربي الغزير والإحاطة بمجريات تطوره وظواهر أبنيته الفنية والأسماء الأعلام الذين أثروا الثقافة العربية والانسانية بابداعاتهم الخلاقة التي اخترقت الحواجز والحدود والجغرافيا المحلية لتستقر في تاريخ وتراث الثقافة الكونية العالمية المعاصرة، لتترشح بعضها لجائزة نوبل مثل آسيا جبار والطاهر بن جلون. وقد يرى البعض من الباحثين أن قُرب المغرب العربي من أوروبا والتشابك والتلاحق الثقافي من خلال اللغة الفرنسية التي عمت أثناء الاستعمار الفرنسي لتصبح اللغة الرسمية في المدارس والدوائر وحتى الاستعمال الشعبي اليومي، وكتابة الكثيرين من المبدعين شعراء وقصاصين وروائيين باللغة الفرنسية وفي وطنها الأم هو الذي أوصل الأدب المغاربي إلى الانتشار السريع أوروبياً وعالميا. وفي اعتقادي إنّ هذا قفزٌ على الواقع الثقافي والابداعي المغاربي متمثلاً بهذه الأسماء التي خرجت من رحم البيئة المحلية لتحلّق فنياً بموهبتها وامكانياتها وثقافتها الذاتية لتعتلي قمة الفن الأدبي بجدارة فتستحق الترجمة إلى غزير من اللغات العالمية، ثم تصل إلى مرحلة إرتقاء مدارج الترشيح لجائزة نوبل، وآسيا جبار والطاهر بن جلون خير مثال. لقد كان في ذاكرتنا نحن في المشرق العربي أثناء دراستنا الأولى في خمسينات وستينات القرن العشرين شيء ليس بالكثير عن الأدب المغاربي، وكان الشعر هو السائد في ذاكرتنا عن هذا الأدب. بُـعد المسافة وضآلة وبطء وسائل الاتصال وقلة المنشور من ذلك الأدب في تلك الحقبة الزمنية كانت المسبب الأساس في ضعف الاتصال والاطلاع والتواصل والتثاقف وتبادل الخبرات والتأثيرات الضرورية في التطور الثقافي والأدبي في عالم موحّد الدم واللغة والثقافة التراثية التاريخية. وكان للاستعمار الثقافي الفرنسي ودأبه على سلخ المغرب العربي عن مشرقه لربطه بالثقافة الفرنسية والحضارة الغربية دوره البارز والكبير في ذلك الابتعاد وتلك الهوة بين أبناء الأمة الواحدة، مما أثر سلباً في كل محاولات التواصل والاتصال. ومن خلال اطلاعنا وجهدنا الذاتي في الدخول في دائرة بنية ذلك الأدب المغاربي استطعنا أن نميّز الشعر بالذات كأكثر فنون الأدب في تلك الحقب وما سبقها، شعراً امتداداً لبنية القصيدة الكلاسيكية بعمودها المعروف. ولنجد أن السياسة بمفهومها المقاوم والداعي إلى الاستقلال ومحاربة المستعمر إضافة إلى الشعر الديني هما الصورتان الطاغيتان على أدب تلك الفترة الزمنية. وقد يكون للمسجد دوره المهم والفاعل في ذلك التوجه الأدبي على اعتبار أنه المكان الذي حافظ على اللغة العربية لغة القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف. كما كان المسجد هو المكان المقاوم للاستعمار الثقافي الذي كان يعمل على هدم ثقافة الأمة ليربطها بثقافته. لكنه بعد استقلال دول المغرب العربي في الخمسينات والستينات من القرن الماضي وعمليات التعريب التي عملت على إعادة الأمة بجزئها المغاربي إلى جسد الأمة الجذر بدأ دأب المبدعين المغاربيين على الاتصال والتواصل مع ما يحدث في ثقافة وأدب المشرق العربي والاطلاع على مدارس التجديد فيه والاستسقاء من محيطه الفني الواسع الممتد تراثياً وتاريخياً ببعده الزمني الفسيح، وعلى أساس أن استقلال دول المشرق كان قبل عقود وعقود، تمتد ربما في بعضها إلى قرن من الزمان وأكثر قبل دول المغرب العربي (مصر)، وهو زمن كبير يفعل فعله في التطور والتجديد مقارنة بأدب المغاربيين العرب.
لكنه في الوقت نفسه أخذ المبدعون المغاربيون يسابقون الزمن في اللحاق بمحدثات الأدب العربي والعالمي مستندين إلى إرادة إبداعية أصيلة وموهبة خارقة وامكانية فنية عالية وثقافة موسوعية شاملة داعمة خلفهم، استطاعوا بها أن يُتحفوا الفن الأدبي شعراً ورواية وقصصاً بنصوص مثيرة في قمة الفن الإبداعي. وقد استطاعوا أن يؤسسوا بذلك لهم مكانة عالية في التطور الثقافي العربي وحتى العالمي، لتكون لهم تأثيراتهم الخاصة مستفيدين من قربهم إلى أوروبا واتصالهم بثقافتها من خلال ما يمتلكونه من قدرة بارعة باللغة الفرنسية، وربما أفضل من أهلها. فبنوا لهم موقعاً عربياً وعالمياً يستحقونه بجدارة المبدعين الخلاقين.
كان للتطور المعلوماتي والتقني العالمي وسرعة وصول المنشور الطباعي إلى يد القارئ طباعياً وألكترونياً أثره في التقارب الثقافي والتواصل والتلاقح بيننا نحن المشارقيين وبين المغاربيين، وإن كان بعضنا يتخذ من المهاجر مسكناً وإقامة دائمة لهذا السبب أو ذاك. فاستطعنا بذلك الاطلاع الواسع على تراث وتاريخ ومنتجات الأدباء المغاربيين وتطور المنتج الفني الأدبي لديهم، سواءاً من خلال ما نقرأه من نصوص، أو ما نطالعه من كتابات الباحثين عن تاريخ الأدب المغاربي. وقد استطعنا أيضاً أن نكون علاقات شخصية فيما بيننا ومن خلال الشبكة العنكبوتية لنتبادل الخبرات والأفكار والمشاعر، ونطلع على آراء بعضنا البعض فيما نكتب وما نقرأ. ومن خلال سهولة الاتصال والاطلاع هذه استطعنا أن نكتشف مبدعين كباراً وخلاقين ونصوصاً بغزارة المحيط لا تقلّ عن أي نص أدبي لأسماء كبار عالمياً ومحلياً. وكذلك نكوّن صداقات مع مبدعين نعتز بهم أيَّما اعتزاز.

صلاح حسن/شاعر وكاتب مسرحي عراقي مقيم في هولندا

        (منجزات الحداثة وجهد المغاربة)

يعتقد المغاربة في شمال إفريقيا،وهو اعتقاد خاطئ للغاية أن المشارقة ينظرون لهم بنوع من الاستصغار،ولا أعرف شخصيا القصة من وراء هذا الاعتقاد. لكنني أظن أن هذا الاعتقاد قديم وظهر بعد تحرر المغرب العربي في شمال إفريقيا من الاستعمار الفرنسي الذي فرنس اللغة والثقافة في تلك البلدان وجعل كل شيء هناك فرنسيا حتى اللغة التي لم يعد سكان هذه الشعوب يعرفون غيرها. هذا هو السبب في إعتقادي لأن المغاربة انسلخوا عن لغتهم العربية ، وأغلب الظن أن المشارقة _ كما يحلو للمغاربة أن يطلقوا هذه التسمية _ كانوا يعيرونهم بعدم إتقانهم للغة العربية. لكن الأمور الآن اختلفت تماما بعد عملية التعريب التي خاضتها بلدان المغرب العربي في سنوات الستينات والسبعينات وانتهى مع التعريب كل سوء فهم ، بل على العكس من ذلك فقد رفدنا مثقفو المغرب العربي بكل كتب الفلسفة التي صدرت في فرنسا في الثلاثين سنة الأخيرة ولولا جهودهم في هذا المجال لما كنا نعرف ماذا يجري. وفي حقل الفكر كان للمغاربة دور كبير في رفد المكتبة العربية في هذا الجانب حيث لم تظهر في المشرق سوى القليل من المواهب الفكرية في ذلك الوقت.
ما يؤخذ على المغاربة في شمال إفريقيا هو عدم تقبلهم الحداثة لحظة وصولها إلى العالم العربي وظلوا يعدونها كما في بعض البلدان العربية نتاجا استعماريا يهدف إلى تقويض الثقافة العربية الإسلامية. لكن حتى هذا الموقف تغير الآن وما زال المغاربة ينشطون في رسم مسار الحداثة ولولا ترجماتهم عن الفرنسية لضاع علينا الكثير من منجزات الحداثة.
في هذه الأيام وقبل ذلك بسنوات ظهر في المغرب وتونس شعراء يكتبون قصيدة نثر ممتازة تبز في مستواها مستوى ما يكتب في العراق ولبنان وسوريا، كما ظهرت روايات مهمة في الجزائر وكل ذلك يؤشر المستوى الثقافي الخصب الذي تعيشه بلدان المغرب العربي في المجال الإبداعي. أعود مرة أخرى إلى الاعتقاد الخاطئ عند المغاربة وأقول لهم إنه اعتقاد غير صحيح لأننا نعيش في منظومة ثقافية واحدة من المغرب إلى العراق.

عبد اللطيف الحسيني/ شاعر وناقد سوري

      (كيفَ عرفَ المشرقيّ أدبا مغاربياً)

مَنْ يكتب عن الأدب المغاربي يجبُ عليه أنْ يتسلحَ بالمعرفة الكافية عنه،وإلا سيتخطى حدودَ المباشرة ليصلَ إلى هاوية الترّهات.ما يعنيني هنا أني تعرفتُ على الأدب المغاربيّ من أفضل الموارد له، أقصدُ كتابَ عبد الكبير الخطيبي (الاسمُ العربيُّ الجريح) الذي فتحَ أمامي أبواباً كانتْ موصدة فيما سبق، لأدخلَ تاليا إلى الشعر المغربي، لأنّ مُترجِمَه إلى العربية شاعرٌ: (محمد بنيس). ما كان ينقصني (على المستوى الشخصي البحت) أنني كنتُ بحاجة إلى الدقة في الكتابة، فوجدتُ أنّ مَنْ يهديني إلى ما أبتغيه هو:(الأدب المغاربي).(الاسمُ العربيُّ الجريح) لا يتناولُ الفكرَ بحسٍّ مباشر، بل يتناوله بكثير من العناية، حتى وإنْ كان موضوعُ عبد الكبير الخطيبي هامشيا (مثالا على ذلك: الوشم أو الخط) هذا العِلمُ الوشميُّ (الخطيُّ) لم يتناوله أحدٌ بالتحليل والتدقيق إلا الخطيبي. من هنا أتتْ مقدمة (رولان بارت) الذي تقاسمَ مع الخطيبي أشياءَ في منتهى المتناهي في الصغر. لكنها تعني جوهرَ الإبداع كما جاء في مقدمته للكتاب. هذا الكتابُ دلني إلى البحث عن محمد بنيس نفسه، دلني على كتابه:(حداثة السؤال).الكتاب النقدي الذي يتناول حداثة الشعر العربي بطريقة غير التي تدارسناها في النقد العربي،هذا إذا استثنينا (أدونيس). محمد بنيس عرّابُ الشعر والنقد المغاربي في كلِّ مكان. هكذا بدا لي. خاصة الملفات التي كانتْ مجلةُ(الكرمل) تخصصها للأدب المغربي. بنيس يحتلُّ الصدارة فيها.ليس من المُستغرَبِ أنْ يعرفَ المشرقيُّ الأدبَ المغاربيّ من خلال محمد بنيس، كأنه الصوتُ الوحيد الدالُّ على الشعر والفكر والنقد المغاربي ، ربما لم يقرأ المشرقيُّ كتاباتِ (عبد الله العروي) إلا من خلال حوار بنيس معه، حين يعرفُ قرّاءُ المشرق أدبا مغربيا من خلال بنيس يعني أنّ التأثير سيُمارَسُ عليه،مهما تغاضى عنه،لأنّ بنيس بثقافته العربية الكلاسيكية وبتحليله لأيّ نصٍّ ، من خلال تطبيقه لأحداث المناهج النقدية الفرنسية على النص المدروس يجعلُ الدارس له مأخوذا به. عرفَ المشرقيُّ شاعرا مغربيا اسمه:(أبو القاسم الشابي) الذي يستظهرُ قصيدته أيُّ طالب سوريُّ في المرحلة الإعدادية. أعني قصيدته الأشهر (إذا الشعبُ يوماً أراد الحياة).
السنواتُ تقتحمُ الحياة، فبطريق الصدف الأدبية الجميلة أستدلّ على نصوص شعرية من خلال مجموعتين شعريتين لنوارة لحرش (الجزائر) وفاطمة الزهراء بنيس (المغرب). كتبتُ عنهما، ما أريدُ أنْ أعنيه أنّ ثمة كلاسيكية تتحايلُ على النص الشعريّ المغاربي، ربما هذه الكلاسيكية الصلدة والعنيفة، واللذيذة تحدُّ النصوصَ المغاربية ، وأحيانا تمتـنعُ هذه الكلاسيكية المغادرة عن النصَّ المغاربي.
الحصيلة: لم يمرّ يومٌ إلا وأقرأُ فيه نصاً مغاربياً (شعراً أو قصة أو مقطعا فلسفيا، أو جزءاً من رواية أو نقدا أو مواكبة صحفية...).

أيمن اللبدي / شاعر فلسطيني ورئيس تحرير جريدة الحقائق اللندنية

                   (دهشة مقيمة في خامة معظم الأدب المغاربي)

الأدب العربي في المغرب، ولا أستسيغ الصفة عليه بأن يصبح "مغاربياً، لا سيما وأنه يأتي على محمول جمع التشتيت، إذ يكفي العرب تشتتا وتجزئة، هو أدب ذو صفات خاصة وملامح مميزة، بالقطع فإن الجغرافيا الفكرية والحضارية تلعب دورها، بالإضافة إلى الجغرافيا الأرضية والسياسية، وهي إذ تلعب هذا الدور فإنها تلعبه بالكامل، دون أن تستثني من هذه العوامل واحدة ذات أثر، وهي سبب هذه الصفات الخاصة والبصمة المميزة، ولكن بالقطع فإن هيكل السمات العام هو هيكل عربي خالص، بل أحياناً تظهر فيه سمات أصيلة للأدب العربي الموروث كادت أن تختفي عن سمة شقيقه الأدب العربي في المشرق في فترات كثيرة.
وحينما تكون هناك ملامح خاصة تتبع هذه المؤثرات الخاصة، فهي موجودة بطبيعتها الايجابية والسلبية في ذات الوقت، ولا شك أن الفترة التي تعرضت فيها المنطقة العربية في المغرب للاستعمار الكولونيالي الفرنسي والاسباني قد أثرت أيضا بسماتها وقسوتها، وهذا عائد إلى الطبيعة التعسفية التي اقترنت فيها هذا الفترة بمحاولات الفرنسة والفرنجة قسراً للأرض والإنسان العربي هناك، ولكن صفات الهيكل العام التي أشرنا إليها، كانت بالقوة الكافية لتشكل حاجزاً معرفياً قوياً أمام محاولات التغييب هذه والتحويل المستميتة، بل إن الجوهر المضيء فيها تكفّل بحفظها ونقلها إلى مرحلة مميزة ولطيفة، أفادت فيها من الذائقة والطريقة الجمالية الغربية، وانفتحت على مدارس معرفية وأدبية جديدة، ولكنها احتفظت بطبيعتها الأصيلة في ذات الوقت، فاستطاعت أن تكون مركبا وجسراً للانتقال الحضاري. طبعا كانت عوامل الإضافة لافتة ولازالت واضحة، ليس فقط في متن هذه الآداب، وإنما حتى على الشروح، بمعنى أنها واصلت مسيرة مزدوجة أدبياً، كانت أشبه بتجربة الانتقالات الأولى من آداب ومعارف الإغريق والرومان والهند والصين للغة العربية وحوضها المعرفي، تحمل ذات النكهة من النوعية والحالة الجديدة، وإن اختلفت عن تلك من جهة موقع القوة في الانتقال، ففي حين كانت العملية الأولى عملية تتم تحت خيمة القوة العربية المادية باعتبارها الحضارة المسيطرة على الأرض والزمان، كانت هذه الأخيرة تتم تحت وطأة ثقل مرحلة الاستعمار وما حملته من ضغوط ومن أثقال، ومع ذلك فلأن ثمة نواتج جميلة وذات قيمة عالية لهذا المصقول، في ذات الوقت الذي تواجدت فيه نواتج مشوّهة ومستلبة أحيانا، إن كان في الموضوع أو في الشكل الفني. لا زالت ثمة دهشة مقيمة في خامة معظم الأدب العربي في المغرب العربي، ولا زال ثمة صلة حنينية وحميمة بين هذا الأدب، وما كان يوما باسم الأدب الأندلسي، إنها المحطة الأولى في الطريق إلى البحر ومن هناك إلى أندلس، وهذه العلامة الفارقة قد تبدو لدى بعض الناس انطباعية ومفترضة، لكنها في الواقع كامنة وحقيقية ولا تحتاج كبير جهد للتدليل عليها، هذه وحدها يجب أن تكون مفخرة و مجلب سعد وانشراح للأدب العربي في المغرب، حيث أنه لا زال يمسك بأثر من هذا الماضي الخالد، أما من حيث كون هذا الأدب أضاف في الزوايا العربية نوعيا من خلال صلته الأوروبية، فهذه تتواجد أيضا وإن كانت محمولة على وجهي الصورة، ومشترطة على شكل العلاقة، وطريقة الانقياد أو القيادة، وأتحدث هنا عن كل العوامل الفنية والجمالية والبلاغية والمعرفية. يعني في الأشكال الفنية ذاتها ثمة فروق، فبينما تجد النثر أكثر التصاقا في المغرب العربي بالسمات القديمة، وأشدها انفتاحاً على الناحية الجمالية الأخرى أوروبياً، تجد الشعر عكس هذا تماماً، فهو يحاول الالتصاق ما أمكنه بسمات خارج السياق العربي التاريخي بأشكاله المتعددة، وحتى ما أحدث في موضوعة قصيدة النثر والنسيقة، لكنه من الناحية الجمالية البحت، أحياناً يهبط بسقفه عما هو مشهور حتى عن قديم نتاج هذا الإقليم العربي العريق، ولا أجد تفسيراً اللحظة لهذا الأمر، وتبقى الرواية بالمطلق خارج السياق القياسي المدرسي عربياً، لأنها فن من أخمص قدميه إلى أعلى رأسه ليس بعربي، وهكذا تكون خارج منظومة القياس والمقايسة، إن أريد لها أن تكون على أساس مناطقي، مغربي فمشرقي. إذا كان حظ الأدب العربي في المشرق أن يكون أكثر تواجداً خلال القرن المنصرم عربياً، فإن ثمة أسباب معلومة لهذا أحيلها إلى موضوعة التغريب الجبري، لكنه اليوم يشهد فعلاً انتشاراً جميلاً نحبه ونستحبه، بل ولو لم يفعل، لسارعنا لأن نطلبه، لأن هذا واجب عربي أولاً، ولأن هذا الأدب يمكنه أن يكون رافعة جميلة للأدب العربي بعامة إن حان درس المثاقفة، سواء مع أوروبا أو غيرها في هذا العالم، لكن بالقطع ثمة شروط مخصوصة يجب أن يتم توخيها للوصول إلى هذه المهمة لا أحسب الأعزاء يجهلونها.
 

خليل الجيزاوي / روائي مصري وصاحب دار سندباد للنشر

       (تلاقح الأدب المغربي والمشرقي)


الأدب المغاربي ذا خصوصية واضحة، وهناك نماذج متمايزة لهذا الأدب ربما كان الأديب المغربي الطاهر بن جلّون والقوة الفنية التي تتمتع بها أعماله والجرأة الفنية في السير على طرق جديدة لم يسبقه أحد فيها. والروائي الطاهر وطار كذلك الأدب العربي في شمالي إفريقيا، سواء المؤلف بالعربية أو المؤلف بالفرنسية، بل هناك تراكم أدبي عظيم موجود صنعه أدباء مثل الشهيد مولود فرعون، محمود المسعدي، رشيد بوجدرة، إدريس الشرايبي، كاتب ياسين، محمد عزيزة وغيرهم. وأدب المغرب العربي على وجه العموم مهما كانت لغة كتابته في مبدئها، فرنسية أم عربية، يدلل على مظهر من مظاهر أزمة الثقافة العربية، لأن الصحافة الأدبية في مصر ولبنان وسوريا، لعبت دورا كبيرا حيث ركزت الأضواء على أدباء المشرق العربي، دول المركز العربي، مع تجاهل كبير لأدباء المغرب العربي، لقد ساعدت الصحافة الأدبية في سرعة انتشار أدباء في قامة نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس ويوسف السباعي وأنيس منصور وغادة السمان، بينما لا تعرف الأغلبية العظمى من المثقفين أديباً كبيرا كالجزائري مولود فرعون الذي خلّف أعمالاً أدبية ترقى إلى الأدب العالمي. إذن كان من كارثية الصحافة الأدبية أن تجعلنا نجهل كتّاب من الطبقة الأولى، لأنهم من دول الأطراف العربية، بينما جعلت الكثير من الضوء يذهب إلى أدباء دول المركز العربية. لكن هل انصراف المشرق العربي بمتابعة أدباء المغرب جعلهم يرتبطون بوشائج قوية مع الأدب الفرنسي، والمغرب ينشرون أو يكتبون أعمالهم الأولى باللغة الفرنسية فتمتعت هذه الأعمال المكتوبة بالفرنسية، بحرية أكثر، وهربا من مقص رقيب النشر العربي. أعتقد أن هذه الرؤية تغيرت كثيرا، وقرأ المشرق العربي رواية "الخبز الحافي" للكاتب المغربي محمد شكري قبل أن يقرأها القارئ المغاربي وذلك لأسباب رقابية، وقرأنا أيضا لمحمد براده وواسيني الأعرج وصلاح الدين بوجاه وأحلام مستغانمى، بل شهدت القاهرة والدار البيضاء جلسات ملتقي الرواية المصرية والمغربية أكثر من دورة خلال السنوات السبع الفائتة. حيث شهدنا لجنة الدراسات الأدبية بالمجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة يعقد ملتقى الرواية المصرية المغربية، وبالمثل عقد الأخوة المغاربة ملتقى الرواية المغربية المصرية لتأكيد دعم روابط التقارب بين أدب المغرب العربي وتوأمه أدب المشرق العربي، وكانت من نتائج هذه المبادرات الثقافية، أن بدأ الأدباء المغاربة يتجهون نحو المشرق لطباعة رواياتهم بالعربية أو ترجمتها للعربية ونشرها في بيروت والقاهرة، وحرص أدباء المشرق أيضا على إعادة طبع أعمالهم القصصية والروائية بالمغرب العربي منهم إبراهيم أصلان وسعيد الكفراوى وخيري عبد الجواد وبالمقابل وجدنا على سبيل المثال لا الحصر الروائي صلاح الدين بوجاه يحرص على طبع روايته المتميزة "النخاس" بالقاهرة أكثر من طبعة. وبالأخير عندما انطلقت مؤسسة سندباد للنشر بالقاهرة حرصت على هذا التلاقح وتم طبع أربع مجموعات قصصية لكتاب مغاربة: الرقص تحت المطر لحسن البقالي، طوفان لإسماعيل البويحياوى، ومطعم اللحم الآدمي يرحب بكم للحسن بنمونة، والنقش بالحناء لحنان كوتاري. وهكذا شهدت السنوات الفائتة الكثير من أوجه التقارب والتلاقح بالزيارات المتبادلة بينهما لحضور والمشاركة في الفعاليات الثقافية هنا وهناك.


سعاد العنزي/ كاتبة وناقدة كويتية

    (الأدب المغاربي بين التمسك بالأصول والتحليق فوق أفق التجريب)

الأدب المغاربي أدب كثير مريدوه وعشاقه ومناصريه، لما فيه من جدة وابتكار، وتحليق فوق السحب الجمالية والفكرية، التي تنأى عن النظرة الأيديولوجية الضيقة، بعالم أدبي أرحب، وأوسع من أن نقيده بزاوية واحدة من القراءة، لأنه أدب تتعدد به الرؤى والتطلعات، يبحث وينقب عن معاني الأدب السامية من قبل أدباء ديدنهم السعي الدائب عن القيم الجمالية في الأدب. لعل المطلع على الأدب المغاربي، والجزائري على وجه الخصوص، يجد نفسه بين معادلة محسومة منذ أول عتبات النص، نص يحافظ على هوية المكان والزمان والشخصيات، ويدخل في التجريب، ويطرق الأبواب الحداثية، بكل ما فيها من تفجير لطاقات اللغة، والتقنيات السردية والشعرية، التناص، والتاريخ، يتجاور مع الصورة الفنية الجمالية، المجتمعات تتحدث فيه، ليس وفق النظريات السوسولوجية بل وفق حالات إنسانية، تظهرها ريشة رسام عبر الحروف والكلم، فتكون الأفكار والخيالات الضبابية متجسدة بالواقع فتجد "حروف الضباب"، ولتتعارض الرؤى وتتقاطع وتتشارك فتطيبنا بشذاها، لنقرأ معارضتها في "بخور السراب"، وللنقب في الذاكرة، ونبحث في تاريخنا، فتصبح أعضائنا المبتورة، أيقونة تذكرنا بما حدث، فتغدو لأجسادنا ذاكرة حية ونابضة، مثلما حدث في "ذاكرة الجسد"،ولنعيش في عالم الفوضى، وننتقل إلى مرحلة من العدمية والفوضوية في "فوضى الحواس"،عندها نعبر العالم، إلى الضفة الثانية من النهر، في "عابر سرير"، بعدما أدلينا بدلونا من حياة شهدنا بها المرارة والخيبات المتوالية، فلم نختلف بين هم نسائي، ووجع أنثوي، وما يعنيه الرجل أمام مقصلة التلاشي والعدم، فنجد الرجل يدون مرارته وفقدانه للذاته بسبب شقيقه الرجل، في "حارسة الظلال دون كيشوت في الجزائر"، ولنتماهى مع حالة أوشكت فقد الحياة بسبب الجرأة في قول الحقيقة ومحاولة التطلع لنور الشمس، لتصبح دماء المفكرين، هي "دم الغزال" الذي يلاحقه صيادو الحريات باسم التطرف والترهبن في أسمال الموت، والفجائعية،وبعد أن تتضخم الآلام وتصبح الحالة كـ"الورم"، لا يجد الجزائري نفسه مبحرا في قلب رؤى التطرف والعدم،محلقا فيها عله يفهم ما حدث، وليصبح وليا من أولياء الله الصالحين على طريقة حداثية، وجديدة لم يسبقه أحد إليها، فيضمن تحقيق انجاز شيء ما حتى ولو كان عنفا، بالدوران حول التاريخ في "الولي الطاهر يعود إلى مقامه الزكي". ولتتآزر الجهود، بعد سخرية الولي الطاهر،وانعدام الرؤية في ليل الفتنة والعشرية الحمراء الدامية، لنعيش دهاليز و "متاهات ليل الفتنة"، كل ما حدث على الرغم من ظلمته الحالكة لم يحرمنا من إبداع جزائري ومغاربي مفعم بالأمل مستمدا من روح الشابي إرادة الحياة ليخرج لنا إبداعا أصيلا ينطلق من الموروث ويدور حول ثيمات حداثية، جعلت من الرسم والفنون البصرية والتشكيلة ذاكرة ترسم جسور قسطنطينية عبر ذاكرة الجسد، ولتجعل هذه الهوية المغاربية والأمازيغية تظهر بثقة عالية واعتزاز كبير، لأنها وسم ووشم لهذه الأجناس التي تتعايش وتتخلق، في أعمال روائية وسيرية، ترى ما تريد، لأنها حرة أبية في "أرى ما أريد"، وتشكل جمهورياتها الجميلة في "جمهورية مريم"، ولتخلد المدينة المغربية بكل بساطتها وحميميتها عبر الذاكرة الشعبية لدى شعيب حليفي، ولتلاحقنا الأساطير ونسائل عنها التاريخ والأجداد، فإما تغلبنا أو نغالبها، في حروف الضباب. حقا إن الأدب المغاربي، أدب عظيم بشخصياته الحافلة وهمومه التي هي هموم إنسانية تتقاطع معها أي ثقافة وأي مجتمع وليست بالضرورة تشبهنا تماما لأن الاختلاف لا يفسد للالتقاء باب من أبواب التواصل الإنساني..وأشدد على أني مستفيدة كل الفائدة عندما قرأت الأدب الجزائري، لأنه قوى بنيتي المعرفية والفكرية بقوة مريدة ظامئة لبحر المعرفة من خلال نهر متدفق وخالد في التجارب الإنسانية هو الأدب المغاربي الحافل بومضات إنسانية وإشراقات معرفية تطل علينا عبر نافذة الجمال والإبداع.
------------------------------
جريدة النصر الجزائرية في 12 و 26 ماي 2009
- إشارة : الملف نشر على جزأين
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !